يهوى د. يوسف بطرس غالى، وزير المالية، اقتحام عش الدبابير ودخول المعارك من وقت لآخر، رغم إصابته فى عينه اليسرى موخراً.. ويعتبر غالى هو الوزير الأشرس فى الحكومة المصرية، يفجر الأزمات ويفتعلها ولا يهتم بالرأى العام، وفى كل مرة يؤكد أنه لن يتراجع ثم يتقهقر للخلف تحت شعار «روح القانون».. الوزير غالى دخل فى أزمات من قبل مع المؤسسات الصحفية القومية والأطباء وموظفى الضرائب العقارية ثم الصيادلة والصحفيين والجهاز المركزى للمحاسبات والبقية تأتى، وكذلك خلافاته الشخصية وتجروئه على بعض النواب مثل د. أيمن نور، والذى وصل إلى حد السب والقذف، والنائب المستقل علاء الدين عبدالمنعم والذى واجه تجاوزات الوزير بشراسة هذا بالإضافة إلى خلافاته مع بعض نواب الحزب الوطنى الذى ينتمى إليه غالى. مما لا شك فيه أن الوزير الذى انتخب مؤخراً فى موقع دولى متميز، يملك رؤية فى إدارة وزارته لكن ينقصها الحس السياسى والشعبى «ماحدش يقول إنه عضو بمجلس الشعب لأننا نعرف جميعاً كيف ينجح!!» والبعد الاجتماعى، كما أن غالى يتعامل مع هذه الملفات وكأنه بدون رئيس وزراء. ففى كل أزمة إما أن يختفى د. أحمد نظيف كما حدث مع موظفى الضرائب العقارية، رغم أن اعتصامهم كان تحت مكتبه فى مجلس الوزراء، أو أن يطلق تصريحه الشهير «لا تراجع» مثلما حدث فى أزمة الصيادلة ثم يتراجع.. فيما يبدو أن غالى اختزل دور رئيس الوزراء فى مجرد إصدار قرارات سفر له للعلاج على نفقة الدولة، ومصاريف السفر والبدل لغالى ومرافقته حسبما جاء فى الانفراد المنشور بجريدة «المصرى اليوم» أمس. فى قضية بدل الصحفيين نسمع من النقيب، مكرم محمد أحمد، أن د.زكريا عزمى اتصل به ليبلغه أن الرئيس مبارك أصدر توجيهاته بسرعة صرف البدل.. ولا أعرف أين ذهب رئيس الوزراء فى هذه المنظومة، أم أن المالية تحولت لوزارة سيادية تتبع رئيس الجمهورية، يبدو أن غالى يعرف أيضاً أنه سيستمر وزيراً للمالية رغم أنف الجميع بحكم منصبه الدولى الذى يستدعى ذلك.. وكان واجباً على المصريين تحمل تصرفاته وشطحاته من أجل عيون منصبه الدولى. مما لا شك فيه أن غالى يمتلك قدرات فنية وعلمية متميزة لم تكتشف إلا أثناء توليه وزارة المالية، بعد إخفاقه فى عدة وزارات تولاها قبل ذلك.. وقد سمعته فى اجتماع لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب يتحدث عن الأزمة المالية العالمية بقدرة فائقة على التحليل والشرح وتقديم البدائل المناسبة بواقعية. لكن كل ذلك سيكون فى مهب الريح إذا لم يستطع غالى التواصل مع الرأى العام والشعب من خلال الحوار، وله فى زميله د. محمود محيى الدين، وزير الاستثمار، قدوة حسنة، فالأخير ينفذ رؤيته وأفكاره بالتواصل مع الناس وليس بطريقة غالى.. فرضا الشعب عن الحكومة مشروط دائماً بشعور الناس بأنها تعمل من أجلهم وترضيهم وليس بتحقيق الأرقام فقط، وهذا لا يعنى الخضوع لابتزاز الرأى العام أو فئة منه. ■ ■ أشرف العربى، رئيس مصلحة الضرائب، كان كبش الفداء فى هذه الأزمة فقد صدق كلام الحكومة بأنها لن تتراجع وأن كل ما يحدث من الصيادلة دخان فى الهواء، وتصرف الرجل على هذه الخلفية وطرد وفد مجلس النقابة من مكتبه ليفاجأ بعد ذلك بتغير الأوضاع وجلوس الحكومة مع الصيادلة للاتفاق على الحل وإدانة تصرفاته، وهو ما أثبت أن رئيس مصلحة الضرائب كان فى هذه الأزمة أشرف «الهندى» وليس «العربى»!!