كيف ينظر قيادات الأحزاب وقادة العمل السياسى والوطنى فى مصر إلى الخروج المفاجئ لقيادات جماعة الإخوان المسلمين من السجن الآن.. وفى هذا التوقيت؟. هل فعلاً حوارات الجماعة مع الأحزاب الآن تجدى نفعاً للأحزاب أولاً وللجماعة ثانياً وللوطن فى النهاية.. أم أن الحوار لا يعدو كونه محاولة لخدمة أجندة الإخوان الخاصة- كما يتردد؟. ماذا عن الحوارات التى تمت بين الجماعة والأحزاب عام 2005.. ماذا عن الصفقة الأمنية التى تمت فى ذات الوقت مع الإخوان ولم يعترف بها المرشد سوى فى2010؟. لماذا تم الإفراج عن قيادات الإخوان الآن.. بعدما كانت كل المؤشرات التحليلية والمعلوماتية تؤكد أن الدكتور عزت ورفاقه سيقبعون داخل السجون مدة لا تقل عن عام كامل.. بل بالغ الكثير من الزملاء الصحفيين المهتمين بملف الإسلام السياسى بأن هؤلاء ستتم محاكمتهم أمام القضاء العسكرى؟. إن الإجابة عن هذه الأسئلة تستوجب علينا الرجوع بالذاكرة خمس سنوات إلى الوراء وبالتحديد عام 2005.. هذه السنة التى رأت فيها مصر العجب العجاب ولا أخال أبداً أن أحداً فى مصر ممن يهمه الأمر سواء كان مسؤولاً أو مراقباً ينسى هذا العام!. كان الإخوان يزورون الأحزاب ويلتقون معها فى لقاءات ترفع نفس الشعار الذى ترفعه الآن وهو من أجل مصر، وكانت قيادات الإخوان تقوم بتلك الزيارات بغرض التنسيق خوفاً من أن تكون الانتخابات بنظام القائمة، وهو ما جعلها «تجس نبض» الأحزاب من أجل محاولة الاتفاق مع أى حزب لتكوين تكتل معه خوفاً من إقرار نظام دخول الانتخابات بالقائمة الذى يهدد دخول مرشحى الإخوان الانتخابات.. وأثناء هذه الزيارات عقد الإخوان مع الأجهزة الأمنية صفقة تم بموجبها الاتفاق على أعداد المرشحين وخلافه.. ونشرت «المصرى اليوم» تفاصيل هذه الصفقة تحت عنوان بمانشيت الصفحة الأولى «انفراد: تفاصيل المفاوضات بين الأمن والإخوان»، وهاج الإخوان على «المصرى اليوم» واتصل بى العريان آنذاك وقال لى كيف عرفت بهذا الكلام وأنكر إنكاراً كبيراً أن يكون ذلك قد تم بالفعل.. لكنه أنهى مكالمته معى بقوله «أعرف أن صفوت الشريف هو الذى أعطاك هذه المعلومات»، ورغم أننى نفيت من جانبى إلا أن الإخوان أصدروا بيانات عديدة ينفون فيها هذه الصفقة واتهموا «المصرى اليوم» بالفبركة. وقبل ثلاثة أشهر أجرت «المصرى اليوم» حواراً شهيراً مع المرشد محمد مهدى عاكف اعترف فيه بعقد صفقة مع الأمن عام 2005!. لم يقل الإخوان للأحزاب التى كانوا يجلسون معها فى الصباح إنهم يجلسون مع الأجهزة الأمنية فى الليل! وإن الحوارات التى يجرونها معها حول التنسيق لدخول الانتخابات ما هى إلا أضغاث كلام.. وإن للجماعة أهدافاً خاصة أكبر من أى هدف معلن ليس من بينه مصر كما يقولون! ثم إن الجماعة لم تلتفت إلى الأحزاب بعد نجاحها الكبير فى مجلس الشعب وحصولها على 88 مقعداً ولا تفكر فى التواصل مع الأحزاب إلا عندما تفقد الاتصال! وبوجود «الاتصال» فإن لقاءاتها مع الأحزاب ليست مهمة.. طالما أن هناك لقاءات فى الخفاء تتم مع الأجهزة الأمنية تحقق لها مصلحتها!. منطق الصراع الدائر بين النظام والإخوان يقول إن قيادات الإخوان الذين تم القبض عليهم كان يجب أن يخرجوا بعد إجراء انتخابات مجلسى الشعب والشورى المقبلة وليس الآن.. كما أن منطق الصراع يقول إن هؤلاء القيادات تم القبض عليهم لأمرين: الأول هو إجراء انتخابات تنظيمية علنية غير مسبوقة مما اعتبرته الدولة تحدياً علنياً من قبل جماعة محظورة، والثانى هو حملة استباقية قبيل انتخابات الشورى القادمة.. هذا هو المنطق.. أما غير المنطق أن يخرج هؤلاء الآن.. مما يطرح سؤالاً.. لماذا الآن؟! ولا يجب أن يقول قائل إن هذا الخروج طبيعى ولا صفقة فى الخروج لأن الخروج الآن لا يعنى سوى شىء واحد هو ضرب الاتصال السياسى الدائر بين الجماعة والأحزاب.. وهى رسالة مفهومة ويجب على الأحزاب أن تفهمها وتعرفها.. وإذا قال قائل: الأحزاب أيضاً تقيم الصفقات مع الدولة والأجهزة الأمنية فلماذا هى حلال للأحزاب وحرام على الإخوان؟! والإجابة بكل بساطة هى أن الإخوان يرفعون شعار معاً ل«مصلحة مصر» فى حواراتهم مع الأحزاب، وأن الهدف هو مصر وأن الأجهزة الأمنية شياطين الإنس فى مصر وسبب الخراب الذى تعيشه مصر.. فلماذا نرى الاتفاق معهم إذن؟! ليس عيباً أن يقيم السياسى صفقة تحقق له مصلحته، لكن العيب أن يردد هذا السياسى أن هذا من قبيل الفعل المحرم ثم يأتى به. السؤال الآن.. هل ستثق الأحزاب الكبيرة فى صدق الحوار مع جماعة الإخوان؟ سؤال يحتاج إلى إجابة الأحزاب.