«القومي للإعاقة» يتقدم ببلاغ للنائب العام بشأن واقعة زواج عريس متلازمة داون    مدبولي: الدولة تواصل دعم قطاع البترول وإتاحة المزيد من التيسيرات والمحفزات لجذب الاستثمارات    دون المشاركة فيه.. «CBS»: أمريكا تدرس دعم هجوم إسرائيل على إيران    الجيش الإسرائيلي يقول إنه حيد مقاوما فلسطينيا أطلق النار على نقطة تفتيش    السفير الأمريكى فى إسرائيل يعلن انحيازه لبن جفير وسموتريتش بعد فرض عقوبات عليهما    ما هي الجنسية المسيطرة بين مدربي كأس العالم للأندية 2025؟    يحيى عطية الله: إمام عاشور والشحات الأقرب لي في الأهلي والمنافسة مع معلول شرف    رسميًا.. جالاتا سراي التركي يعلن التعاقد مع ساني    الأمن يضبط المتهم بفيديو تعدى سائق سيارة "ميكروباص" على راكبة بالقاهرة    ضبط كيانات مخالفة لإنتاج وتوزيع الأدوية البيطرية مجهولة المصدر بالمنوفية    "الشؤون الإسلامية" تكثّف جهودها التوعوية في مسجد التنعيم تزامنًا مع توافد المعتمرين    ثقافة بورسعيد تواصل ليالي العرض المسرحي «عشاق المترو»    هيئة قصور الثقافة تكرم لاميس الشرنوبي رئيس إقليم القاهرة لبلوغها السن القانوني للتقاعد    بعد تعرضهما لوعكة صحية.. أحمد زاهر يوجه رسالة مؤثرة لابنته ملك ونجل تامر حسني    بالطابع الدرامي.. مي فاروق تطرح «بنات الخلق» | فيديو    «الصحة»: افتتاح 24 عيادة أسنان جديدة بعدد من الوحدات الصحية بالمحافظات خلال عام    متحور كورونا الجديد «NB.1.8.1».. تحت المراقبة العالمية    «البحوث الإسلامية» يطلق حملة توعويَّة لمواجهة الخصومات الثأريَّة    غودار وفلسطين.. حين عاد التجريبى الأكبر فى تاريخ السينما إلى «القضية» بعد صمت طويل    "أكسيوس": نتنياهو طلب من الولايات المتحدة التوسط في المفاوضات الإسرائيلية - السورية    القصة الكاملة لسرقة الدكتورة نوال الدجوي.. من البلاغ لحفظ التحقيقات    إنقاذ مريضَين بانشطار في الشريان الأورطي ب الزهراء الجامعي    فتح باب التقديم للالتحاق بالمدارس الرياضية للعام الدراسي الجديد بالمنوفية (شروط التقديم)    رئيس الوزراء يناقش خطة العمل لإجراء التعداد العام للسكان والإسكان والمنشآت 2027    المتحف المصرى الكبير بوابة مصر إلى العالم.. كاريكاتير    لترطيب الكبد- 4 فواكه تناولها يوميًا    عرض مالي ضخم يقرب سباليتي من تدريب النصر    فى زمن الانقلاب ..عامل يقتل 3 من أبنائه ويشنق نفسه في سوهاج    كوريا الجنوبية: بيونج يانج تعلق البث المناهض عبر مكبرات الصوت    الأحد 22 يونيو.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن المرحلة الثامنة التكميلية بالعبور الجديدة    وفد عمل مصر الثلاثي يُشارك في منتدى «التحالف العالمي للعدالة الإجتماعية»    وزير الري: مصر تقوم بإدارة مواردها المائية بحكمة وكفاءة عالية    إنارة رافد جمصة على طاولة التنفيذ بتنسيق مكثف بين الجهات المعنية    أشرف صبحي: نادي سيتي كلوب إضافة نوعية لخريطة المنشآت الرياضية بدمياط    وزير الاستثمار: الدولة تولي اهتمامًا كبيرا بتطوير قطاع التأمين    قافلة جامعة المنوفية توقع الكشف الطبي