غرَّمت محكمة جنح السيدة زينب، أمس، مجدى الجلاد رئيس تحرير «المصرى اليوم» وعباس الطرابيلى، رئيس تحرير جريدة «الوفد» والزملاء يسرى البدرى وفاروق الدسوقى وإبراهيم قراعة الصحفيين بالجريدتين 10 آلاف جنيه لكل منهم، مع إلزامهم بالمصاريف الجنائية، فيما نسبته إليهم النيابة العامة من اتهام باختراق حظر النشر فى قضية مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم، المتهم فيها ضابط أمن الدولة السابق محسن السكرى، ورجل الأعمال هشام طلعت مصطفى. صدر الحكم برئاسة المستشار محمود زاهر الحسينى، وحضور باسل يحيى، وكيل النائب العام، وأمانة سر محمد عيد ومحمد عثمان. بدأت الجلسة التى تعد الخامسة لنظر الدعوى، بإجراءات أمنية مشددة، من الثامنة صباحًا، حيث احتشد عدد كبير من سيارات الأمن المركزى أمام مبنى المحكمة، التى تنظر القضية والتى تصادف وجود جلسة تجديد للمتهم محمد محمود مصطفى، المتهم فى واقعة الاعتداء على الفتيات فى المعادى، والمعروف ب«سفاح المعادى»، وألقت أجهزة الأمن القبض عليه قبل أسبوعين، وفى التاسعة والنصف صباحا بدأت الجلسة بحضور مكثف من الإعلاميين ومنظمات المجتمع المدنى وحقوق الإنسان، وحضرت عبير السعدى، عضو مجلس نقابة الصحفيين، بصحبة سيد أبوزيد محامى النقابة قبل بداية الجلسة، وانصرفت عقب الحكم إلى جلسة تحقيق أخرى فى محكمة جنوبالقاهرة مع أحد الزملاء فى إحدى قضايا النشر. وفرض حرس المحكمة كردونًا أمنيًا أمام باب القاعة، وتم منع المصورين وكاميرات التصوير الخاصة بالقنوات الفضائية من الدخول لمتابعة جلسة النطق بالحكم، فيما سمح رئيس المحكمة بدخول الصحفيين فقط، وبعد خمس دقائق من بداية الجلسة قضت المحكمة بتغريم الزملاء الخمسة 10 آلاف جنيه لكل منهم. وقالت عبير السعدى، عضو مجلس نقابة الصحفيين، بعد صدور الحكم، إنه لا تعليق على أحكام القضاء، لكنها كانت تتوقع أن تقضى المحكمة بالبراءة، خاصة أنها حرصت على حضور جميع الجلسات وجلسة المرافعة التى وصفتها بأنها «تاريخية» إلا أنها فوجئت بصدور حكم بإدانة الصحفيين الخمسة، وأضافت أن إسقاط الشق الجنائى من الحكم أمر مشكور، إلا أن الحكم يحمل فى طياته إدانة فى الشق المادى، رغم دفع المحامين بعدم الدستورية فى هذا الشق. أبدت السعدى عدم شعورها بالسعادة لصدور مثل هذه الأحكام فى قضايا متعلقة بالرأى العام، وقالت: من غير المعقول أن يدان صحفى بأى عقوبة مالية مقابل أنه قام بنقل حقيقة أو جلسة محاكمة إلى الجمهور، مشيرة إلى أن الحكم يحمل فى طياته تعارضا مع حرية تداول المعلومات ونقل جلسات المحاكمة إلى الجمهور، الذى لم يستطع حضور الجلسات. وقال الدكتور محمد حمودة بعد صدور الحكم: لا تعقيب لنا على أحكام القضاء إلا عن طريق الخطوات الشرعية «الاستئناف»، وقال إنه مازال مصرًا على عدم انطباق قرار حظر النشر وفقاً للمادة 190 من قانون العقوبات وانتفاء مسؤولية الصحفيين جميعاً لعدم مخالفتهم قرار حظر النشر، الصادر من محكمة الجنايات وتوافر حسن النية وعدم معقولية تصور حدوث الواقعة وفقاً لوصف الاتهام الوارد فى أمر الإحالة، وقال إن هناك عواراً واضحاً فى الخطاب المرسل من النيابة العامة إلى وزارة الإعلام التى أرسلته بدورها إلى جميع وسائل الإعلام والصحف القومية والحزبية لأنه يحدد أن المخالفين لقرار حظر النشر سيعاقبون بالمادة 189 من قانون العقوبات، الأمر الذى يتضح معه أن النيابة العامة نفسها وقعت فى التباس فى فهم القرار، مشيرًا إلى أن المحكمة التى أصدرت قرار الحظر لا تملك ذلك إلا فى الأحكام والمرافعات دون غيرها. فى السياق نفسه، أبدى نجاد البرعى، المستشار القانونى لجريدة «المصرى اليوم»، انزعاجه من صدور الحكم، وقال إنه غير سعيد به، وأنه سيتقدم باستئناف الحكم غدًا السبت، واعتبر أن هناك خلطًا بشكل واضح بين نشر المرافعات القضائية وأقوال الشهود، التى اعتبرتها النيابة العامة مخالفة لقرار حظر النشر، الصادر من محكمة جنايات القاهرة فى قضية مقتل المطربة، خاصة أن القانون الذى حوكم به الصحفيون خاص بنشر المرافعات وليس أقوال الشهود. وقال: ما نشرته «المصرى اليوم» و«الوفد» لا يخالف قرار حظر النشر، وأن الصحفيين الخمسة ليسوا مدانين، لكن هناك جهات تريد إبقاء قضية سوزان تميم فى الخفاء، والمحكمة إذا برأت الصحفيين سوف يتم النشر فى القضية مرة أخرى، واصفًا الحكم بأنه يحمل مواءمات سياسية. وحذر من أن الصحف المستقلة «مستهدفة» بعدد كبير من قضايا التعويضات والأحكام التى تقضى بتغريمها، مؤكدًا أنها «مؤامرة» على الصحف حتى تفلس ويتم غلقها، فمنذ أيام صدر حكم بتغريم جريدة «صوت الأمة» 50 ألف جنيه لصالح الشيخ يوسف البدرى، وغيرها من الغرامات التى تواجه الصحف المستقلة الآن. وعلق عصام سلطان، عضو هيئة الدفاع عن «المصرى اليوم» بقوله: طالما إنه صدر حكم من المحكمة فله كل الاحترام والتقدير، لكنه كان يجب على النيابة العامة أن تحرك الدعوى ضد صحف «الأهرام» و«الأخبار» و«الجمهورية»، وأن تتم محاكمة الصحفيين بالصحف القومية ويغرموا بذات الغرامة، وإلا «تهتز» ثقة المواطنين فى العدالة، إعمالا لمبدأ المساواة المنصوص عليه بالدستور، وأن المواطنين جميعا أمام القانون سواء، وألا تفرقة بين الصحف الحزبية والمستقلة والقومية، لأن النشر إن كان انتهك من قبل «المصرى اليوم» و«الوفد»، فإنه انتهك من الصحف القومية على النحو الذى أوضحناه بالمحكمة، وتغافلت عنه النيابة العامة، وصدر الحكم مخلاً بمبدأ المساواة.