القناة 12 العبرية: مقتل جندي إسرائيلي في مواجهات بجنوب غزة    عاجل.. موقف زيزو من المشاركة مع الأهلي أمام باتشوكا المكسيكي    العثور على جثة شاب غريق في ترعة بمدينة السنطة    في ليلة العيد.. "المشروع X" يتربع على المركز الأول في شباك التذاكر    بالإجماع.. المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية يصوت لفلسطين كعضو مراقب    المجمعات الاستهلاكية تواصل عملها في أول أيام عيد الأضحى    الاقتصاد الأميركي يضيف 139 ألف وظيفة في مايو بتراجع عن 147 ألف وظيفة في ابريل    في أول أيام عيد الأضحى.. وفاة مسن تحت عجلات قطار الإسماعيلية    في أول أيام العيد.. وزيرة التنمية المحلية تتابع مع المحافظين الوضع بالمحافظات وتوجه بمواصلة الاستعداد واليقظة    الهيئة الوطنية للإعلام تنعى الإذاعية هدى العجيمي مقدمة برنامجي مع الأدباء الشبان وإلى ربات البيوت    ياسر جلال يحتفل بالعيد مع الفنان مصطفى أبو سريع بفيديو كوميدي    كريم عبدالعزيز وأحمد عز في مواجهة سلمان خان    السينما والمسرحيات.. أشهر أفلام عيد الأضحى التي لا غنى عنها في البيوت المصرية    وزير الأوقاف يشهد صلاة الجمعة بمسجد سيدنا الإمام الحسين بالقاهرة    انتشار مكثف للفرق الطبية فى ساحات وميادين الأقصر للتأمين الصحى للمواطنين    أمين "الجبهة الوطنية" يؤدي صلاة عيد الأضحي مع أهالي قريته بالغربية (صور)    رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر يلتقي نظيره البرازيلي في جنيف    نسب وأرقام.. أول تعليق من حزب الأغلبية على «القائمة الوطنية» المتداولة ل انتخابات مجلس الشيوخ    من الصلاة والأضاحى للاحتفالات.. بلاد العرب تستقبل عيد الأضحى.. ألعاب نارية وكرنفالات.. زيارة المقابر فى الكويت.. المغرب بدون "النحر" للمرة الأولى و"الرومى" بديل الأضحية.. مشهد مهيب للصلاة بالمسجد الحرام    بالفيديو| مها الصغير تغني "علي صوتك" ومنى عبدالغني تشاركها الغناء    حمزة العيلي يكشف تأثير فيلم «إكس لارج» على الجمهور وأجره المتواضع في العمل    بتقديم التهنئة والورود.. الداخلية تشارك المواطنين الاحتفال بعيد الأضحى المبارك    جاسمين طه زكي: نشأت في بيت سياسي ودخولي الإعلام قوبل باستهجان    الصحة: إجراء 2 مليون و728 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    هل خالف ترامب قواعد الفيفا ب"حظر السفر" قبل مونديال الأندية؟ .. "BBC" تجيب    باكستان تدين الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت    مظاهر احتفالات المواطنين بعيد الأضحى من حديقة الميريلاند    مراسلة "القاهرة الإخبارية": المصريون يقبلون على الحدائق العامة للاحتفال بعيد الأضحى    حضور مصرى بارز فى مهرجان الدار البيضاء للفيلم العربى    السفير الأمريكي لدى اليابان: المحادثات بشأن الرسوم الجمركية لن تقوض التحالف بين البلدين    السياحة تشكل غرفة عمليات لتلقي الشكاوى خلال إجازة عيد الأضحى    الرئيس النمساوي يهنئ المسلمين بعيد الأضحى المبارك    طريقة تنظيف الممبار وتقديمه فى أيام العيد    صحة الأقصر تتابع سير أعمال مستشفى الحميات فى أول أيام اجازة العيد    حكم من فاتته صلاة عيد الأضحى.. دار الإفتاء توضح التفاصيل    أهالى بنى سويف يلتقطون الصور السيلفى مع