جامعة المنصورة تعلن فوز طالب بالمركز الأول عالميًا عن نموذج أولي لجهاز ذكي للتحاليل الطبية    خذوا احتياطاتكم.. قطع الكهرباء عن هذه المناطق في الدقهلية الثلاثاء المقبل لمدة 3 ساعات    مجلس الشيوخ يحيل 12 تقريرا من اللجان النوعية إلى الحكومة    هل سيتم منع سير الميكروباص أعلى الدائري بالكامل 1 يونيو؟.. مصدر يكشف التفاصيل    وزير الري: تجربة منظومة التراخيص الإلكترونية بإدارات المياه الجوفية بالدلتا    قوى عاملة النواب توافق نهائيا على تحديد نسبة العلاوة الدورية للموظفين    إسرائيل تكشف مستجدات المفاوضات في الدوحة: ندرس جميع الخيارات    متجاهلًا اعتراض إسرائيل.. كواليس القرار الأمريكي لرفع العقوبات عن سوريا    أوكرانيا تعلن ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 973 ألفا و730 فردا    "ما يحدث حاليا مسرحية".. نجم الزمالك السابق يطلق تصريحات نارية    المتحدة تعلن موعد ودية الأهلي وباتشوكا المكسيكي.. وتطرح تذاكر اللقاء    "سابوا كل حاجة ومسكوا في ال30 ثانية".. رسالة نارية من شوبير بعد فوز الأهلي القاتل    حريق يلتهم 150 نخلة و9 ماكينات ري بقرية العضايمة في الأقصر    السلطات السعودية تحذر الحجاج من ظاهرة منتشرة تعيق حركة الطائفين والمصلين    "قتلت أمها من أجل علاقة منحرفة".. قصة نورهان التي أبكت بورسعيد من تلميذة متفوقة إلى حبل المشنقة.    محمد عبده يُحيي حفلًا غنائيًا في دبي احتفالًا بعيد الأضحى    بعد عرض "كله مسموح".. كارول سماحة تشكر فريق المسرحية والجمهور    شروط الأضحية.. الأزهر للفتوى يحذر: 4 عيوب تجنبها قبل الذبح    هل تتعارض البصمة الوراثية مع مقاصد الشريعة؟.. رئيس جامعة القاهرة السابق يوضح    للمرة الرابعة.. محافظ الدقهلية يتفقد عيادة التأمين الصحى فى جديلة -صور    هل يتسبب السكري في تدهور وظائف الكلى؟    مشادة على أولوية المرور تنتهي بطعنة في الصدر بسوهاج    نماذج امتحانات الصف الثاني الثانوي pdf الترم الثاني 2025 جميع المواد    أشرف العربي: رغم التحسن الملموس في أداء التنمية في مصر إلا أنه لازال أقل من المأمول    سالي عبد المنعم: المتحف القومي للحضارة يعكس ثروتنا الحقيقية في الإنسان والتاريخ    هيقفوا جنبك وقت الشدة.. 5 أبراج تشكل أفضل الأصدقاء    في أجندة قصور الثقافة.. قوافل لدعم الموهوبين ولقاءات للاحتفاء برموز الأدب والعروض المسرحية تجوب المحافظات    مستشهدًا ب الأهلي.. خالد الغندور يطالب بتأجيل مباراة بيراميدز قبل نهائي أفريقيا    رانيا المشاط: الخطة الجديدة تستهدف زيادة الاستثمارات الكلية إلى 3.5 تريليون جنيه لأول مرة    رومانيا.. انتخابات رئاسية تهدد بتوسيع خلافات انقسامات الأوروبي    مجلس الوزراء يستعرض جهود الدولة في دعم التحول الرقمي.. إنفوجراف    قفزة قياسية في توريد القمح بمحافظة الفيوم خلال موسم 2025    حفيد عبد الحليم حافظ علي فيس بوك : الواحد لو اتجوز هينكر الجواز ليه.. شيء مش عقلانى    خطوات التقديم للصف الأول الابتدائي 2025-2026 والمستندات المطلوبة    سعر تذكرة الأتوبيس الترددي