أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم الجمعة 12-12-2025 في محافظة قنا    أسعار الفاكهة اليوم الجمعة 12-12-2025 في قنا    حالة الطقس ودرجات الحرارة اليوم الجمعة 12-12-2025 في محافظة قنا    منى زكي بعد فيلم «الست»: حاولت أدوس أقصى بنزين.. وأكيد عندي غلطات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 12-12-2025 في محافظة قنا    زلزال بقوة 6.5 ريختر يضرب شمال اليابان وتحذيرات من موجات تسونامي    كأس العاصمة| غياب 14 لاعبًا في الأهلي قبل لقاء إنبي اليوم.. عودة «الشحات»    مفاجآت الدائرة الرابعة بأسيوط، خروج مدو لمرشح الحزب وتقدم مستقل في نتيجة حصر الأصوات بأبو تيج    وائل إسماعيل يكتسح سباق «ملوي» الانتخابي ويتصدر ب 35 ألف صوت    حياة كريمة تنتقل بمستوى الخدمات لمياه الشرب والصرف الصحى بقرى شبين القناطر    ياسمين عبد العزيز: غلطت واتكلمت في حاجات كتير مش صح.. والطلاق يسبب عدم توازن للرجل والمرأة    ترامب: سننهي هذا العام وقد حصلنا على استثمارات تقدر ب 20 تريليون دولار    ياسمين عبد العزيز: اقتربت كثيرا من ربنا بعد مرضي.. الحياة ولا حاجة ليه الناس بتتخانق وبتأكل بعض؟    زلزال بقوة 6.7 درجة يهز شمال شرق اليابان وتحذير من تسونامي    تبرع هولندي بقيمة 200 مليون جنيه لدعم مستشفى «شفا الأطفال» بجامعة سوهاج    وفد جامعة سوهاج يبحث تعزيز الشراكة التدريبية مع الأكاديمية الوطنية للتدريب    الأمين العام للناتو يحذر من سيناريو روسي في أوكرانيا يهدد الحلف    مصرع تاجر ماشية وإصابة نجله على أيدى 4 أشخاص بسبب خلافات في البحيرة    ترامب محبط من روسيا أوكرانيا    جوتيريش يدين الغارات الإسرائيلية على غزة ويؤكد عدم قانونية المستوطنات في الضفة الغربية    «ترامب» يتوقع فائزًا واحدًا في عالم الذكاء الاصطناعي.. أمريكا أم الصين؟    عمرو دياب يتألق في حفل الكويت ويرفع شعار كامل العدد (فيديو)    هل تعلن زواجها المقبل؟.. ياسمين عبد العزيز تحسم الجدل    نتيجة الحصر العددي للدائرة ال 5 بحوش عيسى بانتخابات النواب بالبحيرة    تزايد الضغط على مادورو بعد اعتراض ناقلة نفط تابعة ل«الأسطول المظلم»    فيديو.. لحظة إعلان اللجنة العامة المشرفة على الانتخابات البرلمانية الجيزة    ترامب: زيلينسكي لا يدعم خطة واشنطن للسلام    الحصر العددي لدائرة حوش عيسى الملغاة بانتخابات النواب بالبحيرة    د. أسامة أبوزيد يكتب: الإخلاص .. أساس النجاح    الفريق أسامة ربيع: لا بديل لقناة السويس.. ونتوقع عودة حركة الملاحة بكامل طبيعتها يوليو المقبل    بعد إعلان خسارة قضيتها.. محامي شيرين عبدالوهاب ينفي علاقة موكلته بعقد محمد الشاعر    الصحة: نجاح استئصال ورم خبيث مع الحفاظ على الكلى بمستشفى مبرة المحلة    حمزة عبد الكريم: من الطبيعي أن يكون لاعب الأهلي محط اهتمام الجميع    كأس العرب - هدايا: كنا نتمنى إسعاد الشعب السوري ولكن    قائمة نيجيريا - سداسي ينضم لأول مرة ضمن 28 لاعبا في أمم إفريقيا 2025    كامل الوزير: أقنعتُ عمال «النصر للمسبوكات» بالتنازل عن 25% من حصصهم لحل أزمة ديون الشركة    البابا تواضروس: «من الأسرة يخرج القديسون».. وتحذيرات من عصر التفاهة وسيطرة الهواتف على حياة الإنسان    الحصري العددي لانتخابات مجلس النواب، منافسة محتدمة بين 4 مرشحين في دائرة الهرم    رئيس الطائفة الإنجيلية: التحول الرقمي فرصة لتجديد رسالة النشر المسيحي وتعزيز تأثيره في