ربما يحدث التغيير في مصر عام 2020هكذا يري الباحث خليل العناني، الباحث في شئون الحركات الإسلامية ونائب رئيس تحرير مجلة السياسة الدولية، حيث يري أن المصريين ينتظرون قراراً من العناية الإلهية حتي يحدث هذا التغيير.. «الدستور» حاورته وسألته عن رؤيته في العام المقبل في هذا الحوار كيف تشخص حالة مصر في عام 2010؟ - مصر في حالة موت سريري وتنتظر قبلة الحياة، حيث لم يعد بها أي مؤسسات قادرة علي التغيير، كما أن حالة الحراك التي كانت ذروتها عام 2005 لم تكن سوي حمل كاذب تعيشه البلاد وأصبحت مصر مثل الرجل المريض الذي لا يستطيع الحركة، وأوكد أن عام 2010 سيكون أسوأ من عام 2009، حيث لن يكون هناك أي تحول في أداء الحكومة أو تغيير في أداء المعارضة في ظل رغبة النظام الحاكم السيطرة علي البرلمان الجديد المقرر انتخابه في نهاية العام، في الوقت الذي نجح فيه هذا النظام في وأد وقتل كل التيارات السياسية. في ظل هذه النظرة المتشائمة كيف سيتم التغيير؟ - الناس تنتظر التغيير عن طريق المشيئة الإلهية أو مجيء المهدي المنتظر، خاصة أن جميع الرموز السياسية الموجودة علي الساحة الآن لا تصلح لقيادة التحول نحو التحول التاريخي الكبير في مصر، ولكي يحدث التغيير والتحول التاريخي الذي يحلم به الناس فإننا نحتاج إلي مهاتير محمد أو أردوغان مصري. وهل مصر عقمت أن تلد مهاتير أو أردوغان؟ - للأسف لا يوجد علي الساحة شخص لديه مشروع ناضج أو واقعي للتغيير، فأنت إذا نظرت لجميع الشخصيات السياسية الموجودة علي الساحة لن تجد فيهم واحدًا يمتلك رؤية للتغيير ولديه شجاعة وجرأة علي أن يطرح مشروعًا ينقذ الشعب من حالة التردي والانهيار ويكون مستعدًا لدفع ثمن ذلك. أنت تتحدث عن غياب أشخاص يمتلكون مشروعاً للتغيير ولا تتحدث عن أي دور للشعب؟ - لن تنجح أي محاولة للتغيير دون أن تكون هناك كتلة شعبية تساند وتدعم أي شخص يتزعم حركة التغيير، لكن للأسف لا يوجد حتي الآن الشخص المؤهل لتزعم وقيادة الحراك الشعبي، حيث لم يظهر المهدي المنتظر الذي سيقود الشعب للتغيير، كما أن مصر في حاجة إلي من يدافع عن حقوقها ويناضل من أجلها. هل ستؤدي الأحوال السيئة التي تعيشها البلاد إلي التعجيل بظهور المهدي المنتظر؟ - للأسف لا توجد أي بوادر تشير إلي أن عام 2010 سيشهد ظهور الشخص القادر علي إعطاء مصر قبلة الحياة، وبالتالي كل ما يتم ترويجه عن هذا الشخص أو ذاك هو نوع من التفريغ النفسي لحالة الاحتقان الموجودة، خاصة أن جميع الأسماء المطروحة علي الساحة رغم الاحترام الشديد لها هي خارج سياق النظام المصري، في حين أن تغيير مصر لن يتم إلا عن طريق شخص تقف وراءه وتسانده كتلة شعبية تحاول أن تأخذ زمام الأمور بيدها. أين موقع الأحزاب والقوي السياسية في معركة التغيير؟ - لا أمل في جميع الأحزاب السياسية الموجودة حاليًا وأطالب بحلها، لأنها عديمة الفائدة خاصة أنها كلها وبلا استثناء ظهرت في صورة هبة أو هدية من الحاكم وهو ما جعلها عبئاً علي الشعب وعلي حركة التغيير، كما أن هذه الأحزاب تعمل في خدمة النظام ضد الشعب وليست سوي ألعوبة في يد النظام الحاكم، بل إنها تتعاون معه ضد الشعب، ولذلك لا يثق أحد في قيادات جميع الأحزاب، واتجه الناس إلي الصحف المستقلة والمحطات الفضائية التي أصبحت البديل للأحزاب السياسية بعد أن اقتربت من الناس ومشاكلهم. من هو الشخص أو الجهة التي تري أنها مؤهلة لقيادة التحول والتغيير؟ - أسوأ ما فعله النظام االحاكم في مصر هو أنه أفسد المجتمع وأفسد الشعب، ولم تعد المشكلة في تغيير النظام السياسي أو تغيير الدستور، بل أصبحت المشكلة هي في الشعب الذي تم إفساده وأصبح المطلوب هو تغيير عقلية وسلوك هذا الشعب. هل يمكن أن يأتي التغيير من داخل السلطة أو أحد أجنحة النظام؟ - للأسف لا يوجد في مصر سوي حزبين كبيرين، الأول هو حزب الفاسدين ويضم كل من جاور السلطة أو ارتبط بها، أما الحزب الثاني فيضم كلاً من المناوئين للسلطة والمطالبين بحقهم الذي كفله الدستور والقانون. ما الدور الذي يمكن أن يقوم به الدكتور البرادعي في عملية التغيير؟ - البرادعي بين مطرقتين: إما أن ينضم للنخبة السياسية بكل فسادها أو ينضم لحزب الخائفين، وأنصحه بأن يحترم تاريخه وأن ينسي مسألة الترشح للرئاسة خوفًا عليه، ليس من الرئيس أو ابنه لكن من المحيطين بهما والذين أسميهم بمماليك السلطة أو مراكز القوي المتحالفة مع النظام التي تري أن مصلحتها أن يظل الوضع علي ما هو عليه خاصة أن ظهور البرادعي قد أربك حسابات مماليك السلطة وأصبح مصدر خطر عليهم وعلي بقائهم ونفوذ الشلة كلها. معني ذلك أن مخطط التوريث أصبح قدرًا لا مفر منه؟ - أسوأ ما فعلته المعارضة خلال السنوات الخمس الماضية هو أنها شغلت الناس بمسألة التوريث وتركت كارثة التمديد، ونجح النظام في خداع الجميع وأوهمهم أن المشكلة في التوريث وليس في التمديد وأصبحنا بين خيارين أحلاهما مر إما التوريث أو التمديد، في حين أن مخطط التوريث قد تم تنفيذه فعلاً منذ سنوات، خاصة أن التوريث لا يعني إحلال شخص مكان آخر بعد أن وجدنا النظام القديم يلد نظامًا جديدًا، وهو ما يجعلنا نؤكد أن نظام يوليو قد انتهي تمامًا وتلاشي فكريًا وسياسيًا. ما التيار السياسي الذي يستطيع قيادة البلاد نحو التغيير؟ - القوة الوحيدة التي يمكنها وقف سيناريو التوريث هي التيار الديني، لكن للأسف فإن النظام نجح في تأميم السلفيين وإقصاء الإخوان المسلمين، ولم يعد لدينا أمل في التغيير إلا عن طريق الجيل الجديد من الشباب الذي يتشكل وعيه الآن، حيث سيكون نواة التغيير في العقد المقبل، وأعتقد أن الحراك من أجل التغيير لن تحصد البلاد ثمرته قبل حلول عام 2020. ولكن الإخوان ما زالوا أهم وأكبر قوة قادرة علي التأثير والتغيير؟ - المشروع السياسي للإخوان يحتضر إن لم يكن قد انتهي ونفدت صلاحيته ولم تعد الجماعة قادرة علي إلهام أعضائها وقواعدها، ورغم ذلك ستظل موجودة ككيان وهيكل، لكنها ستكون أشبه بالرجل المريض بعد أن فقدت القدرة علي قراءة التحولات والتغيرات التي يمر بها المجتمع المصري من رأسه إلي أخمص قدميه، ودعني أؤكد أن الإخوان فقدوا القدرة علي المبادرة وقيادة المجتمع نحو التغيير وأصبحوا في المؤخرة بعد اختفاء القيادات التاريخية التي تتمتع بالقبول والكاريزما، في الوقت الذي نري حاليا الصراع علي المناصب القيادية في الجماعة بين أشخاص متساوين في الخبرة والتجربة والوزن التنظيمي، وسيكون المرشد الجديد للجماعة مجرد ديكور وسيكون وضعه قريب الشبه بالسلطان العثماني في أواخر عهد الدولة العثمانية عندما كانت تسمي بالرجل المريض وسيتحول مقر الجماعة في المنيل إلي مجرد مكان رمزي كشاهد علي أطلال الجماعة. كيف تري مستقبل الإخوان علي ضوء التطورات التي شهدتها الجماعة مؤخرا؟ - انتخابات مكتب الإرشاد كانت فرصة مهمة لإصلاح الجماعة وتحريرها من قبضة المحافظين لكن للأسف ضاعت هذه الفرصة التاريخية، ولم يعد هناك فرق الآن بين الإخوان والحزب الوطني، ولذلك فإن مصر سوف تشهد فراغًا دينيًا وسياسيًا خلال الأعوام المقبلة، وهو ما يجعلني أتوقع عودة أعمال العنف والعمليات الجهادية في مصر. ما الأسباب التي تجعلك تتوقع تفجر الأعمال الجهادية في مصر؟ - حالة الفراغ الديني والاجتماعي والسياسي في البلاد، والقمع الذي يتعرض له الإخوان، فضلا عن توجههم للانغلاق والتقوقع وعدم قدرة القيادات الجديدة للجماعة علي التواصل مع المجتمع وقواه الفاعلة، كلها أسباب تؤدي إلي انتشار الأفكار الدينية المتشددة ، كما أن الظروف الاقتصادية السيئة تعتبر بيئة خصبة لنمو وتوالد الأفكار المتطرفة. معني ذلك أننا سنواجه قريبًا أعمال عنف علي غرار ما حدث في حقبة التسعينيات؟ - لن تنشأ تنظيمات دينية كبيرة علي وزن تنظيمي الجهاد والجماعة الإسلامية ولكن ستنشأ تنظيمات لها أجندة إقليمية تتخطي حدود مصر إلي المنطقة العربية لها ارتباط فكري وليس تنظيمياً بالقاعدة، وهو ما يجعلنا نحذر من أن مصر مقبلة علي كارثة بسبب تراجع الإخوان ورفض النظام الحاكم وحزبه للتغيير السلمي، حيث تلاشت كل الآمال التي كان يعلقها البعض علي الإخوان باعتبارهم البديل للنظام الحاكم، وسيصبح البديل هو التيارات المتشددة. ما تعليقك علي ما يقوله البعض بأن تفرغ جماعة الإخوان للعمل الدعوي ونشر الفكر الإسلامي الوسطي والمعتدل هو الحل المناسب للبلاد وللجماعة نفسها؟ - لو كانت مصر تتمتع بحرية تكوين وإنشاء الأحزاب السياسية فإن جماعة الإخوان كانت ستنشطر إلي نصفين لكن الجماعة تدين للنظام الحكام بدين كبير بسبب سياساته الديكتاتورية التي جعلت الجماعة تظل متماسكة طوال السنوات الماضية، فحرية تكوين الأحزاب تعني تمزق الجماعة وتفتتها وانهيارها، خاصة أن الخطر الذي يهدد الجماعة سيأتي من داخلها وليس من النظام الحاكم في ظل التمرد الذي نراه حاليا داخل التنظيم ولو كان في مصر حرية تكوين أحزاب لأنشأ الدكتور محمد حبيب حزبًا سياسيًا عقب الأحداث الأخيرة، وللجواب علي سؤالك أقول إن المشروع السياسي للإخوان انتهت صلاحيته ولم تعد الجماعة قادرة علي إقناع المجتمع بأفكارها وأطروحاتها.