فى الحياة السياسية المعاصرة نجد أن عالم الأخلاق و عالم السياسة عالمان منفصلان لا يمكن أن يتفقا أبداً كأن ميكافيليى إستطاع أن يوهم كل من يخوض التجربة السياسية أنه يجب عليه المداهنة والمخادعة عن طريق الوعود البراقة والخداعة التى تقوم على مبادئ لا أخلاقية من أجل الحصول على مكاسب خاصة بغض النظر عن المصلحة العامة للجماهير الغفيرة ففى الإنتخابات البرلمانية 2010 نجد الفساد بعينه فى العملية الإنتخابية من أعمال عنف وبلطجة يمارسها المرشحين مع بعضهم البعض لدرجة أنها وصلت إلى حد القتل لأن الوصول إلى كرسى البرلمان يمكن أن يصل المرشح له حتى ولو على حساب دماء الآخرين وهنا وصل بنا الحال أن المرشح قد إنعدم لديه الضمير الإنسانى بل و المبادئ الأخلاقية الأولية وهى حرمة الدماء وتلك الحرمة مستمدة من التشريعات و القوانين والأديان السماوية الثلاث كأن المرشح لا يرى فى دنياه سوى المنصب و السلطة حتى لو سفك الدماء التى حرمها الله سبحانه و تعالى وفساد آخر هو إستغلال السلطة من قبل الحزب الحاكم الممسك بزمام الأمور فى البلاد فأستخدم الأمن فى مطاردة الفصيل السياسى المعارض مهما كانت الخلافات فلا يمكن أن يكون الفساد يصل بنا إلى قمع الحريات عن طريق إرهاب الدولة البوليسية فلكل إنسان له الحق فى التعبير عن رأيه الفكرى فهو ما يراه صحيحا على الأقل من وجهة نظره وقد يتضح لنا واجهة رأيه فى يوم من الأيام فنندم على تصرفنا الخاطئ معه لأن الأيام دول وتلك الأيام نداولها بين الناس فالتغيير وتحول السلطة من حزب الى حزب فهو بيد الله سبحانه وتعالى فقوى اليوم يمكن أن يصبح ضعيف الغد والعكس هو الصحيح ونلاحظ إنعدام الأخلاق أيضا فى إستخدام الأموال لشراء الأصوات الإنتخابية فهى رشوة سياسية للحصول على حق غير شرعى فهنا نجد إخلال فى العملية التنافسية بين المرشحين وضياع أمانة الناخب فى وضع صوته الإنتخابى لمن لايستحق لأن من يخدم الناس ويسعى لخدمة الوطن و المواطنين هو مرشح يستحق الفوز بالمقعد داخل المجلس على الرغم من علم مقدم الرشوة أن الراشى و المرتشى والرائش أى الساعى بينهم ملعونين أمام الله فهو كسب منصب بغير حق فى الدنيا ولكن كل من المرشح و الناخب و مستشار المرشح خسروا الآخرة فى مقابل أعراض زائلة وأساس الفساد هنا هو إستخدام المال فى غير محله وإستخدام الحزب الحاكم لحيل غير مشروعة مثل ترشيح أكثر من مرشح فى نفس الدائرة الإنتخابية وهو لم يحدث فى أى دولة تسعى إلى الوصول للديموقراطية وهو إختراع مصرى وإبتكار جديد فى عالم السياسية تحتاج مصر فيه إلى براءة إختراع من المنظمات الدولية وهنا نجد أن المراد تفتيت الأصوات الإنتخابية بين المرشحين من نفس الحزب حتى لا يسمح لأى فصيل سياسى آخر القدرة على المنافسة بطريقة طبيعية مع مرشحين الحزب الحاكم لأنها ظروف غير إعتيادية يمارس فيها كل أنواع القمع وتكميم الأفواه حتى الحيل الغير المشروعة عدم إعطاء الفرص لكل المرشحين للتعبير عن آرائهم السياسية فى وسائل الإعلام المختلفة التابعة للدولة حتى أصبحت تلك الوسائل بوق للحزب الحاكم فقط دون بقية المرشحين من جميع الأطياف السياسية فنجد السياسة المصرية تطبق مبادئ ميكافيلى كما عبر عنها فى كتابه الأمير من مخادعة عن طريق تقديم الوعود الوهمية لجمهور الناخبين ثم القضاء والإجهاز على المرشحين المنافسين بالوسائل المختلفة منها التهديد بالقتل بل ومحاولة القتل الفعلى ووسائل القمع وتكميم الأفواه وعدم إعطاء مساحة للمعارضين للتعبير عن آرائهم وإستخدام كافة الحيل الغير المشروعة كاننا أصبح القانون السائد للإنتخابات قانون إنعدام الأخلاق وغياب الضمير الإنسانى من أجل المحافظة على السلطة وتحقيق المصالح الشخصية مهما كانت النتائج التى سوف تنعكس على المواطن و الدولة حتى لو أدى إلى كارثة سياسية تعسف بالوطن و أمنه بالكامل فندعو جميع المرشحين إلى الرشد والعقل وتحكيم الضمير الإنسانى والأخلاق فى تعاطيهم لمعطيات الحياة السياسية لأن الوطن ينزف من كثرة الجروح التى ألمت به وجعلتنا نتقاتل بشراسة غافلين أن الشراسة التى أصابت الحياة السياسية المصرية لن ينتج عنها سوى أن تغرق سفينة الوطن ...