وعي الإنسان المعاصر    كامل الوزير: الاتفاق على منع تصدير المنتجات الخام.. بدأنا نُصدر السيارات والاقتصاد يتحرك للأفضل    كاري الدجاج السريع، نكهة قوية في 20 دقيقة    العثور على جثة مجهولة لشخص بشاطئ المعدية في البحيرة    طلاب الأدبي في غزة ينهون امتحانات الثانوية الأزهرية.. والتصحيح في المشيخة بالقاهرة    رحيل الشاعر والروائى الفلسطينى ماجد أبو غوش بعد صراع مع المرض    القيادة المركزية الأمريكية: توسيع فريق التنسيق لغزة إلى 60 دولة ومنظمة شريكة    الشروط المطلوبة للحصول على معاش الطفل 2026، والفئات المستحقة    مرصد الأزهر مخاطبا الفيفا: هل من الحرية أن يُفرض علينا آراء وهوية الآخرين؟    وائل رياض يشكر حسام وإبراهيم حسن ويؤكد: دعمهما رفع معنويات الأولاد    طريقة عمل كيكة السينابون في خطوات بسيطة    محافظ الجيزة يتفقد موقع حادث انهيار عقار سكنى في إمبابة.. صور    أولياء أمور مدرسة الإسكندرية للغات ALS: حادث KG1 كشف انهيار الأمان داخل المدرسة    ياسمين عبد العزيز: ندمت إني كنت جدعة مع ناس مايستاهلوش    أيهما الزي الشرعي الخمار أم النقاب؟.. أمين الفتوى يجيب    وزير الصحة يتفقد مقر المرصد الإعلامي ويوجه باستخدام الأدوات التكنولوجية في رصد الشائعات والرد عليها    حكم كتابة الأب ممتلكاته لبناته فقط خلال حياته    بث مباشر الآن.. مواجهة الحسم بين فلسطين والسعودية في ربع نهائي كأس العرب 2025 والقنوات الناقلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«هيكل»: نعيش فى بلد «غير قابل للموت».. وصياغة الدستور الأهم في الفترة الانتقالية
نشر في المصري اليوم يوم 26 - 09 - 2013

أكد الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل أن مرحلة الانتهاء من صياغة الدستور تعد الأهم فى الفترة الانتقالية، وأن الجدول الزمنى ضيق ولا يمكن معه الالتفات إلى بعض المعارك الجانبية وتصويرها على أنها حياة أو موت، مشيرا إلى أن تجربة كتابة الدستور فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى جعلت المصريين يؤمنون بأن الدساتير لا تضع الحلول الدائمة. واستعرض «هيكل»، فى آخر حلقة من سلسلة حلقات برنامج «مصر أين.. ومصر إلى أين؟» مع الإعلامية لميس الحديدى، على فضائية «سى.بى.سى»، التى أذيعت الخميس، أزمات الوطن بعد ثورة 30 يونيو، والتحديات التى تواجهه فى المستقبل، وكيفية التغلب عليها.. وإلى نص الحوار:
■ كنت متفائلا كثيرا بثورة 30 يونيو وقلت عنها إنها بداية معركة تحرير الإرادة.. هل تراجع هذا الحماس بعض الشىء؟
- التفاؤل لم يفارقنى، لأن حركة التاريخ دائماً إلى الأمام، لكن علينا أن نعرف أن ثمة فارقا كبيرا بين القلق والتشاؤم، وأنا متحمس ومازلت، لكن ما دعانى للقلق أن خارطة الطريق ظهرت وأن كل الناس فى حالة من الانكشاف، والبلد مخترق بجميع الوسائل. على سبيل المثال، كم عدد أجهزة البث المباشر المسلطة على الأقمار الصناعية؟ وذلك لا يحدث فى أى مكان بالعالم، بأن يكون بلد مستباحا بهذا الشكل، ووسط هذا الزخم والركام نجد أناسا يتحدثون عن الإخوان، والبلد أمامه مهام بناء مستقبل، وهو لم تشرع فى هذه المهمة بعد، ونحتاج فى هذه اللحظات عندما نفكر فى المستقبل أن نسد ثغرات موجودة، فهناك تدخل أجنبى فى البلد بشكل كبير، وهناك جبهة فى سيناء مفتوحة ومحفوفة بالخطر، وهناك حرب نفسية موجهة من الخارج على هذا البلد، كل هذه الأمور تؤكد أننا نحتاج إلى قيادة رشيدة فى تلك اللحظة.
