من وفيات الأهرام «المهندس سليمان متولى سليمان وزير النقل السابق وعضو مجلس الشورى ورئيس مجلس إدارة نادى مدينة نصر الرياضى، والسادة أعضاء المجلس والعاملون ينعون ببالغ الحزن والأسى المهندس.....». سعيكم مشكور، يخلق الحى من الميت، أقصد الحى من صفحة الوفيات، ومن وفيات «الأهرام» يطل علينا المهندس سليمان متولى سليمان وزير النقل والمواصلات الأسبق، حى يرزق ليبدد شائعات خبيثة، تكاثرت سحب حول صحته، متعه الله بالعافية، وأطال فى عمره ليرى سكك حديد مصر التى كانت ثانية بعد سكك حديد التاج البريطانى، صارت الأخيرة بعونه وحوله وإدارته. أنصح الباشمهندس أن يترك رئاسة نادى مدينة نصر ولجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير بمجلس الشورى ويتفرغ - مثل الوزير إبراهيم سليمان - للحج والعمرة والدعاء فى الحرم المكى أن يغفر له الله ما تقدم وما تأخر من ذنبه على الخطوط الطوالى والمحافظات. كلما ألم بالسكك الحديدية مصاب (كما جرى الاسبوع الماضى من إضرابات) تذكرت المهندس سليمان، بالضبط كما يتذكره أهل قويسنا نائبهم فى الأفراح، العرسان يتسابقون لالتقاط الصور التذكارية أمام النافورة فى ميدان سليمان متولى. الوزير سليمان لا تهزه حوادث قطارات، يمضى سنوات ما بعد الثمانين (من مواليد 1927) معتصما بالصمت، دخل مرحلة الصمت، مرحلة ثلجية باردة يغشاها ضباب من علامات الاستفهام والحيرة، يسكن تلك المنطقة منذ زمن طويل عدد من كبار المسؤولين والوزراء، وكأن على رءوسهم الطير. المهندس سليمان وغل فى طريق الصمت الذى بلغ نهايته الدكتور كمال الجنزورى، الأخير يقبع فى الربع الخالى من الوطن، يخرج عن صمته - فقط - إذا مس أحدهم مشروع توشكى بسوء، يكتفى بالتوضيح ويعود ليتدثر بصمته من برد النظام. وزير الداخلية السابق اللواء حسن الألفى خرق حاجز الصمت وظهر أخيرا فى حفل زواج نجل اللواء حمدى عبدالكريم مساعد وزير الداخلية، الألفى سبق سليمان إلى الصمت، اللواء عبدالحليم موسى سبقهما إلى القبر، فليهبهما الله طول العمر، يلف الصمت الألفى بدثار كابح كما يلف كثيرين، القائمة تطول، بعضهم يرحل صمتا، فى جلباب صمته، رحل عنا الصامت دهرا المشير عبدالحليم أبوغزالة، طيب الله ثراه. صمت الوزير سليمان يعصمه من المطالبات بمحاسبته عن الانهيارات المتلاحقة فى السكك الحديدية، لكن لماذا يمشى الدكتور أسامة الباز قدما على طريق الصمت، الباز تبوأ مقعدا فى نار الصمت، لماذا يغشى الصمت كل هؤلاء، متى يتحدث الصامتون، حق المعرفة، نحن لا نعرف ما يجب أن نعرف، لسنا حميرا نحمل العنب، ولسنا سكارى نشرب عصير العنب فى صحة الوطن. يمكن التسامح مع الباشمهندس سليمان فى حال السكك الحديدية، المهندس محمد منصور يحاول إصلاح ما أفسده الدهر، ولكن لا يمكن التساهل مع سليمان كشاهد فى واقعة يرويها كمال الشاذلى فى مذكراته التى ستصدر قريبا. يقول الشاذلى إن السادات كان يعتزم التنحى طواعية عن منصبه قبل أسبوع واحد من مقتله فى السادس من أكتوبر 1981، وأبلغه - أى السادات - بحضور المهندس سليمان متولى، أنه يعتزم التقاعد وترك منصبه كرئيس للبلاد بعد إتمام الانسحاب الإسرائيلى من سيناء. لماذا يتحدث الشاذلى كثيرا ويصمت سليمان تماما، الشاذلى لا يعتقد فى الصمت فضيلة، تحدثوا هو أقرب للتقوى.