«تطلع» الرئيس «محمد حسنى مبارك»، فى خطاب أمام الهيئة العليا للحزب الوطنى الحاكم إلى انتخابات نزيهة، وقال ما نصه: (إننى أعاود تطلعى وتطلع الحزب لانتخابات حرة ونزيهة، تتم تحت إشراف اللجنة العليا للانتخابات، ومراقبة المجتمع المدنى المصرى.. وتتيح الفرصة لأوسع مشاركة من الناخبين للإدلاء بأصواتهم). لا أدرى لماذا كنت أنتظر من السيد الرئيس أن «يتعهد» بانتخابات نزيهة؟.. ربما لأنه بحكم صلاحياته الدستورية – وواجباته أيضا - لابد أن يضمن تلك النزاهة، بينما المواطن «الأعزل» من قيادة السلطات التنفيذية لا يملك آليات السيد الرئيس! الرئيس قال إن نتائج الانتخابات تحسمها: (إرادة وأصوات الناخبين)، رغم أننا جميعا نعلم أن النتائج مرهونة بدور «أجهزة الأمن» فى منع الناخبين من الوصول للجان المعارضة، حتى ولو على جثث البشر، علاوة على ظواهر «البلطجة» و«التزوير»!!. وكأن هناك فى دوائر الحكم طابورا خامسا يعمل ضد برنامج السيد الرئيس، أو «أحلام سيادته» لشعبه! من هنا أصبح للمواطن قراءة خاصة لكل كلمة يصرح بها رئيس الدولة، فحين يشير سيادته – فى الخطاب نفسه - إلى أن (الإصلاح السياسى عززته التعديلات الدستورية عامى 2005 و2007)، ندرك أن ترسانة الإعلام الرسمى تحول دون وصول صوتنا لقصر العروبة. ونتأكد – ضمنيا - أن انتخابات الرئاسة المقبلة ستتم دون أى تغيير فى مواد الدستور المانعة للترشح (!!). وبالفطنة الفطرية نفسها نعلم أن (دور الدولة كمنظم ومراقب للنشاط الاقتصادى) لن يتجاوز هذا السقف لمواجهة الفساد. الشعب المصرى – رغم التشاؤم - يظل متعلقا بتدخل الأب - الرئيس فى اللحظة الأخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، منكرا كل التحليلات السياسية التى تشير إلى أن «تصفية» جماعة الإخوان المحظورة فى الانتخابات التشريعية، ستتم ذبحا على الطريقة القانونية.. وأن هناك «قوى بديلة» تتهيأ للعب دور المعارضة الشكلية داخل البرلمان (مرشح لها بقوة حزب الوفد).. ولهذا لم يرتح البعض لتصريح الدكتور «السيد البدوى»، رئيس حزب الوفد الجديد، بأنه: (حصل على العديد من الضمانات لنزاهة العملية الانتخابية منها الموافقة المبدئية على التصويت ببطاقة الرقم القومى). إنها انتخابات لا تضمن نتائجها إلا المشيئة الإلهية.. تخوضها الأحزاب دون برامج سياسية حقيقية، وتتم فى غيبة الإشراف القضائى، ويطبق فيها نظام «كوتة المرأة»، رغم الطعن بعدم دستوريته، وفى مواجهة مطالب أخرى، لبعض المسيحيين بكوتة مماثلة.. مقدمة درامية غاية فى التعقيد، تعيد ترتيب «رقعة الشطرنج»، تمهيدا للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها نهاية العام المقبل، وأتوقعه أن يكون «عام السحل» لكل من يتجاوز الخطوط الحمراء.. إنها الديمقراطية على الطريقة «الوطنية». وهى طريقة يمكن فهمها مما ذهب إليه الدكتور «مفيد شهاب»، وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية، من أن الإشراف القضائى على الانتخابات يتنافى مع مبدأ الفصل بين السلطات، فى حين أنه لا يرى أى ضرورة لهذا الفصل بين السلطات فى دخول البرلمان.. إذن فليأت برلمان يراقب سياسات المواطن، ويسحب الثقة من الشعب لفشله فى فرض إرادته الوطنية. سوف يأتى البرلمان القادم كسابقه، بالممارسات الشاذة نفسها بدءاً من الجداول الانتخابية مرورا بالترشح والتصويت حتى نصل للفرز والتزوير.. وعلى المتضرر اللجوء للقضاء، فالمجلس سيد قراره.. (يعنى اخبطوا راسكم فى الحيط)!!