■ من هى القيادة التى يجب أن تواجه الشارع بالحقيقة؟
- نحتاج فى تلك اللحظة إلى 3 أمور رئيسية، أولها أن يكون هناك من يعمل على إزالة الالتباسات، فثورة يوليو هى الأخرى لم يكن لديها برنامج، وكان هدفها وحلمها الأول إزاحة الملكية باعتبارها أصل الفساد، لكن بعد فترة من الحيرة وجدنا من يتحدث عن الإصلاح الزراعى وإلغاء الملكية وإلغاء الألقاب، وإخراج الإنجليز وتأميم القناة، وبالتالى، بشكل ما، استطعنا تحويل بعض الأهداف إلى واقع، لكن فى هذه الثورة وحتى هذه اللحظة، لم أجد هذه الترجمة، وكثير من الثورات تقوم بلا أهداف، لكن ثمة حقائق تملى أوضاعها، وأرى أن ثمة إمكانيات فى هذا البلد ليس لها حدود، لكن المشكلة حتى هذه اللحظة أنى لا أرى أحداً يلوح فى الأفق يمسك بهذه الخيوط، ثم يحاول ترجمة الأمانى إلى واقع حقيقى وبرنامج عمل، وهذا دور أى قيادة.
■ ما هى توقعاتك بعد 30 يونيو؟ وماذا كنت تتمنى؟
- التيار الإسلامى لم يقم بثورة 25 يناير ثم استولى عليها، والمشكلة أنه استولى عليها باسم الإسلام، وأعلم أنهم فصيل مهم فى المجتمع ولا يمكن إقصاؤه، لكن من الصعب أن يهبط على ثورة ليست من صنعه ثم يحكمها بآراء مبهمة وقاتمة بشكل قد يؤدى إلى كوارث، لأننا لم ننتبه إلى التصاق الإسلام السياسى بالدين، وأعتقد أن من أهم المهام التى أتت بها ثورة 30 يونيو أن يتم تخليص الإسلام الإلهى من الإسلام السياسى، ولا أعتقد أن أمرا كهذا تحله المحاكم، ولكن الأهم أن الناس بدأت تدرك أن الطريق إلى المستقبل يمر بأشياء أخرى، وأن الدين قيمة أساسية فى معتقداتنا لكن لا يجب خلطه بالسياسة، وأن أى محاولة لخلطه بالسياسة تعرضنا لمشكلات ليس لها حدود.
■ فشلت عملية ملء هذا الفراغ فى سيناء لكن لماذا فشلت كل محاولات وأوهام التنمية؟
- لدينا بعض الاهتمام السطحى ببعض الشواطئ فى الجنوب، لكن بسبب الدائرة المفرغة التى تتحدث عن أنه لا أمن دون تنمية ولا تنمية دون أمن، فكيف سيذهب أحدهم ليستثمر خارج هذه الدوائر الرسمية السياحية فى طابا وشرم الشيخ ودهب، بعد أن تم ترك قلب سيناء، خاصة شمالها كفراغ؟! فأصبحت ملجأ لعناصر بعينها يقدرون بنحو 6 - 12 ألفا، من عناصر احتلت هذه البقعة، قادمين من أفغانستان ومن عفى عنهم.
■ من سمح لهؤلاء بأن يستقروا فى سيناء؟
- كل رواسب القضية الفلسطينية هناك، وكل البقايا المطرودة من الضفة الغربية، ومن لم يستطع الإقامة فى غزة، وكل من جاء من دول مثل باكستان وأفغانستان، هؤلاء جميعاً لم يجدوا مأوى سوى هذه المنطقة فى الفراغ، فضلاً عمن تم العفو عنهم.
