محافظ البحيرة تتفقد اللجان الانتخابية بكوم حمادة لمتابعة سير عملية التصويت    لجان حصر «الإيجار القديم» تعلن الأماكن المؤجرة لغرض السكنى بمحافظة الإسكندرية    البورصة المصرية تربح 1.2 مليار جنيه بختام تعاملات الخميس 11 ديسمبر 2025    ضبط محطة وقود جمعت أكثر من 8 أطنان سولار دون وجه حق بمنفلوط في أسيوط    عدالة التقييم    أكسيوس: ترامب يعتزم تعيين جنرال أمريكي لقيادة قوة الاستقرار في قطاع غزة    مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية: غزة تواجه كارثة شتوية بسبب نقص المعدات والخيام    لكحل: مواجهة الجزائر والإمارات مختلفة عن دور المجموعات في كأس العرب    ضبط شخص بالأقصر بحوزته كروت دعائية انتخابية    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    الوطنية للانتخابات تعلن فوز العجوز وإعادة بين وليد المليجى ونشوى الديب فى إمبابة    وزيرة التنمية المحلية والبيئة تعلن الإمساك بتمساح مصرف قرية الزوامل بالشرقية    أكسيوس: ترامب يخطط لتعيين جنرال أمريكي لقيادة قوة الاستقرار الدولية في غزة    محافظ المنوفية يسلم 45 كرسي متحرك ومساعدات مالية وعينية لذوي الهمم    منتخب مصر يخوض تدريبا صباحيا استعدادا لأمم أفريقيا    صحيفة.. 24 ساعة تحسم مستقبل صلاح مع ليفربول    الهيئة الوطنية للانتخابات تجدد تحذيرها من أي خروقات خلال الانتخابات    مصر تتابع مع البنك الدولي إعداد الاستراتيجية الوطنية للاستثمار الأجنبي المباشر    الخارجية السورية: إلغاء قانون قيصر يمثل انتصارا    ضربات أمنية لضبط الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي    النيابة تبدأ التحقيق فى واقعة تعدى فرد أمن على أطفال KG2 بمدرسة بالقاهرة الجديدة    سقوط طفل من الطابق الخامس ببورسعيد.. وجهود طبية مكثفة لإنقاذ حياته    أحمد مراد يعتذر: استخدمت كلمة رسول بصيغة عامة.. ولم يكن في نيتي المقارنة أو توجيه إساءة تتعلق بالمقدسات الدينية    مباحثات مصرية - يونانية لتنفيذ برامج سياحية مشتركة    الصحة: للعام الثالث على التوالي مصر تحافظ على خلوها الكامل من الحصبة والحصبة الألمانية    ضبط سائق بالغربية ظهر بسلاح نارى فى فيديو متداول على السوشيال ميديا    وزير الخارجية يؤكد الرفض القاطع لأي دعوات تستهدف تهجير الفلسطينيين أو تغيير الوضعية الجغرافية لغزة    القوات الروسية تسيطر على بلدة بخاركيف    53 مترشحًا يتنافسون على 3 مقاعد فردية فى دوائر أسوان المعاد الاقتراع بها    سباليتي: أداء يوفنتوس أمام بافوس كان محرجا في الشوط الأول    «الصحة» تعلن نجاح مصر في القضاء على الحصبة والحصبة الألمانية للعام الثالث على التوالي    الجامعة البريطانية توقع بروتوكول تعاون مع ولفرهامبتون البريطانية    التراث العربي: إدراج الكشري في قائمة اليونسكو خطوة مبهجة تعزز الهوية الثقافية المصرية    اليوم.. الكنيسة القبطية تحتفي بيوم الصحافة والإعلام في المقر البابوي بالعباسية    شوبير: الأهلي ينجز صفقة يزن النعيمات ويقترب من تجديد عقد حسين الشحات    الليلة.. حفل ختام مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي 2025    «أسامة ربيع»: نستهدف تحقيق طفرة في جهود توطين الصناعة البحرية    إغلاق مطار بغداد موقتًا أمام الرحلات الجوية بسبب كثافة الضباب    مؤسسة هولندية تتبرع بأجهزة ومعدات قيمتها 200 مليون جنيه لدعم مستشفى شفاء الأطفال بسوهاج    يوسف القعيد: نجيب محفوظ كان منظمًا بشكل صارم وصاحب رسالة وتفانٍ في إيصالها    قرارات النيابة في واقعة اتهام فرد أمن بالتحرش بأطفال بمدرسة شهيرة بالتجمع    تايلاند تعلن عن أول قتلى مدنيين عقب تجدد الصراع الحدودي مع كمبوديا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    «الوطنية للانتخابات» تعلن تخصيص الخط الساخن 19826 لتلقي الشكاوى    تقييم مرموش أمام ريال مدريد من الصحف الإنجليزية    ثلاث مباريات في افتتاح الجولة ال15 لمسابقة دوري المحترفين    بتكلفة 68 مليون جنيه، رئيس جامعة القاهرة يفتتح مشروعات تطوير قصر العيني    حالة الطقس في السعودية اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025    أسعار العملات في محافظة أسوان اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025:    DC تطرح أول بوستر رسمي لفيلم Supergirl    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    وزارة الصحة تطمئن المواطنين: لا وجود لفيروس «ماربورج» في مصر    توقيت أذان الفجر اليوم الخميس 11ديسمبر 2025.. ودعاء مأثور يُقال بعد الانتهاء من الصلاة    التحضير لجزء ثانٍ من مسلسل «ورد وشوكولاتة»    بانا مشتاق: إبراهيم عبد المجيد كاتب مثقف ومشتبك مع قضايا الناس    التعادل السلبي يحسم موقعة باريس سان جيرمان وأتلتيك بلباو    الأوقاف تختتم فعاليات المسابقة العالمية الثانية والثلاثين للقرآن من مسجد مصر الكبير بالعاصمة    حاسوب القرآن.. طالب بكلية الطب يذهل لجنة التحكيم في مسابقة بورسعيد الدولية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا عن مجانية «التبول» فى الجامعة؟
نشر في المصري اليوم يوم 02 - 12 - 2008

المبصر الكبير طه حسين سبق ضباط يوليو بدعوته إلى حق التعليم لكل مصرى، كالحق فى الماء والهواء تماماً. لكن هذا الحق تسرب من أيدى المصريين، إما من خلال الدروس الخصوصية التى جعلت المجانية فى الجامعة مسألة شكلية كالمجانية فى المدارس تماماً، أو بالسلخ المتوالى لكثير من الكليات والأقسام التى صارت تسابق فى مصروفاتها الجامعات الخاصة، التى تتكاثر بسرعة مريبة.
ولنتخيل بقليل من خيال أن الزمن امتد بعميد الأدب العربى حتى اليوم، وهذا ليس بغريب، فالمفكر الفرنسى كلود ليفى شتراوس احتفل مع فرنسا بعيد ميلاده المائة الأسبوع الماضى. ولنتخيل أيضاً أن طه حسين ترك الجامعة بسبب معايير وموازين الدكتور هانى هلال التى يطبقها على أداء الأساتذة، وأن تلامذته دعوه بمناسبة عيد ميلاده المائة إلى إلقاء محاضرة، وأنه أراد أن يفعل كما يفعل الناس والأساتذة والطلاب، ولم يكن عميد الكلية الذى لا يعرف طه حسين حاضراً ليمنحه مفتاح حمّامه الخاص، فاضطر طه حسين لقضاء حاجته كما يفعل الطلاب فى دورات مياه أكلتها الرطوبة ومباول مخرومة لا تحتفظ بما تستقبل!
ليس فى الأمر نكتة، بل هى الحقيقة التى كانت ستقتضى من طه حسين (لو كان بيننا الآن) إطلاق دعوة جديدة عن حق التبول فى الجامعة. وإن كانت دعوته الأولى تتضمن هذا الحق من دون أن ينص عليه صراحة، تحرجاً أو ثقة فى ذكائنا ربما.
من الطبيعى إذا كان استقبال جسد الإنسان للماء والهواء حقاً من حقوق الإنسان، فبالضرورة يكون حق التبول والزفير من الحقوق التى لا تخضع لأصل الإنسان أو لونه أو طبقته الاجتماعية، وألا يكون الطالب - أو الطالبة - مضطراً لمصادقة أحد من أعضاء هيئة التدريس لكى يمنحه مفتاح دورة المياه الخاصة بهيئة التدريس، أو يدفع لفرّاش العميد كى يبول فى غيابه، تحت تهديد عودة مفاجئة للسيد العميد.
