رسميًا.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025 للعاملين بالدولة    ننشر مشروع قانون الحكومة المقدم للبرلمان بشأن تنظيم ملكية الدولة في الشركات    ميناء الإسكندرية يستقبل أولى رحلات "WAN HAI" وسفينة "MAERSK HONG KONG" في إنجاز مزدوج    الطيران المدني الأردني: استمرار إغلاق المجال الجوي لعدم وجود تغيير على مستوى الخطر    الخارجية الإيرانية تستدعي سفيرة سويسرا بصفتها رئيسة مكتب رعاية المصالح الأمريكية    "عربية النواب": الهجوم على إيران يُنذر بانفجار إقليمي غير مسبوق    يوفنتوس يجدد عقد مدربه إيجور تيودور حتى 2027    قراءة في عقل «ريبيرو».. 3 تشكيلات وطرق لعب مختلفة للأهلي قبل انطلاق المونديال    خمس مواجهات نارية مرتقبة في دور المجموعات من مونديال الأندية 2025    بسبب صلاح.. منافسة قوية بين ليفربول وبايرن ميونخ    مصرع شاب في حادث دراجة بطريق الفيوم الزراعي.. نزيف بالمخ أنهى حياته قبل الوصول للمستشفى    وداع قاسٍ من الربيع.. إنذار جوي بشأن حالة الطقس الأسبوع المقبل ب القاهرة والمحافظات    حجاج القرعة يشيدون بجهود بعثة وزارة الداخلية للعمل على راحتهم    أول ظهور ل شيماء سيف ومحمد كارتر بعد عودتهما (فيديو)    "حلال فيك" ل تامر حسني تتخطي ال 7 مليون مشاهدة فى أقل من أسبوع    الأحد.. انطلاق المعرض العام للفنون التشكيلية في دورته ال45    "الحياة اليوم" يقدم حلقة خاصة عن تداعيات الضربة الإسرائيلية لإيران وتأثيراتها    بعد استهداف "نطنز" الإيرانية.. بيان عاجل لهيئة الرقابة النووية المصرية    رصاص على المقهى.. تفاصيل مقتل شاب أمام المارة في القليوبية    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو لهو طفل بمنتصف أحد المحاور بالمقطم    «على مدار اليوم».. جدول مواعيد رحلات قطارات المنيا- القاهرة اليوم الجمعة 13 يونيه 2025    مطار شرم الشيخ يستقبل رحلات محوّلة من الأردن بعد إغلاق مجالات جوية مجاورة    الأهلي يهنئ سيراميكا ببطولة كأس عاصمة مصر    وزيرة التخطيط تبحث مع سفير بريطانيا تنويع آليات التمويل للقطاع الخاص    100% لثلاثة طلاب.. ننشر أسماء أوائل الإعدادية الأزهرية في أسيوط    البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو في المسابقة الرسمية لمهرجان عمان السينمائي    دموع على الكوشة انتهت بتعهد.. النيابة تُخلي سبيل والدي عروسين الشرقية    أستاذ بالأزهر يعلق على قانون الفتوى الجديد: أمر خطير ومسؤولية عظيمة    خطيب المسجد النبوي: الرحمة صفة تختص بالله يرحم بها البر والفاجر والمؤمن والكافر    تقارير: أتلتيكو مدريد ينسحب من صفقة ثيو هيرنانديز    رحلة تعريفية لوفد من المدونين والمؤثرين الأمريكيين بالمقصد المصري    القاصد يهنئ محافظة المنوفية بعيدها القومي    خاص| سلوى محمد علي: انفصال بشرى فاجأني وأنهت العلاقة بشياكة    إزالة 8 حالات تعدي على الأراضي الزراعية بالشرقية    مدير بايرن يثير الشكوك حول مستقبل كومان بعد كأس العالم للأندية    الطيران المدني: المجال الجوي آمن.. ورفع درجة الاستعداد القصوى    الرعاية الصحية والجمعية المصرية لأمراض القلب تختتمان حملة التوعية بقصور عضلة القلب بيوم رياضي    قلق عالمي بسبب انتشار «السعال الديكي».. أسبابه وطرق الوقاية منه    خطباء المساجد بشمال سيناء يدعون للوقوف صفا واحدا خلف القيادة السياسية    حملات أمنية لضبط جالبي ومتجري المواد المخدرة والأسلحة النارية والذخائر غير المرخصة في أسوان ودمياط    إنفوجراف| إسرائيل تدمر «عقول إيران» النووية.. من هم؟    