قال الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، في حواره أمس مع الإعلامية لميس الحديدي، حول تصوره للكيفية التي تخطو بها مصر إلي المستقبل، إنه يؤمن بأن الشعب يستطيع أن يفعل ما يريد، لكنه بحاجة ماسة إلى معرفة الحقيقة، لأن ما يصل إليه منها ضئيل جداً، حيث يفترض، في الديمقراطيات العالمية، أن يكون لدى القارئ العام القدر الكافي من الحقائق في بلده وعن أحوالها، لكن غياب هذه الحقيقة في مجتمعاتنا تجعل الجميع يصطدم بالفراغ، كما يحدث الآن، حيث يبدو لكل شخص شبكة معلوماته الخاصة، وبالتالي فالجميع بات يرتب الحقيقة كما يشاء، وينسقها ويتحدث عنها دون سند أو معرفة. الحل في قيادة تدرك أهداف الثورة وفي الحوار الذي أذاعته فضائية سي بي سي، شدد الكاتب الكبير على تفاؤله من الوضع العام في مصر بعد ثورة 30 يونيو، مستندا في ذلك إلى أن حركة التاريخ، باعتبارها حركة غير غبية، تسير دائماً إلى الأمام، وأنه شديد الحماسة للواقع بعد إعلان خارطة الطريق، وإن كانت هناك مبررات لقلقه المشروع على أحوال البلد، تتمثل في أن مصر كانت بلدا مستباحا، من الداخل والخارج، فالأعين الخارجية تركز بشدة عليه وعلى تطوراته وأوضاعه، وأطرافه الداخلية بعضها لا يقدر ما حدث بالضبط في 30 من يونيو، يضاف إلى هذا أن مهام بناء مستقبل هذا البلد لم تبدأ بالسرعة الواجبة، كما أن تهديدات التدخل الأجنبي في البلد واضحة بشكل كبير إلى جانب الحرب النفسية الموجهة ضدنا، كما أن جبهة سيناء مفتوحة ومحفوفة بالمخاطر. وأكد هيكل أن الحل لمواجهة هذه التحديات يكمن في قيادة رشيدة في هذه اللحظة، تدرك الأهداف الحقيقية للثورة وتصوغها في واقع ونقاط ملموسة يشعر بها المواطن، فالعادة أن الثورات تقوم بلا برامج لتحقيق أهدافها، وهي نقطة تشابه بين ثورة يوليو 1952، وثورة 25 يناير 2011، فالهدف الأكبر، في يوليو 1952، كان إزاحة الملكية، ولم يكن لديها برامج، حتى إن عبدالناصر انتابته الحيرة بعد إزاحة الحكم الملكي، حتى أخذ أحدهم شعارات التحرر الوطني الغائمة وحاول أن يحولها إلى برامج، وبالتالي أصبح هناك من يتحدث عن الاصلاح الزراعي وإلغاء الملكية وإلغاء الالقاب التصنيع وإخراج الانجليز وتأميم القناة، وبالتالي بشكل ما استطاعت تحويل بعض الأهداف الموجودة والمحسوسة الغائبة عن الناس، أما في ثورة يناير 2011، "فلم أجد هذه الترجمة"، على حد قوله. الإسلام السياسي والثورة وسيناء لم تغب جماعة الإخوان عن حديث "الأستاذ"، حيث بدأ بتوضيح أوليات كلامه والمتمثلة في أن التيار الإسلامي لم يقم بثورة 25 يناير، لكنه استولى عليها، والمشكلة أنه استولى عليها باسم الاسلام. وعلى الرغم من التسليم بأن المنتمين لتيار الإسلام السياسي فصيل مهم في المجتمع لا يمكن إقصاؤه، فإنه من الصعب أن يهبط على ثورة ليست من صنعه ثم يحكمها بآراء مبهمة وقاتمة بشكل قد يؤدي إلى كوارث. واستشهد الكاتب الكبير على ذلك بما فعله الخطاب الإخواني في أسيا وفي إفريقيا، حيث يحتاج إلى مراجعة ومناقشة، وقال: "لم نتبه إلى التصاق الإسلام السياسي بالدين، وأعتقد أن من أهم المهام أن يتم تخليص