دورات المياه، مأساة حقيقية فى جامعاتنا ومنشآتنا العامة، وهى أهم وأكبر مظاهر الشيخوخة والفوضى فى هذه المؤسسات. وعندما تكون المؤسسة تعليمية فإن نظافة المنشأة، عامل مهم من عوامل تعليم معنى الانتماء، ورفض التآلف مع الوساخة التى يتآلف معها المصريون فى الشوارع والمطاعم والمقاهى ويؤاخونها كما لا يؤاخيها شعب آخر.
وإذا مددنا حبل إهمال المنشأة التعليمية وفى القلب منها بيت الضرورة الحمام سنجد أن هذا الإهمال هو أحد الأسباب الكبرى فى افتقادنا ثقافة الإتقان فى كل ما نفعل.
وقد انتبه صاحب البصيرة الفذة إلى أهمية البيئة التعليمية فى حياة وفكر ووجدان الطالب، فحدد فى كتابه «مستقبل الثقافة فى مصر» الذى أصدره عام 1938 شكل المدرسة (لم تكن نظافة الجامعة محل شك فى ذلك الوقت) وأوصى بضرورة أن تكون المدرسة نظيفة، وصحية وجميلة من دون أن تكون متعالية على بيئة التلميذ، أو تجعله يشعر بوضاعة بيته إذا ما انصرف فى نهاية اليوم المدرسى!
الآن تنعم غالبية مدارسنا وجامعاتنا بالقذارة، خصوصاً فى تفاصيلها السرية والحميمة، وفى الوقت نفسه يتوفر أحياناً التمويل الكافى لإنشاء مدرسة أو مبنى تكميلى داخل جامعة بفخامة مذلة للطلاب، ومتنافرة فى الوقت نفسه مع الأبنية التاريخية للجامعة، من خلال كميات الزجاج المعتم والرخام السفيه.
المدارس التى من هذا النوع تفقد التلميذ الفقير الذى يلتحق بها سلامه مع بيته، أما من يمر عليها، دون أن ينال شرف دخولها، فإنه يفقد حماسه لبيته ولمدرسته الرثة أيضاً!
أما التدبير السيئ فى الجامعات، فتكفى جولة بجامعة القاهرة لفضح هذه الحقيقة التى تدعو للأسف مرتين: مرة لتشويه التناسق المعمارى للجامعة، ومرة بسبب الفرق الفظيع بين جمال واجهات الأبنية التاريخية بالحرم الجامعى وتداعى داخلها وقذارة ممراتها، وفى الوقت نفسه التناقض بين تفاهة التصميم الخارجى للمبنى الجديد، ونظافته الداخلية، التى لا يمكن لأحد أن يضمن استمرارها، حيث ستسير هذه المبانى على طريق التداعى نفسه، بينما يبقى المبنى القرد على حاله يفضح بناته.
ولو أن الجامعة خصصت ميزانية احتفالها بعيدها المئوى الذى لم يشعر به أحد لتجديد عفشة المياه بها، لكان أفضل احتفال يمكن أن تقيمه مؤسسة تعليمية على الإطلاق.
والجامعة ليست استثناء فى قانون العمولات الحكومية الذى يقود هوس البنيان؛ فعمولات مقاولات الترميم لا تسمن ولا تغنى من شراهة، بعكس عمولات الإنشاء الرهيبة، وهى السر الذى جعل المبانى الجديدة تتكاثر كالفطر السام فى أفنية المؤسسات العامة والوزارات بأكبر كمية ممكنة من الرخام على حوائطها.
لكن الجامعة تختلف عن غيرها من مؤسسات الدولة بكونها مكانا للتوجيه وقيادة المجتمع. وإذا كان لنا أن نهنئ جماعة 9 مارس بالحكم القضائى بإبعاد الحرس عن حرم الجامعة، وإذا كان حق مجانية التعليم قد صار أحد المستحيلات الكبرى، فإننا نتمنى عليهم أن يناضلوا من أجل إقرار مجانية التبول فى الجامعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.