أكدت وزارة الخارجية الأمريكية على «تراجع» وضع الحريات الدينية فى مصر خلال العام الماضى، معتبرة أن الحكومة فشلت فى التعامل مع «الأحداث الطائفية المتزايدة فى البلاد». وذكرت الوزارة فى تقريرها السنوى عن وضع الحريات الدينية فى العالم لعام 2009، الذى تم إعلانه أمس الأول، أن احترام الحريات الدينية فى مصر قد «تراجع»، بسبب « فشل الحكومة فى التحقيق فى الأحداث الطائفية المتزايدة»، مشيرة إلى أنه «على الرغم من أن الدستور يكفل حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية، إلا أن الحكومة تضع قيوداً على هذه الحقوق فى الواقع العملى». وأوضح التقرير أن الحكومة ترعى «جلسات المصالحة» فى أعقاب الهجمات الطائفية، لكنها تتجنب الملاحقة القضائية لمرتكبى الجرائم ضد الأقباط، مما يساهم فى «خلق مناخ يسمح بالإفلات من العقاب ويشجع على مزيد من الاعتداءات». وأشار إلى «بعض الجوانب الإيجابية» التى اتخذتها الحكومة المصرية، ومن بينها السماح بإصدار بطاقات هوية للبهائيين، والحكم لأم مسيحية بحضانة ابنتها رغم إسلام والدها. وذكر التقرير أن «أعضاء الأقليات الدينية غير المسلمة المعترف بها رسمياً من قبل الحكومة يمارسون شعائرهم الدينية بصفة عامة دون مضايقة، ويحتفظون بعلاقات مع أفراد من نفس الديانة فى بلدان أخرى، إلا أن أعضاء الطوائف الدينية غير المعترف بها من قبل الحكومة، وبصفة خاصة أعضاء الطائفة البهائية، يواجهون صعوبات على المستويين الشخصى والجماعى»، منوها بأن الحكومة تعتقل عدداً من الأقليات مثل القرآنيين والشيعة. واعتبر أن «الحكومة فشلت مرة أخرى فى سن قانون وممارسات حكومية تمنع التمييز ضد المسيحيين،» مدعياً أنه فى يوم 29 يونيو الماضى، «أدى قيام أفراد أمن الدولة بمنع بعض الأقباط من الصلاة فى كنيسة غير مرخصة الى حدوث اشتباك طائفى فى منطقة بشرى ببنى سويف». وتابع التقرير أن «الحكومة فشلت مرة أخرى فى محاكمة مرتكبى الجرائم ضد الأقباط للسنة الثانية على التوالى، وأصدرت إحدى المحاكم حكماً ضد مواطن تحول من الإسلام إلى المسيحية». وتضمن أن «الحكومة تعتقل وتضايق بعض المتحولين من الإسلام، وتحاول إقناعهم بالعودة لدينهم، زاعماً أن إحدى السيدات التى تركت الإسلام قالت لمسؤول أمريكى إنها تعرضت للاغتصاب فى المعتقل، كما أطلع مواطن آخر المسؤولين الأمريكين على آثار التعذيب الجسدى الذى تعرض له فى المعتقل. وأكد التقرير أن الحكومة قامت بذبح ما بين 300 ألف إلى 400 ألف خنزير ما «أضر بالحالة الاقتصادية للأقباط، وأسرهم الذين يعتمدون على الخنازير وجمع القمامة فى دخلهم». وقال إن «التمييز الدينى والتوتر الطائفى مازال موجوداً فى المجتمع المصرى»، مشيراً إلى أن المجلس القومى لحقوق الإنسان، وهو «هيئة شبه حكومية» – بحسب التقرير - أعرب عن قلقه من التوتر الطائفى فى تقريره الخامس الصادر فى مايو 2009، وضرب التقرير مثالاً بما حدث فى عين شمس «عندما هاجم الغوغاء وأحرقوا كنيسة غير مرخص لها، وقيام مجموعة أخرى بإحراق منازل البهائيين فى سوهاج». وأكد التقرير أن السفيرة الأمريكية بالقاهرة مارجريت سكوبى، وكبار المسؤولين فى الإدارة الأمريكية، وأعضاء الكونجرس «أعربوا لكبار المسؤولين الحكوميين فى مصر عن قلق واشنطن بخصوص التمييز الدينى، خاصة استمرار التمييز الذى يتعرض له المسيحيون فى بناء ممتلكات الكنائس وصيانتها، والتمييز الرسمى ضد البهائيين، ومعاملة الحكومة للمواطنين المسلمين الذين يرغبون فى التحول إلى عقائد دينية أخرى». وتحدث القسم الأول من التقرير عن الديمغرافية الدينية فى مصر، وذكر أن عدد السكان يبلغ 83 مليون نسمة، 90% منهم من المسلمين السنة، فيما يشكل الشيعة أقل من 1% من السكان، بينما تتراوح تقديرات نسبة المسيحيين ما بين 8 إلى 12%، أى حوالى 6 إلى 10 ملايين نسمة، غالبيتهم ينتمون إلى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، منوهاً بأن عدد الطائفة اليهودية فى البلاد 125 شخصاً، معظمهم من كبار السن. وتحدث القسم الثانى من التقرير عن وضع الحريات الدينية، وبدأ بالإطار القانونى والسياسى، وقال إنه على الرغم من أن الدستور يكفل حرية العقيدة، إلا أن المحاكم قدمت تفسيراً للدستور يقول إن هذه الحرية لا تتضمن تحول المسلمين إلى ديانات أخرى، مشيراً إلى أن الحكومة «لا تعترف بتحول المسلمين إلى الديانة المسيحية أو أى ديانة أخرى»، وأن المسؤولين يقاومون هذا الموضوع من خلال رفض الاعتراف القانونى بهم، فى الممارسة العملية، وتقييد الحرية بفكرة الأخلاق العامة ومبادئ الإسلام». وأضاف التقرير أنه على الرغم من عدم وجود حظر قانونى على التبشير بين المسلمين، إلا أن الحكومة تقوم بتقييد هذه الأنشطة، و«تضايق الشرطة الذين تم اتهامهم بالتبشير بتهم السخرية من الأديان السماوية أو إهانتها أو التحريض على النزاعات الطائفية». وقال التقرير إن المساجد لابد أن تحصل على ترخيص من وزارة الأوقاف، مشيراً إلى أن الحكومة تقوم بتعيين الأئمة الذين يؤمون الصلاة فى المساجد وتدفع مرتباتهم وتراقب خطبهم، بينما لا تقوم بالمساهمة فى تمويل الكنائس المسيحية. وأكد التقرير استمرار العمل جزئياً بالمرسوم العثمانى الهمايونى الصادر فى عام 1856، الذى ينص على ضرورة حصول غير المسلمين على مرسوم رئاسى لبناء كنائس ومعابد جديدة، مشيراً إلى أنه رغم إصدار الرئيس مبارك للمرسوم رقم 291/2005، الذى يمنح المحافظين، سلطة منح التراخيص للطوائف المسيحية التى تسعى لتوسيع الكنائس القائمة أو إعادة بنائها، إلا أن قادة الكنائس يشكون من تأخير عملية إصدار التصاريح من جانب المسؤولين المحليين.