كما كان خطاب تنصيبه محور اهتمام الصحف العربية والغربية فى جميع أنحاء العالم، لم يقل خطابه الأول أمام الكونجرس إثارة لاهتمام وشغف الأمريكيين، حتى إنه قبل الانتهاء منه، كانت صوره ومقتطفات رئيسية من كلمته تتصدر الصفحات الأولى من النسخ الإلكترونية للصحف الأمريكية، تبث معها تحليلات مصاحبة لمقاطع فيديو تسجيلية للخطاب الأول «الشامل»، الذى ألقاه الرئيس باراك أوباما فى سدة ال»كابيتول» أمام أعضاء مجلسى النواب والشيوخ على مدار ساعة كاملة مساء الثلاثاء الماضى. وفى تحليلها لخطاب أوباما، رأت صحيفة «نيويورك تايمز» أن ما قاله كان بمثابة عرض مفصل لبرنامجه الانتخابى الرئاسى، جاء متبوعا بتعهده لإعادة «بناء» الولاياتالمتحدة وبمساعدتها على «التعافى» فورا من المشاكل الاقتصادية التى تجابهها، ولاحظت فى هذا الصدد أن روح الدعابة، التى يتحلى بها أوباما، وقدرته على التفاؤل، حتى فى أحلك اللحظات، خففتا من وقع خطابه الملىء بالمفردات الصارمة والمتجهمة فى الكثير من الأحيان. وأضافت الصحيفة أنه «بدا واثقا وهو يتعهد بإعادة البلاد لأقوى مما كانت، دون أن يقلل فى الوقت نفسه من المشاكل الخطيرة التى ينبغى حلها»، ليكون بذلك واقعيا فى عرضه للأزمة ومتفائلا بإمكانية تجاوزها، لكنها أخذت عليه «فشله فى إيضاح خطته لإنقاذ النظام المالى». الأمر نفسه علقت عليه صحيفة «لوس أنجلوس تايمز»، التى رأت أنه سعى قدر جهده إلى «تفادى صعوبات واجهها سابقوه فى أزمات اقتصادية مماثلة»، وحاول أن يجمع بين إدراكه ل»الحقائق المرة» مع الشعور حيالها بالتفاؤل المطلوب للنهوض من الأزمة، محاولا تحقيق المعادلة الصعبة بين التحذير من مغبة الأوضاع الاقتصادية الحالية، والحاجة الماسة إلى بث الشعور بالثقة والأمل فى المستقبل. واعتبرت الصحيفة أن الرئيس الأمريكى الجديد نجح فى خطابه هذا فى الرد على منتقديه، الذين رأوا أنه كان قد تخلى عن كثير من تفاؤله وروحه الإيجابية بعد توليه الحكم، وأشارت إلى أنه رغم انتخابه «سفيرا للأمل»، على حد وصفها، نظرا لروح التفاؤل التى كان يبثها طوال حملته الانتخابية، تحولت نبرته خلال الشهر الأول لتوليه مهام منصبه لتصبح أكثر حذراً وتحذيراً من تداعيات الركود الاقتصادى والكساد المصاحب له. من جانبها أيضا، أكدت صحيفة «واشنطن تايمز» أنه أخيراً وبعد أسابيع من التصريحات السوداوية المحذرة من «الكارثة الاقتصادية التى تلوح فى الأفق»، بعث أوباما الآن برسائل أكثر إيجابية، محتفظاً فى الوقت نفسه بأمانته فى عرض المشكلات التى تواجه الأمة، ونقلت الصحيفة عن المحلل «سيمون روزنبيرج» قوله إن الخطاب جاء بمثابة لحظة فاصلة فى «تطور» أوباما وانتقاله من مرحلة المرشح إلى رئيس الدولة. أما صحيفة «يو إس إيه توداى»، فقد تطرقت إلى كاريزما الرئيس الأمريكى، معنونة أحد موضوعاتها الرئيسية حول الخطاب بقولها «واضح أن الكاميرا تعشقه»، وركز المقال على دلالة وقوف أوباما أمام الكونجرس لإلقاء الخطاب، كأول رئيس ذى جذور أفريقية، فى مشهد جعلت منه وسائل الإعلام المرئية تاريخيا، ببث صورة ذلك الرئيس واقفا على منصة الكابيتول بكل ما تحمله من رمز تاريخى للديمقراطية الأمريكية.