موعد امتحانات الفصل الدراسي الثاني للصف الرابع الابتدائي فى قنا    جامعة الفيوم تكرم لمياء كساب لبلوغها السن القانونية    محافظ المنوفية يترأس اللجنة العليا للقيادات لاختيار مدير عام التعليم الفني    احتفالا بذكرى مجمع نيقية.. اجتماع ممثلي الكنائس الأرثوذكسية    وزير الاتصالات يفتتح ملتقى «مستقبل تمكين المرأة فى عصر التحول الرقمى 2025»    بالتعاون مع الإيسيسكو.. معهد بحوث الإلكترونيات يستضيف ورشة «الأمن السيبراني وبناء الثقة»    محافظ المنوفية يتفقد أعمال تطوير ورفع كفاءة كورنيش شبين الكوم    مبادرات شاملة لدعم الأسر الأولى بالرعاية بمركز الخارجة في الوادي الجديد.. صور    المركز الإعلامي لمجلس الوزراء: مصر تحقق طفرة غير مسبوقة بسرعة الإنترنت    الأمين المساعد للجامعة العربية: الوضع مأساوي بغزة.. وموقف إسرائيل سيتغير حال الضغط الأمريكي    وزير الدفاع الباكستاني: قرارات مجلس الأمن تمنح شعب كشمير حق تقرير المصير    وزير الدفاع الباكستاني: تلقّينا عرضًا هنديًّا للتفاوض حول كشمير والإرهاب.. ولا يمكن تجاهل الدور الدولي    اتحاد السلة يفرض عقوبات جديدة على جماهير الزمالك    عاجل.. تشكيل ريال مدريد الرسمي أمام إشبيلية في الدوري الإسباني    "جلسة جديدة".. بايرن ميونخ يكشف تطورات المفاوضات مع ساني    قد يكون منافس الأهلي.. ماركا: عرض برازيلي لضم رونالدو للمشاركة في مونديال الأندية    الصحة: خدمة 93 حاجا مصريا من خلال عيادات بعثة الحج الطبية في المدينة المنورة    إغلاق ميناء الغردقة البحري بسبب سوء الأحوال الجوية    محافظة الجيزة تزيل 3 أدوار مخالفة فى عقار بحى العجوزة    مصر تسترد 20 قطعة أثرية من أستراليا وتودعها المتحف المصري بالتحرير    شينخوا: معرض الآثار المصرية فى شنغهاى يصبح الأكثر زيارة فى العالم    نادية الجندي لعادل إمام: وحشتنى زي ما وحشت جمهورك    هل تزوج عبدالحليم من سعاد حسني؟.. وثيقة تشعل الجدل وأسرة العندليب تحسم الأمر    لطيفة تستفتي جمهورها لاختيار اسم ألبوم صيف 2025: «تفتكروا نسميه إيه؟»    رئيس الهيئة القومية لجودة التعليم: الفنون قوة مصر الناعمة في كل العصور    اقرأ وتدبر    شراء الذهب بالتقسيط    رئيس جامعة طنطا يتفقد سير الأعمال الإنشائية في مستشفى الطوارئ الجديد    بدء التصويت في الانتخابات التشريعية بالبرتغال    بداية من اليوم.. السكة الحديد تتيح حجز تذاكر قطارات عيد الأضحى 2025    علاء عبدالعال يوضح مصيره مع الجونة    تواضع رغم النجاح| 4 أبراج لا تغريها الأضواء وتسعى للإنجاز بصمت    توريد 200 ألف طن قمح لشون وصوامع البحيرة    فصل التيار الكهربائي عن 5 مناطق بالعريش غدًا.. تعرف عليها    ما العيوب التي تمنع صحة الأضحية؟ الأزهر للفتوى يجيب    الحج رحلة قلبية وتزكية روحانية    حكم قراءة الفاتحة وأول البقرة بعد ختم القرآن؟.. علي جمعة يوضح    رئيس جامعة أسيوط الجديدة التكنولوجية يتفقد سير امتحانات نهاية العام -صور    هل الكركم ضار بالكلى؟    