الاسلام الالهي من الاسلام السياسي"، مؤكدا أن هذا لن تحله المحاكم بل الناس بحكم تاريخي وحقيقي، حيث بدأت الغالبية تدرك أن الطريق إلى المستقبل يمر بأشياء أخرى بخلاف خلط الدين بالسياسة، فالدين له قيمة أساسية في معتقداتنا لكن لا يجب خلطه بالسياسة، بدليل، مثلا، ما صنعناه في مالي وتأييد الدكتور مرسي له ولما يحدث في الصومال، فالمشكلة أنه في إفريقيا وباسم الإسلام ارتكبت جرائم بلا حدود. واعتبر هيكل أن وصول تيار الإسلام السياسي للحكم بعد ثورة 25 يناير كان فرصة ليتم الاعتراف به كشرعية وأن يمارس الحكم، لكنه فشل بشكل كارثي، حيث إن كل ما فعله هو محاولة الاستيلاء على مقدرات الدولة ومفاصلها دون تقديم شيء، وقال إن رئيس تحرير "النيوزويك" فسر له الإصرار الأمريكي على الإسلام السياسي، بالقول: "لقد سمعت أنهم يريدون أن تصبح هذه المنطقة غارقة في بحر من الدين، فتركز في الآخرة، وينسون الدنيا"، وهو ما ترجمه الأستاذ بالقول: "ربوا اللحى وتكلموا في الدين وانسوا منابع البترول وانسوا المكانة الإقليمية والسيطرة، واتركوا إسرائيل". وامتد تحليل الكاتب الكبير إلى الوضع في سيناء، حيث قال إنه لا أحد يقدر المهمة الفظيعة الملقاة على عاتق الجيش في سيناء، حيث ننظر إلى هذه اللحظة فقط ولا ندرك أن سيناء ظلت على الاقل في التاريخ الحديث موضع التباس، وأن مصر قبلت بترتيبات تاريخية تجعل الوجود هناك تقريباً شبه مستحيل، مثلما تجعل تأمينها لهذا الجزء من الوطن شبة مستحيل، لتبقى سيناء رهينة حتى هذه اللحظة لهذه الترتيبات التاريخية، وكان اهتمامنا بها سطحيا بدون تنمية، في حين ترك قلب سيناء، خصوصا الجزء الشمالي، فارغا، مما جعله صالحا ليكون ملجأ لعناصر بعينها يقدرون بما يتراوح بين 6آلاف و12 ألف مسلح من عناصر احتلت هذه البقعة قادمين من أفغانستان ومن عفا عنهم، ومن لم يستطع الاقامة في غزة، وكان هناك "الرئيس مرسي، والقوات المسلحة ومكتب إرشاد"، حيث كان الرئيس يحاول اللعب بين القوات المسلحة ومكتب الارشاد، وفي المقابل كان الرئيس ومكتب الارشاد يعتمدان على عنصر تأمين يضمن به انشغال الجيش في سيناء وهذه هي المهمة الصعبة وتفاصيلها حيث خلق جبهة قوية وصعبة مخصصة لاستنزاف قدرة الجيش، بقصد أن تكون سيناء بمثابة مسدس موجه للوادي، مضيفا: "أعتقد أن إسرائيل تعمل في سيناء بشكل ليس أقل خطراً من حماس". ضغوط دولية وعن الضغوط الدولية على مصر، أوضح الكاتب الكبير أنه لا يستطيع أحد التدخل في شأن داخلي دون استدعائه، والكارثة المحققة هنا أننا قمنا باستدعاء الامريكان للتدخل بشكل فج، فحين نتحدث نتحسس طريقنا إلى كلمات قالها أوباما، أما العلاقة مع الاتحاد الاوروبي فأصبحت علاقات سياحية بامتياز، كما أننا بعيدون عن الصين وعن روسيا وعن إيران، وعلاقاتنا الإفريقية تشوهت في عهد مرسي وعلى وجه الخصوص عندما دعم حركة التحرير الاسلامية في مالي، وقال: "تلقيت رسائل من إفريقيا تستهول ما فعله مرسي بتأييد حركة تحرير مالي في حين أننا كنا جزءا أساسيا وفاعلا في أفريقيا في عهد عبدالناصر، لدرجة أنني كتبت جزءا من مقدمة ميثاق الوحدة الافريقية، وللأسف