الجديد.. مكيف وبسعر أقل من الميكروباص    تجديد حبس تاجر ماشية 15 يوما لاتهامه بقتل عامل فى أبو النمرس    ضبط قضايا تهريب وهجرة غير شرعية وتنفيذ 200 حكم قضائي في 24 ساعة    «أنتم السادة ونحن الفقراء».. مشادة بين مصطفى الفقي ومذيع العربية على الهواء    إصابه 13 شخصا في حادث تصادم بالمنوفية    وسائل إعلام إسرائيلية: نائب الرئيس الأمريكي قد يزور إسرائيل هذا الأسبوع    1700عام من الإيمان المشترك.. الكنائس الأرثوذكسية تجدد العهد في ذكرى مجمع نيقية    زيلنسكى ونائب ترامب وميلونى.. الآلاف يحضرون حفل تنصيب البابا لاون 14    الرقية الشرعية لطرد النمل من المنزل في الصيف.. رددها الآن (فيديو)    مصرع شخصين وإصابة 19 آخرين إثر اصطدام سفينة مكسيكية بجسر بروكلين    في ذكرى ميلاده ال 123، محطات فى حياة الصحفي محمد التابعي.. رئاسة الجمهورية تحملت نفقات الجنازة    متى تقام مباراة اتلتيكو مدريد ضد ريال بيتيس في الدوري الاسباني؟    «الرعاية الصحية» تعلن اعتماد مجمع السويس الطبي وفق معايير GAHAR    10 استخدامات مذهلة للملح، في تنظيف البيت    مصطفى عسل يهزم علي فرج ويتوج ببطولة العالم للإسكواش    براتب 15 ألف جنيه.. «العمل» تعلن 21 وظيفة للشباب بالعاشر من رمضان    مدرسة العلمين الجديدة الرسمية المتميزة للغات تحتفل بتخرج أول دفعة من طلاب مرحلة رياض الأطفال    النسوية الإسلامية (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ): أم جميل.. زوجة أبو لهب! "126"    خطوة مهمة على طريق تجديد الخطاب الدينى قانون الفتوى الشرعية ينهى فوضى التضليل والتشدد    استشهاد طفل فلسطيني وإصابة اثنين بجروح برصاص إسرائيلي شمال الضفة الغربية    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. في أول ظهور له.. حسام البدري يكشف تفاصيل عودته من ليبيا بعد احتجازه بسبب الاشتباكات.. عمرو أديب يعلق على فوز الأهلي القاتل أمام البنك    سيراميكا كليوباترا يقترب من التعاقد مع كريم نيدفيد    الأزهر: الإحسان للحيوانات والطيور وتوفير مكان ظليل في الحر له أجر وثواب    حكم صيام الأيام الثمانية الأولى من ذي الحجة.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ورحل وزير محترم
نشر في المصري اليوم يوم 30 - 09 - 2010

رحل أحمد ماهر وزير خارجية مصر الأسبق بعد أزمة قلبية حادة، وفقدت مصر واحداً من أكثر رجالها احتراماً ورقياً واستقامة، فالرجل الذى حمل رقم 74 فى قائمة وزراء خارجية مصر، عين فى 15 مايو 2001 وزيراً للخارجية، واستمر حتى 2004، وهو رابع وزير خارجية منذ تولى الرئيس حسنى مبارك رئاسة الجمهورية عام 1981، حيث سبقه فى هذا المنصب كل من كمال حسن على، والدكتور عصمت عبدالمجيد، وعمرو موسى، قبل أن يخلفه وزير الخارجية الحالى أحمد أبوالغيط.
ولم أتعرف على الرجل طوال فترة عمله بالوزارة، وكنت أيضا ممن لا يبدون إعجاباً كبيراً بأدائه، بسبب عدم حضوره الإعلامى، خاصة إنه جاء بعد عمرو موسى، الذى أتقن الحديث للإعلام، ونجح فى أن ينال تأييد قطاع واسع من الرأى العام العربى والمصرى.