الداخلية تواصل تيسير الإجراءات للحصول على خدمات الجوازات والهجرة    رئيس «تعليم الشيوخ» يقترح خصم 200 جنيه من كل طالب سنويًا لإنشاء مدارس جديدة    تأجيل محاكمة 4 متهمين بقتل طبيب التجمع لسرقته    الشيوخ يحيل تقارير اللجان النوعية إلى الحكومة    أشرف العربى: تحسن ملموس فى مستوى التنمية فى مصر    "الإغاثة الطبية في غزة": مليون مواطن يواجهون الجوع وتكدس بشري في الشوارع    «مأزق جديد».. بيراميدز يدرس عدم خوض مباراة سيراميكا ويلوح بالتصعيد    التعليم العالي: قافلة طبية من المركز القومى للبحوث تخدم 3200 مريض فى 6 أكتوبر    حماس: الإدارة الأمريكية تتحمل مسئولية المجازر الإسرائيلية بغزة    وفاة بالسرطان.. ماقصة "تيفو" جماهير كريستال بالاس الخالدة منذ 14 عامًا؟    محافظ الدقهلية يفتتح الوحدة الصحية بالشيخ زايد بمدينة جمصة    أوكرانيا تعلن ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 973 ألفا و730 فردا    السلطات السعودية تحذر الحجاج من ظاهرة منتشرة تعيق حركة الطائفين والمصلين    التريلا دخلت في الميكروباص.. إصابة 13 شخصًا في حادث تصادم بالمنوفية    فيديو.. لحظة اصطدام سفينة بجسر في نيويورك ومقتل وإصابة العشرات    النائب عبد السلام الجبلى يطالب بزيادة حجم الاستثمارات الزراعية فى خطة التنمية الاقتصادية للعام المالي الجديد    وسائل إعلام إسرائيلية: نائب الرئيس الأمريكي قد يزور إسرائيل هذا الأسبوع    «الرعاية الصحية» تعلن اعتماد مجمع السويس الطبي وفق معايير GAHAR    مصطفى عسل يهزم علي فرج ويتوج ببطولة العالم للإسكواش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. نوال السعداوى تكتب: «سارة بالين» وجوارى القرن الواحد والعشرين

سمعتهم فى أمريكا يقولون إن القرن الواحد والعشرين هو قرن المرأة، فهل هذا صحيح؟ وأى امرأة يقصدون؟ أنجيلا ميركل؟ هيلارى كلينتون؟ سارة بالين؟ هل يكفى أن يكون المرء امرأة ليحكم بالعدل والديمقراطية الحقيقية والأخلاق؟ هل هذه القيم الإنسانية العليا صفة بيولوجية تتعلق بالهرمونات؟ أم أنها تربية ضمير عادل نزيه للولد والبنت منذ الطفولة، وسلوك وأخلاق مستقيمة يتعود عليها الإنسان، وفكر مستنير وعقل مبدع يتحدى التخلف، وعمل مخلص نابع من الإيمان بالعدل والحرية واحترام حقوق الغير؟
لماذا تفوقت مارجريت تاتشر عن الرجال (رغم كونها امرأة) فى ظلمها ودمويتها وقهرها للفقراء والنساء؟ ولماذا نجحت نساء من نوع أنجيلا ميركل أو سارة بالين فى هذه السنين الأخيرة؟
لماذا أصبحت نساء الأعمال والمذيعات والممثلات فى المقدمة؟ وتراجعت المفكرات وصاحبات الخلق المستقيم والعقل المبدع إلى الوراء؟ لماذا طغت عقلية السوق، البيع والشراء، والمكسب والخسارة، والأنوثة والخضوع والنفاق، على قيم الصدق والسعى نحو العدل والكرامة؟
أصبح الإعلام الأمريكى يقود العالم. طغت صورة المرأة المزخرفة التاجرة فى الإعلام المدعوم بأموال السوق والسلاح، تنتمى سارة بالين للجناح المسيحى اليمينى المحافظ فى الحزب الجمهورى، تبالغ فى التدين والمحافظة على التقاليد مع المبالغة فى الأنوثة والمراوغة ولى الحقائق، تلعب فى السياسة وموسم الانتخابات بكونها امرأة، إن فشلت الأنوثة أمسكت السلاح بيد والكتاب المقدس بيدها الأخرى، تتهدل خصلة شعرها فوق جبينها لتخفى نصف عينها اليمنى أو اليسرى، حسب حركات رأسها وهى تلقى خطبها، سمعتها تخطب فى معركتها الانتخابية ضد باراك أوباما 2007،