كان الإخوان المسلمون أهم عناصر تشويه أهم شخصيتين في تاريخ مصر الحديث، أعني محمد علي وعبدالناصر". وتابع: "هناك شيء أخجل من قوله العالم كله يستمتع بالحرية لكن نحن ننتحر بالحرية، ونحن نتجه إلى ما هو أسوأ من الفوضى، وعلى كل الناس ان تدرك ان هناك مراحل عاجلة وضرورية ومراحل أخرى غير ضرورية". الوضع العاجل والآجل اعتبر الكاتب الكبير أن العاجل الآن هو الشأن الاقتصادي، حيث إن السبيل لتجاوز الوضع الحالي يتلخص في معالجة أوضاعنا الاقتصادية بقدر ما هو ممكن ومعالجة أوضاعنا الاجتماعية بقدر ما هو ممكن، وثالثاً ترميم علاقاتنا العربية بقدر ما هو ممكن، وترميم علاقاتنا الدولية بقدر ما هو ممكن، وألا نطلب الكمال بل سد الثغرات. وتطرق الكاتب الكبير إلى الجدل المثار حاليا في لجنة الخمسين لتعديل الدستور، والخلاف حول عبارة "غير المسلمين" على إطلاقها أو تخصيصها بالمسيحين واليهود فقط، بالقول: "لا أفهم هناك ديانة اكثر انتشاراً من الاثنين، اتركها لغير المسلمين عقائدهم، فهناك ديانة أكثر انتشاراً مثل البوذية في الصين والهند ومعظم آسيا". أوباما وتصريحاته وقال هيكل إن تصريحات الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، شغلته لكن ليس بدرجة كبيرة، وأكثر ما يعنينه هو ما يجري بين إيران والولايات المتحدةالامريكية، وقال: للأسف أثبتنا كعرب أننا أناس لا يمكن الاعتماد علينا، ولازلنا نفكر بالعقلية القبلية، ولازلنا نترك الفرصة للنعرات للتحكم بنا"، مضيفا إن هناك 3 قوى رئيسة في المنطقة هي إسرائيل ثم تركيا ثم إيران، ، مؤكدا أنه يشعر بقلق شخصي من التلويح بقطع المعونات العسكرية الأمريكية عن مصر. الإخوان والاتصالات السرية وحول منشأ مشكلة التعاطي مع الإخوان، قال إن المشكلة منذ زمن طويل جداً في أننا سمحنا لهم احتكار التحدث باسم الاسلام وأنا أعتقد أن هذا اخطر ما حدث، وهم يتمسكون بهذا حتى يبدو انهم شهداء من أجل الإسلام وضحايا دفاعاً عن الدين لكن هذا ليس صحيحاً بل لأن القفز على السلطة لن يكون إلا بذلك، قفزوا على 25 يناير وحتى مع تواجدهم في جمعة الغضب لكن كان لديهم الرغبة في عقد مزيد من الصفقات ولكن الاخطر احتكار الخطاب الديني في التأثير والقوة وأرى دور الازهر هنا يحتاج إلى إعادة تنشيط ومراجعة. وأضاف: "إن كل الفرقاء على الساحة السياسية لا يمثلون رؤية للمستقبل لأن الرؤية للمستقبل فيها القيود الراهنة وكيفية الخروج منها والانطلاق وإلى أي عصر ننتمي، ولا أعلم أي حزب موجود على الساحة له صلات دولية بخلاف الاخوان، وهم ملتزمون بالاتصال السري أكثر من العلن، وإنصافاً للحق فالعمل السري في هذه المنطقة سمة رئيسية طول العهود السابقة، وهناك فارق كبير بين العمل السري والاتصال السري، فالأول يعني الاتفاق على عمل ما في السر وتحقيق نتائج، لكن الاتصال السري يكون الاخطر، خصوصا أن الاخوان متصلون منذ وقت مبكر بالأمريكان، وعلى سبيلالمثال استخدم الانجليز مثلاً في مفاوضات الجلاء الاخوان كورقة ضغط في التفاوض. أرجع الكاتب الكبير الأسباب التي جعلت سيناء فارغة إلى الآن هو موضوع توطين الفلسطينيين