لجنة «وفيات الفيوم» تكشف تعطل أجهزة بملايين الجنيهات بالمستشفى العام بسبب نقص مواد لا تتعدى 100 جنيه

تواصل اللجنة الفنية المشكلة من وزارة الصحة برئاسة الدكتور جمال شعبان، رئيس وحدة الحالات الحرجة بمعهد القلب القومى، التحقيق فى واقعة الوفيات الجماعية التى شهدها قسم العناية المركزة بمستشفى الفيوم العام خلال شهرى يناير وفبراير من العام الجارى.
وكشفت اللجنة خلال تقييمها عمل وحدة العناية المركزة بمستشفى الفيوم العام وطريقة وكفاءة العمل بها عن تعطل أجهزة حديثة داخل الوحدة بملايين الجنيهات منذ ثلاثة أشهر بسبب نقص مواد التشغيل التى لا يتعدى سعرها 100 جنيه.
وأثبتت اللجنة تعطل جهاز «المونيتور» الذى يقوم بمراقبة نبض المريض وقياس الضغط ورسم القلب نتيجة نقص بعض المستلزمات رخيصة الثمن التى لا يتعدى ثمنها 100 جنيه مثل «الأليكترود» الذى يلصق على صدر المريض لنقل الإشارة الكهربائية لجهاز «المونيتور».
وأكدت اللجنة فى تقريرها أنه كان من الممكن توفير ثمن مواد التشغيل من أى بند وعدم الانتظار لحين نفادها خصوصاً أنه من المفترض وجود احتياطى استراتيجى لهذه المواد التى تستخدم فى تشغيل الجهاز قبل وصول المخزون إلى الثلث ويكون قد تم تجهيز أمر التوريد لشرائها حتى لا تحدث فجوة زمنية تتوقف فيها الأجهزة عن البث لهذا السبب فتكون العناية المركزة أشبه بالإقامة بالقسم الداخلى بما لا يتناسب مع الحالات الحرجة التى تم استقبالها فى الوحدة والتى تحتاج إلى الرعاية اللصيقة على مدار الساعة.
كشفت اللجنة عن تعطل جهاز «الموجات الصوتية» بعد أن وضع أحد الأطباء شفرة عليه حتى لا يتم استخدامه فى عدم وجوده مما يعطل سير العمل فى الرعاية ويقلل من فائدة تواجد المريض بالعناية المركزة ويؤدى إلى تدهور حالته الصحية خصوصاً أن الجهاز يستخدم لتشخيص حالة المريض ويكشف عن وجود تجمع مائى فى الرئة أو غشاء «التامور» بالقلب ويساعد فى اكتشاف التلف الحاد فى صمامات القلب وفى تشخيص جلطة الشريان التاجى الحادة وتأثيرها على وظيفة البطين الأيسر وتشخيص الحالات الخطرة التى تستوجب تشخيصاً سريعاً لأن التقاعس وعدم التشخيص السريع قد يؤدى إلى توقف القلب.
كما كشفت عن تعطل جهاز «غازات الدم» منذ 3 أشهر بسبب نقص بعض المستلزمات من المواد الكيماوية «الكيتس» مع ضرورة عمل هذا الجهاز فى حالات هبوط جهاز التنفس أو نزيف المخ.
وأظهر التقرير فائدة الجهاز فى إظهار نتائج قياس نسبة الأوكسجين فى الدم وثانى أوكسيد الكربون التى يتم بناءً عليها معرفة مدى احتياج المريض لجهاز التنفس الصناعى أو فصله عنه والتى تعتبر أساسية ومحورية.
وكشفت عند فحصها لثلاثة مرضى داخل قسم العناية المركزة عن تشخيص طبى خاطئ حيث تبين احتجاز حالة كانت تعانى من تشنجات وضعف فى الناحية اليسرى «بمبادئ شلل نصفى» وبعد عمل أشعة بالكمبيوتر لها على المخ شخصها طبيب بالعناية المركزة على أنها خالية من أى مرض، وصرح لها الطبيب بالخروج لتحسن حالتها وعند مراجعة اللجنة الفنية للأشعة تبين وجود ورم فى المخ لا يخطئه طبيب مبتدئ، ورغم مراجعة اللجنة للطبيب المشخص المتابع للحالة إلا أنه أصر على أن الأشعة سليمة وراجعته اللجنة فى إصابتها بورم فى المخ وأنقذت تلك الحالة وأمرت باحتجازها لتلقيها العلاج.
