7 أسباب تجعلك تشتهي المخللات فجأة.. خطر على صحتك    بعد تراجعه.. هل تستطيع مصر استعادة مستويات انتاج الغاز بحلول 2027؟    الأمن يقترب أكثر من المواطنين.. تدشين قسم شرطة زهراء أكتوبر 2| صور    أمن الفيوم يُعيد شخصًا من ذوي الاحتياجات الخاصة لأسرته بعد تقديم الرعاية اللازمة    قرار جديد من التموين بشأن عدادات المياه: حظر التركيب إلا بشروط    وصلة هزار بين أحمد وعمرو سعد على هامش حفله بالساحل الشمالي (فيديو)    وزارة العمل تعلن عن 11 فرصة عمل للمصريين في الأردن برواتب تصل إلى 350 دينارًا    مقاومة المضادات الحيوية: خطر جديد يهدد البشرية    أمر ملكي بإعفاء رئيس مؤسسة الصناعات العسكرية ومساعد وزير الدفاع السعودي    موعد انضمام محمد صلاح لمعسكر منتخب مصر استعدادا لإثيوبيا وبوركينا فاسو .. تعرف عليه    مانشستر يونايتد يدرس التحرك لضم آدم وارتون    جوان ألفينا يبدأ مشواره مع الزمالك بأداء واعد أمام المقاولون العرب    رد فعل شتوتغارت على أداء فولتماد أمام بايرن    أس: تشابي ألونسو ينوي الدفع بماستانتونو ضد أوساسونا    جبران يفتتح ندوة توعوية حول قانون العمل الجديد    الأعلى للجامعات يعلن موعد اختبار المواد التكميلية لشهر سبتمبر 2025    الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء: عدد سكان مصر يبلغ 108 ملايين نسمة    تحريات لكشف ملابسات اتهام مسن بمحاولة التهجم على سيدة وأطفالها بمدينة 6 أكتوبر    محافظ الجيزة يطمئن على الحالة الصحية لشهاب عبد العزيز بطل واقعة فتاة المنيب    إصابة 6 أشخاص فى انقلاب ميكروباص بطريق "الإسماعيلية- الزقازيق" الزراعى    وزير السياحة: حملة "إحنا مصر" تستهدف تحسين تجربة السائح والخدمة المقدمة    تصرف مفاجئ من أحمد حلمي خلال حفلة عمرو دياب بالساحل الشمالي    فنون شعبية وطرب أصيل في ليالي صيف بلدنا برأس البر ودمياط الجديدة    مرصد الأزهر: تعليم المرأة فريضة شرعية.. والجماعات المتطرفة تحرمه بتأويلات باطلة    فيديو.. خالد الجندي: عدم الالتزام بقواعد المرور حرام شرعا    رد ساخر من البيت الأبيض بعد تقارير عن العثور على وثائق حساسة تخص قمة ألاسكا    رئيس الأركان الإسرائيلي: نُقرّ اليوم خطة المرحلة التالية من الحرب    وكيل صحه الأقصر يتفقد وحدة الكرنك القديم الصحية لمتابعة سير العمل    صحة الوادى الجديد: انتظام العمل فى المرحلة الثالثة من مبادرة "100 يوم صحة"    إلزام المؤسسات التعليمية بقبول 5% من ذوى الإعاقة في المنظومة.. اعرف التفاصيل    رئيس شئون القران بالأوقاف: مسابقة دولة التلاوة رحلة لاكتشاف جيل جديد من القراء    الداخلية تكشف ملابسات تداول منشور تضمن مشاجرة بين شخصين خلافا على انتظار سيارتيهما بمطروح    الأنبا ثيئودوسيوس يترأس القداس الإلهي بكنيسة العذراء مريم بفيصل    حقيقة انتقال هاكان للدوري السعودي    رئيس هيئة قناة السويس يوجه بصرف مليون جنيه دعما عاجلا لنادى الإسماعيلى    الخارجية الروسية تتوقع فوز خالد العناني مرشح مصر في سباق اليونيسكو    ربان مصري يدخل موسوعة جينيس بأطول غطسة تحت المياه لمريض بالشلل الرباعي    مصر تحصد ذهبية التتابع المختلط بختام بطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 عامًا    وظائف شاغرة بالمطابع الأميرية.. تعرف على الشروط والتفاصيل    اللواء محمد إبراهيم الدويري: أوهام «إسرائيل الكبرى» لن تتحقق وتصريحات نتنياهو تدق ناقوس الخطر عربياً    136 مجلسا فقهيا لمناقشة خطورة سرقة الكهرباء بمطروح    محافظ كفر الشيخ يدشن مبادرة لزراعة الأشجار المثمرة ضمن مبادرة 100 مليون شجرة    مدير عام الطب البيطري سوهاج يناشد المواطنين سرعة تحصين حيواناتهم ضد العترة الجديدة    شئون البيئة بالشرقية: التفتيش على 63 منشآة غذائية وصناعية وتحرير محاضر للمخالفين    رئيسة القومي للمرأة تهنئ المستشار محمد الشناوي بتوليه رئاسة هيئة النيابة الإدارية    في 3 خطوات بس.. للاستمتاع بحلوى تشيز كيك الفراولة على البارد بطريقة بسيطة    المفتي يوضح حكم النية عند الاغتسال من الجنابة    حزب الجبهة الوطنية: تلقينا أكثر من 170 طلب ترشح لانتخابات مجلس النواب    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يعلن تفاصيل مسابقة "أبو الحسن سلام" للبحث العلمي    مصرع شخص وإصابة 24 آخرين إثر انحراف قطار عن مساره في شرق باكستان    دعوى قضائية أمريكية تتهم منصة روبلوكس ب"تسهيل استغلال الأطفال"    فتنة إسرائيلية    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    رويترز: سماع دوي انفجارات قرب محطة للكهرباء في العاصمة اليمنية صنعاء    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الأحد 17 أغسطس 2025    الأونروا: معظم أطفال غزة معرضون للموت إذا لم يتلقوا العلاج فورًا    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الذهب اليوم الأحد 17 أغسطس محليًا وعالميًا (تفاصيل)    ملخص وأهداف مباراة ريال مايوركا ضد برشلونة 3-0 فى الدورى الإسبانى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جيهان السادات تواصل حوار الاعترافات:(2 2)..السادات أخطأ بتعديل مواد الدستور الخاصة بمدد الرئاسة وقلت له: «إن كنت لا تطمع فى الحكم.. فغيرك سيطمع»
نشر في المصري اليوم يوم 07 - 10 - 2009

انتقد الكثيرون قرارات الرئيس السادات فى أواخر أيامه، البعض رآها نوعاً من زيادة الإحساس بالسلطة والتفرد فى اتخاذها، وآخرون فسروها بأنها تأتى فى إطار الشك المتزايد من المحيطين به، فى ظل تصاعد المعارضة ضد خطواته المتجهة وبسرعة نحو تطبيق السلام مع إسرائيل. تفسير ثالث لحالة الرئيس فى أيامه الأخيرة ترويه السيدة جيهان السادات، فى الجزء الثانى من حديثها ل«المصرى اليوم» بقولها: «كان عصبياً ومتوتراً وقلقاً، خوفاً من تراجع الإسرائيليين عن تنفيذ اتفاقهم معنا بإعادة سيناء».
 الجزء الثانى من الحديث مع حرم الرئيس الراحل السادات لم يقتصر فقط على تلك الجزئية، التى فتحت باب الاجتهاد لدى الكثير من المحللين، سواء المعارضون للرئيس أو المؤيدون له، ولكن امتد الحديث ليشمل علاقته بالكاتب الصحفى هيكل ورأيها فى هجومه عليه بعد وفاته، متسائلة: «من قال إن هيكل كان مهندس ثورة التصحيح عام 1971؟».. ويمتد الحديث ليربط الماضى بالحاضر، فتقول: «ناقشت السادات فى قراره بتعديل الدستور فى المواد الخاصة بتحديد فترة زمنية محددة لرئيس الجمهورية، فقال لى إنه لا يطمع فى التمديد، فقلت له إن كنت لا تطمع فغيرك سيطمع».
 تتحدث عن الديمقراطية وتؤكد أنها الآن بلغت شأناً مميزاً، والدليل حرية الصحافة، فنسألها: وهل الديمقراطية تعنى حرية الصحافة وحسب؟ فتجيب: «بالطبع لا». ولا تخفى دهشتها من تجاهل الرئيس الراحل فى حياتنا كمصريين، وهو مَنْ عبر القناة واتفق على السلام وأعاد الأرض، مرددة: «أَمَا من مطار أو ميدان باسمه؟ ألا يستحق؟» وتختتم حوارها برؤيتها عن المستقبل وتخوفها منه دون أن تخفى دهشتها قائلة: «أىُّ مستقبل نتحدث عنه والرئيس يتحمل مسؤولية كل شىء حتى القمامة؟».. فإليكم نص الحوار.
