سألت سيدة يابانية تدعى كيكو هوندا: أين وجدت الحياة أجمل، فى القاهرة أم فى طوكيو؟ قالت بلا تردد: فى مصر طبعا.. وما الذى أعجبك فى مصر؟.. كل شىء، خاصة الناس.. وما هو انطباعك عنهم؟.. ناس هلوة خالص.. الرجال أم النساء؟.. الرجالة هلوة والستات برضه هلوة.. كانت تتحدث العربية باستمتاع كأنها تأكل البسبوسة المصرية التى تحبها.. ثم التفتت لى وسألتنى: وأنت ما الذى أعجبك هنا فى اليابان؟.. قلت لها: كل حاجة هلوة.. نظارات الأبعاد الثلاثية التى تجعلك تشاهد مباريات الكرة وكأنك فى الملعب.. وأعجبنى أيضا الانضباط المذهل.. الناس فى الشوارع خلايا نحل رائحة غادية فى انسيابية ورشاقة.. وآه من الرشاقة.. إننى لم أر كرشا واحدا فى اليابان.. كله غصن بان.. والأكل؟.. وقعت فى مطب لأننى لم أستوعب الأكل النىء.. ثم إن كل الأطباق نونو.. نونو.. وهذه أشياء غريبة على من ترعرعوا على صحون الفول والطعمية.. كانت هذه السيدة مع آخرين فى حفل السفارة المصرية السنوى.. يطالعون الأزياء والمنتجات والفنون فى إعجاب شديد.. بينما الدكتور وليد عبدالناصر، سفير مصر فى طوكيو يعرفنى على بعض الشخصيات اليابانية المرموقة، منهم سفراء يابانيون عملوا فى العواصم العربية ووقعوا فى غرام ثقافتنا، ومنهم مستشرقون ومنهم فنانون مبدعون.. هذه فنانة يابانية تدهشك بتفانين وتشكيلات رائعة للخط العربى تنافس خضير البورسعيدى.. ثم فجأة تنطلق الموسيقى الشعبية وترى عازفين يابانيين بالمزمار والطبل البلدى يشعلون المكان بهجة ورقصا.. ثم فاصل من الرقص البلدى لبنات يابانيات مذهلات.. وسط دهشة جماهير الحضور العربى والأجنبى وصيحات برافو.. برافو.. عفاريت، هؤلاء اليابانيون إذا وضعوا شيئا فى أدمغتهم أتقنوه وأذهلوك.. تمنيت فى المقابل أن نذهلهم باستيعابنا إبداعاتهم فى مجال التكنولوجيا والتحديث.. أو يحدث زواج علمى وحضارى ناجح بيننا على غرار تجربة زواج عميد الجالية المصرية من يابانية منذ خمسين عاما.. وهو يحكى لك أن مصر كانت أغنى قبل الثورة وكان هو يمتلك سيارة وهو طالب فى الجامعة بل إنه اشترى، أيامها، طائرة بألف جنيه من مخلفات الجيش البريطانى فى الهايكستب.. وأيامها أيضا نصحه صديق له بأن يبيع الطائرة ويشترى بثمنها خمسين فدانا بالقرب من ترعة المريوطية.. الآن صديقه أصبح مليونيرا.. ربنا يبارك له وكل شىء نصيب ومقدر ومكتوب.. والبركة فى الأجيال الجديدة.. ومن حسن الطالع أنك تجد وجوها مصرية شابة جاءت تنهل من التجربة اليابانية، مثل عبير الباحثة فى مركز الأهرام الاستراتيجى، والتى جاءت فى منحة دكتوراة عن اليابان والعالم العربى وفرص المستقبل الواعدة.. وترى أيضا مشروعات طموحة تدفع بها سفارة مصر هنا ليصل حجم التبادل التجارى إلى ثلاثة وستة من عشرة مليارات دولار إلى جانب مشروعات مع مؤسسة جايكا ويابان فونديشن.. ومدد مدد ما تشدى حيلك يا بلد.. وعلى فكرة كلمة آى باليابانى معناها أحبك.. فألف آى يا يابانى وألف آى يا مصرى.