نائب: كلمة السيسي بالأكاديمية العسكرية خريطة طريق جديدة وأمل للشعب المصري    محمود عصمت يكشف أهمية المشروع النووي لتحقيق الاستقرار بشبكة الكهرباء    «مدبولي»: الدولة تولي اهتمامًا خاصًا بذوي الهمم لدمجهم في الحياة    إثيوبيا تواصل تفريغ سد النهضة، شراقي: تدفقات النيل الزائدة تهدد السودان    وزير الخارجية يلتقي الجالية المصرية في نيويورك    شرف الدفاع عن الأوطان.. عنوان خطبة الجمعة المقبلة    استقرار سعر الريال السعودي في بداية التعاملات اليوم 27 سبتمبر 2025    أسعار اللحوم الحمراء اليوم السبت 27 سبتمبر 2025    سعر صرف الدولار في البنوك المصرية صباح اليوم السبت    وزير النقل يترأس اجتماع مجلس إدارة هيئة تخطيط مشروعات النقل    السكك الحديدية: تشغيل قطارات جديدة على هذه الخطوط    تتضمن 3 مطالب، مظاهرة حاشدة ضد حرب غزة في برلين اليوم    وزير الخارجية لرئيس مجلس الأمن: مصر ستتخذ الإجراءات اللازمة لحماية أمنها المائي    وزير الخارجية يؤكد لنظيره السوري رفض مصر القاطع للانتهاكات المتكررة للسيادة السورية    بيراميدز «المنتشي» في اختبار صعب أمام طلائع الجيش بالدوري    الريال يواجه أتلتيكو في ديربي مدريد بالدوري الإسباني    موعد لقاء ليفربول وكريستال بالاس في البريميرليج    ضبط صيدلية غير مرخصة تحوي أدوية منتهية الصلاحية بأسيوط    إصابة 3 أشخاص في انقلاب ميكروباص بشمال سيناء    اليوم.. كابونجا يستعد لتحطيم رقم قياسي عالمي بسحب باخرة تزن 700 طن بأسنانه    بالفيديو.. باحثة: المتاحف الإقليمية تبرز هوية المحافظات المصرية    رحمة أحمد تكشف تفاصيل أزمتها الصحية: دخلت العناية المركزة بسبب حساسية شديدة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : الصبر والصلاة !?    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن :هنيئا للأهل ببقطارس نجاحهم!?    وزير الخارجية البحريني يبحث مع الأمين العام للأمم المتحدة سبل تعزيز التعاون    بدء تلقي طلبات الترشح لانتخابات مجلس إدارة النادى الأهلى    مواعيد مباريات اليوم.. ليفربول في مهمة صعبة وريال مدريد يصطدم بأتلتيكو    ولد بنت شايب ولينك.. مسلسلان على شاشات ومنصات المتحدة فى أكتوبر    غدا الأحد.. آخر موعد لسداد مبالغ جدية حجز مشروع سكن لكل المصريين 7    مستشار الأمن القومي العراقي: تفكيك مخيم الهول يعزز الأمن والسلم الدوليين    السيسي عن معبر رفح: لم يغلق من الجانب المصري رغم تعرضه للتدمير 4 مرات    ماجد الكدوانى وغادة عادل وأبطال فيها إيه يعنى يحتفلون بالعرض الخاص الثلاثاء    3 ظواهر جوية.. هيئة الأرصاد تكشف تفاصيل طقس اليوم    محاكمة 23 متهما في خلية اللجان النوعية بمدينة نصر اليوم    تعرف على الحالة المرورية بالقاهرة والجيزة اليوم السبت    كدمات تظهر فجأة دون إصابة.. ما السبب العلمي وراء هذه الظاهرة؟    عرض شائع يهدد صحة النظر وهذه أبرز أسبابه وطرق العلاج    الرئيس السيسي: محدش يطلب مني أدخل في صراع عشان أدخل مساعدات لغزة بالقوة    طبيب يحذر: الهيموجلوبين الطبيعي لا ينفي الإصابة بالأنيميا    الدكتورة إيناس ابراهيم: مصر أول من صاغت قانونًا يساوي في الحقوق والواجبات بين المرأة والرجل    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 27 سبتمبر 2025    إسدال الستار على الدورة الأولى.. «المنزل» يحصد «الفنار الذهبى» في بورسعيد    حبس تشكيل عصابي تخصص في سرقة الهواتف المحمولة بالنزهة    د.