حذر عدد من المنتجين والمصدرين من استمرار قيمة الجنيه المصرى على ما هى عليه أمام العملات الأجنبية، مطالبين البنك المركزى بالتخلى عما سموه «الدعم الخفى للعملة المحلية» والاتجاه إلى تخفيض قيمتها أسوة بالعديد من دول العالم التى اتخذت نفس النهج فى إدارة الأزمة العالمية. وأكدوا أنه إذا استمرت سوق الصرف على وضعها الحالى فإن النتيجة ستكون تدهوراً فى الصادرات وتزايد الواردات من الخارج، مقللين من تأثير الحوافز الحكومية فى إنقاذ الاقتصاد القومى. وقال صفوان ثابت عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات إن البنك المركزى تدخل بشكل غير مبرر لدعم الجنيه أمام الدولار وإن كان بشكل خفى، وهو ما قد يؤدى إلى الإضرار الشديد بالسوق، مشيراً إلى أن تحرير سعر الصرف «أمر نسبى» حتى إن كل مسؤولى السياسات النقدية يتدخلون فى تداول العملة لاعتبارات سياسية أو أمنية. وأضاف أن القيمة الحالية للجنيه لا تعبر عن التقييم الحقيقى له وإنما هناك مبالغة شديدة، مشيراً إلى أن العديد من الدول خفضت عملتها أمام الدولار للحفاظ على حركة دوران الاقتصاد وزيادة الصادرات فمثلاً الاتحاد الأوروبى خفض عملته «اليورو» أمام الدولار ب20٪ والاسترلينى 25٪ وفى تركيا تم تخفيضها إلى 30٪ حتى وصل الأمر فى البرازيل إلى تخفيضها 50٪ والمكسيك 40٪ فى حين نجد مصر لا تتعدى نسبة الخفض 2٪ فقط. وتابع ثابت هذا الأمر جعل أسعار السلع المصرية أعلى كثيراً من الدول الأخرى التى أجرت تخفيضات على عملتها بما يحد بشكل كبير المنافسة، مشيراً إلى أن الموالح مثلا ستجد صعوبة بالغة فى الحفاظ على مكانها بالسوق الخارجية مقابل المنافسة مع تركيا التى أصبح سعرها أقل بنفس نسبة تخفيض العملة. وأكد أن الدعم التصديرى الذى قدمته الحكومة بواقع 50٪ إضافية إلى السابق لن يسهم فى مواجهة المخاطر الناتجة عن العملة حتى لو وصل إلى 200٪. واتفق معه طارق توفيق رئيس غرفة الصناعات الغذائية، مؤكداً أن قوة الجنيه تدعم الواردات على حساب الصادرات بما سيؤدى إلى إغراق الأسواق المصرية بمنتجات مستوردة. وأكد أن دواعى الحفاظ على قسمة الجنيه، فى طريقها إلى التلاشى مع الانخفاض المتوقع فى معدلات التضخم والتى قد تتراجع وفق تصريحات الحكومة إلى 7٪ مع انهيار أسعار السلع الغذائية والحديد والأسمنت وهى الأكثر سببا فى تصاعد معدل التضخم الأشهر السابقة. وأضاف أن الجنيه بوضعه الحالى يمثل عبئاً قوياً على الموازنة، خاصة فى ظل التوقعات بانخفاض حصيلة الدولار وهو ما يثير التساؤلات حول تمسك المركزى بدعم الجنيه واستمراره بهذه القوة. قال إن انخفاض قيمة الجنيه سيدعم قطاعات السياحة والتصدير أكثر القطاعات مساهمة فى موارد الدولة إلى جانب البعد الاجتماعى، حيث يستحوذان على أكبر نسبة من العمالة وأى ضرر يقع عليهما ينعكس مباشرة على تسريح عمالة وخفض معدلات التشغيل. من جانبه، أكد جلال الزوربا رئيس اتحاد الصناعات أن قوة الجنيه ليست لها علاقة بقوة الدولة، مشيراً إلى أن تخفيض سعر الفائدة سينعكس بقوة على تخفيض سعر صرف الجنيه. أما محمد القليوبى، رئيس غرفة الصناعات النسيجية، فقد دعا إلى وضع سعر صرف متميز للدولار التصديرى حالة عدم موافقة «المركزى» على تخفيض سعر العملة، مؤكداً أن المنتجين يعملون جيداً أن هذا التخفيض سيعود بالسلب على زيادة عبء الدين الخارجى للحكومة، ولكن الصناعة تحتاج إلى تدابير مالية لمواجهة التحركات السريعة للدول المنافسة فى خفض الفائدة والعملة. قال إن سعر صرف الجنيه، مقابل العملات الأخرى ليس دليلاً على قوة الاقتصاد وإنما آلية لمواجهة التضخم، موضحاً أن ارتفاع الجنيه أمام اليورو أو الإسترلينى لا يعنى أن الاقتصاد المصرى تحسن بنفس نسبة الزيادة. حذر القليوبى من أن تأثر الصناعة سلبا سينعكس بالطبع على البنوك باعتبار أن الأول من أكبر المقترضين، خاصة أن ميزانيات الشركات كلها سواء إنتاجية أو عقارية أو سياحية لديها مشاكل فى الأشهر الأخيرة ستزادد مستقبلاً مع الانخفاض المتوقع فى الطلب العالمى والذى لن يقل عن 25٪.