أسباب عين السمكة وأعراضها ومخاطرها وطرق العلاج والوقاية    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 137 مخالفة لمحلات لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    الحج السياحي في مرآة التقييم ..بين النجاح وضيق المساحات.. شركات السياحة تطالب بآليات جديدة لحجز مواقع الحجاج بالمشاعر المقدسة .. دعوات بعودة التعاقد الفردي مع المطوفين    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر    وكيل الأوقاف ببني سويف يوجه بضبط استخدام مكبرات الصوت لعدم إزعاج المواطنين    كأس العالم للأندية - الأهلي يواصل تحضيراته لمواجهة إنتر ميامي    رئيس مدينة بلبيس يتعرض لمحاولة اعتداء مسلح أثناء ضبط مخالفة بناء    بعد استهداف إيران.. رئيس الأركان الإسرائيلي: «كل من يحاول تحدينا سيدفع ثمنا باهظا»    أبو العينين: طارق أبو العينين ابتعد عن سيراميكا كليوباترا بعد انضمامه لاتحاد الكرة    سعر الفراخ بالأسواق اليوم الجمعة 13-6-2025 فى المنوفية.. الفراخ البيضاء 87 جنيه    رئيس الوزراء: نتابع الموقف أولا بأول وتنسيق بين البنك المركزي والمالية لزيادة مخزون السلع    الدولار الأمريكي يرتفع متأثرا بالضربة الإسرائيلية على إيران    في ختام رحلة الوفاء.. أسر الشهداء يغادرون المدينة المنورة بقلوب ممتنة    مع إعلانها الحرب على إيران.. إسرائيل تُغلق مجالها الجوي بالكامل    نتيناهو: نحن في لحظة حاسمة في تاريخ إسرائيل وبدأنا عملية «شعب كالأسد» لإحباط المشروع النووي الإيراني    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025.. عطلة رسمية للقطاعين العام والخاص    تعامل بحذر وحكمة فهناك حدود جديدة.. حظ برج الدلو اليوم 13 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجزاء من جنس العمل
نشر في المصري اليوم يوم 20 - 12 - 2008

انتقدت بعض الشخصيات الإعلامية المصرية ما قام به منتظر الزيدى، مراسل قناة البغدادية، عندما ألقى بزوج حذائه فى وجه الرئيس الأمريكى جورج بوش، أثناء مؤتمره الصحفى مع رئيس الوزراء العراقى نور المالكى، داخل المنطقة الخضراء ببغداد.
وقال نقيب الصحفيين المصريين مكرم محمد أحمد، فى أحد البرامج الحوارية بقناة الحياة، «إن ما أقدم عليه الصحفى ضد الرئيس الأمريكى يوم الأحد الماضى أمر غير لائق بالصحافة وبالصحفيين ويضر بسمعتهم»، وأكد الإعلامى الكبير حافظ المرازى، لبرنامج العاشرة مساء على «أن الزيدى بعمله هذا، تجاوز مهنة الصحافة ورسالة مهنة الصحافة وأخلاقياتها، وتصور نفسه واحدًا من المتظاهرين ضد انتهاك حقوق الإنسان»،
وأجمع كل من سبح فى تيارهما، على أن «الحوار الهادئ المتزن، يمكن أن يكون المحور الذى يلتقى عليه المختلفون، كما يجب أن تكون لغة التفاهم نابعة من العقل وليست من الأقدام»، وهذا كلام محترم طبعًا، لأن اختلاف الرأى لا يفسد للود قضية، وتعدد الرؤى بوابة المتحضرين لبلوغ وحدة الهدف ونبل المقصد.
لكن هل هذا يعنى رفض ما قام به الصحفى مهنيًا وأخلاقيًا؟
الحقيقة هناك فرق كبير بين الاختلاف والصدام، بين حوار الأصدقاء وخلاف الأعداء، بين رؤية النار أو الاحتراق بها، بين صحفى فى مصر يراقب الأحداث من بعيد، وصحفى آخر يعايش الأحداث لحظة بلحظة، بمعنى آخر هناك فرق بين الفعل فى ظروفه الطبيعية وغير الطبيعية، ووزن ما قام به الصحفى منتظر الزيدى بمكاييل واقعنا، مخالفة صريحة للإنصاف والعدل، فالزيدى مثل غيره من العراقيين يعيش حالة استثنائية، ولا يمكن أن تفرز هذه الحالة إلا ردود أفعال استثنائية.
