عندما تزداد جرعة الواقع والروتين.. نكون فى حاجة إلى جرعة عبث وصور أيًا كانت تلك الصور ابنى حسن ذو الأعوام الثلاثة تسلق السرير بصعوبة، واستلقى بجوارى وكأنه يقرأ معى عناوين الجريدة الملطخة بدماء أطفال غزة وسألنى بفضوله المعهود أحد تلك الأسئلة التى لا يسهل الرد عليها، خصوصاً وقد تمكن الألم من قلبى: «ما لهم الولاد دول؟ عندهم واوا؟ عاوزين دوا؟».. سألنى هذا السؤال فتذكرت، بينما هو لايزال أصغر من أن يفهم أن نصف دمائه من أمه هى دماؤهم نفسها. تذكرت أولاد خاله وخالته الذين يكبرونه ببضع سنين، وكيف كان يقلدهم فى كل حركاتهم، عندما جاءوا فى الصيف الأخير من غزة. تذكرت أن منزل جده لأمه قد هوى.. تذكرت أنه لم يرَ غزة حتى الآن بالرغم من أن أمه غزاوية من أب غزاوى وجد غزاوى وجد جد غزاوى. تذكرت كل ذلك، فنظرت إليه وهو مستلقٍ بجوارى وقدمه المفرودة أصغر من أصبع رجلى وقلت له: «صح» يا حسن لازم نديلهم دوا.. بس لو نعرف إيه الدوا. [email protected]