وكشفت اللجنة عن وضع مريض على جهاز التنفس الصناعى دون عمل تحليل «عازات الدم» له لمعرفة نسب الأوكسجين وثانى أوكسيد الكربون، وتعانى الحالة من ضربات بطيئة وسريعة تؤدى إلى السكتة القلبية ومع ذلك لم يتم عمل أى فحوصات لها غير رسم قلب واحد ولم يتم متابعة حالة المريض عن طريق جهاز «المونيتور» وترك المريض 4 أيام بهذا الوضع حتى حدث له هبوط فى الدورة الدموية، مما أدي إلى إصابته بفشل كبدى وكلوى ثانوى، ومازال يعانى من اختلال فى ضربات القلب.
كما كشفت عن أن إحدى الحالات كانت تعانى من روماتيزم فى القلب ودرجة الوعى غير جيدة وقام الطبيب المتابع لها بتشخيصها على أنها مصابة بحالة نفسية سيئة ولم يتم عمل موجات صوتية لها مما أدى إلى تأخر حالتها وتركت مهملة لوضع أحد الأطباء شفرة على جهاز «الموجات الصوتية» مما حال دون وضعها على الجهاز وهى حالة متأخرة لم تقدم لها أى إسعافات وكان يستلزم تحويلها لمركز القلب نظراً لسوء حالتها إلا أن الطبيب المعالج لها بقسم العناية المركزة اكتفى بتشخيصها على أنها تعانى من حالة نفسية سيئة ولم تجر لها أى تحاليل مما أدى إلى تدهور حالتها.
وأوضحت اللجنة أن الأطباء بقسم العناية المركزة مجموعة من الإخصائيين الذين انقطعت صلتهم بالتدريب الطبى ويفتقدون المهارة فى التشخيص الدقيق ولا يوجد تطوير فى المعرفة ويعانون من هبوط فى مستوى الأداء الطبى.
وأكد الدكتور جمال شعبان، رئيس اللجنة، أن وحدة الرعاية المركزة بمستشفى الفيوم العام مجهزة بأحدث الأجهزة وذات إمكانيات عالية لكنها مهدرة نتيجة نقص بعض مواد التشغيل رخيصة الثمن، مؤكداً أن هذه الأجهزة بملايين الجنيهات وحديثة جداً لكنها توقفت بسبب نقص مواد تشغيلها التى لا تتعدى قيمتها 100 جنيه مما يجعلها عديمة الفائدة لمرضى الحالات الحرجة الذين يحتاجون للمتابعة لحظة بلحظة.
وقال شعبان إن المعاينة الحقيقية للجنة كشفت عن قصور وإهمال داخل وحدة العناية المركزة بسبب تعطل الأجهزة ووجود تشخيصات خاطئة لأطباء بوحدة العناية لحالات المرضى، تم اكتشاف ثلاث حالات منهم بمراجعة ملفاتهم إلى جانب هبوط مستوى الأداء الطبى للأطباء، مؤكداً أنه عند مراجعة مدير المستشفى سبب نقص مواد التشغيل والذى نتج عنه تعطل الأجهزة أكد للجنة أنه يقوم بعمل أمر توريد لشرائها.
وأشار إلى أن هذه المواد رخيصة الثمن كان من الممكن توفير ثمنها من أى بند يومى، لافتاً إلى أنه تم تحريز 25 ملفاً لحالات توفيت داخل قسم العناية المركزة خلال شهرى يناير وفبراير لإعداد تقرير طبى سرى بتفاصيل أسباب وفاتها لعرضه على الدكتور حاتم الجبلى، وزير الصحة.