فى انتخابات هى الأولى منذ 2005 فى العراق الذى مزقته الحرب، سجل العراقيون نصرا جليا حيث انتهى التصويت فى انتخابات مجالس المحافظات مساء أمس الأول بهدوء على الرغم من معارضة بعض القوى المتطرفة لها. كان رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى أبرز الفائزين، فقدرته الواضحة على تحقيق قدر من الأمن فى العراق كانت دافعا لتصويت العراقيين لقائمته، وفى نتائج أولية أعلنتها مصادر غير رسمية فى المحافظات تقدمت قائمة «ائتلاف دولة القانون»، التى يدعمها المالكى، واحتلت القائمة المركز الأول فى 6محافظات من بين 14 محافظة أجريت فيها الانتخابات بينما جاءت فى المركز الثانى فى محافظة كربلاء. جاءت الانتخابات، التى بلغت نسبة المشاركة فيها ما بين 50% و55%، وسط هدوء لم تشهده العراق منذ الغزو، وأعلنت وزارات الدفاع والداخلية والصحة أن عدد القتلى خلال شهر يناير 2009 سجل أدنى معدل منذ 5سنوات حيث بلغ عدد القتلى 191 مقابل 316 فى يناير 2008. وتصدرت الانتخابات العراقية الصحف العالمية خاصة الأمريكية والأوروبية وتلت فى الاهتمام الأزمة المالية وقاربت المساحات التى خصصت لها المساحات المخصصة لتوابع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، واهتمت صحيفة «اندبندنت» البريطانية بالانتخابات التى اعتبرها رئيس بعثة الأممالمتحدة فى العراق ستافان دى مستورا بأنها قد تساعد على إيجاد تسوية للصراع المرير بشأن مدينة كركوك. وقالت إن الحذر والإجراءات الأمنية المشددة نجحت بالفعل فى التأثير بعدما خاض العراقيون أكثر الانتخابات هدوءا منذ 5سنوات، وهو ما كان مختلفا أشد الاختلاف عن شلال الدم الذى سال فى انتخابات 2005-2007. واعتبرت الصحيفة أن قدرة العراق تحت قيادة رئيس الوزراء نورى المالكى فى حفظ الأمن عززت من مكانته السياسية خاصة بعدما أحكم سيطرته على القوات المسلحة العراقية وعلى الصحوات. من ناحيتها، اهتمت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية بالتركيز على أن الانتخابات تمثل بداية مرحلة جديدة يمارس فيها العراقيون حقهم الانتخابى، بينما تستعد القوات الأمريكية للانسحاب، فى وقت أصبح فيه غالبية العراقيين ينتظرون مشاهدة رحيلها عن البلاد، واعتبرت الصحيفة أن نهاية المرحلة السابقة، ونهاية أى مرحلة بشكل عام، لا تأتى فى لحظة، لكن حين تظهر يبدأ الجميع فى النظر للخلف لرؤية متى بدأت فى التحقق. وأشارت إلى أن القوات الأمريكية بدأت فى التراجع فى الوقت الذى بدأ العراقيون ينظرون إليها بشكل مختلف فلم تعد بالنسبة لهم قوات لحفظ الأمن، وبدأ المالكى يفكر فى تمويل بعثات دراسية للطلاب العراقيين للدراسة فى الجامعات الأمريكية على سبيل المثال. وقالت صحيفة «تايمز» البريطانية إن الأصابع الزرقاء استبدلت الرصاص بصناديق الاقتراع، واهتمت بالتركيز على شخص بعينه يمكن الخروج من قصته بصورة عن التغيير الذى حدث فى العراق، هذا الشخص هو حميد الجميلى الذى كان قائدا لإحدى المجموعات المسلحة فى العراق منذ 5سنوات، والآن يخوض الانتخابات على رأس قائمة جبهة تحرير العراق السنية، فى مؤشر على أن السنة الذين قاطعوا الانتخابات السابقة والمسلحين بدأوا ينظرون إليها بشكل مختلف الآن ولم تغفل الصحيفة التأكيد على المشكلات التى تواجه العراقيين وضحايا سنوات العنف الذين مازالوا يعانون، رافضة التركيز على الجانب المشرق وإغفال ما سببته سنوات الحرب التى أوشكت على الانتهاء.