سيدي / تحية طيبة سيدي عندما تقرأ هذه السطور أكون قد انتهيت من رحلتي التعليمية بمحطاتها الطويلة وطرقها الملتوية العقيمة ومناهجها البالية. سيدي في نهاية رحلتي بين طيات كتب مختلف المراحل التعليمية أجد نفسي لا أتذكر كثيراً مما درسته مع أن المدرسين قد عكفوا سنين طويلة في حشر هذه المعلومات داخل رأسي بالقوة أحيانا وباللين أحياناً أخرى ومن خلفهم دعوات الأهل بالتوفيق في عمليه حشر أو زرع المعلومات. سيدي هل عليّ أن أقدم اعتذار إلى مدرسي اللغة العربية عندما لا أستطيع أن أعرب جملة بسيطة أم هم من عليهم الاعتذار؟ سيدي هل عدم مقدرتي على القيام بأبسط العمليات الحسابية ذنبي أم أنها مسؤولية مدرسي الرياضيات؟ سيدي هل تقع أوروبا في الجنوب وأفريقيا في الشمال حقاً أم أن معلوماتي الجغرافية غير صحيحة؟ سيدي هل تعتبر كورسات اللغة الإنجليزية ضرورة لمن درس الإنجليزية لأكثر من عشر سنوات في المدارس؟ سيدي هل استعمرت مصر فرنسا فعلاً أم أن الأمر قد اختلط عليّ؟ سيدي بعدما كنت أظن أن حياتي العملية قد بدأت بعد تخرجي أجد نفسي مشغول بتعويض الفراغ الهائل الذي خلقته المناهج التعليمية. هذا الفراغ الذي جعلني أتساءل هل استحق شهادة التخرج حقاً؟ هل تستحق الشهادة هذه الفرحة لذاتها أم أنها فرحة الخلاص من الدراسة؟ سيدي اسمح لي أن أخبرك بأن أصحاب المقاهي قد استقبلوا دفعة الخريجين الجديدة أفضل استقبال. سيدي هل يوجد لي مكان في سوق العمل بشهادتي؟ هل من حقي أن أحلم بمستوى معيشة جيد مع العلم أنني لا أجيد لعب الكرة ولا أمتلك موهبة التمثيل؟ سيدي إن المناهج التعليمية والأساليب البدائية قد سحبت العديد من الشباب في خطوات متسارعة إلى ما لم تنتبه إليه حتى الآن وإن كانت آثاره واضحة وضوح الشمس في كبد السماء.