فيها، مشيرا إلى أن لهذا جذور قديمة ترجع إلى أكتوبر 1948، وتكرر طرح القضية مع الإخوان لأن فكرة الدولة غير موجودة وتحل محلها الخلافة وبالتالي فهم يمكن أن يتساهلوا في مسألة الأرض والسيادة، فالأرض ليست مشكلة وفكرة الوطنية كذلك، مشددا على أنه لا يطعن أبدا في وطنية أحد، بما يعني أنه لا داعي لوجود الحدود أصلاً، وجزء من هذا التصور لدى الامريكان، حيث يقولون إن هناك فراغا في سيناء وازدحام في فلسطين، ولا يمكن الجزم بأن هذا كان ضمن اتفاق السلام الذي وقعته حماس في 2012. خارطة الطريق والمأزق السياسي وحول التصدي لمظاهر العنف في الشارع، قال إننا نحتاج إلى خطة طوارئ، بشكل أو بآخر ورؤية للمدى البعيد، ولابد أن يكون لدينا سماحة أن ندرك انه بوسعنا أن نغير بعض الاشياء فيما بعد، فالمشكلة اليوم جزء كبير منها أنه لا أحد يتخذ قرار وكنت مع أحد الوزراء الاسبوع الماضي وقال لي وصلت بنا الامور أنه لا يريد أحد أن يضع توقيعه على أمر خشية المسئولية، لأننا تصرفنا في مرحلة من المراحل بعد ثورة يناير بطريقة غير مسئولة، مبارك كان يجب أن يحاسب سياسياً على ما جرى في البلد لأن البلد في عهده تفككت مفاصله بالكامل، المحاسبة كانت في أمور قتل المتظاهرين. وقال: "أخفنا الناس من المسئولية فمسألة شراء سيارة لمصنع في كفر الدوار وصلت إلى مجلس الوزراء لعدم رغبة المسئولين في تحمل المسئولية بالتوقيع على أي قرار، وبالتالي فالكلام خارج السياق، لابد أن يزال الشكوك في الناس بإزالة استسهال الاتهامات وأنا اقرأ بلاغات ضد نهى الزيني والمستشار مكي أشعر وقتها بالغضب لان كثرة البلاغات الكيدية تعطل كل شيء في هذا البلد كيف يمكن لمجلس الوزراء أن يساعد الناس على اتخاذ قرارات دون ان يسمح بفساد. وحول موقفه من حزب النور، قال الكاتب الكبير إنه مذهول من أن يتحدث أحد عن الصدام مع الحزب، بمعنى أن التيار الاسلامي والفكر الاسلامي موجود، مؤكدا أنه لابد من إشراكهم وألا يتم إقصاؤهم، مؤكدا أن العالم كله يعرف الآن أننا طرحنا خارطة طريق وبالتالي اصبحت في ظل الظروف الراهنة غير قابلة للتغير. ووجه الكاتب الكبير نصيحته لجميع الفرقاء على الساحة السياسية بالقول: "من فضلكم اقبلوا بخارطة الطريق، وسيروا فيها واقبل منها كل ما هو ضروري، لأن مرحلة بناء الدولة القوية التي في حلم الجميع تقتضي وقتا معينا، فلا يمكن أن نتحدث عن دستور توافقي في ظل وقت انقسامي بالطبيعة، ولا يوجد داع لأن نطلب المستحيل، ولا داع للتعسف، نحن أمام فرصة للتغيير والنقاش وتعلمنا منذ عهد مرسي أن الدساتير لا تضع الحلول الدائمة، ولا يمكن الحديث عن الدائم في أوقات القلق، نريد أن تسير الامور إلى انتخابات، أنا أتخيل أن هذا البلد يبكي ويتوسل أن يعيش حياة طبيعية وان تدور عجلة ما تحرك المياه الراكدة، نحن نحتاج باستمرار إلى بث رسائل للعالم بأننا نملك أوضاعاً قابله للانضباط". انتقاد للصحفيين ويبدو أن مسألة الحقائق والمكاشفات التي بدأ بها الكاتب الكبير كلامه، شغلت محورا مهما في الكلام والتفكير، حيث عاد للكلام عنها، مرة أخرى، في شكل آخر عندما تحدث عن ضرورة الاتفاق على إجابة سؤال أين مصالح الوطن؟ وحدد أن الإجابة قد تبدو فيما يقوله البعض بأنه ليس لنا علاقة بالآخرين، ووصفهم بأنهم يتحدثون دون معرفة. وقال: "أنا طوال الوقت أنتقد زملاءنا الصحفيين في الصحف وأقول لهم الخبر غاب تماماً عن الصحف، والرأي غلب، وبما أن الرأي في غياب الخبر غياب ما حدث فعلاً يكون الاجتهاد به قصور، تخلينا عن الخبر ليكون منبع للرأي، وجعلنا الرأي يستغني عن الحقيقة الراهنة الموضوعية، فاليوم نطالع الصحف وسنجد بها 500 رأي في العدد الواحد، وهي موضوعات إنشاء أكثر منها مواضيع ذات قيمة صحفية، بخلاف ما يحدث في النيورك تايمز أو الواشنطن بوست مثلا". وأكد الكاتب الكبير أن من يستطيع أن يواجه الحقيقة هو من يملك أن يصنع مخرجاً لها بل يملك ان يضع حلولا مؤقتة لها ودائمة أيضاً، لكن في الوقت الراهن من يلقي بيان الحقيقة ويجب أن نتحدث هنا عن معضلة أمامنا وهي أن القوة الحقيقية موجودة في مجال والفعل السياسي موجود في مجال أخر ومجال ضياع الامل في مكان أخر بمعنى الامال الطموحة بأكثر مما ينبغي من إمكانيات الجيش لم يكن أداة للتغيير فقط علينا جميعاً أن نضع نصب أعيننا أن الجيوش في العالم هي حامية الحدود والنظام الاجتماعي، والجيش المصري دخل في أكثر من موضع في 25 يناير تدخل ولولاه لكانت المسائل قد اختلفت. أداء الحكومة والحلول وعن الحكومة الموجودة، قال: "أعتقد أن أداءها جيد رغم البطء والعيوب"، وأوضح أنه يتحدث عن مسئوليتها وقدرتها على تحمل الظروف التي تتهاوى فيها الناس أمام الظروف والقيود والضغوط، وأضاف: "نحن نواجه ظروف فساد، ومجتمع تفكك، لحظة حرجة في حياة الامة، وهناك ثلاثة قوى موجودة، والغرب يطل من الخارج، وإسرائيل موجودة ولا يمكن تجاهلها وهناك عالم عربي بعضه متربص، أوضاع في منتهى الصعوبة ماذا سنفعل في الفترة المقبلة؟ وأجاب عن السؤال الذي طرحه بالقول إن الدستور أولاً، هو ما أتمنى الانتهاء منه وألا يتعثر لأسباب يمكن تداركها، فالدستور لابد أن يصدر بأقصى درجة من القبول، لا أريد أن أنتظر حتى يأتي الاخوان ويطلقون دعوات المقاطعة ثم إثارة المشاكل عند لجان الاقتراع ثم الانتخابات البرلمانية". وأوضح أننا أمام مشكلة حقيقية حيث إن عناصر التغيير لم تستطع أن تجد نفسها بعد أن بدأ الاخوان يتصرفون بطريقتهم والعناصر التقليدية الموجودة من ذي قبل في الحزب الوطني والوفد ثم مشكلة الرئاسة يمكن ان يتدارك أريد أن تكون خارطة الطريق جسراً لمكان ما وبالتالي فنحن أمام خارطة طريق واضحة تبدأ بدستور وهذا ممكن ثم انتخابات برلمانية وهي مهمة جداً وضرورية لإعطاء غطاء شرعي للأوضاع السياسية والانتقالية، مؤكدا أنه من الاشياء التي يشعر حيالها بالقلق أن أدى موقف الاخوان إلى سيادة حالة كبيرة من الاستقطاب، كما أصبح لدى الشعب كراهية مرضية للإخوان. واعتبر هيكل أن أخطرما يحدث هو الإصرار على المضي قدماً في طريق معين بشكل معين ثم الرغبة في الاستحواذ على كل شيء ثم الاقصاء أعتقد أن أخطاءهم فادحة وكثير منهم يعترف بذلك الان تعالي نعود للانتخابات أعتقد أن الاسلام السياسي لن يستحوذ على شيء كبير في الانتخابات، بما