لا أنكر على الدكتور محمد البرادعى طموحه لاحداث تغيير إيجابى فى الدستور المصرى من أجل ترشيح نفسه أو غيره للانتخابات الرئاسية القادمة، كما لا أريد الحجر على آماله فى التغيير، الذى يتمنى إحداثه فى مصر، لكن الآمال والطموحات شىء وقابلية تنفيذها على أرض الواقع شىء آخر، فطموحات أى إنسان قد تتحطم على صخرة الواقع الذى يعيش فيه، وهذا لأننا شعب جبلنا على الخوف والرعب من الأنظمة الحاكمة التى حكمتنا بالحديد والنار، إننا شعب يتحدث ويتحدث ثم يتحدث ولا نفعل أى شىء بعد ذلك، فإن الكلام هو أقصى ما نقوم به، هذه الصفة ربما لا يدركها جيداً الدكتور البرادعى، فهو يشعر بأننا سنقف بجواره، ومن خلفه وعن يمينه وعن يساره إذا ما وقف فى ميدان معركة التغيير التى يطالب بها من أجلنا، إننى كفرد من أفراد هذا الشعب أجد أنه من واجبى أن أنصح الدكتور البرادعى بعدم التعويل كثيراً على وقوف الشعب بجانبه، لأن الشعب غارق فى حياته اليومية، بسبب أنظمة جعلت حياته كلها طوابير ابتداء بطابور الخبز وانتهاء بطابور أنبوبة البوتاجاز، إن الآلاف بل مئات الآلاف الذين يؤيدونه وأنا واحد منهم يؤيدونه على العالم الافتراضى عبر الألياف الضوئية فقط، أما إذا جد الجد وامتشط الحسام وكشرت الأنياب ونبشت المخالب وقيل انج سعد فقد هلك سعيد، فإننى أول من سيخذله وسيخذله أيضاً مئات الآلاف من عالمه الافتراضى، إننا لن نخرج للشارع للتظاهر والوقوف بجانبه، وهناك أمثلة كثيرة على هذا يكفينا يوم استقباله فى المطار، كم مواطناً استقبله هناك بالكثير لم يزد عددهم على الألفى فرد!! وأين ذهبت الجموع الأخرى؟! لتعلم دكتور البرادعى أن المواطن المصرى نتيجة الظلم والقهر الذى بداخله لن يخرج متظاهراً معك لتغيير الدستور!! لكنه قد يخرج إذا ما رشحت نفسك تحت مظلة أى حزب بالرغم من رفضك الانضمام لأى حزب أو إنشاء حزب يأتى عبر موافقة لجنة شؤون الأحزاب! لأن خروجى للتصويت ليست فيه مشقة أو ضرر لى ولغيرى، دكتور برادعى هذا أقصى ما نستطيع فعله أما لو أصررت على تغيير الدستور أولاً فإننى أنصحك بألا تصر على ذلك، لأنك ستجد نفسك واقفاً فوق ظلك فقط، والكل سيتركك وحدك قائلين لك: اذهب أنت وقاتل إنا ها هنا قاعدون.. ليعلم الجميع أن هذا المقال ليس دعوة للإحباط واليأس ولكن قد يكون به معظم الحقيقة.