المحافظ بالممشى السياحي أول أيام عيد الأضحى المبارك    جبر الخواطر.. محافظ القليوبية يشارك الأيتام فرحة عيد الأضحى ويقدم لهم الهدايا    الهلال الأحمر المصري يشارك في تأمين احتفالات عيد الأضحى    جوزيه بيسيرو يهنئ الزمالك بعد الفوز بلقب كأس مصر    محافظ القليوبية يتفقد حدائق القناطر الخيرية    محافظ دمياط يحتفل بمبادرة العيد أحلى بمركز شباب شط الملح    لا تكدر صفو العيد بالمرض.. نصائح للتعامل مع اللحوم النيئة    محافظ الشرقية يلتقط صور تذكارية مع الاطفال بمسجد الزراعة بعد أداء صلاة العيد    روسيا: إسقاط 174 مُسيرة أوكرانية فيما يتبادل الجانبان القصف الثقيل    مواعيد مباريات الجمعة 6 يونيو - تصفيات كأس العالم.. والمغرب يواجه تونس    وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد لبنان: لا استقرار دون أمن لإسرائيل    محافظ بني سويف يؤدي شعائر صلاة عيد الأضحى بساحة مسجد عمر بن عبدالعزيز    تعرف على سعر الدولار فى البنوك المصرية اليوم الجمعه 6-6-2025    محافظ جنوب سيناء يؤدي صلاة العيد بشرم الشيخ ويوزع عيديات على الأطفال    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد ناصر الكبير.. صور    مدح وإنشاد ديني بساحة الشيخ أحمد مرتضى بالأقصر احتفالا بعيد الأضحى    عاجل - موضوع خطبة الجمعة.. ماذا يتحدث الأئمة في يوم عيد الأضحى؟    الونش: الفوز بالكأس أبلغ رد على الانتقادات    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك للرجال والنساء في العيد (تعرف عليها)    «ظلمني وطلب مني هذا الطلب».. أفشة يفتح النار على كولر    بالفيديو.. استقبال خاص من لاعبي الأهلي للصفقات الجديدة    «3 لاعبين استكملوا مباراة بيراميدز رغم الإصابة».. طبيب الزمالك يكشف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. محمد حبيب يكتب: احذروا.. أطفال الشوارع قادمون
نشر في المصري اليوم يوم 05 - 04 - 2010

اسمح لى عزيزى القارئ أن أبتعد بك ولو قليلا عما يجرى هذه الأيام على مسرح الأحداث السياسية، حيث الاشتباك قائم والمعركة محتدمة حول الترشح للرئاسة والتغيير، وأن أتحدث معك فى إحدى القضايا الاجتماعية المهمة، وهى قضية أطفال الشوارع، مع الوضع فى الاعتبار أن القضايا مرتبطة ومتشابكة ومتداخلة مع بعضها، فالقاهرة بلد العجائب تعيش فيها الأبراج العملاقة جنبا إلى جنب مع علب الصفيح، وتسير فيها المركبات الفارهة إلى جوار عربات الكارو، إلا أن ذلك لا يمنع، بل أراه واجبا أن أذكر نفسى وإياك بما يمثل وجعا فى قلب الوطن، هو فى الواقع نتيجة حتمية لسياسة نظام أو حكومة، سمها ما شئت، فقدت الرؤية الواضحة والاتجاه الصحيح، وأصبحت تضرب فى تيه لا تدرى ما هى صانعة بالبلد!
أنا بحكم المنشأ وسنوات التكوين منحاز، حتى النخاع، إلى الفقراء والبسطاء ومحدودى الدخل من المواطنين. وليس معنى هذا أنى فى حالة اشتباك مع أثرياء القوم من رجال المال والأعمال، أو أنى عاشق للفقر والبؤس والعيش فى قاع المجتمع، أو أنى لا أسعى لأن أكون مستغنيا عن الناس، فى كل ما يتصل بحياتى، اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا.. أنا فقط معارض بشدة، بل محارب للاحتكار والاستغلال والاتجار بهموم الفقراء والمسحوقين والمطحونين من أبناء شعب مصر..
