العيسوى بيه رمز الماشة!

لا أعرف إذا كان من حقى.. ومن حق «المصرى اليوم» - فى ضوء القرارات، التى أصدرها المجلس الأعلى للقضاء منذ أسابيع بشأن التغطية الإعلامية للمحاكمات.. والتوضيحات، التى أذاعها المستشار «سرى صيام» لما ورد بها- أن أعلق أو بمعنى أدق «أعترض» على التصريحات، التى أدلى بها المستشار «كمال اللمعى» - نائب رئيس مجلس الدولة.. ورئيس محاكم القضاء الإدارى- إلى إحدى الصحف اليومية الخاصة، ونشرتها فى صدر صفحتها الأولى بعنوان بارز يقول:
«شعار الإسلام هو الحل لا يخالف القانون».. أم أن مناقشة ما يدلى به رجال القضاء من آراء سياسية فى الصحف وأجهزة الإعلام يعتبر مساساً بهيبة القضاء وإخلالاً بمقامه، يتوجب علينا نحن الكتاب والصحفيين أن نتقبله ونضرب له تعظيم سلام.. ومع ذلك فإننى أتمنى أن تنشر «المصرى اليوم» المقال.. ورزقى.. ورزقها على الله!
وطبقاً لما ورد فى الحوار فقد سألت الصحيفة المستشار «كمال اللمعى» سؤالاً نصه «قبيل كل انتخابات يتجدد الجدل حول قانونية الشعار الذى يستخدمه الإخوان المسلمون: «الإسلام هو الحل».. ما موقف القضاء الإدارى من استخدامه؟».. وجاءت إجابة نائب رئيس مجلس الدولة، رئيس محاكم القضاء الإدارى، لتقول بالنص «استخدام هذا الشعار لا يخالف القانون أو الدستور..
بل يدخل فى نطاق حرية التعبير المكفولة دستورياً ويحميها القضاء.. حيث لم تصدر أى تشريعات تحرم استخدام هذا الشعار أو غيره.. وبالتالى فولاية القضاء تنحصر فى رقابة الشروط، التى يحددها قانون مباشرة الحقوق السياسية لتتوافر فى المرشحين.. فإذا توافرت هذه الشروط فى المواطن فمن حقه ترشيح نفسه واستخدام الشعارات التى تحلو له.. طالما لا يحرمها القانون».
ما يلفت النظر أن السؤال كان عن «موقف القضاء الإدارى» من استخدام شعار «الإسلام هو الحل».. وأن نائب رئيس مجلس الدولة، رئيس محاكم القضاء الإدارى، قد أجاب عنه بما يفهم منه أن ما يقوله هو «موقف القضاء الإدارى»، وليس رأياً شخصيا، أو اجتهاداً قانونياً منه، أو استناداً إلى حكم سبق للقضاء الإدارى أن أصدره فى عام 2005 قبل تعديل الدستور وتعديل قانون مباشرة الحقوق السياسة.
ولأن المستشار «كمال اللمعى» ليس نائباً سابقاً لرئيس مجلس الدولة، بل هو نائب حالى له، لايزال يجلس مجلس القضاء، وهو فضلاً عن ذلك رئيس محاكم القضاء الإدارى، فإن ما يقوله - لو صح أنه قاله - هو حكم مسبق فى كل قضية يقيمها كل صاحب مصلحة، ضد استخدام هذا الشعار فى الانتخابات، وضد كل إجراء قانونى يتخذ ضد الذين يروجونه، يستوى فى ذلك اللجنة العليا للانتخابات، التى أعلن رئيسها مخالفة استخدام هذا الشعار فى الدعاية الانتخابية للقانون،
وعزم اللجنة شطب كل مرشح يستخدمه فى دعايته وأيضاً يتم شطبه إذا اتجه المرشح المنافس ليقيم دعوى أمام القضاء الإدارى يعترض على استخدام منافسه للشعار فى دعايته، والنيابة العامة أمرت فى الأسبوع الماضى بحبس عشرات من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين بتهمة توزيع بيانات انتخابية تحتوى على الشعار، لأن ما فعلته - طبقاً للحكم الذى نسبته الصحيفة لنائب رئيس مجلس الدولة - مخالفة صريحة للقانون.
ولابد أن لبساً ما فى الفهم، كان وراء ما نشرته الصحيفة على لسان المستشار «كمال اللمعى». إذ ليس من المنطقى أن ينكر قاض جليل يشغل هذا المنصب الرفيع، صدور أى تشريعات تحرّم استخدام هذا الشعار أو غيره، وهناك ثلاثة نصوص على الأقل تحظر استخدام الشعارات الدينية فى العمل السياسى عموماً، وفى الدعاية الانتخابية بشكل خاص، على رأسها المادة 5 من الدستور، التى تحظر «ممارسة أى نشاط سياسى أو قيام أحزاب سياسية على أى مرجعية دينية أو أساس دينى أو بناء على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل»، والبند (د) من المادة 3 مكرر (و) من قانون مباشرة الحقوق السياسية الذى يتضمن حظر استخدام شعارات أو رموز أو القيام بأنشطة للدعاية الانتخابية لها
مرجعية دينية أو ذات طابع دينى أو على أساس التفرقة بسبب الجنس أو الأصل، والمادة 11 من قانون مجلس الشعب، التى تلزم المرشح فى دعايته الانتخابية بمبادئ الدستور والقانون ومنها الامتناع عن استخدام الشعارات الدينية، والمادة 3 مكرر «ح» التى تعاقب على استخدام هذه الشعارات بشطب المرشح.. فضلاً عما ورد فى قانون الانتخابات الرئاسية فى هذا الشأن.
وأخشى ما أخشاه أن يسىء «العيسوى بيه» فهم ما نسبته الصحيفة لنائب رئيس مجلس الدولة من أن من حق كل مرشح أن يستخدم الشعار الانتخابى، الذى يحلو له، فيخوض الانتخابات بالشعار الساخر الذى صاغه على لسانه الشاعر «أحمد فؤاد نجم» فى انتخابات عام 1979.. وهو شعار يقول «بشرى لجميع الحشاشة/ «العيسوى بيه» رمز الماشة/ ح يخلى القرش بربع جنيه»!
ويا عزيزى القارئ.. أنا لم أكتب هذا المقال.. وأنت لم تقرأه.. والمساحة كما ترى بيضاء.. تطبيقاً لشعار: الإسلام هو الحل.. ومسحوق أومو يغسل أكثر بياضاً!