وصلنى هذا المقال القيم من صديق عزيز، وقد رأيت أن أشارك أصدقاء بريد «المصرى اليوم» فيه لأنه - وإن كان موجهاً إلى الشباب العربى بالخليج أساساً - ذو أهمية لشبابنا الذى ربما لم يعايش أيام الريادة والقوة والمنح بلا مقابل من مصر... مصر العظيمة.. مصر المعطاءة.. التى وإن دحرها بعض أبنائها الآن إلا أن الأمل فى نهضتها باق ما بقى الشعور بعظمتها فى قلب أبنائها المخلصين.. إلى شباب مصر: اقرأوا هذا المقال الرائع بعنوان (أنصفوا مصر) كتبه الأستاذ جميل فارسى وهو كاتب سعودى بجريدة «المدينة» وذلك بتايخ 18-6-2008: (يخطئ من يقيّم الأفراد قياساً على تصرفهم فى لحظة من الزمن، أو فعل واحد من الأفعال ويسرى ذلك على الأمم، فيخطئ من يقيّم الدول على فترة من الزمان، وهذا للأسف سوء حظ مصر مع مجموعة من الشباب العرب الذين لم يعيشوا فترة ريادة مصر.. تلك الفترة كانت فيها مصر مثل الرجل الكبير تنفق بسخاء وبلا امتنان وتقدم التضحيات المتوالية دون انتظار للشكر.. هل تعلم يا بنى أن جامعة القاهرة وحدها قد علّمت حوالى المليون طالب عربى ومعظمهم بدون أى رسوم دراسية؟ بل كانت تصرف لهم مكافآت التفوق مثلهم مثل الطلاب المصريين؟ وهل تعلم أن مصر كانت تبتعث مدرسيها لتدريس اللغة العربية للدول العربية المستعمرة حتى لا تضمحل لغة القرآن لديهم، وذلك، كذلك، على حسابها؟ هل تعلم أن أول طريق مسفلت إلى مكةالمكرمة شرفها الله كان هدية من مصر؟ حركات التحرر العربى كانت مصر هى صوتها وهى مستودعها وخزنتها.. وكما قادت حركات التحرير فإنها قادت حركات التنوير.. كم قدمت مصر للعالم العربى فى كل مجال، فى الأدب والشعر والقصة وفى الصحافة والطباعة وفى الإعلام والمسرح، وفى كل فن من الفنون، ناهيك عن الدراسات الحقوقية ونتاج فقهاء القانون الدستورى. جئنى بأمثال ما قدمت مصر... وكما تألقت فى الريادة القومية تألقت فى الريادة الإسلامية. فالدراسات الإسلامية ودراسات القرآن وعلم القراءات كان لها شرف الريادة.. وكان للأزهر دور عظيم فى حماية الإسلام فى حزام الصحراء الأفريقى، بل لم تظهر حركات التنصير فى جنوب السودان إلا بعد ضعف حضور الأزهر.. وكان لها فضل تقديم الحركات التربوية الإصلاحية.. أما على مستوى الحركة القومية العربية فقد كانت مصر أداتها ووقودها. وإن انكسر المشروع القومى فى 1967 فمن الظلم أن تحمل مصر وحدها وزر ذلك، بل شفع لها أنها كانت تحمل الإرادة الصلبة للخروج من ذل الهزيمة... إن صغر سنك يا بنى قد حماك من أن تذوق طعم المرارة الذى حملته لنا هزيمة 67، ولكن دعنى أؤكد لك أنها كانت أقسى من أقسى ما يمكن أن تتصور، ولكن هل تعلم عن الإرادة الحديدية التى كانت عند مصر يومها؟.. أعادت بناء جيشها فحولته من رماد إلى مارد. وفى ست سنوات وبضعة أشهر فقط نقلت ذلك الجيش المنكسر إلى أسود تصيح «الله أكبر» وتقتحم أكبر دفعات عرفها التاريخ مليون جندى، لم يثن عزيمتهم تفوق سلاح العدو ومدده ومن خلفه. بالله عليك كم دولة فى العالم مرت عليها ست سنوات لم تزدها إلا اتكالاً؟ وست أخرى لم تزدها إلا خبالاً.. ثم انظر، وبعد انتهاء الحرب عندما فتحت نفقاً تحت قناة السويس التى شهدت كل تلك المعارك الطاحنة أطلقت على النفق اسم الشهيد أحمد حمدى. اسم بسيط ولكنه كبر باستشهاد صاحبه فى أوائل المعركة. انظر كم هى كبيرة أن تطلق الاسم الصغير.. هل تعلم أنه ليس منذ القرن الماضى فحسب، بل منذ القرن ما قبل الماضى كان لمصر دستور مكتوب.. شعبها شديد التحمل والصبر أمام المكاره والشدائد الفردية، لكنه كم انتفض ضد الاستعمار والاستغلال والأذى العام.. مصر تمرض ولكنها لا تموت، إن اعتلت اعتل العالم العربى وإن صحت صحوا، ولا أدل على ذلك من مأساة العراق والكويت، فقد تكررت مرتين فى العصر الحديث، فى إحداها وئدت المأساة فى مهدها بتهديد حازم من مصر لمن كان يفكر فى الاعتداء على الكويت، ذلك عندما كانت مصر فى أوج صحتها. أما فى المرة الأخرى فهل تعلم كم تكلف العالم العربى برعونة صدام حسين فى استيلائه على الكويت؟ هل تعلم أن مقادير العالم العربى رهنت لعقود بسبب رعونته وعدم قدرة العالم العربى على أن يحل المشكلة بنفسه. إن لمصر قدرة غريبة على بعث روح الحياة والإرادة فى نفوس من يقدم إليها. انظر إلى البطل صلاح الدين، بمصر حقق نصره العظيم. انظر إلى شجرة الدر، مملوكة أرمنية تشبعت بروح الإسلام فأبت إلا أن تكون راية الإسلام مرفوعة فقادت الجيوش لصد الحملة الصليبية... لله درك يا مصر الإسلام، لله درك يا مصر العروبة.. إن ما تشاهدونه من حال العالم العربى اليوم هو ما لم نتمنه لكم. وإن كان هو قدرنا، فإنه أقل من مقدارنا وأقل من مقدراتنا.. أيها الشباب أعيدوا تقييم مصر. ثم أعيدوا بث الإرادة فى أنفسكم فالحياة أعظم من أن تنقضى بلا إرادة. أعيدوا لمصر قوتها تنقذوا مستقبلكم). مهندسة: لبنى عبدالعزيز أحمد ميدان لبنان المهندسين القاهرة