أصدر نادى القضاة أمس تقرير لجنة تقصى الحقائق المُشكّلة بالنادى حول إحالة القضاة إلى الصلاحية برئاسة المستشار فؤاد راشد رئيس محكمة الاستئناف، وعضوية المستشارين محمد عمر، مصطفى أبوزيد، وليد الشافعى رؤساء محاكم الاستئناف. وقرر المستشار زكريا عبد العزيز، رئيس النادى، عرض التقرير على الجمعية العمومية للقضاة المقرر انعقادها الجمعة المقبل، لاتخاذ ما تراه من إجراءات بهذا الخصوص. وكشف تقرير اللجنة الذى تم إرساله إلى كل من المستشار ممدوح مرعى، وزير العدل، والمستشار مقبل شاكر، رئيس مجلس القضاء الأعلى، عن حدوث «انتهاكات» لحقوق وكرامة بعض القضاة الذين تمت إحالتهم للتحقيق، كما تم «انتهاك» الضمانات القانونية المقررة لهم، إذ تواصل التحقيق مع بعض القضاة ساعات طويلة حسب التقرير، ولم يراع الظروف الصحية السيئة لأحد القضاة الذى كان مصاباً بتضحم فى الطحال، واضطر للخروج من المستشفى الذى يعالج فيه لسرعة التوجه للتفتيش القضائى والمثول للتحقيق. وقال التقرير «أياً كان ما تم نسبه إلى القاضى، فإنه لا يعتبر مبرراً لإهدار الضمانات القانونية العامة، التى تقضى بألا يستمر التحقيق معه إذا غلبه الإرهاق أو ناله الإعياء، حتى يتبين كل كلمة يقولها، لكى لا يطاح بمستقبله بسبب جملة ترد على لسانه». وأوضح التقرير أن بعض المفتشين القضائيين «جعل كل همه البحث عن دليل إدانة للقاضى الذى تم التحقيق معه»، وفى سبيل ذلك لم يتورعوا عن «إهدار كرامة القاضى والقضاء»، ضارباً المثل بسؤال حاجب المحكمة عن رأيه فى شخصية القاضى بوجه عام، أو سؤاله عما إذا كان القاضى مرتشياً، بينما لم تكن هناك واقعة محددة زعم أحد أن الحاجب شاهداً عليها، فضلا عن إهدار المبادئ القانونية والدستورية من خلال إجراءات البحث عن الأدلة، مما استدعى أحد المفتشين إلى فتح سيارة مواطن وتفتيشها دون سند من القانون مما يعد خرقا له، بالإضافة إلى مبادرة أحد المفتشين إلى إثبات إساءة ضابط مباحث للقاضى وسمعته. وقال التقرير «إن لجنة تقصى الحقائق ترى أن البحث عن الأدلة حق للمفتشين القضائيين وواجبهم، لكنها تؤكد أن هناك خطاً أحمر لا يجب تجاوزه، وهو اللجوء إلى ما يهدر كرامة القاضى وحقوقه دون أدنى سند من القانون»، لافتاً إلى أن عدداً كبيراً من القضاة «اشتكوا من ممارسة رئيس لجنة الشكاوى بالتفتيش القضائى ضغوطاً عليهم» لدفعهم إلى الاستقالة، وأنه كتب مذكرة تدين أحدهم، وتعزز الاتهام ضده. وأضاف « إنه وإن كان أى من القضاة لم يقدم دليلاً على هذا الكلام، عدا مذكرة بذلك، فإن تكرار الشكاوى من ضغوط مستشار رئيس لجنة الشكاوى بالتفتيش القضائى، وإجبارهم على الاستقالة، يرجح وقوع ما شكى منه أكثر القضاة». ونوه التقرير إلى أن بعض القضاة «تم إكراههم» على إعطاء عينة من دمهم لإجراء التحاليل الطبية لبيان مدى تعاطيهم أى مواد مخدرة، رغم أن الإكراه «بعيد عن مجتمع القضاة»، لأنه عندما يتم التحقيق مع القاضى لا يكون فى وضع خيار كامل حر إزاء ما يُطلب منه من عينات دم، إذ إنه من البديهى أن يتم اتخاذ الرفض قرينة ضده على تعاطى المخدرات، والمؤسف أن أحد رجال القضاء، تم إكراهه على ذلك، رغم أنه لم تقدم ضده أى شكاوى، لكن هناك ما يشير من قريب أو بعيد إلى تعاطيه المخدرات. وأكد تقرير لجنة تقصى الحقائق، أن المؤسف فى معظم حالات الإحالة للتحقيق هو «الإهدار الدامى» لكرامة القضاة على حد وصف التقرير، داعياً إلى ضرورة ألا تمر هذه الوقائع دون تحقيق.وأشار إلى أن تقرير مجلس الصلاحية «شابه البطلان» فى الحالات التى شارك فيها أحد أعضاء المجلس فى إجراءات الاتهام أو الإحالة إلى المحكمة وكشف التقرير أن وزارة العدل «لم تنفذ حكما قضائيا لصالح أحد رجال القضاء السابقين يقضى بعودته للقضاء». وأوصى تقرير اللجنة بضرورة تعديل قانون السلطة القضائية، بحيث يتضمن نصاً بضرورة حضور مستشار بدرجة رئيس محكمة استئناف مع أى قاض أو عضو نيابة عامة يتم التحقيق معه أمام التفتيش القضائى، وأن يبطل التحقيق فى حالة عدم دعوة ذلك المستشار للحضور. كما شدد التقرير على نقل تبعية التفتيش القضائى من وزارة العدل إلى مجلس القضاء الأعلى، بدلا من وضعها الحالى وتبعيتها للحكومة، ممثلة فى وزارة العدل، كما طالب التقرير بإنشاء لجنة دائمة بمقر نادى القضاة من شيوخ القضاة، لتقصى الحقائق وتقديم المساعدة القانونية لمن يُطلب من رجال القضاء أمام دوائر الصلاحية والتأديب، وإعداد تقرير سنوى لعرضه على مجلس إدراة النادى لاتخاذ ما يراه فى مثل تلك الحالات.