■ لكن كل هذا تضاعف بعد 25 يناير وحكم مرسى على وجه الخصوص.
- كان هناك ثلاثى يتمثل فى: الرئيس والقوات المسلحة ومكتب الإرشاد، ومرسى كان يحاول اللعب بين القوات المسلحة ومكتب الإرشاد، وفى المقابل كان الرئيس المعزول ومكتب الإرشاد يعتمدان على عنصر تأمين يضمنان به أن ينشغل الجيش فى سيناء، وهذه هى المهمة الصعبة، وهى خلق جبهة قوية وصعبة مخصصة لاستنزاف قدرة الجيش، وذلك كان مقصودا.
■ مقصود مِمَن؟
- مقصود من الإخوان ومن غيرهم، ليس فقط لأن تكون سيناء رهينة، بل لتكون بمثابة مسدس موجه للوادى، والقوات المسلحة هى حارس الوادى، والجيش له وضع خاص جغرافياً وتاريخياً، فالبلد كله عبارة عن شريط رفيع حوله الصحارى من كل جانب، والمياه القادمة من منبع بعيد ذاهبة إلى بحر الظلمات، وبالتالى هؤلاء الناس الذين يعيشون فى الواحة على ضفاف النيل، من المهم أن تتوفر لهم الحماية، وهنا قيمة الجيش فى الحياة المصرية، وأرى أن الجيش فى مصر مهم جداً، لأننا فى واحة وسط صحارى معرضة للغارات، ونحن فى موقع هجرات مستمرة، وهو ما يلزم وجود الجيش حتى يطمئن المصريون ويتمكنوا من النوم مستريحين.
■ هل نتجه إلى الفوضى؟
- نتجه إلى ما هو أسوأ من الفوضى، فالحرية فى تعريفها هى التصرف فى إطار واقع يدرك الشخص أبعاده، لكن مع عدم وجود ذلك، تقودنا إلى الفوضى، فمثلما يموت بعضهم من الحب، يموت البعض الآخر من الحرية.
■ كيف نخرج من الضغوط الدولية؟
- على كل الناس أن تدرك أن هناك مراحل عاجلة وضرورية ومراحل أخرى غير ضرورية، من الممكن أن تؤجل، فالعاجل هو الشأن الاقتصادى، وترميم أوضاعنا الاقتصادية ومعالجة أوضاعنا الاجتماعية بقدر ما هو ممكن، وترميم علاقاتنا العربية والدولية، ولا يجوز أن نطالب بالكمال فى تلك اللحظة، ولكن نطلب ما نستطيع من خلاله سد الثغرات، خاصة ثغرات التدخل الخارجى.
■ ما أكثر ما شغلك فى خطاب أوباما؟
- أكثر ما يعنينى هنا ما يجرى بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، وأنا أعرف أننا للأسف أثبتنا كعرب أننا أناس لا يمكن الاعتماد علينا، وما زلنا نفكر بالعقلية القبلية، وما زلنا نترك الفرصة للنعرات للتحكم بنا، فإيران قوة رئيسية، وأمامى الآن فى هذه المنطقة ثلاث قوى رئيسية، هى إسرائيل ثم تركيا ثم إيران، وقد أختلف مع تركيا لكن لا أتخيل أن أحدهم يقول فى إذاعة مصرية على «أردوغان» «المدعو أردوغان»، فالمشكلة أننا لا نعرف حدودنا فى غرامنا أو كراهيتنا، ولا نعلم حدودنا وأين يجب أن نقف، فمثلا سمعت فى إحدى الفقرات الإذاعية بالمصادفة، أحد الضيوف يقول على رئيس الوزراء «إذا لم يستطع أن يجد حلاً فى وزارة كذا وكذا عليه أن يذهب لبيته وينقى رز مع مراته».
