نقيب المحامين يصدر عقوبات بحق 61 عضوًا لمخالفتهم قرارات الامتناع عن التوريد لخزائن المحاكم    جامعة العريش تتألق في قمية الكشافة البحرية للجامعات بشمال سيناء ورئيس الجامعة يكرم الطلاب المشاركين    محافظ المنوفية يتفقد المركز التكنولوجي والوحدات الصحية بطليا    بنك إنجلترا يخفض سعر الفائدة الرئيسي بواقع ربع نقطة مئوية إلى 4.25%    عاجل - الرئيس عبدالفتاح السيسي يصل موسكو للمشاركة في احتفالات عيد النصر    وزير قطاع الأعمال يستعرض الفرص المتاحة بالشركات التابعة أمام الاستثمارات الإندونيسية    محافظ مطروح يتفقد أعمال النظافة والتطوير بشارع الريفية    رئيس الهيئة العامة للاستثمار: 4 مناطق حرة عامة تحت الإنشاء تبدأ عملها منتصف العام المقبل    مناقشات الإيجار القديم.. رئيس إسكان النواب ل الشروق: عقد اجتماعين للاستماع للملاك والمستأجرين الأسبوع المقبل    ترامب: أمريكا وبريطانيا ستعلنان عن اتفاق تجاري كامل وشامل    473 شهيدا ومصابا جراء عدوان الاحتلال على غزة في آخر 24 ساعة    تاريخ مواجهات مانشستر يونايتد وأتلتيك بلباو قبل لقاء الليلة    خالد بيبو: كولر ظلم لاعبين في الأهلي وكان يحلم بالمونديال    عاجل.. حسام حسن خارج قيادة منتخب مصر في كأس العرب 2025 وطاقم جديد يتولى المهمة    شقيق سولاري يزيد الغموض بشأن خليفة أنشيلوتي    سقوط عصابتين تخصصتا في استخلاص مادة فعالة من عقار طبي تستخدم في تصنيع الآيس    الأرصاد الجوية تكشف عن حالة الطقس المتوقعة ليومي الخميس والجمعة: استمرار الارتفاع في درجات الحرارة    موعد عيد الأضحى 2025 ميلادي    لازم تعرفي| نصائح للأمهات لتوعية أولادهن ضد التحرش    رئيس جامعة أسيوط يرأس لجنة اختيار عميد كلية العلوم    بوسي شلبي ترد على «45 يوم زواج» بفيديو مع محمود عبدالعزيز.. ونجوم يكشفون التفاصيل    رامي المتولي يكتب: الإسكندرية للفيلم القصير 11.. منصة للمواهب ونشاط متواصل وضعف الدعم الرسمي    زواج وعلاقات.. 3 أبراج تشعر ب«الاشمئزاز» من الشريك بسهولة    القومي للترجمة وكلية اللغات بجامعة مصر يوقعان اتفاق لتعزيز التبادل الثقافي    رئيس الوزراء يتفقد مستشفى طنطا العام الجديد خلال جولته التفقدية بالغربية    أسقف المنيا للخارجية الأمريكية: الرئيس السيسي يرعى حرية العبادة (صور)    إحالة مدير مدرسة فنية بأبشواي للتحقيق خلال جولة لوكيل تعليم الفيوم    قصور الثقافة تحتفل بختام مشروع الحكي الشعبي غدا على مسرح السامر    اختناق 4 أشخاص في حريق بمكبس كراتين خردة بسوهاج    وزير الصحة يستقبل نقيب التمريض لبحث تطوير التدريب المهني وتعميم الأدلة الاسترشادية    الدخان الأسود يتصاعد مجددًا من الفاتيكان مع عدم إتمام عملية انتخاب البابا الجديد    السلع السياحية: لدينا 3440 بازارا مرخصا ونسعى لترخيص محال الفنادق    ميدو يتحدث عن.. رحيل بيسيرو.. تعيين الرمادي.. عودة زيزو.. وتحذير لأحد المسؤولين    حملة مكبرة في بورسعيد تصادر زينة حفلات الزفاف من الشوارع -صور    ميدو يفجّرها: شخص داخل الزمالك يحارب لجنة الخطيط.. وإمام عاشور الأهم وصفقة زيزو للأهلي لم تكن مفاجأة    بعد جدل الساعات المعتمدة، رئيس جامعة القاهرة يكشف ل فيتو نظام الدراسة ب«الجامعة الأهلية»    جامعة المنيا الأهلية تُنشئ منظومة اختبارات إلكترونية وتُجهز 4 معامل لكلية الذكاء الاصطناعي    وزير خارجية إيران: زيارتي للهند تهدف لإنشاء لجنة اقتصادية مشتركة    وزير الري: كاميرات لقياس التصرف على ترعة الإسماعيلية    الإسماعيلي ضد إنبي.. الدراويش على حافة الهاوية بعد السقوط في مراكز الهبوط    بوتين: التبادل التجارى مع الصين بلغ أكثر من 244 مليار دولار    أمين الفتوى يكشف عن 3 حالات لا يجوز فيها الزواج: ظلم وحرام شرعًا    الجريدة الرسمية تنشر قرارات رد الجنسية المصرية ل42 شخصا    جثة ال17 طعنة.. المؤبد للمتهمين في جريمة «السلاكين» بنجع حمادي    "الصحة": تخريج الدفعة الثالثة من برنامج "مرشدى تعافى الإدمان"    الصحة العالمية تكشف أهداف حملة اليوم العالمى للامتناع عن التبغ لعام 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 8-5-2025 في محافظة قنا    موعد إجازة المولد النبوي الشريف لعام 2025 في مصر    قسم الأمراض العصبية والنفسية بجامعة أسيوط ينظم يوما علميا حول مرض الصرع    سعر جرام الذهب اليوم فى مصر الخميس 8 مايو 2025.. تراجع عيار 21    الجيش الباكستاني يعلن إسقاط 12 طائرة تجسس هندية    الكرملين: محادثات بوتين وشي جين بينج في موسكو ستكون مطولة ومتعددة الصيغ    البرلمان الألماني يحيي ذكرى مرور 80 عامًا على انتهاء الحرب العالمية الثانية    هجوم بطائرات درون على مستودعات نفطية في ولاية النيل الأبيض بالسودان    بروشتة نبوية.. كيف نتخلص من العصبية؟.. أمين الفتوى يوضح    تعرف على ملخص احداث مسلسل «آسر» الحلقة 28    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    عودة أكرم وغياب الساعي.. قائمة الأهلي لمباراة المصري بالدوري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين «المحظورة» و«المحجورة»
نشر في المصري اليوم يوم 30 - 11 - 2010

ينحشر المصريون بين جماعتين الأولى سماها إعلام السلطة «المحظورة» وسوّقها لآذان الجماهير وأذهانهم على هذا المسمى، والثانية يبحث الناس لها عن اسم وها أنا أطلق عليها «المحجورة». الأولى معروف أنها جماعة الإخوان المسلمين، وسميت هكذا لأن هناك قرارا بحظر نشاطها، ينافح عنه كثيرون ويثبتون وجوده، ويرفضه الإخوان ويبرهنون على غيابه. أما الثانية فهى حزب الحاكم الذى يسمى «الحزب الوطنى الديمقراطى» ... لكن لماذا هو «جماعة محجورة»؟
والإجابة تسير فى طريقين، الأول هو أن تسمية المحجورة تعود إلى أن هذا الحزب، الجاثم على صدور المصريين بالتغلب والبطش والفساد، قد شاخ فى موقعه، وبلغ من الكبر عتيا، وذهب عقله، وطار جنانه، فلم يعد أمينا على أموال الشعب ولا مصلحة الوطن، ولذا وجب الحجر عليه، كما يُحجر على شيخ طاعن يبدد ثروة أبنائه وأحفاده بإنفاقها على أهوائه وملذاته أو يتراخى فى الحفاظ عليها لأن ستائر النهاية تسدل أمام عينيه.
أما الثانى فهو محجور المؤدية فى التصريف اللغوى إلى كلمة التحجر، جوازا، وذلك لأنه حزب جامد راكد، صلد وصلب علينا وعنيد معنا بينما هو أمام الأحزاب الحقيقية فى البلدان الديمقراطية مجرد غبار تذروه الرياح، وهو حزب تيبست مفاصله وتخثر الدم فى عروقه، فمات وتحنط، لأنه لم يعد لديه ما يقدمه لنا، وانعدمت فى يده أى حلول لمشاكلنا التى صنعها، لكن الناس يظنون أنه حى يرزق، لأنهم يقدسون الأموات، ويخافون من هيبة الموت وغموضه، وينتظرون الخلاص من السماء.
وعلى ما بينهما من خصام فإن «المحظورة» و«المحجورة» تعملان معا من أجل أن تستمرا على قيد الحياة السياسية، وتمدا سيقانهما على قدر خريطة الوطن، فلا يجد غيرهما على رقعتها مكانا أو مسارا. ف«المحجورة» تخنق الأحزاب والنقابات والجمعيات الأهلية وتقتل الحركة الطلابية وكل النزعات الراغبة فى الاستقلال عن تسلط أهل الحكم وتجبّرهم، فتفسح، من حيث لا تدرى ولا تريد، الطريق أمام «المحظورة» كى تقوى وتترعرع فى كل المساحات التى ينحسر عنها النظام الحاكم والتى تتسع بمرور الأيام. أما «المحظورة» فتنتظر، بصبر سلحفاة ودأب نملة، أن تؤدى الأفعال الطائشة والخائرة والبائرة ل«المحجورة» إلى سقوط الدولة المصرية فى يد الإخوان، مطمئنة إلى أن «المحجورة» فى حاجة ماسة إليها كى تستعملها «فزاعة» للخارج الذى لا يطمئن على مصالحه مع حكم أتباع الأيديولوجيات الإسلامية فيجد نفسه مضطرا لوضع يده فى يد المستبدين، والداخل الذى يخشى من وصول المحظورة إلى السلطة، إما خوفا على تصدع التوافق الاجتماعى أو ذعرا من الجور على حرية التعبير والإبداع، وهما مجالان مهمان لم يفلح الإخوان، حتى الآن، فى إنتاج ما يطمئن الناس حولهما.