ألصقت به تهمة الإسلام دين أبيه الأفريقى مع أنه مسيحى على دين أمه الأمريكية، ادعت أنه عربى إرهابى ضد السامية مع أنه يدعم إسرائيل بالكامل، اتهمته بأنه ضد البيض لأنه أسود اللون مع أنه غير ذلك، سمعتها من فوق المنصة تعبئ الشعب الأمريكى للحرب العسكرية ضد الشعوب فى القارات الخمس وكل من يهدد مصالح إسرائيل وأمريكا، تفاخرت بأنها تنام فى الليل محتضنة سلاحها تحلم بالقتل،
أصبح للإعلام فى أمريكا والعالم الدور الرئيسى فى السياسة والانتخابات، يملك الإعلام أصحاب الأموال والشركات والبنوك والسوق والسلاح، يمكن لأضواء التليفزيون أن تجعل من شخص غائب العقل نجما أو نجمة سياسية تحصد الأصوات فى الانتخابات، أصبحت سارة بالين زعيمة فى موسم الانتخابات عام 2007، اليوم هى تتربع على عرش الإعلام والسياسة الأمريكية، تراجعت الحركات الشعبية والنسائية المناضلة ضد الحروب والفقر والسوق، استطاعت سارة بالين أن تتسرب إلى بيوت الملايين عبر الشاشة الصغيرة، أنوثتها التجارية المصنوعة أصبحت المثل الأعلى لنساء أمريكا وكل البلاد منها بلادنا.
أصبحت المرأة المثالية هى المرأة المتناقضة المزدوجة الشخصية، الأنثى الخاضعة اللينة والمرأة السياسية الصلبة المتمردة، عين منكسرة ناعسة وعين مفنجلة متحدية، توارت قيم الصدق والصراحة والنزاهة والشهامة والإخلاص فى العمل والقول، برزت قيم التسلق والانتهازية والنفاق والتدين السطحى والمتاجرة بالأخلاق، تم تغييب جمال العقل والروح والشخصية وإبراز الجسد الأنثوى والشفاة المكتنزة، أصبح ذكاء المرأة هو قدرتها على تحقيق طموحها عن طريق الرجال كل حسب قدرته، تجعل الحب تجارة من أجل المكاسب، المال أو الشهرة أو النجاح، تخلع رداء العقل والجدية والتحدى خارج البيت لترتدى رداء الأنوثة فى البيت والمراوغة والخضوع، تمسك قلم الحواجب مع قلم الكتابة، يتحول القلم فى يدها إلى حرباية تتلون مع حركتها من مكان إلى مكان،
حين أنظر الى صور نساء السياسة والأعمال (البيزنس) أراها تشبه صورة سارة بالين، حتى طريقة الكلام وإلقاء الخطب، تختلف اللغة من الإنجليزية إلى العربية لكن نبرة الصوت تكاد تكون واحدة، تسريحة الشعر، الثوب يكشف عن الركبتين وجزء من الفخذين المضمومتين، القدمان المقوستان فوق الكعب العالى المدبب، البحة أو الشهقة والابتسامة الأنثوية، ثم الشخطة الذكورية والصرامة، بشرة الوجه المشدودة بمشرط التجميل متوردة ناعمة كأنما لطفلة أو فتاة مراهقة، مع نظرة العينين الغارقة فى الكحل والزمن والتجاعيد، تكشف العينان العمر الحقيقى للإنسان رغم مشارط الجراحين، رغم استبدال الجفون العجوز بغيرها،
رغم تركيب الرموش الصناعية الغزيرة، تبدو الواحدة منهن مثل دمية متعددة الألوان، متعددة الأصوات، متعمقة فى شؤون السياسة والاقتصاد الحر والسوق، وشؤون البيت والطبخ وطاعة الله والزوج، قد تلف رأسها بحجاب حسب الموضة، أو تعرى أجزاء من جسدها حسب الموضة أيضا، تجلس المتغطية بجوار المتعرية جنبا إلى جنب فى انسجام كامل، ترفعان شعار التعددية والحرية الشخصية، تصفق الجماهير المحتشدة فى ساحة الإعلام.