يعني أنه قد يحصل على أقل من نسبة الثلث، مؤكدا أن هذه النسبة تشمل أيضا حزب النور وباقي تيارات الإسلام السياسي، وقال: "هناك أناس يتبرصون بحزب النور بشدة وهذا أسوأ شيء". واعتبر هيكل أن الانتخابات الرئاسية ستمثل مأزقا بمثابة العقدة الكبرى، لأن العالم هيأ نفسه بشكل ما للتعامل مع المشهد في مصر، كما أن القوات المسلحة والفريق السيسي نفسه ليس لديهما الرغبة في هذا حتى لا يعززوا موقف أصحاب نظرية الانقلاب العسكري أمام العالم. لذلك اقترح أن تقوم لجنة الدستور بسن فترة انتقالية جديدة ومواد انتقالية تستعمل مرة واحدة لسد ثغرة ما، مثلما حدث في فرنسا، ليكون الوضع القادم معبر عن القوة الحقيقية وليس ضرورياً أن يكون الجيش هو القوة الحقيقية الوحيدة، مؤكدا أن الظروف الحالية تقلل من فرص مرشحي التيار الشعبي أو المستقلين لكن بإمكانهم أن يدعموا بعضهم البعض بدخول في شكل معين ولو على الأقل في مرحلة الانتقال من المؤقت إلى الدائم، وقال إن أحد الأسماء المطروحة للترشح من ذوي الخلفيات العسكرية زاره وتحدث عن ضغوط جماهيرية لترشيح نفسه وأنه يتفهم هذا في ظل غياب الحقيقة، فقلت له بصراحة بصفة عامة الرأي العام المصري لا يريد عسكرياً، وإذا كان العسكري هو الحل فلن يكون أنت فهناك عسكري آخر موجود وصنع شيئاً. أما بخصوص المرشحين السابقين للرئاسة، فقال: "أعتقد أن حمدين صباحي رجل ذو اتجاه سليم، لكني لا أريد أن أتحدث فيبدو أنني أتجه اتجاها معينا، وهو رجل مخلص وأعتقد أنه مؤهل لكن السؤال لهذه اللحظة أم للحظة أخرى لست متأكداً، بالنسبة لعبد المنعم أبو الفتوح، وهو صديق، لكن لا أظن أنه رجل مناسب، سواء بتجربته أو بآرائه، فما بدا لي أن أبو الفتوح اقرب ما يكون للتيار الاسلامي وإلى الخروج من الاخوان المسلمين لكن الظروف التي حدثت وما نجم عنها من استقطاب والتي في النهاية ردت الناس كلها إلى مواقعها الاصلية وأحدث فرقة". وبالنسبة لترشيح الفريق أول عبدالفتاح السيسي للرئاسة، قال هيكل: "هناك معضلة حقيقية موجودة أمامنا، تتمثل في ازدواجية السلطة، وهناك مشكلة بين شرعية ظاهرة وبين شرعية قوة أو حق، وهذه مشكلة لابد أن ننظر إليها، وأنا اشعر وأنا أراه، وأكرر وليس كثيراً كما يتخيل الناس، عندما رايته وجدته يبدو عليه أن عليه ضغوطاً كثيرة من الناس وهو في ذات الوقت يرى المحظورات أمامه، والضغوط الداخلية والخارجية، وانا أعتقد انه ضمن المهام الموجودة امام القوى السياسية في هذه اللحظة والاتفاق على الدستور على أن تتفق على صيغة لوضع رئاسي يضمن عدم ازداوجية السلطة". وحدد هيكل من يجب عليه الكلام إلى الناس، من الرئيس المؤقت عدلي منصور، أو الفريق السيسي، فقال: "عادة أنتظر من يقول خطاب الحقيقة أن يكون ذاته الشخص القادر على تحمل تبعاتها، وإيجاد الحلول لها، وهذا هو الفريق عبدالفتاح السيسي، لكن أمام بقية المحاذير، فبالإمكان أن يلقى بيان الحقيقة مثلاً عن طريق مجلس الشعب او البرلمان القادم وأن يقال للناس هكذا إذا انتخب، وأنشأ لجنة خاصة على غرار كثير من الدول من خلال تقرير حقيقة يصارح الناس ويتخذ ما يمكن لمواجهة ما هو قادم".