على 440 من أهالي «ميت أم صالح»    عبد العاطي يؤكد ضرورة الحفاظ على السودان وصون مقدّراته    رسميًا.. رابط الاستعلام عن نتيجة مسابقة تعيين 20 ألف معلم مساعد للغة الإنجليزية    انخفاض تكلفة التأمين على الديون السيادية لمصر لأدنى مستوى في 3 سنوات    "دخل حسابي 1700 يورو؟".. أحمد حمدي يثير الجدل بمنشور جديد    ريال مدريد يحسم صفقة الأرجنتيني فرانكو ماستانتونو حتى 2031    أهلي جدة ينتظر موقف ميسي    حجز والدي عروس الشرقية على ذمة التحريات في واقعة زفاف عريس متلازمة دوان    عبد الخالق فريد مديرًا لمهرجان بورسعيد السينمائي الدولي    محافظ المنيا: إزالة 215 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة والبناء المخالف    مصر تعرب عن خالص تعازيها لجمهورية الهند في ضحايا تحطم طائرة غرب البلاد    انقطاع شامل للاتصالات والإنترنت في قطاع غزة    وزير البترول: مشروع إنتاج حامض الفوسفوريك تحرك هام لتعزيز الصناعات التحويلية    حقوق الإنسان بمجلس النواب تستضيف رئيس الطائفة الإنجيلية وأعضاء الحوار المصري الألماني    مدير تعليم القليوبية لمصححى الشهادة الإعدادية: مصلحة الطالب أولوية عظمى    تصادم دموي بوسط الغردقة.. إصابة 5 أشخاص بينهم طفل في حالة حرجة    20 مليون جنيه مخدرات وسقوط 5 خارجين عن القانون.. مقتل عناصر عصابة مسلحة في مداهمة أمنية بأسوان    إسرائيل.. المعارضة غاضبة لفشل حل الكنيست وتهاجم حكومة نتنياهو    أمين الفتوى يوجه رسالة لمن يفوته صلاة الفجر    مراد مكرم ساخرًا من الأوضاع والنقاشات في الرياضة: بقى شغل عيال    أنغام تدعو بالشفاء لنجل تامر حسني: «ربنا يطمن قلبك وقلب أمه»    حكم توزيع لحوم الأضحية بعد انتهاء أيام عيد الأضحى    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع رئيسين فى عيد ميلادى السبعين
نشر في المصري اليوم يوم 13 - 12 - 2008

تشاء صدفتا الميلاد والنشاط العام أن أقضى عيد ميلادى السبعين (3/12/1938-3/12/2008) بين مدينتى جنيف السويسرية وأطلانطا الأمريكية. وفى المدينتين التقيت رئيسين سابقين هما الرئيسة السابقة لجمهورية أيرلندا، د. مارى ربنسون، والرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر. وكانت قضية حقوق الإنسان فى قلب اللقاءين، بالإضافة إلى أهم المستجدات على المسرح العالمى، وهو انتخاب رئيس أمريكى شاب وواعد.
وقد ساعد فرق التوقيت (7 ساعات) أن أكون موجوداً فى بلدين وقارتين مختلفتين، وأن أتناول الإفطار مع رئيس سابق محترم، والعشاء مع رئيس سابق آخر محترم أيضاً. ونادراً ما أستخدم صفة «محترم» مع أى من الرؤساء الحاليين أو السابقين، إلا إذا كان هذا الرئيس يستحق هذه الصفة فعلاً.
 وفى استخدامى هذا الوصف مع أى رئيس لا بد من توافر شرطين على الأقل. الأول، أن يكون قد أتى إلى منصب الرئاسة هذا من خلال انتخابات ديمقراطية شفافة ونزيهة، والثانى أن يكون قد ترك منصبه فى نهاية مدة ولايته الدستورية سلمياً، ومارس حياة عامة منتجة «كرئيس سابق». وقد استحق الرئيس جيمى كارتر والرئيسة مارى ربنسون صفة الرئيس المحترم بجدارة.