■ ما الحقيقة الغائبة حول المعونة الأمريكية لمصر والعسكرية بالذات ولماذا التلويح المستمر بقطعها أو تعليقها.. وهل يجب أن يقلقنا ذلك؟
- أنا شخصياً يقلقنى ذلك، وعندما أنظر إلى القائمين على قيادة الجيش أشعر بالقلق عليهم، فى ظل وجود واجبات عسكرية فى سيناء وواجبات أمنية موجودة فى جميع أنحاء البلاد، ومصدر السلاح من الولايات المتحدة الأمريكية، وقد نصنع بعضاً منها وقد يكون من الصحى أن يتم تنويع المصادر، لكن السؤال: أين المتسع المسموح لتنويع هذه المصادر؟ وهناك ما يقلقنى أيضًا، وهو الشك المستحكم من كل القوى فى كل القوى.
■ ما الحقيقة الغائبة فى وضع القوى السياسية، ونبدأ بالإخوان باعتبارهم الأكثر جدلاً فى الشارع المصرى بعد الحظر القضائى والحظر الشعبى.. فهل ما زال لهم مكان فى المستقبل؟
- المشكلة ومنذ زمن طويل جداً أننا سمحنا لهم باحتكار التحدث باسم الإسلام، وأنا أعتقد أن ذلك أخطر ما حدث، وهم يتمسكون بذلك حتى يبدو أنهم شهداء من أجل الإسلام، وضحايا دفاعاً عن الدين، لكن هذا ليس صحيحاً، فهم وصلوا للسلطة بالقفز على ثورة 25 يناير، وحتى مع تواجدهم فى جمعة الغضب، كان لديهم الرغبة فى عقد مزيد من الصفقات، ولكن الأخطر احتكار الخطاب الدينى فى التأثير، وأرى أن دور الأزهر هنا يحتاج إلى إعادة تنشيط ومراجعة، وسلامة الدين فى مصر تقتضى أن يكون له مرجعية واضحة، أما بقية القوى السياسية، ومع الأسف الشديد دون تسمية، تحتاج إلى إعادة دراسة العصر، فكل القوى والأحزاب السياسية فى مصر ترجع إلى نصوص سابقة فى عهود سابقة مع تغير الظروف العالمية، وأعتقد أن هذا جزء من المأزق، وبالتالى الإخوان يأخذون الدين والبقية تأخذ الماضى، فكل الفرقاء لا يمثلون رؤية للمستقبل.
■ بمناسبة العمل السرى، هل صحيح ما تردد أن ثمة مؤامرة ضلع فيها مرسى مع إسرائيل والأمريكان بخصوص سيناء؟
- تقصدين توطين فلسطين، أريد أن أقول إنه من ضمن الأسباب التى جعلت سيناء فارغة إلى الآن هو ذلك الموضوع، لكن علينا أن نكون واضحين، فمنذ بداية المشروع الصهيونى، وعندما تم إرسال اثنين من الحاخامات لرؤية فلسطين، أرسلوا خطابا قالوا فيه «العروسة جميلة ولكنها متزوجة»، فبدأوا يفكرون فى أين يذهب هؤلاء؟ وكيف سيتم طردهم، وبالتالى طرحوا مسألة توطينهم فى سيناء من قبل القرن العشرين، فقضية توطين اللاجئين فى سيناء بدأ منذ عام 1948 من خلال لجنة يرأسها عضو فى مجلس الشيوخ، جاءت لكى تبحث وتدرس توطين الفلسطينيين اللاجئين فى سيناء، ومشكلة الإخوان أن فكرة الدولة غير موجودة، وتحل محلها الخلافة، وأنا لا أطعن فى وطنية أحد، لكن أحدهم تحدث عن عدم وجود دواع لإنشاء الحدود أصلاً، وجزء من التصور حتى الآن لدى الأمريكان فى خضم فراغ سيناء، أن ثمة فراغا هنا وازدحاما فى فلسطين.
■ هل أنت مع احتضان النور أم الصدام معه فى الدستور؟
- أنا مذهول من أن يتحدث أحد عن الصدام معه، فالتيار الإسلامى موجود، ولابد من إشراكهم، ولكن فى الوقت نفسه نعطى له الفرصة لكى يرى مثيله فى العالم الذى أدرك أن الدين هداية وليس سياسة، وأن السياسة تأخذ منه بمقدار ما تتأثر به من أفكار معنوية، فالتعبد شىء والسياسة شىء آخر، فسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان رسولاً فى الدين وكان حاكماً وتصرف بما اقتضته شؤون المدينة كحاكم عليها.
