ما يلي من نقاط ليس كلاماً يراد به ترديد ما يعرفه الناس فعلاً، أو عرضاً متشائماً لأحوال المصريين، بل هو محاولة لتحديد أسباب مشكلاتنا، ومناقشة الخصال السلبية والعيوب الخطيرة لدي معظم المصريين، والتي أرى أنها العائق الرئيسي للإصلاح في البلد، بل هي سبب تدهوره، ولابد أن نتخلص منها إن أردنا أن نحل مشكلاتنا، ذلك لأن تحديد الأمراض وأسبابها هي خطوة أساسية وهامة في علاجها: 1. السلبية والكسل: المواطن المصري لا يشارك - أو حتى يقترب من المشاركة - في إصلاح بلده بحجة أنه مشغول بالجري على لقمة العيش - لا أدري إلى متى ..؟ قد يتذمر أو يشتم أو يشكو سوء أوضاع البلد ومعاناته ولكنه لا يبحث عن شئ إيجابي يفعله ليغير تلك الأوضاع. ينأى بنفسه عن المصالح والقضايا العامة بحجة أن الدولة لا تسمح له، ولا يدرك أن الفرد في بلده له الحق أن يطالب بعيشٍ كريم، وبقانونٍ عادلٍ للكل ..! لا أدري، أينتظر الناس أن يأتي لهم بطلاً مخلصاً يحل مشكلاتهم وهم جالسون ..؟ فلن يأتي، حتى وإن أتى وهم على تلك الحالة فلن يفعل بهم شيئاً لأنهم سلبيون لا يدركون قيمة الإيجابية والمشاركة، ولا يمكن أن يعتمد عليهم .. 2. التعايش مع الفساد : يتحمل المواطن كل ما يرى من منكر ومعاناة وظلم وضيق في العيش، ويقبله - برضى أو بسخط - كأن الدنيا لا شئ فيها سوى تعب وهم وقرف وقبح .. هذا سؤ فهم شديد للدين، والذي لم يأمرنا بالفشل في الدنيا، بل أمرنا بإصلاحها وتجميلها بما يرضي الله عز وجل .. فماذا عن: ".. إماطة الأذى عن الطريق .."، و"من رأى منكم منكراً فليغيره .. " .. وغيرها؟ ولكن يبدو أن معظم المصريين يميطون الأذى ويغيرون المنكر بقلوبهم فقط – والمأساة كل المأساة، إن لم تدرك القلوب أنه "منكراً"! هل يصح أن يعيش غالبية المصريين على "أضعف الإيمان"؟ أين ستكون مصر بهذا .. ؟ 3. اليأس والإحباط: لا يرى المواطن فائدة أو أمل من المشاركة، ولديه حالة إستسلام غير مفهومة للفساد المنتشر والتعدي على حقوقه وحقوق معظم المصرين وحقوق البلد كلها، وكأن البلد ليست بلده، وكأنه ليس من حقه كمصري أن يتمتع بحقوق المواطنه الكريمة أو أن يطالب بها، والتي يتمتع بها مواطنو معظم البلاد الأخرى. لا أدري، أهو كسل، أم ضعف، أم ماذا ..؟ بل قد يدفعه اليأس والإحباط من حال البلد إلى البحث عن فرصة للهجرة إلى الدول المتقدمة للعمل والحياة الكريمة، يحلم بالجنسية والمواطنة في تلك الدول، ويترك بلده بمواطنيها المقهورين وبنظامها المتأخر تئن في مشكلاتها بدون أمل في حل .. ! 4. الأنانية : يجري كل المصرين - أو قل معظمهم - على مصالحهم الخاصة، ولا يجري أحد تقريباً على مصلحة مصر أو مصلحة العامة. قد يتظاهر أو يعتصم العشرات مطالبين برفع دخولهم أو من أجل قضية تشغلهم، فإذا قضيت مصالحهم ذهبوا وكأن ليس هناك ضرر! أما من يسعى لمصلحة البلد كلها فهم قلة قليلة ويعانون أشد المعاناة من تعسف المسئولين وسخرية المنافقين وتخاذل السلبيين، وأخشى أن ييأسوا وينصرفوا هم أيضاً لمصالحهم الشخصية إذا ما رأوا غلبة الأنانية عند الآخرين، وتدفع مصر الثمن، ويدفع معها الفقراء والشرفاء .. 