مع الرئيسة مارى ربنسون، كنت العربى الوحيد ضمن لجنة من عشر شخصيات، عُهد إليها الإعداد للاحتفال بالذكرى الستين «الإعلان العالمى لحقوق الإنسان»، وهى تلك الوثيقة التى صدرت عن الأمم المتحدة يوم 10 ديسمبر 1948، وتحتوى على ثلاثين مادة، تنص كل مادة منها على أحد الحقوق، التى اعتبرها المجتمع الدولى وقتها حقوقاً أساسية لكل مخلوق بشرى، مهما كان جنسه، أو دينه، أو لون بشرته.
ولأن معظم الثلاثمائة مليون عربى المعاصرين اليوم، بمن فيهم هذا الكاتب نفسه، لا يزالون محرومين من كل أو معظم هذه الحقوق.. ولأن الأجيال الجديدة لم تتعلمها فى الأسرة، أو المدرسة، فمن المهم أن تستذكرها، ودون تفصيل فإنها:
1 - الحق فى المساواة.
2 - الحق فى الحرية من التمييز.
3 - الحق فى الحياة والأمن.
4 - الحق فى الحرية من العبودية.
5 - الحق فى عدم الخضوع للتعذيب.
6 - الحق فى الاعتراف بالذات أمام القانون.
7 - الحق فى المساواة أمام القانون.
8 - الحق فى التقاضى أمام المحاكم.
9 - الحق فى الحرية من الاحتجاز التعسفى أو النفى.
10 - الحق فى محاكمة علنية.
11- الحق فى البراءة إلى أن يتم إثبات غير ذلك.
12- الحق فى الحرية الخاصة وحرمة الأسرة والمسكن والمراسلات.
13- الحق فى حرية الحركة داخل الوطن وخارجه.
14 الحق فى اللجوء إلى خارج الوطن تفادياً للاضطهاد.
15 - الحق فى الجنسية، وفى تغييرها.
16 - الحق فى الزواج وتكوين أسرة.
17 - الحق فى التملك.
18 - الحق فى حرية الدين والعقيدة.
19 - الحق فى حرية الرأى وتداول المعلومات.
20 - الحق فى حرية التجمع السلمى وإنشاء الروابط.
21 - الحق فى المشاركة فى الحكومة، وفى الانتخابات الحرة.
22 - الحق فى الضمان الاجتماعى.
23 - الحق فى عمل مرغوب وفى عضوية النقابات.
24 - الحق فى الراحة ووقت الفراغ.
25 - الحق فى مستوى معيشة لائق.
26 - الحق فى التعليم.
27 - الحق فى المشاركة فى الحياة الثقافية للمجتمع.
28 - الحق فى نظام اجتماعى يكفل ما ورد فى هذه الوثيقة.
29 - الحق فى تحمل الواجبات الضرورية لتنمية حركة كاملة.
30 - الحق فى الحرية من تدخل الدولة أو الأفراد فى إنكار الحقوق السابقة.
لقد تعمدت النص الكامل لهذه الحقوق كما وردت فى الإعلان العالمى، الذى أقرته الأمم المتحدة يوم 10 ديسمبر 1948 لأن معظم القرّاء المصريين والعرب ربما لم يطّلعوا على مواد الميثاق كاملة. وربما يُباهى حاكم عربى، هنا أوهناك، بأنه منح شعبه أو مواطنيه هذا الحق أو ذاك، وهو ادعاء غير صحيح.
 فبمجرد دخول أى دولة للأمم المتحدة فإنها لا بد أن تقر بقبول هذا الإعلان. وبجعل هذا القبول بالإعلان العالمى لحقوق الإنسان منه جزءاً لا يتجزأ من المنظومة القانونية للدولة. فإذا تعارض أى قانون أو مادة فى القوانين الوطنية مع ما ورد أعلاه، فإن الأسبقية تكون للمواثيق والمعاهدات الدولية.
من ذلك، أن المادة 19 الخاصة بحق حرية التعبير كانت، وما زالت، فى نظر المراقبين هى الأهم فى الإعلان العالمى، لأنها شرط الضرورة للدفاع عن بقية الحقوق التسعة والعشرين الأخرى الواردة فى الإعلان. وربما لهذا نشأت جمعية فى لندن تحمل رقم هذه المادة (19).
 ومن الواضح أن بعض القضاة المصريين إما لم يسمعوا عن هذه المادة، وإما سمعوا بها، ولكنهم يتجاهلونها، إرضاء لصاحب السلطة الأعلى أو طمعاً فى رضائه وعطاياه مستقبلاً.
