مجدى مهنا.. هل نسيناك كى نتذكرك؟

أتأمل كلمة الذكرى السنوية الأولى، وما سوف يأتى بعدها من سنوات.. ويطرح فى الفكر سؤال. أليست الذكرى نمارسها حتى لا ننسى؟.. وهل حقاً غاب (مجدى مهنا) عن ذاكرتنا..؟ هل غاب الصديق وفارس شرف القلم والضمير بعد أن غيبه الموت عن دنيانا؟.. ألم يظل شهاباً يضىء الساحة الصحفية بقيم التجرد والإخلاص النادرة..؟
صحيح أنك تركت فراغاً ليس مثل أى فراغ واختفى أبرز عمود فى الصحافة المصرية، إلا أن اختفاءه قد حفز رئيس تحرير جريدتك الأستاذ مجدى الجلاد على حرصه أن يسير على نهجك ومعه كتيبة زملائك ومعاونيك. ولاشك أنك كنت فخراً للجريدة التى أسهمت فى تأسيسها بكل روح العطاء المتجرد، فتميزت بحرية الرأى ودقة الخبر ومصداقية الكلمة، فالتزمت بسقف عال من احترام القارئ.. وأراد رئيس التحرير أن يواكب الصعود والانتشار، فأضاف إلى أسرة كتاب (المصرى اليوم) أقلاماً بارزة جذبت مزيداً من القراء.
 وينطلق خيالى الحزين يراك واقفاً فى شرفة ذاكرتى، تطل من عليائك فى سماء جنة الأبرار، تراقب ما تركته على أرض البشر. أراك تحلق بروحك حول أصدقائك وزملائك وأهلك من آلاف قرائك المهمومين العاجزين عن حل مشاكلهم، فكنت لهم سنداً بقلمك الإيجابى المسؤول. كيف إذن ينساك من عرفك عن قرب صديق حياة؟.. لم تنحز لحزب حاكم أو سلطة أو نفوذ ارتفعت قامتك المستقلة الشجاعة فوق كل القامات، فحصدت احتراما من المتفق معك أو المختلف دون تمييز.
كيف ننساك صديقاً ارتفعت بمعنى الصداقة إلى سمو الخلق ورقى السلوك. وقد عرفتك كاتبة هذه السطور صديقاً حميماً تفردت بين الصحفيين بقيم التجرد ونكران الذات. وظل هذا دربك إلى آخر المشوار. كنت كتوماً لا يعرف أحد شيئاً عن أحزانك. فقدت شقيقك الأكبر فى نوفمبر (2007) ومن قبله الأم الحنون عام (2004) وقبلهما شقيقتك الوحيدة عام (2000) ولم يبق لك سوى شقيقك الوحيد (عادل مهنا).
 ومنذ عام (2006) أخذت تعانى من مرضك اللعين. هكذا تراكمت الأحزان بداخلك وحرصت على إخفائها خلف ابتسامتك الآسرة وهدوئك ورقة أسلوبك المهذب فى تعاملك مع الجميع.. عشقت مصر فكانت آخر كلماتك قبل الرحيل «كل ما أرجوه أن يجنب الله مصر كل مكروه» أستمع إلى حديثك ل(الطبعة الأولى) يوم 18 يناير 2008 كثيراً، ولا أحسبك قد رحلت فكيف يرحل من الذاكرة فرسان الشرف والضمير؟
وأنت هذا الفارس النبيل!! صديق تسكن الذاكرة أبداً.
ليلى الجبالى