أصبح الإعلانات التجارية والإعلام السطحى يشكلان الرأى العام فى أمريكا وبلاد العالم منها بلادنا، لفظت الحركات النسائية الجادة أنفاسها تحت سطوة اليمين الدينى المتصاعد، ماتت النخب النسائية المناضلة ضد النظام الرأسمالى الأبوى، توارت فى بيوتها بسبب الشيخوخة أو الاكتئاب أو المطاردات، تم إفساح الساحة للجوارى من النساء المحجبات أو المتعريات،
وأقرانهم من رجال الأعمال والسياسة، أصبحت السياسة بيزنس، يعمل الوزراء والوزيرات بالبيزنس، يحدث التزاوج بين السلطة والثروة، تتركز الأموال فى يد القلة من أصحاب المناصب فى الدولة والقطاع الخاص، تشتد الهوة بين الفقراء والأغنياء، تشتد النعرات الدينية الداعية إلى الزهد والعفة، يشتد الفساد حتى يعم الحياة العامة والخاصة.
أليس هذا هو حال بلادنا والعالم فى هذا القرن الواحد والعشرين؟ يقولون عنه قرن النساء، لكن أى نوع من النساء؟ ألم تصبح صورة المرأة الجارية (متعرية أو متحجبة) هى الصورة السائدة؟ ألم تعكس المسلسلات التليفزيونية فى مصر خلال شهر رمضان أغسطس 2010 هذه الحال البائسة؟
الإعلام المرئى والمسموع هو مرآة عاكسة للواقع الفاسد، فى ظروف الردة التى نعيشها يتدهور الإعلام والفنون الدرامية مع تدهور السياسة والاقتصاد والثقافة والأخلاق، تعكس النساء هذا التدهور أكثر من الرجال، بحكم وضعهن الأدنى، تمارس القوى الصاعدة السياسية الدينية قهرها للنساء قبل الرجال، يظهر القهر على جسد المرأة، يفرض عليها التغطية طاعة لله، أو يفرض عليها التعرية طاعة لأوامر السوق الحرة وزيادة توزيع البضائع.
يلعب الإعلام فى بلادنا اليوم دورا رئيسيا فى تغييب العقل أو تزييف الوعى، فى مضاعفة الأرباح لرجال ونساء الأعمال الشاغلين للمناصب العليا فى الدولة، المتحكمين أو المالكين لقرارات السياسة والتجارة والسوق والأحزاب والانتخابات والقوانين والشرائع والدستور،
أصحاب السلطة والثروة القادرين على رفع شعار التغيير لصالح أعمالهم وأرباحهم، المالكين للقنوات الإعلامية الأرضية والفضائية، المسيطرين على الدراما والفنون، على المنتجين والمخرجين والممثلين والممثلات، يكسبون الملايين من الإعلام والقنوات التليفزيونية، تدخل جيوبهم أرباح الإعلانات التى يدفعها الشعب الفقير المغيب الوعى، الجالس أمام الشاشة فاتحا فمه،
متأملا أجساد النساء العارية، حالما بالجنة والحوريات بعد الموت، يتجاوب مع قيم الاستهلاك والفساد، يصاب بالانفصام فى الشخصية، يفرض على زوجته الحجاب وخضوع الجوارى، ويذهب إلى صندوق الانتخاب ليكتب اسم سارة بالين المتعرية، أو شبيهتها المذيعة نجمة التليفزيون والمرشحة فى الانتخابات المصرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.