بعد جولة من الاتهامات المتبادلة على الملأ، والبلاغات المقدمة للنائب العام، عزفت وزارة الثقافة نشيد: «الصلح خير»، واستقبل الوزير الفنان «فاروق حسنى» الفنان- الموظف «محسن شعلان». أسقط «شعلان» من ذاكرته قسوة الأيام التى قضاها على «البورش»، وما سماه «التجربة الجميلة» واتهام الوزير له ب «الإهمال» وقال: (أنا ابن الوزارة و«حسنى» هو القائد، وأنظر لما حدث بخيال الفنان، وأراها حرباً «اتخبطنا» فيها احنا الاتنين، ولابد من لم الشمل)!. وفى المقابل قام الوزير بتعيين «شعلان» مستشاراً من الفئة «أ»، ابتهاجا بعودته إلى وزارة «الإبداع والابتكار». ولأنى أعجز دائما عن فهم «حكاية مستشار»، وما هى مهامه الوظيفية، ولا امتيازاته وواجباته، لنعتبرها نوعاً من التكفير عن ظلم ما وقع على «محسن شعلان»، أو نوعاً من «التكريم» لوكيل وزارة على وشك الخروج على المعاش ويصعب عودته لوظيفته أثناء نظر استئناف القضية. المهم أن سرقة لوحة «زهرة الخشخاش» تراجعت من صدارة المشهد، وانتهت النميمة حول الخلاف بين وزير الثقافة ورئيس قطاع الفنون التشكيلية، وطويت صفحة الإهمال والتراخى فى صيانة كل المتاحف المصرية، مما ينذر بكوارث تتراوح بين السرقة والحرائق. فطالما أن الوزير لا تطاله «محاسبة سياسية»، والمسؤول عن قطاع الفنون التشكيلية ليست مهمته إصلاح أجهزة الإنذار بنفسه أو المرور على الحراس للتأكد من وجودهم، ستظل المأساة قابلة للتكرار. إلا لو سلمنا بأن ثروة مصر الموجودة فى المتاحف كلها «زبالة»، تأسيساً على وصف «شعلان» للوحة الخشخاش بأنها «زبالة» وليس لها أى قيمة سوى أن عليها توقيع «فان جوخ»!. ربما لم ينتبه «شعلان» إلى أن هذه «الزبالة» ثروة قومية، ملك للشعب المصرى وتقدر قيمتها ب 55 مليون جنيه طبقا لتقديره (!!). ليس فى كلامى أى تجن على «فنان» ينظر للقيمة الجمالية، ولا يلتفت إلى الأهمية «المادية» أو «التاريخية» لعمل فنى ننفق على حمايته من جيوب شعب فقير (دافعى الضرائب)، إيمانا منا بأنه قيمة فنية ومادية أيضا. أما إذا قدرنا الموقف بالمقاييس الاقتصادية أو الدينية، فسوف يطالب البعض بفتح الباب لتجارة الآثار التى لا تعجبنا، أو تحطيم ما يسميها التيار السلفى أصناما؟؟. وهكذا تنتهى السياحة الثقافية أحد أهم مصادر الدخل القومى؟. أعلم يقينا أن الفنان «محسن شعلان» منهك لدرجة قد لا تسمح بمناقشة آرائه، وأن ما لاقاه من جحود ونكران و(ضرب تحت الحزام) يكفيه. لكن الواضح أن بعض المسؤولين لا يقدرون خطورة مراكزهم، لغياب قواعد «المسؤولية السياسية». لقد قال وزير الثقافة فى عز الأزمة: (لم نتهم شعلان ولكنه اتهمنا زورا وباطلا، والوزارة حاجزة عنه اتهامات كثيرة وشايلة عنه بلاوى، لذا عليه ألا يتهم آخرين)!!. وقطعاً بعد «الصلح» لن نعرف ما هى البلاوى، ولا لماذا يتستر عليها الوزير؟؟. بعد سرقة لوحة الخشخاش اتفق «فاروق حسنى» مع الأمن القومى على إنشاء غرفة تحكم مركزية تشرف على، وتتابع، عملية تأمين المتاحف. وهذا معناه أن البلد ليس فيه إلا هيئة الرقابة الإدارية لكشف الفساد، والأمن القومى للحفاظ على ما تبقى من ثروات مصر المنهوبة، وأمن الدولة لقمع الحراك السياسى.. وتلك مصيبة أخرى!!