إذا كنا قد نجحنا بالأداء السياسى والوطنى أن نحول هزيمة 56 إلى هزيمة بطعم النصر، فإننا وللأسف الشديد نجحنا أيضاً فى أن نحول نصر أكتوبر العظيم إلى نصر بطعم الهزيمة!! وها هى مصر بعد 36 سنة من هذا النصر العظيم الذى دفع فاتورته خيرة شباب مصر مازالت تبحث عن نفسها، ومازالت تلهث خلف الصفوف لأنها فقدت زخم النصر وفرطت فى عوامل القوة التى أفرزتها تلك الأيام المجيدة فى تاريخ الوطن!! فقد فقدنا روح التضحية والإيثار التى دفعت أبناءنا للتسابق للاستشهاد فى تظاهرة نادرة من حب الوطن، وتحولنا إلى شخوص أنانية نهمة تبحث عن الذاتية والاستئثار والاستحواذ والتملك!! فقدنا روح التواصل وحب الآخر وقبوله، وتحولنا إلى نماذج عدائية متربصة نرجم بعضنا البعض، ونتعافى على بعضنا البعض، القوى يدهس الضعيف، والغنى يلتهم الفقير، والوزير يتعالى على الخفير، واستحوذت قلة على عوائد النصر، وتركت لصانعيه البطالة والأمراض والعشوائيات!! فقدنا التضامن العربى الذى تحولنا به إلى القوة السابعة فى العالم، وكان لنا وقتها صوت مسموع ورأى محترم، ونمتلك من عناصر القوة ما يؤهلنا لمزيد من التقدم والحضور العالمى.. وتحولنا، كما نرى، إلى شراذم متنافرة ومتصارعة مازالت تتحرك فى المربع صفر فى قضايا التنمية والديمقراطية وحقوق الإنسان! ضعفت وحدتنا الوطنية التى كانت عنواناً لهذا الوطن الجميل، والتى جمعت بين عثمان وميخائيل فى بوتقة واحدة من الحب والتواصل والقبول، وتحولنا إلى وطن معطوب فى وحدته الوطنية يسوده الاحتقان والتربص!! إن نصر أكتوبر العظيم الذى هو نتاج صبر أمة وتعبير عن إرادتها لا يجب أن يهدر، لأن هذا النصر العظيم الذى صنعه المصريون بقادتهم العظام السادات وأحمد إسماعيل ومبارك والشاذلى والجمسى وأبوسعدة وغيرهم وبجنودهم البواسل كعبدالعاطى صائد الدبابات وإخوانه هو صناعة وطن يستحق أن يعيش أبناؤه فى عزة وفخار، ويتمتعوا برفاهية وعدالة، ويمارسوا الديمقراطية ويستظلوا بالشفافية. كمال الدين حسين الشريف مستشار إعلامى - أسيوط