أنا معارض أيضا وبقوة لمن تسببوا أو أسهموا فى تآكل، بل فى اختفاء أو ضياع الطبقة الوسطى، التى تمثل عماد الدولة، ومناط التقدم والابتكار، ومصدر الإلهام والإبداع.. أنا معارض لمن ارتكبوا جريمة كبرى فى حق هذا المجتمع وحولوه إلى طبقة عليا متخمة، وأخرى مسحوقة.. ثم أنا معارض، من قمة رأسى إلى أخمص قدمى، لهذا الزواج الكارثة بين الثروة والسلطة وما يترتب عليه من تشريعات وقوانين وإجراءات لا يغنم من ورائها إلا أصحاب الثروة على حساب الطبقة البائسة التى تعيش حياة كئيبة تعسة كحياة بؤساء فيكتور هوجو.
حين ولى أبوبكر الصديق رضى الله عنه الخلافة خرج فى أول يوم له إلى السوق للتجارة، فلقيه أبوعبيدة بن الجراح، أمين بيت المال، فقال: إلى أين يا خليفة رسول الله؟ قال: إلى السوق..أسعى لاجتلاب قوتى وقوت عيالى، قال أبوعبيدة: هذا الأمر (يقصد الخلافة) لا تنفع معه التجارة.. ارجع ونفرض لك مالا من بيت مال المسلمين يعينك وأهلك وأولادك.. كان هذا هو أول موقف يعتمد فيه فصل الثروة عن السلطة، إذ إن الجمع بينهما له خطورته وآثاره وتداعياته على الحكم ونزاهته، وعلى طبيعة العلاقة بين الحاكم والمحكوم، فرئيس الدولة، أو القيادات العليا فيها، يوم أن تتصرف كآحاد الناس، لها أن تتاجر وأن تعقد الصفقات مع الآخرين، فسوف يكون ذلك إيذانا بضياع الحقوق، وفساد الذمم، وخراب الضمائر، واختلال ميزان العدل الذى هو أساس الملك.
لو كان الفقر رجلا لقتلته.. كلمة صاغها الإمام رابع الراشدين فى لحظة من لحظات إبداعاته الكثيرة، فذهبت مثلا.. ولم لا؟ فالقلوب النقية التقية، كقلب الإمام على رضى الله عنه، تلمس بحسها الراقى مواطن الداء، وتدرك بوعيها العلوى مصادر الخطر، وتستشعر بضميرها الحى مواقع التهلكة.
لقد استثارالفقرمشاعرالإمام حيث رآه خطرا مهددا لحياة الجماعة.. وهل فرضت الزكاة إلا لإنقاذ المجتمع من قيم الشح والبخل والأنانية، وإشاعة التراحم والترابط بين الناس، فضلا عن تقريب الهوة بينهم وإحداث توازن يمنع من التوتر والاحتقان؟ ألم يحض الإسلام على الصدقات وجعلها مطهرة لكثير من الذنوب والآثام، تخفيفا للآلام وتأكيدا لأهمية السلم الاجتماعى؟
الملاحظ أن الحياة من حولنا زاخرة بأمثلة ونماذج مؤلمة من البؤساء والتعساء لا يمكن حصرها، منهم من هدهم المرض ولم يجدوا سبيلا إلى العلاج فماتوا، وآخرون دفعهم ذل الحاجة وضغط المعاناة إلى السير فى الطريق الحرام.. انظروا إلى من باعوا أعضاءهم، أو هاجروا فى جنح الظلام إلى مصير مجهول وكان الموت فى انتظارهم.. لقد تبين لى بعد طول تأمل أن معدل الانحراف والجريمة يزداد فى قمة المجتمع وقاعه، لا فى وسطه. وفى بيانه الذى ألقاه رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات أمام مجلس الشعب منذ أيام حول الفقر والفقراء أثار كوامن الأشجان فى قلوبنا.
للأسف، يبدو أننا غير منتبهين بالقدرالواجب لظاهرة أطفال الشوارع، تلك الظاهرة المأساوية التى تطل برأسها وتقتحم علينا مجتمعنا وتهدد أمننا واستقرارنا، حيث لا بيوت ولا آباء ولا أمهات ولا طعام ولا شراب ولا رعاية ولا تعليم.. ولا إنسانية.. فى تقرير نشرته الشبكة العنكبوتية عن الهيئة العامة لحماية الطفل، وهى منظمة غير حكومية، أن عدد أطفال الشوارع فى مصر وصل فى عام 1999 إلى 2 مليون طفل، ولك أن تتخيل معى عزيزى القارئ ما انتهى إليه الحال بعد 11 عاما..