■ هل ترى أن تسير خارطة الطريق كما هى: الدستور أولاً ثم البرلمان ثم الرئاسة أم العكس؟
- نحن التزمنا أمام العالم بهذه الخارطة، والشكوك فى الداخل مستحكمة، إذاً ليس هناك داع للتغيير، وإذا كان هناك من يتصور أن الحياة لا تسير إلا بالدستور، فعليهم أن يعلموا أن النصوص إذا لم تكن تعبر عن حياة فهى ميتة، فقيمة النصوص فى تعبيرها عن ضرورات مجتمع معين، والجدول الزمنى ضيق، ولا يمكن أن نخلق بعض المعارك الجانبية وتصويرها على أنها حياة أو موت، فالوقت ضيق ولا داعى للتعسف، ونحن أمامنا الفرصة للتغيير والنقاش، وتعلمنا فى عهد مرسى أن الدساتير لا تضع الحلول الدائمة، ولا يمكن الحديث عن الدائم فى أوقات القلق.
■ نحن الآن أمام مجموعة من الحقائق اقتصادية وسياسية لها علاقة بالضغوط الدولية ولكن من يلقى بيان هذه الحقائق؟
- نحن نتحدث دون معرفة، وأنا طوال الوقت أنتقد زملاءنا الصحفيين، وأقول لهم إن الخبر غاب تماماً عن الصحف، فجعلنا الرأى يستغنى عن الحقيقة الراهنة الموضوعية، فعندما نطالع الصحف الرئيسية سنجد بها 500 رأى فى العدد الواحد، فهناك موضوعات «إنشاء» أكثر منها مواضيع ذات قيمة صحفية، وذلك لا يحدث فى «نيويورك تايمز» ولا «واشنطن بوست»، فهناك كثرة للعواميد، لأنه فى غياب الحقيقة يتحدث الجميع، وذلك تشوش كبير.
■ من عليه مهمة بيان الحقيقة أو إبلاغ الناس بها؟
- من يستطيع أن يواجه الحقيقة هو من يملك أن يصنع مخرجاً لها، بل يملك أن يضع حلولا مؤقتة لها ودائمة أيضاً، وعلينا أن نضع نصب أعيننا أن الجيوش فى العالم هى حامية الحدود والنظام الاجتماعى، والجيش المصرى تدخل فى أكثر من موضع منذ 25 يناير، ولولاه كانت المسائل اختلفت، فالقوة الحقيقية موجودة فى يد القوات المسلحة، لكن قوة السياسة حتى هذه اللحظة لا تزال هامشية.
■ ماذا عن انتخابات الرئاسة خاصة أن أسماء المرشحين بدأت تتواتر؟
- ليس ضرورياً أن يكون الجيش هو القوة الحقيقية الوحيدة، فهناك التيار الشعبى، وهناك المستقلون الذين ترشحوا للرئاسة من قبل، ولكن مع الأسف الشديد، الظروف التى جرت تقلل من فرصهم، لكنهم بإمكانهم أن يدعموا بعضهم البعض بالدخول فى شكل معين.
■ هناك أسماء على الساحة مثل مراد موافى وسامى عنان وأحمد شفيق والثلاثة لهم خلفية عسكرية؟
- واحد من هؤلاء الأسماء زارنى، وقال لى: «أنا عليا ضغوط جماهيرية لترشيح نفسى» وأنا متفهم ذلك فى ظل غياب الحقيقة أو الإجماع الوطنى أو الرأى الغالب، فكل شخص يتصور فى نفسه أهلية معينة، فحق الوهم متاح لكل الناس. وقلت له: أريد أن أحدثك بصراحة، بصفة عامة الرأى العام المصرى لا يريد عسكرياً، رغم كونى ليس لدى مشكلة تجاه العسكر، ويقلقنى شعار العسكر، وكثير جداً عبر التاريخ حدث وأن لجأت الأمم إلى العسكريين، مثل ديجول وأيزنهاور، وقلت له: حتى لو سلمنا أن هذا البلد سلم برئيس عسكرى، فالعسكرى لن يكون أنت، فهناك عسكرى آخر موجود صنع شيئاً، وأرجوك لا تتحدث فى هذا الموضوع لأن هناك رأى أغلبية يشير إلى عدم وجود رغبة فى رئيس عسكرى وإذا حدث فلن تكون أنت.