5. الخوف: وخصوصاً من "قول الحق" للمخطئ والمخالف، وخصوصاً إن كان ذو منصب وجاه أو مسئولاً كبيراً، وهنا منبت الشر حيث ينشأ الظلم ويبدأ التعدي على حقوق الناس بدون نهيٍ أو ردعٍ أو محاسبه، فلو وقف كل مظلوم وشريف للحق بشجاعة ما كان المتعدي ليجرؤ على المخالفة. ولكنهم سكتوا من الخوف، و تخرب البلد، وتضيع الحقوق .. !!! .. وحسبنا الله ونعم الوكيل .. 6. النفاق: وهو سبب رئيسي وجزء كبير من مشكلاتنا. ولقد أفردت له مقالتي السابقة "هيا بنا ننافق .. !"، فالرجاء الإطلاع عليها. 7. الإهمال والغش: كثير من الناس أصبح لا يبالي ولا يراعي ضميره في أي عمل أو مهمة وكأن البلد ليست بلده، وهذا بسبب غلاء الحياة، وضعف الأجور، ونوم الضمائر، وغياب الوازع الديني، وكذلك غياب القانون العادل الرادع أو عدم تطبيقه إن وجد، أو تطبيقه علي الضعيف فقط! ولكن كل تلك العوامل وغياب العدالة في نظام العمل والأجور ليس سبباً كي يشارك الكل في الغش والظلم، فالإنسان لابد أن يتقن عملة بإخلاص في كل الأحوال حتى يبرئ ذمته أمام الله وأمام الناس. 8. عدم الثقة: فقد المواطن الثقة بكل شئ في البلد؛ في نظام متعسف، في إعلام منافق، في مجتمع ساخط، في تعليم فاشل، في خدمات متدهورة، في معاملات فاسدة، في عمل غير مجزي، في شارع ملئ بالأذى، في جار غير ودود، في بيت ملئ بالمشاكل، حتى "في نفسه"، والتي كادت تنهار أمام كل تلك التحديات. فقد الثقة في كل الأشياء من حوله وفي إمكانية إصلاحها وتغييرها، وفقد الثقة في نفسه وقدرته على المشاركة والتأثير، فأصبح مهزوماً محبطاً .. هذا هو المواطن العادي .. وتدفع مصر، ويدفع الكل الثمن. بالتأكيد هناك خصال سلبية أخرى أضرت بمصر، ولكن هذه أهمها، بل من الأكيد أيضاً أن هناك شرح وتفصيل لتلك الخصال والعيوب أفضل من هذا يقوم بها المتخصصون، ولكن هذا عرض مبسط أأمل أن يكون ذو فائدة ونفع لأبناء البلد المخلصين الذين يهمهم مصر وشأنها، ويعملون من أجلها. لن تتغير مصر وينصلح حالها إن لم يتغير أبناؤها ويتخلصوا من كل تلك الخصال المعيبة؛ لابد أن يتحرك المتعلمون والشرفاء والمخلصون من أبناء البلد؛ لابد أن يتكلموا، يفعلوا شيئاً إيجابياً، يرفضوا الفساد والمخالفات، يفكروا في وسائل سلمية وعملية - بدون عنف أو شغب - لإصلاح أنفسهم وبلدهم بدلاً من الضعف والصمت والسلبية التي أدت إلى تدهور البلد. بعد عرض تلك الخصال، لابد أن يشعر من يتصف بها بالخجل، و أن يحاول أن يغير ما بنفسه من عيوب، لأن في الحقيقة؛ لم يقدم عامة المصريون - ولا خاصتهم - لمصرهم غير كل تلك العيوب والسلبيات والخصال السيئة التي أضرت بالبلد أشد الضرر، بل إن بعض أبنائها يشكونها ويسبونها ظلماً وبهتاناً بدلاً من أن يصلحوا ويغيروا ما بأنفسهم. فعلاً؛ صدق الشافعي حين قال: "نعيب زماننا والعيب فينا .. وما لزماننا عيب سوانا". وكأنه يقصد أن يقول: نعيب مصرنا والعيب فينا .. وما لمصرنا عيب سوانا / ونقول على نهج المعري: هذا ما جناه أبناء مصر عليها .. و ما جنت مصر على أحد / تخلصوا من تلك الخصال أعزكم الله. وما توفيقي إلا بالله .. محمد منصور http://masryyat.blogspot.com/