لم يكن المسؤول الأكثر شهرة فى عائلته، التى شغلت حيزاً لا يستهان به فى التاريخ المصرى منذ بدايات القرن الماضى، لكنه استحق أن يُذكر قبل أن يختلط الأمر على الناس فلا يفرقون بينه وبين جده رئيس وزراء مصر الأسبق أحمد باشا ماهر، وحمل اسمه تكريما له. هو أحمد ماهر وزير الخارجية السابق، الذى رحل عن الدنيا فى 27 سبتمبر الماضى، وتقيم له مجلة أيام مصرية، بالتعاون مع أسرته، حفل تأبين فى المسرح المكشوف بدار الأوبرا فى السابعة من مساء الإثنين 22 نوفمبر. وتذكر أحمد ماهر وزير الخارجية المصرى الراحل جاء على طريقة مجلة أيام مصرية التى فتحت سجل أرشيفها لتختار منه 50 صورة نادرة لكل من على باشا ماهر، وشقيقه أحمد باشا ماهر رئيسى وزراء مصر الأسبقين، بالإضافة لصور لوزير الخارجية أحمد ماهر فى جميع مراحل عمره. والحديث عن عائلة ماهر السياسية يستلزم العودة لبدايات القرن الماضى لتكتشف شخصية مجهولة فى تلك العائلة رغم تأثيرها الفريد فى ثورة 1919، بل إن التاريخ يصفها بأنها كانت مهندسة الثورة التى اندلعت من أجل إجبار الإنجليز على التفاوض من أجل الاستقلال. تلك الشخصية هى عبد الرحمن بك فهمى عم كل من على باشا ماهر وأحمد باشا ماهر، والذى أدار تفاصيل الثورة وعبأ جنودها أثناء سفر سعد باشا زغلول إلى بريطانيا. ولذا خصصت له مجلة أيام مصرية جزءاً فى عددها الذى تتحدث فيه عن التاريخ السياسى لعائلة ماهر فى مصر. ورغم تولى كلا الشقيقين على وأحمد ماهر، مهام رئاسة الوزراء، إلا أن صورة على باشا ماهر تظل الأقوى والأكثر تأثيرا وحضورا فى الأحداث السياسية التى مرت على تاريخنا بدءاً من تاريخه الوطنى، وانتهاء بتوليه المهام السياسية الكبرى فى البلد. فهو العامل فى القضاء، الرافض لإصدار قرار بالقبض على الزعيم محمد فريد رغم الضغوط التى مورست عليه، وهو قائد أول وآخر إضراب لموظفى الحكومة المصرية، وحدث فى إطار ثورة 1919 وأصاب مصر بشلل وتسبب فى استقالة حكومة حسين باشا رشدى. وهو المنشق عن حزب الوفد، وعضو البرلمان عن دائرة الوايلى، والذى تولى مهام الملك فؤاد الدستورية عقب وفاته ونادى بالملك فاروق ملكاً على البلاد، ثم طالب الإنجليز بعزله لتعاطفه مع الألمان فى الحرب العالمية الثانية، ولا تقف مهامه عند هذا الحد، فتمنحه الأقدار بعد قيام حركة الجيش فى 23 يوليو فرصة نقل السلطة سلميا فى البلاد، فيقنع الملك بقبول التنازل عن العرش، ويتولى رئاسة الوزراء حتى نهاية 1952. لا يقل أحمد باشا ماهر فى وطنيته عن أخيه على، ومارس العمل الوطنى عقب عودته وحصوله على الدكتوراة فى القانون والاقتصاد من فرنسا 1913. كما شغل منصب وزير المعارف 1924، ويتم اتهامه فى قضية اغتيال السردار سيرلى ستاك 1925 ويبرأ منها، ولكنها تتسبب فى استبعاده من كشوف الوزراء حتى 1938 حينما يختار كوزير للمالية فى حكومة محمد باشا محمود، ثم رئيسا للوزراء 1944. إلا أن الحدث الأهم فى تاريخ تلك الشخصية كان مشهد اغتياله فى البهو الفرعونى بمبنى البرلمان 24 فبراير 1945 عقب اجتماع مغلق أعلن فيه دخول مصر الحرب العالمية الثانية فى صفوف الحلفاء ضد دول المحور. جاء الاغتيال أمام الصحفيين وعلى يد الشاب محمود العيسوى الذى أطلق عليه الرصاص بلا محاكمة. «ولعل الصورة الأشهر لوزير الخارجية الراحل أحمد ماهر، هى أثناء خروجه حاملا حذاءه بعد تعرضه لهجوم باليد داخل المسجد الأقصى أثناء توليه مهام منصبه، لكن الحقيقة التى لا يعرفها الكثيرون هى الجانب الإنسانى لذلك المسؤول الذى كان قريبا من الناس». هكذا علق أحمد كمالى المسؤول عن نشر مجلة أيام مصرية حول نظرته لأحمد ماهر الحفيد، وقال: «عرفته أثناء توليه الوزارة حينما أرسلت له فاكساً على مكتبه أخبره فيه عن رغبتى فى عمل عدد خاص يعرف بعائلته وتاريخها والفرق بينه وبين جده، فرد على بفاكس يطلب منى تحديد موعد للقائه، وعندما ذهبت إلى «الخارجية» وعلم بوجودى استقبلنى ببساطة.