وجاء لقائى الأول بالوزير الراحل فى عام 2005 فى مؤتمر ضخم عقد بإسطنبول ضم مراكز أبحاث وخبراء ووزراء سابقين وحاليين من أوروبا والعالم العربى، وأعقب الغزو الأمريكى للعراق، وكنت متحدثا فى الجلسة الافتتاحية لهذا المؤتمر مع د. منى مكرم عبيد، والمغربى د. على حامى الدين، الأستاذ الجامعى والقيادى فى حزب العدالة والتنمية.
كانت «مغامرة» من صديقنا البرتغالى منظم المؤتمر «ألفاروا فاسكنسيلوس» (وصديق الراحل أحمد ماهر) أن يضع فى الجلسة الافتتاحية ثلاثة متحدثين من الجنوب بل كان بينهم متحدث من حزب له خلفية حضارية وثقافية إسلامية مثل العدالة والتنمية المغربى، وهو الأمر الذى أثار جدلا واسعا بين الأوروبيين وبضغوط من جانبنا نجحنا فى أن تكون الجلسة بهذا الشكل، خاصة أن هذا الحزب ليست له علاقة بفكر الإخوان، ولا بأى تيارات دينية ظلامية فى العالم العربى، وهو أيضا حزب ديمقراطى حقيقى فى ممارساته وفكره السياسى (يمكن فقط قراءة برنامجه الانتخابى والسياسى والمراجعة النقدية التى قدمها لخطابه بعد تعثره الجزئى فى الانتخابات المغربية، لنقارنه بحال الأحزاب المصرية).
وقد رأيت أحمد ماهر جالسا فى الصف الأول فحييته من بعيد، لأنى لا أعرفه شخصيا، ولأنى أيضا أتحسس من أى مسؤول ولو سابق قادم من بلد غير ديمقراطى كما هو الحال عندنا، ولكن الرجل قام واتجه نحوى وصافحنى، وأبدى إعجابه بما أكتب واختتم حديثه معى باسماً «هم سايبينك إزاى».
وقد كان هذا هو اللقاء الأول بيننا وظهر فيه أنه أكبر من «كرسى الوزارة» الذى يجىء لكى يذهب، وأن لديه مواهب كثيرة وبساطة وتلقائية وخفة ظل لم تحجبها مهنيته الشديدة وثقافته الواسعة، وكان بالضبط يعرف الحد الفاصل بين عقد «الوظيفة الميرى» فى بلد متخلف مثل مصر، وبين أن يكون طبيعيا وتلقائيا دون أن يفقد هيبته واحترامه.
ومنذ ذلك اللقاء تلاقينا فى مناسبات عديدة وتهاتفنا عشرات المرات، إلى أن دعانا السفير الفرنسى السابق فى القاهرة على عشاء مع وزير الخارجية الفرنسى الحالى «برنارد كوشنار»، وهو رجل محدود واستعراضى إذا قورن بوزير خارجية بلده السابق «أوبير فيدرين»، وذلك فى حضور أحمد ماهر، ومجموعة من السياسيين والكتاب لم يتجاوزوا الخمسة، وكان ذلك فى نهاية عهد الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش الابن، وسمعنا فى هذا اللقاء من أحد الضيوف مديحاً فى جرائم الإدارة الأمريكية السابقة، «التى لم يفهمها العرب المتخلفون»، وأنها «ما لم تضرب إيران الآن فسيكون ذلك كارثة»، وأن فشل التسوية السلمية يرجع إلى الفلسطينيين المتشددين.
كان مفهوما أن يكون موقفنا هو رفض هذه الأطروحات، ولكن ما أدهشنى ليس هو رفض ماهر لها، إنما قدرته الهائلة على صياغة موقف الرفض بلغة تؤثر فى الغرب وبطريقة تضعه أمام موقف حرج بين مبادئ الديمقراطية التى ينادى به، وبين ممارسات إسرائيل المعادية لكل القيم للديمقراطية.
فقد كان وزيرنا الراحل فى هذا اللقاء صوت الجنوب العاقل والمؤثر، وداعماً حقيقياً للشعب الفلسطينى، ومثقفاً موسوعياً امتلك مهارة الباحث وكفاءة الدبلوماسى معا.