■ ماذا عن المرشحين السابقين وهناك اسمان مطروحان على الساحة: حمدين صباحى وعبد المنعم أبو الفتوح؟
- حمدين صباحى رجل ذو اتجاه سليم، فأنا رجل مؤمن جداً بتجربة عبد الناصر لكن عندما يقال إن الناصريين عائدون، فهذا شعار مثله مثل «يسقط يسقط حكم العسكر»، وصباحى صديق وهو رجل مخلص، وأعتقد أنه مؤهل، لكن السؤال: لهذه اللحظة أم للحظة أخرى؟ لست متأكداً، أما بالنسبة لعبد المنعم أبو الفتوح، فهو صديق ولكن لا أظن أنه سواء بتجربته أو بآرائه، رجل مناسب، فبعد ثورة يناير لم يكن لدى مانع من تأييد أبو الفتوح، لكن بدا لى أنه أقرب ما يكون للتيار الإسلامى.
■ وهذا يعيدنا إلى الاسم الأكثر تداولاً، وهو فى حقيقة الأمر معضلة، الفريق أول عبد الفتاح السيسى؟
- عندما تتحدثين عن هذا، أعود إلى بيت شعر: «كفارس تحت الغبار لا يستطيع الانتصار ولا يطيق الانكسار» فالقوة الحقيقية موجودة فى القوات المسلحة، وهناك معضلة حقيقية موجودة أمامنا، فنحن لا نريد أن نرى مرة ثانية اللقب فى مكان، والقوة فى مكان آخر.
■ هل يعنى ذلك ازدواجية السلطة؟
- نعم ازدواجية السلطة، فهناك مشكلة بين شرعية ظاهرة وشرعية قوة أو حق، هذه مشكلة لابد أن ننظر إليها، عندما رأيت السيسى بدا أن عليه ضغوطاً كثيرة من الناس، وهو فى ذات الوقت يرى المحظورات أمامه وضغوطا داخلية وخارجية، وأنا أعتقد أنه ضمن المهام الموجودة أمام القوى السياسية فى هذه اللحظة الاتفاق على صيغة لوضع رئاسى فى الدستور يضمن عدم ازدواجية السلطة مع اللقب، لكن المشكلة كيف يمكن لهذا البلد أن يجد صيغة للتوفيق بشكل ما، لأنى لا أريد شكوك العالم، ولا شكوكنا فى أنفسنا.
■ فى ختام تلك السلسة كيف تنظر إلى المستقبل؟
- هناك فارق بين أن يموت فرد وتموت أمة، فالأمم لا تموت، موجودة فى الحياة داخل حركة التاريخ وفى الجغرافيا، والأمم غير قادرة على التشاؤم أو الفشل، من الممكن أن تواجه، وقد حدث فى أوقات سابقة عقبات وتحديات، وأذكر أننى عندما شب حريق القاهرة كنت أنظر حولى وأقول «كل شىء انتهى والقاهرة أصبحت أطلال»، ثم رأيت أزمة 56 والعدوان الثلاثى، ورأيت عام النكسة ورأيت بعد ذلك وقت وفاة عبد الناصر، كنت وزيراً للخارجية والإعلام، وكانت آخر مهمة قمت بها هى نقل حائط الصواريخ، حيث قمت بمهمة تغطيتها دبلوماسياً وإعلامياً، فعندما نكون فى قلب المشكلة لا نرى الأفق، بل نرى الحطام والأزمة والمهزوز والآيل للسقوط، وأتصور أن هذا البلد يحتاج إلى خطاب ممن يعرف الحقيقة ويثق فيه، وأعتقد أن الخلاص الحقيقى هو المعرفة وليس الحماس فقط، وأنا متفائل بالمستقبل وأنا فى آخر عمرى، هذا بلد غير قابل للموت أو التهميش، غير قابل للتخلف والخروج من حركة التغيير، وأظن أنه سيجد طريق المستقبل لكن فى اللحظة الراهنة نحن نحتاج إلى تجميع كل القوة وكل الأفكار وتخفيف الشكوك حتى نستطيع أن نخطو للأمام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.