لست ناشطاً من نشطاء «حماس» كى أتهم بأننى أحاول أن تبقى قضية محمود المبحوح (ناشط حماس)، الذى وجد مقتولا فى غرفته فى أحد فنادق دبى، فى دائرة الضوء أمام الرأى العام. فقط أحاول أن أستفسر عما حدث فى قضية الرجل التى صاحبها أكبر «شو» إعلامى قادم من دبى للترويج لكاميرات المراقبة. كتبت يومها قائلا إن «ما حدث فى دبى هو شو إعلامى قد يكون له دور مهم فى خلق أزمة دبلوماسية بين الدول صاحبة جوازات الجناة وإسرائيل، وهى (أزمة وستمر)، نتيجة عمق التعاون الاستخباراتى بين إسرائيل وهذه الدول صاحبة جوازات السفر، فيما يخص قضايا الشرق الأوسط. الذى تغير فقط هو الرأى العام فى الغرب تجاه إسرائيل بعد أحداث غزة الأخيرة، أما رأى الحكومات والأجهزة فما زال على حاله.. ما عدا ذلك، فلا جديد تحت الشمس». ثارت وقتئذ علىَّ الأقلام فى دبى، لأننى قللت من قيمة الإنجاز الخطير، الذى أنجزته شرطة دبى وكاميراتها والصور التى نشرتها، وها هى تمر الشهور تلو الشهور ولا نسمع من دبى شيئا عن تطورات قضية المبحوح. يا سيدى ممتاز ما حدث، ومشكورين على الجهد الذى بذلته شرطة دبى وكاميراتها، ولكن ما المحصلة النهائية؟. هكذا تكون أمور العرب فى كل القضايا، هياجاً وهيصة فى وقتها ثم ينسى الناس الأمر بعدها بأيام مهما كانت أهمية ذلك، لأن القضايا فى بلادنا هى مجرد شو إعلامى يظهر فيه من يريد أن يظهر على الشاشات ثم تختفى القصة عن الأضواء إلى الأبد. فقط نحن نستغل القضايا العامة من أجل تحقيق مصالح شخصية رخيصة، أولاها الظهور الإعلامى الذى أضحى أمرا لا يمكن السكوت عنه. ملخص مقالين كتبتهما عن حادث المبحوح هو أن ما رأيناه من صور سينتهى على «فشوش»، «شو» إعلامى. اليوم أسأل نقادى فى دبى: هل تقولون لنا ماذا حدث فى تطورات قضية المبحوح أم أن المسألة ماتت كما توقعت منذ شهور بعيدة؟ عندما كتبت مقالين متتاليين عن الصور التى عرضتها شرطة دبى، وقلت إنها لم تفعل شيئا يذكر، فلم تقبض على جان، هى فقط عرضت علينا صوراً، والصور لن تفضى إلى شىء، لأن علاقات الدول التى أتى منها القتلة، وبينها وبين إسرائيل تبادل استخباراتى، لن تؤثر فيها لا قضية المبحوح ولا غيره. وإن الصور التى عرضتها شرطة دبى هى دعاية للموساد أكثر من كونها ضده، يومها قيل إننى لا أفرح بإنجازات العرب. لم يكن هناك إنجاز، هى فقط صور، وفعل الجناة فعلتهم وهربوا سالمين، وما تبقى لدى العرب وشرطة دبى سوى شريط فيديو مصور، قيل عنه إنه انتصار. لا سبب لدىَّ لكتابة هذا المقال سوى أننى كنت أبحث فى «جوجل» ووجدت حملة من دبى ضد مقالاتى السابقة حول الموضوع، تصور أننى كنت متحاملا على دبى فى المقالين، فقررت أن أبحث أكثر وأعيد قراءة مقالاتى، وأبحث عن آخر تطورات التحقيقات فى قضية المبحوح فلم أجد شيئا، القضية وكأنها ماتت، ومات معها حماس دبى، ولا أعنى «حماس» المنظمة التى تحكم فى غزة. لم نعد نسمع نغمة أن دبى قضت على الموساد بالضربة القاضية من الجولة الأولى، وأن دبى نجحت فيما فشلت فيه كل المخابرات العربية مجتمعة كما صدع رؤوسنا يومها أصحاب الشعارات القادمة من دبى. ليست لدى مشكلة مع دبى، ولكن كل ما أريد قوله هو أن تحليلى للقضية وبعد شهور طويلة ما زال هو التحليل الأصدق. فرغم عاطفية الشعارات التى غالبا ما يستخدمها ضدى أصحاب القضايا المختلفة فى حينها، وما إن تهدأ الأمور وتبرد القضية أو الأعصاب إلا ويكتشفوا أننى كنت على حق فيما كتبت، لم نسمع عن تصريحات شرطة دبى شيئا يذكر، ولم نسمع عن تعقيد فى الأزمة الدبلوماسية بين دبى ودول جاء منها القتلة أو استخدموا جوازات سفرها، كما ادعى أنصار الشو الإعلامى فى دبى يومها. رغم اختلافى الأيديولوجى مع جماعة «حماس»، فإن موت أى إنسان ظلما فى أى مكان يؤلمنى كثيرا، لا أتاجر بآلام البشر من أجل دعاية فجة، ولكن مهنتى هى كشف الزيف المصاحب للمتاجرين بدماء البشر، من أجل تحقيق أهداف رخيصة. فسؤالى لمن هاجوا وماجوا يومها على ما كتبت ووصفوه بسكب الماء البارد على الانتصارات العربية العظيمة: فهل يقول لى هؤلاء الآن، ما الجديد اليوم فى قضية المبحوح؟