جالت هذه الخواطر والمُفارقات بعقلى، مرة فى جنيف، بجانب الرئيسة مارى ربنسون، ونحن نُدشن لوحة استذكارية للراحلة الينور روزفلت، زوجة الرئيس الأمريكى الأسبق فرانكلين، والتى رأست لجنة من ثمانى شخصيات دولية، كان منهم اثنان عرب هما المصرى د. محمود عزمى واللبنانى د. شارل مالك، واستغرقت ثلاث سنوات.
 وأقرتها كل الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة وقتها (10/12/1948)، وبينها سبع دول عربية مستقلة (مصر، لبنان، سوريا، العراق، الأردن، اليمن، السعودية)، وقد احتفلنا بالمناسبة نفسها مع الرئيس الأمريكى جيمى كارتر، وقرينته روزالين، فى مدينة أطلانطا، على نحو ما ذكرت فى فقرة سابقة.
ويعتبر الرئيس كارتر الإعلان العالمى لحقوق الإنسان أهم وثيقة عرفتها البشرية منذ الكتب السماوية الثلاثة (التوراة، الإنجيل، القرآن). ومع ذلك فقد تعجب مما إذا كان يمكن إقرار الإعلان نفسه بالأغلبية نفسها لو أعيد التصويت عليه اليوم فى الأمم المتحدة؟!
لقد كان عدد أعضاء الأمم المتحدة عام 1948، حينما عُرض للتصويت أقل من أربعين، معظمهم تحكمه أنظمة ديمقراطية. أما الآن فإن عدد الأعضاء قد تجاوز المائة والثمانين، نصفهم تحكمه أنظمة غير ديمقراطية... ولا تحترم ما ورد فى الإعلان من حقوق.
كذلك، فحتى الأعضاء الأصليون الذين أقروا الميثاق عام 1948، لأنهم كانوا ديمقراطيين، ولكنهم لم يعودوا كذلك، ومنهم مصر وسوريا. وحين سمعت اسم مصر فى هذا السياق أحسست بحسرة حقيقية.
وكانت حسرتى تتضاعف وأنا أستمع لشهادات المنظمات الحقوقية الدولية، وهم يذكرون الدور المصرى الرسمى المناوئ لمشروعات القرارات التى تُدين الانتهاكات الجماعية لحقوق الإنسان فى كل من السودان (دارفور) وزيمبابوى. وتقود مصر فى هذا الصدد ثلاث مجموعات دولية.. هى المجموعة الأفريقية، والمجموعة العربية، والمجموعة الإسلامية. وهى معاً تزيد على نصف أعضاء المنظمة الدولية.
ورجعت بى الذاكرة لكتاب جمال عبدالناصر فلسفة الثورة، الذى كان أول من تحدث فيه عن الدوائر الثلاث الحيوية التى تنتمى لها مصر فى خمسينيات القرن الماضى، فى سنوات حركات التحرير التقدمية، التى ناصرت حقوق الإنسان وحقوق الشعوب. وربما لم يخطر ببال عبد الناصر أن الانتماء للدوائر الثلاث، سيوظف لا من أجل معارك حقوق الشعوب إنما معارك لتحصين الأنظمة المستبدة، ضد شعوبها وضد حقوق الإنسان.
فسبحان مُغير الأحوال من النقيض إلى النقيض. ولا بد أن يكون د. محمود عزمى، أحد رموز مصر الليبرالية، وعبدالناصر أحد رموز مصر التقدمية يتقلبان فى قبريهما. فلا مصر حافظت على ليبراليتها من العهد الملكى، ولا على تقدميتها من العهد الثورى.
ولم تقطع رحلة الذكريات هذه إلا أصوات غناء يقودها جيمى كارتر وروزالين «عيد ميلاد سعيد... عيد ميلاد سعيد يا سعد... عيد ميلاد سعيد يا سعد!». عندئذ تذكرت زملاء آخرين غنوا لى الأغنية نفسها فى سجن مزرعة طرة، فى اليوم نفسه منذ خمس سنوات.. ومرة أخرة قلت لنفسى سبحان مُغير الأحوال!
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.