كره منى البعض تجسيداً لشماتة المصريين أيام حريق مجلس الشورى واستنكروه، وقَبَّحوه.. وَيْحَكَ يا رجل! ما هذه بشماتة، المصريون لا يشْمَتُون.. إذن ما رأيكم زاد فضلكم وعلمكم بشمائل الشعب المصرى إبان مجزرة غزة، أليس فيكم رجل رشيد يفسر لنا كل هذا الرفض للموقف المصرى وللخطاب المصرى ابتداءً وحتى النهاية، لماذا كل هذه الكراهية التى تنضح بها المظاهرات أمام النقابات والمساجد، والجروبات على الفيس بوك؟! ما هو حادث على الجبهة الداخلية المصرية جِدّ خطير، صدع مروع، شرخ مخيف، انكشاف مجتمعى، مجتمع له هويته التاريخية التى هى عروته الوثقى، التى حمته طوال تاريخ من النكبات والأزمات والحروب الطواحن.. يتشظى وطنيا إلى فصائل متحاربة، كلاها تقذف الأخرى بالخيانة والعمالة، عجباً.. يصير بيننا وفينا من يقدم حماسا على الوطن المفدى. لم يحدث تراجع فى الهوية المصرية تاريخياً كما هو حادث الآن، على الفيس بوك مجموعات تتنادى إلى التنازل عن الجنسية المصرية، ليس عَرَضاً بل مرض كامن بين الصلب والترائب.. سُحقاً ما هذا العار الذى يتترى فيه نفر من شبابنا عنوة، وتجد بينهم من يتبنى حماسا، صار «حمساوياً» ولا عزاء للمصريين. البعض يتشفى فى الموقف المصرى، يبين أسنانه الصفراء جزلاً فرحاناً، يدين الموقف المصرى، يلعن الموقف المصرى، بعلم أو دون تبصر بالموقف، بالأزمة، بالكارثة، صار صعباً الدفاع عن الهوية ضد بحر من الغضب متلاطم الأمواج، ما الذى يجمع كل هؤلاء على كراهية الموقف المصرى؟! المظاهرات الخارجية مدفوعة ضد مصر.. ربما، ولكن المظاهرات الداخلية، إذا كانت مدفوعة خارجياً فتلك مصيبة، أو مدفوعة داخلياً فالمصيبة أعظم، دراسة العَرَض تحيلك إلى المرض، تجاهل العَرَض خطأ فى التشخيص. نفر من المصريين يرفضون حتى المشاركة فى التبرعات الرسمية، يتبرعون للجهات الشعبية، مصر الرسمية تفتقد المصداقية، تحولت عند البعض إلى عدو، صار المدافعون عن مصر الرسمية نوعين: طالب قُرب وطالب مصلحة، صار الهجوم على مصر شرفاً، وساماً يعلقه بعضهم ليغيظ به المدافعين عن النظام. لماذا ينفر بعض الشباب من النظام كل هذا النفور، لماذا هو غاضب على النظام كل هذا الغضب، لماذا ينتصر البعض للآخرين على حساب مصر، لماذا لا يفخر الشباب بمصريته، يُلْقِى بها فى أول مظاهرة، يبحث عن علم جديد ونشيد، لماذا لم تعد تهزه الأغانى الوطنية، لم يعد يتذكر الأيام الوطنية، اضمحلت فى ذاكرته الانتصارات، وتداعت فى ذاكرته النكبات. مع حماس ضد النظام، مع الاخوان ضد النظام، مع الشيطان ضد النظام، لو كان الشيطان رجلاً لهتف هؤلاء بحياته، وكأن النظام هو الشيطان الذى لا يدانيه أحد فى الخسران، استفاقة مطلوبة لما يتحرك فى الحشا، البطن حُبْلَى بكائن مشوه شائه بلا ملامح.. مصريتنا وطنيتنا حماها الله لا تجد آذانا صاغية، البعض يصم الآذان عن الدعوات الصالحات إلى الوطنية، المصرية فى خطر، الوطنية على المحك، ما تبقى من رصيد وطنى شارف على النفاد، نرجو شحن بطاقات الهوية عاجلا. مَنْ يدافع عن النظام صار عميلاً، يعلنونه على المسبحة، يهينونه على الفيس بوك.. لا يحتملون دفاعا عن مصر والمواقف المصرية.. بالمناسبة هؤلاء ليسوا أشقاء من قطر أو من سوريا أو من ملالى إيران، ولكنهم أشقاء من مصر، من الشارع، من الحى، من الجيرة، من مصر، مصر التى فى خاطرى وفى دمى.