بالطبع ليس الفقر وحده هو السبب وراء الظاهرة المأساة، وإنما هناك أسباب أخرى كالتفكك الأسرى، والبطالة، والإيذاء النفسى والبدنى القاسى والعنيف، للأطفال، علاوة على تأثير البيئة المحيطة وعوامل أخرى كثيرة ليس هنا مقام بحثها.. سوف تجد هؤلاء الأشقياء فى حالة تستدعى الشفقة والرثاء، حيث الوجوه الغاضبة والنظرات القاتلة، الأسمال القذرة والممزقة، الأجساد المتهالكة والمنهكة، النفوس المريضة والمعقدة، يتمددون فى الليل تحت الكبارى، وفى مخازن القطارات القديمة، وداخل البنايات تحت الإنشاء، بعيدا عن الأعين وحيث تنعدم الرقابة. هنا تنبت الجريمة، والعنف، والشذوذ، والمخدرات، والأحقاد، والكراهية.. كراهية المجتمع، والأمة، والعالم، والدنيا كلها.
هذا هو مجتمع القنابل الموقوتة التى يمكن أن تنفجر فى أى وقت، وفى وجه الجميع، ولأى سبب.. ساعتها، سوف يكون الموقف مؤلما، محزنا، مأساويا، كارثيا. ونحن المصريين للأسف لا نتحرك إلا بعد فوات الأوان، كما يقولون «بعد خراب مالطة»، لكن مالطة هنا سوف تكون انهيارا لقيم مجتمع بأسره. وأتساءل: مسؤولية من هؤلاء؟ الآباء والأمهات، أم رجال المال والأعمال، أم مؤسسات المجتمع المدنى، أم السلطة التنفيذية بكل مستوياتها، أم هؤلاء جميعا؟
لماذا لا يسلط الإعلام الضوء على هذه القضية بدلا من كثير من البرامج الحوارية السطحية والتافهة؟ لماذا لا تنال اهتمام المجالس القومية المتخصصة، أو مجلسى الشعب والشورى؟ أين المفكرون والكتاب والأدباء ورجال السياسة وعلماء الاجتماع؟ أين علماء الإسلام والأزهر الشريف بمؤسساته ورجاله ودعاته؟ أين الأحزاب؟ إن الواجب والمنطق الأخلاقى والإيمانى والإنسانى والوطنى تدعونا، بل تلزمنا أن يكون لنا موقف وتحرك يتناسبان وخطورة القضية.
إن من حق هؤلاء الفتية الصغار الذين يقبعون فى قاع المجتمع أن يطفوا على سطحه، وأن يعيشوا كبقية البشر فى دنيا الله، وأن تكون لهم أحلامهم وآمالهم فى حياة حرة كريمة.. من حق هؤلاء على المجتمع، بل من واجبه أن يقوم بإسباغ رعايته عليهم وتحويلهم من طاقة مدمرة إلى طاقة بناءة وخلاقة.. هل هذا مستحيل أو صعب علينا؟ هل جفت ينابيع الخير لدينا؟
هل أظلمت مصابيح الهدى وانطفأت مشاعل النور أمام أعيننا؟ هل قست قلوبنا وتبلدت أحاسيسنا وأصبحت حياتنا صحراء مجدبة خالية من أى معنى جميل؟ هل أفلت الزمام من بين أيدينا ولم نعد نملك خيارنا؟ إن المجلس الأعلى للطفولة يجب أن ينشغل بهذه القضية، وأن يكون له دور رئيسى فيها، وحبذا لو أنشئت جمعيات خيرية فى كل حى لهذا الغرض، ولن نعدم، إن شاء الله، رجالا يسارعون فى الخيرات، تمتلئ قلوبهم صدقا وإخلاصا وغيرة على هذا الوطن، ولديهم ما يقدمونه من وقت وجهد ومال، درءا لمفاسد كبيرة وجلبا لمنافع عظيمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.