والحديث عن العقلانية والتحضر وأدب الحوار واحترام الآخر وقيم الصحافة واخلاقياتها، أمور كلها قابلة للتفعيل فى الظروف الطبيعية، وواجبة الالتزام، أما فى حالة الزيدى، العراقى حتى النخاع، فمن المستحيل الحديث عن قيم تم اغتيالها منذ وطأت أقدام الاحتلال الأمريكى أرض العراق، ومن المستحيل الحديث عن أى شكل من أشكال النظام فى ظل انهيار كامل لدولة ضربت بجذورها فى عمق التاريخ، ولعبت أدوارا مشرفة فى بناء الحضارة الإنسانية.
من المستحيل الحديث عن تجاوز أى عراقى، بعد انتهاك سادة الديمقراطية ودعاة الحريات للشرعية الدولية، واعتمادهم على معلومات استخبارية كاذبة، من أجل سرقة دولة والاستيلاء على خيراتها، ربما يرى المنتعشون بحمامة السلام الإسرائيلية أن ما قام به الزيدى خروج على مالا يصح الخروج عليه، أما من يحترقون فى العراق فستكون لهم رؤية مختلفة، ولهم ألف عذر فى ذلك، فما الذى يمكن أن يفعله أى مواطن حر، عندما تحتل بلده، وتتحول لساحة للنهب والسلب والقتل، على يد بوش ومن جاء معه، على ظهر الدبابات الأمريكية محملين بجميع الأكاذيب والادعاءات لاحتلال العراق؟
وما الذى ينتظر من الزيدى، وهو يرى أمامه الرجل الذى شرد أكثر من 5 ملايين لاجئ داخل العراق وخارجه، ورمل مليونى سيدة، وتسبب فى مقتل مليون ونصف المليون عراقى إن لم يكن أكثر؟ ماذا يفعل الزيدى، وقد تذكر الانتهاكات الجسدية والجنسية لشرفاء العراق فى سجن أبوغريب، وشهداء مجزرة حديثة والمحمودية والفالوجة والقائم والبصرة، بسبب القنابل العنقودية، وجميع الأسلحة المحرمة دوليا؟
ماذا يفعل الزيدى وصور عبير الجنابى التى اغتصبها الجنود الأمريكيون ثم قتلوها مع بقية أفراد أسرتها، لاتزال تلاحقه فى كل مكان؟ إذن لابد من فعل شىء، وفى المؤتمر الصحفى ترتفع درجة غليان الدم فى عروقه، ويشعر أن الفرصة قد واتته لينتقم لنفسه وللعراقيين، عندما هل عليه الرئيس الأمريكى بوجه المستبشر المتفائل بعد عشاء فاخر مع رئيس العراق جلال الطلبانى،
وبعد توقيع الاتفاقية الأمنية مع نور المالكى، والتى يعتبرها الكثيرون اتفاقية إذعان تشرع الاحتلال وتكرسه، وتنظم وجوده، لذا استجار بزوج حذائه، انتقامًا من الحاصل وألقاه فردة فردة فى وجه الرئيس الأمريكى، وعلى العلم الأمريكى ليودع بطريقته الخاصة الرجل الذى جاء ليتوج سياساته الفاشلة، ويحصد مكاسب ليست من حقه.
لا شك فى أن استخدام الحذاء، لامتهان كرامة أى إنسان أو التهوين من شأنه، من الأمور غير المقبولة، لكن وضع الرئيس الأمريكى للعراقيين تحت أقدام مطامعه، جعل من حذاء الزيدى رمزية خاصة، وحول تصرفه غير الطبيعى بسبب ضغوط غير محتملة، إلى عمل بطولى، يتفاخر به العرب من المحيط إلى الخليج.
وصفه رئيس فنزويلا هوجو شافيز بالعمل الشجاع، وفى تقديرى أن موقف الزيدى هذا، كان أكثر بلاغة من عشرات الآلاف من المقالات الرافضة للاحتلال الأمريكى للعراق، واختزالاً لرأى العرب عمومًا فى سياسة بوش تجاه الشرق الأوسط.
لقد أراد الرجل أن يبعث برسالة للعالم كله، مؤداها: «إن الإنسان الحر كلما زادت عليه الضغوط ازداد صلابة وقوة، وأن احترام الآخر غير ممكن فى ظل عدم احترام هذا الآخر لنفسه، والحديث عن المنطق والمقبول لن يتأتى إلا فى الظروف الطبيعية، وإذا قبلنا أن يذبحنا، زعماؤنا بالديكتاتورية، فلا يصح أن نذبح هذا الرجل بالتسرع فى إطلاق الأحكام عليه، ومن اعتدى على تمثال صدام فى نهاية حكمه، ليس غريبًا أن تكون آخر قبلة يتلقاها من العراقيين هى زوج حذاء منتظر الزيدى، فالجزاء من جنس العمل.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.