«المحجورة» تحتكر الدولة المصرية كلها بسيطرة على المال العام وتوزيعه على محاسيبها ومريديها، وهيمنة على أدوات إنتاج الخطاب بشتى أشكاله وتحكم شديد فى البيروقراطية وأجهزة الأمن. والمحظورة تمتلك تنظيما موازيا للنظام الحاكم وهياكله، وهذا هو سر الخوف منها، رغم الحصار الذى يفرض عليها من كل جانب، والتشويه الذى يمارس ضدها من كل باب. فالتنظيم العجوز الذى يعيش منذ اثنتين وثمانين سنة والذى تحول لدى أتباعه إلى «عجل مقدس» هو سر قوة «المحظورة»، واستخدام كل ما بحوزة الدولة المصرية من تنظيمات عمرها آلاف السنين هو سر احتفاظ «المحجورة» بالسلطة كل هذا الوقت.
وموت السياسة الممنهج أدى بأغلب الناس إلى أن يجدوا أنفسهم مخيرين بين «المحظورة» و«المحجورة»، وعلى هذا الدرب لا تمتلك الأولى إلا محاولة جذب الناس إليها من خلال توظيف الدين واستغلال الأداء الهابط ل«المحجورة». أما الثانية فليس أمامها من سبيل كى تستمر متربعة على عرش مصر سوى قهر العموم وتشويه الخصوم وتغييب أى تكافؤ للفرص بين المتنافسين فى السياسة، وتربية زبانية منافقة منتفعة، مكونة من كبار رجال السلطة فى الحزب وخارجه، وكبار رجال الأمن، وأصحاب الحظوة من رجال الأعمال، والمتولين الوظائف العليا فى الجهاز البيروقراطى، ووجهاء الريف من ذوى الأملاك وأصحاب العصبة والعزوة العائلية والعشائرية، وقادة الرأى المنتفعين من النظام من بين المثقفين والفنانين والإعلاميين ولاعبى الكرة.
وإذا كانت هناك مخاوف حقيقية من «المحظورة» فهناك مصائب حقيقية من «المحجورة»، فالأولى على الأقل ليس بيدها قرار تسيير هذا البلد، وما تنفقه من مال على الانتخابات فهو إما من حصيلة تبرعات جُمعت لأعمال الخير فذهبت إلى لعبة السياسة القذرة، وإما من أموال رجال الأعمال المنتمين للجماعة. أما «المحجورة» فتفتح ميزانية البلد كله على خزانتها وتمنح أراضى الدولة لأتباعها وتبيع المصانع والشركات المملوكة للناس لأذنابها، وتستعمل ما لدى الدولة من وظائف وخدمات لخدمة مرشحيها، وتحرم الباقين من كل شىء، ثم تدعى بعد ذلك بصوت جهير أن الانتخابات نزيهة، والمواطنين سواسية، والأجيال القادمة فى أمان، وكل شىء على ما يرام، لأنه يتم وفق برنامج السيد الرئيس.
يا أيها المصريون، منذ اليوم إن قلتم على الإخوان «المحظورة» فقولوا على الحزب الوطنى الحاكم «المحجورة» وإذا كانت الثانية تتكفل بالأولى تنكيلا وتمزيقا وتعذيبا وتغييبا، فلنتكفل نحن ب«المحجورة» رفضا واستهجانا ونبذا وإزاحة حتى نستعيد الحقوق التى هضمها الفاسدون المستبدون، دون أن ننخدع بمعسول الكلام وادعاء البراءة والطهارة والاستقامة التى تصدرها الأولى.
ولا أقول هنا إن الواجب هو إقصاء الاثنتين أو اجتثاثهما، لكن من الضرورى أن نكافح حتى تستقيم الأمور على هيئتها الطبيعية فيعرف كل طرف قدره ويدرك مستوى تعلق الناس به واقتناعهم بمسلكه من عدمه، فيعود الإخوان جزءا من كل كما كانوا من قبل، ويصبح للحزب الوطنى تمثيل سياسى بقدر وجوده الحقيقى لا بفعل القهر والتزوير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.