وقد التقينا بعد ذلك مرات كثيرة خارج مصر وكان من بينها المؤتمر السنوى الذى يعقده فى باريس مركز الدراسات الاستراتيجية والأمنية التابع للاتحاد الأوروبى ويرأسه نفس صديقنا البرتغالى، وكان يفترض أن نكون معا فى شهر أكتوبر المقبل، ولكن مشيئة الله نفذت قبلها.
وطوال السنوات الثلاث السابقة لم يتجاوز الحضور العربى فى هذا المؤتمر السنوى خمسة أشخاص من بين حوالى ثلاثمائة شخصية عالمية منهم على الأقل ما يقرب من 20 شخصا من بلدان مثل تركيا والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، أما العام الماضى فقد كان حضور العرب ثلاثة فقط: وزيرنا الراحل، وصديقنا المغربى عبدالله سعف، مدير مركز البحوث الاجتماعية، وزير التعليم الأسبق، وكاتب هذه السطور.
وأذكر أنه فى العام الماضى تحدثنا فى أمور كثيرة بعضها شائك يتعلق بأوضاع البلد ومستقبله، فرضها لقاؤنا الثنائى فى عاصمة مفتوحة مثل باريس، وكان الرجل وطنياً بامتياز وذا رؤية إصلاحية ونقدية لكثير من الأوضاع التى نعيشها، ولكن ما كبرته فيه واحترمته أنه كان يقول فى الغرف المغلقة ما يقوله فى العلن،
وكثيرا ما كتب مقالات رأى فيها ضرورة عودة العلاقات المصرية الإيرانية وانتقد الأداء المصرى أثناء العدوان الإسرائيلى على غزة، ولكنه ظل يقول لى فى نفس الوقت وفى جلسات خارج مصر لم يكن فيها أحد ثالث غيرنا إنه «يحب الرئيس مبارك» وإنه يرى أنه يستحق أداء سياسياً وإعلامياً أفضل،
وكان على خلاف كثير مع المسؤولين الذين يبايعون ويباركون ويهتفون فى وسائل الإعلام كل يوم لصالح الرئيس، وإذا أتيحت لهم فرصة للفضفضة والنقد «غير المسموع» فإنهم يخرجون على النص، ويقولون كلاما يفوق كلام المعارضة المصرية.
كان آخر لقاء طويل بيننا فى حفل توقيع كتابى «الإخوان المسلمين من الجذور إلى اليوم» فى مكتبة الديوان، وكان من أوائل من حضروا وأواخر من غادروا، ومزح معى كالعادة وقال «أنت حتخلينى آخذ كتاب شبهة» وبعد أن أخذ الكتاب وهم بالرحيل سألته «وماذا ستقول لو حد وقفك بره وسألك عن كتاب يحمل عنوان «الإخوان المسلمين»؟ فرد مازحاً «سأقول لهم ماليش دعوة، كل ما فى الأمر أن هناك باحثاً ناشئاً اسمه عمرو الشوبكى حبيت أشجعه، فأخذت كتابه هذا».
نعم لقد رأيت الرجل فى عشرات المناسبات، وشاهدت كيف كان يحترمه وزراء أوروبيون سابقن وحالين، وسفراء وخبراء من كل دول العالم، وكيف كان يكتب ويتحدث فى العلن كما يقول فى السر، وأحببت فيه وطنيته وذكاءه وبساطته ومهنيته، وهو تقدير ولد خارج إطار علاقات العمل المشوهة فى مصر، فكان صادقاً وحقيقياً.
نموذج أحمد ماهر ربما يجعلنا نتروى فى الحكم على الناس من خلال الإعلام، فحين حاول بعض المتعصبين والجهلاء الاعتداء عليه فى المسجد الأقصى لم يعرفوا أنه كان من أبرز الدبلوماسيين العرب دفاعاً عن القضية الفلسطينية، على عكس نمط آخر ضبط إيقاعه على أن يقول فى العلن عكس ما يفعل فى السر، وأن قلة مثل أحمد ماهر هم الذين آمنوا بعدالة القضية الفلسطينية وبهموم الجنوب، ودافعوا عنها بطريقتهم فى العلن والسر.
رحم الله أحمد ماهر الصديق الوطنى المحترم.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.