أكد الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل أن التفاؤل بثورة 30 يونيو لم يفارقه، لأن حركة التاريخ دائما إلى الأمام، وإذا لم نبذل جهدا، فإن الزمن سيجرنا خلفه إلى التقدم، مشيرا إلى أن هناك فارقًا كبيرًا بين القلق والتشاؤم. وأوضح هيكل، فى حواره مع الإعلامية لميس الحديدي على قناة "سي بي سي"، أنه متحمس، لكن ما دعاه للقلق أن خارطة الطريق ظهرت وكل الناس في حالة من الانشكاف، فهذا البلد مخترق بجميع الوسائل، على سبيل المثال كم توجد أجهزة بث مباشر مسلطة على الأقمار الصناعية، نعتقد أنها ألف جهاز بث محمول على سيارة أو غيرها، وهذا لم يحصل في الدنيا كلها أن يكون بلد مستباح بهذا الشكل والأطراف الداخلة في المسيرة الحالية، أعتقد أن بعضها لا يقدر ما حدث بالضبط، فنحن لا نستطيع أن نشعر أن ثمة حالة طواريء شديدة في الوقت الراهن. وتابع: عندما نرى بالأمس وأول أمس في حوادث نيروبي ولاهور وهذا الإسلام الذي أسيىء إليه ولم نصنع شيئا، وأجد في وسط هذا الزخم والركام أناسا يتحدثون عن الإخوان ماذا صنعوا وماذا قالوا؟.. ولا نستطيع أن نتحدث مطلقا عن المستقبل، لكن المقلق أشعر أن هذا البلد أمامه مهام بناء مستقبل، وهي لم تشرع في هذه المهمة بعد، وعلى أي حال ليس بالسرعة الواجبة وهناك جدول أعمال ضيق جدا يحتاج أن تكون كل الجهود والأمور موفرة له، لابد من الإدراك أن ثمة جهودًا كبيرة تحتاج إلى بعض التهدئة، ونحتاج في هذه اللحظات أنه عندما نفكر في المستقبل أن نقوم بسد ثغرات موجودة. وأضاف هيكل: كنت أقول هناك تدخل أجنبي في البلد بشكل كبير، وهناك جبهة في سيناء مفتوحة محفوفة بالخطر، وهناك حرب نفسية موجهة من الخارج على هذا البلد وفي ذات الوقت ثمة طلبات متزايدة، وحتى عندما نسير كل هذه الأمور تؤكد أننا نحتاج إلى قيادة رشيدة في هذه اللحظة. وردا على سؤال حول من هي القيادة التى يجب أن تواجه الشارع بالحقيقة، قال هيكل: نحتاج في هذه اللحظة إلى ثلاثة أمور رئيسية، أولها أن يكون هناك من يعمل على إزالة الالتباسات، نحن كنا، وأنا على سبيل المثال عشت ثورتين كما كتب بعض الناس، لكني رأيت ثورتين كبيرتين بما تعنيه الكلمة، ثورة يوليو وثورة 25 يناير، وهناك تماثل وتشابه بينهما، أن ثورة يوليو هي الأخرى لم يكن لديها برنامج، وكان هدفها وحلمها الأول إزاحة الملكية، باعتبارها أصل الفساد ثم الأماني المطلقة في المجرد. وتابع هيكل: أتذكر الحيرة التي انتابت عبد الناصر بعد إزاحة الحكم الملكي، وأنهم توقعوا في هذه اللحظة أن ثمة أحزابًا قادمة وأن ثمة أشياء زاحفة، ثم اتضح أنه لا شيء حدث، لكن بعد فترة من الحيرة، قدم أحدهم الذي استطاع أن يأخذ شعارات التحرر الوطني والغائمة، وحاول أن يحولها إلى برامج، وبالتالي وجدنا من يتحدث عن الإصلاح الزراعي وإلغاء الملكية، وإلغاء الألقاب والتصنيع، وإخراج الإنجليز وتأميم القناة، وبالتالي بشكل ما استطعنا تحويل بعض الأهداف الموجودة والمحسوسة الغائبة عن الناس، لكن في هذه الثورة وحتى هذه اللحظة لم أجد هذه الترجمة وكثير من الثورات تقوم بلا أهداف، لكن ثمة حقائق تملي أوضاعها. وأضاف هيكل: يجب أن نتذكر دائما أن ثورة 25 يناير لم يقم بها التيار الإسلامي، لكنه استولى عليها، والمشكلة أنه استولى عليها باسم الإسلام، وفي هذه الفترة وأنا أعرف أنه فصيل مهم في المجتمع لا يمكن إقصاؤه، لكن من الصعب أن يهبط على ثورة ليست من صنعه، ثم يحكمها بآراء مبهمة وقاتمة بشكل قد يؤدي إلى كوارث، يكفي عندما تنظرين إلى ما صنعناه في آسيا وفي إفريقيا وكل الخطاب الذي صنعناه يحتاج إلى مراجعة ومناقشة.