إبراهيم مجدي متحدثًا عن الزواج والمرض النفسي: الأهل يعتبرونه وصمة عار    مرشح لمنصب مهم، مفاجأة عن سر استقالة أشرف زكي بشكل مفاجئ    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 27-9-2025 في محافظة الأقصر    فلسطين.. 3 شهداء وإصابتان في قصف إسرائيلي استهدف منزلًا وسط غزة    نحن مسالمون لكن لسنا ضعفاء ولا رهان بحياة المصريين.. ماذا قال الرئيس في زيارته للأكاديمية العسكرية؟    الفراعنة الشباب يبدأون رحلة الأحلام من بوابة اليابان    وصول 19 من أطباء الجامعات إلى مستشفى العريش العام    إيران: لم ننتهك معاهدة منع الانتشار.. وإسرائيل المالك الوحيد للسلاح النووي في المنطقة    غياب 5 نجوم عن بيراميدز أمام طلائع الجيش في الدوري    مباحث البحيرة تنقذ تلميذًا من أيدي خاطفيه خلال ساعات.. والمتهم نجل عم والده    كلب ضال يعقر 5 أشخاص بينهم أطفال بكحك بحري في الفيوم    فيديو.. لجان لمتابعة تطبيق غلق المحال بالدقهلية فى أول أيام التوقيت الشتوى    عبد الحفيظ: الخطيب أخ أكبر لي.. وقد أترشح في انتخابات الأهلي    لحظات لا ترد فيها الدعوات.. سر آخر ساعة من يوم الجمعة    تعرف مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الجمعة 2692025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على باب سيد حجاب
نشر في المصري اليوم يوم 18 - 12 - 2008

مثل النسمة الندية التى ترد الروح فى أحد عصارى حر أغسطس. «سيد حجاب»، إذا مر اسمه أمامك فى ورقة، أو إذا قرأت له شيئا من بديعه أو سمعت أو إذا مر من أمامك أو صافحك.
وهذه أبداً ليست محاولة منى للكتابة عن سيد حجاب وعالمه المسحور، فاقتحام عالمه والغوص فيه يحتاج إلى تدريب وإعداد وأدوات تستعصى على قارئ «على قد حاله» مثلى، وإنما أحاول أن ألفت نظر أبنائنا الذين يهيمون عشقا بالرجل إلى ضرورة تأمل مجمل صورة هذا الإنسان الرائع لا الوقوف فقط عند تجلياته، وهنا فقط يكفينى الوقوف بالباب.
ولد سيد حجاب فى المطرية، أقصى الشمال الشرقى من محافظة الدقهلية على شواطئ بحيرة المنزلة فى مطلع أربعينيات القرن الماضى حيث كانت واحدة من أكبر قرى الصيادين فى مصر، إن لم تكن اكبرها على الإطلاق، والذى يعرف قرى الصيادين يدرك أن سكانها يعانون جميع أشكال القهر الإقطاعى من ملاك المسطحات المائية والرأسمالى من تجار الجملة، فضلا عن اعتمادهم فى معاشهم اليومى أساسا على فكرة الرزق الذى قد تجود به السماء عليهم يوما وتضن به أياما.
غير أن حجاب ولد لأسرة متوسطة مكنته من الحصول على شهادة الثانوية، والارتحال إلى مدينة الإسكندرية للالتحاق بكلية الهندسة، وقد شغفته الإسكندرية حبا بعالمها الثرى والمتنوع، الذى يعج بمختلف ألوان النشاط الأدبى والفنى لمختلف جنسيات العالم وقتها، وهكذا بدأ تجاربه الشعرية بالفصحى التى أودعها ديوانه الأول «صياد وجنية»، ولما لم يصل الديوان إلى أصحابه من الصيادين الفقراء، فإن حجاب قد انتقل إلى الكتابة بالعامية.
وقد ضاقت الإسكندرية على عالمه الشعرى فاستقر فى القاهرة ليلتقى بكبار الشعراء الذين سبقوه، كصلاح جاهين، وفؤاد قاعود، وفؤاد حداد، وزملاء جيله كالأبنودى ويحيى الطاهر وغيرهما، ويرتبط ببعض تجمعات اليسار،
وهكذا ذاق حلاوة الحب الخالص للوطن باعتقاله لشهور عديدة، زادته عشقا للناس وللغلابة - كما يحب أن يسميهم - والمتأمل لشعر حجاب يجد فيه آثارا من تمرد النديم ورحابة بيرم بل سخرية أبو شادوف من العصور الوسطى ومربعات ابن عروس والمواويل الخضراء والحمراء وسير بيبرس والهلالى، 
كما يجد فيه آثارا من كل طبقات التاريخ المصرى، فرعونى ويونانى وقبطى ورومانى وإسلامى وحديث، كما يجد فيه تقديرا وافيا وشافيا لرموز بلادنا التنويرية والوطنية.
غير أنه لا يدع فرصة تفوت دون أن يعلن انحيازه للغلابة والمهمشين والكادحين والعرقانين والمتمردين على الظلم مهما كانت أشكاله، فهو يحيى سعيد مهران بطل رائعة نجيب محفوظ «اللص والكلاب» بقوله: يا خلى ياللى كايدت العدوين/ وانت داخللى/ تارك حايخدولك سعيد مهران/ياعريسى.. أدهم/يا ولف ياسين»
ويدخل صلاح جاهين فى زمرة الأوليا فيقول فى وفاته: «ياللى ضمير مصر النبيل ودك /وسقاك بكارة رعشة التراتيل ودهشة الزغاليل/ووحشة المواويل/واختصك النيل والأمين جبريل/اختصك النيل الأصيل وحدك /بصادق التنزيل» ويندد بالخيانة: «ملعون ف كل كتاب يا عار الخيانة/اللعنة والنار ع اللى خانوا الأمانة/عاشوا على موتنا.. وموتهم حيانا/عليهم اللعنة ف ترابنا وسمانا»
ولحجاب علاقة خاصة ومتفردة بلغتنا المصرية التى اغدقت عليه بلا حدود، انظر كيف يستخدم حرف «الكاف» كالصانع الماهر الذى يصنع من مادة خام واحدة كل ما لا يخطر ببالك من منتجات «دنياك سكك حافظ على مسلكك/وامسك فى نفسك لا العلل تمسكك/ وتقع ف خية تملكك تهلكك/أهلك ياتهلك دانت بالناس تكون/ إن درت ضهرك للزمن يتركك/لكن سنابك مهرته تفركك/وان درت وشك للحياة تسبكك/والخير يجيك بالكوم وهمك يهون»
 وانظر نفس ما يفعله بحرف «الشين»: الشر شرق وغرب عشش ف حوشنا/حوشوا لا ريح شاردة تقشقش عشوشنا/حوشوا شرارة تطيش تشقق عروشنا/وتغشنا المرايات تشوش وشوشنا/وتهيل تراب ع الهالة والهيلمان/الغش طرطش رش ع الوش بوية/مادريتش مين بلياتشو أو مين رزين/شاب الزمان وشقيقى مش شكل ابويا/شاهت وشوشنا تهنا بين زين وشين/ولسه ياما وياما حنشوف كمان»،
 وكما قلت فى البداية هذا ليس تناولا وافيا لأعمال سيد حجاب ولا تكفى عشرات المقالات للحديث عن مقدمات وأغنيات المسلسلات التى كتبها والتى أصبح فيها رمزا لا يبارى، أو روائعه التى غناها على الحجار «يامصرى ليه دنياك لخابيط» أو مثل ترجماته لحوارات الكثير من الأفلام ك«الملك الأسد» وغيرها وغيرها.
غير أنى لا أريد أن أترككم دون الإشارة إلى روائعه فى مسلسل «الأيام» الذى يحكى قصة حياة عميد الأدب العربى طه حسين، والتى تؤكد أن حجاب قد خاض بحار العميد العميقة، ولعلى لا أبالغ إذا تصورت أن العميد قد أبصر بعيون سيد حجاب يقول «يا رب ليه البكا عشش على دارنا/ والحزن مال واتكّى وحش أخضرنا/الحزن فى القلب ياه /لابد ما بيفوته / أحسن ولاد الحياة ليه بدرى بيموتوا»
 ومع هذا يقول : «أيام ورا أيام لا الجرح يهدا ولا الرجا بينام /ماشى ف طريق الشوك ماشى/لكن قلبى مطرح مايمشى يبدر الأحلام/ العتمة سور والنور بيتوارى/وإيش للفقارى فى زمان النوح/ إمتى تخطى السور يانوارة/ويهل عطرك ع الخلا ويفوح ويشدنا لقدام».
أرجو ألا أكون قد فرطت فى حق الرجل، إننى هنا فقط أرجو أن أكون قد ذقت بملعقة صغيرة من بحر بديعه العميق.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.