■ نعلم أنكِ كنتِ من المعارضين لقرارات سبتمبر عام 1981 ولكن صِفى لنا الحالة النفسية للرئيس عند اتخاذه هذه القرارات؟
- السادات كان عصبيا فى آخر أيامه، ومتوترا بعض الشىء، كنت أعلم أن تلك القرارات ضد طبيعته المتسامحة، التى لا تحمل الحقد لأحد، ولكنه كان يشعر بالخوف على عملية السلام، خاصة أنه يعلم أن الحكومة الإسرائيلية من الممكن أن تتحايل على إتمامها لأى سبب، فى نفس الوقت الذى جاءه فيه وزير الداخلية الراحل نبوى إسماعيل، وأوصاه باعتقال المعارضين لعملية السلام من أجل استقرار الأمن لحين عودة الأرض، مؤكداً له أنهم من الممكن أن يتسببوا فى الكثير من المشاكل.
للأسف اقتنع السادات بوجهة نظر وزير الداخلية وأصر على تنفيذها، وعندما ناقشتُه فيها قال لى إنه إجراء مؤقت، وطمأننى وقتها بأن أعلن أسماءهم فى الصحف، ولم يجعل من اعتقالهم أمرا سريا، أو فى سجون مجهولة.
وأتذكر أننا كنا بالقناطر الخيرية يوم زيارة وزير الداخلية وبعد انصرافه قلت لأنور إنه عمل من شخصيات لم يكن أحد يسمع عنهم أبطالا، وهم ليسوا كذلك، لكنه قال لى: «وماذا أقول إذا كان وزير الداخلية يرى فى وجود هؤلاء مخاطر على عودة الأرض؟»، ثم أقسم لى أنهم سيخرجون فى اليوم التالى لتسلم الأرض وكنت أصدقه، لأنه كان ينوى ترك الحكم ولم يكن له أى مطامع.
■ يتحدث الكثيرون عن رغبة الرئيس السادات فى ترك الحكم بعد استعادة أرض سيناء.. ولكن هل كان ينوى ذلك بالفعل؟
- نعم، وهو الآن فى بيت الحق وقد قال لى إنه ينوى ترك الحكم بعد تسلمه أرض سيناء من إسرائيل.
■ إذن لماذا أجرى تعديلا فى مواد الدستور يسمح للرئيس بتولى الحكم أكثر من مدة، فيما عُرف ب«تعديل الهوانم»؟
- تضحك وهى تجيب: وهل أطلقتم عليه «تعديل الهوانم»؟ أذكر أننى سألته فى هذا الأمر وقال لى إن هناك دولا فى أوروبا مثل فرنسا ليس فيها مدة محددة لتولى الرئيس الحكم، ولكنهم اعتادوا على ألا تزيد على فترتين، وأكد لى أنه غير طامع فى أن يتولى الحكم أكثر من فترتين، وكانت بالمناسبة تنتهى فى عام 1982، فقلت له وقتها إنه وإن لم يكن طامعا فهناك غيره سيطمع، ولكنه لم يستمع لرأيى.. والآن وبعد هذه السنوات أعتقد أن هذا القرار كان خطأ من الرئيس السادات لأنه كان يجب تحديد فترة الرئاسة فى الدستور، فالبشر ليسوا مثل بعضهم، والدستور هو الملزم الوحيد للجميع.
■ بحكم تدريسكِ العلوم السياسية فى الخارج، هل يجوز أن يخضع التغيير فى مواد الدستور لأهواء الحاكم ورغباته، أم يجب أن يخضع لمؤسسة الدولة؟
- الدستور ملك لمؤسسة الدولة وليس للأهواء الشخصية للحاكم أياً كان، ولا يوجد فى الحياة الديمقراطية شىء اسمه رأى الرئيس، وتعديل الدستور يجب أن يكون خاضعاً للجان ودراسات، ولكن لا تنسَ أن السادات تسلم مصر من الرئيس عبدالناصر وكان كل شىء فى يد الرئيس الحاكم الفرد، وبدأ فى عهده ظهور الكثير من المؤسسات مثل المنابر التى كانت نواة الأحزاب، وحرية الصحافة التى بدأت فى عهده ووصلت لما وصلت له الآن بشكل منح مصر الحياة الديمقراطية.
■ هل ترين أن الديمقراطية هى حرية الصحافة وحسب؟
- بالطبع لا، فالديمقراطية مفهوم أعمق وأشمل من هذا، والصحافة مجرد جزء فيها، ولكن السادات وضع حجر أساس لأمور كان يحلم بها ويتمنى تطويرها ولكن القدر كان أسرع منه.
■ وهل هناك ديمقراطية من غير تداول للسلطة؟
- بالطبع لا.
■ لو أن الدستور الحالى أمامك ما المواد التى ستقومين بتعديلها؟
- سأشكل لجنة منتقاة من الخبراء والمثقفين والسياسيين وأطلب منهم دراسته وتصحيح ما به من أخطاء، وسوف أشترط أن يكونوا من الشباب كى يحملوا دماءً جديدة للوطن.
■ هل تؤمنين بالشباب كضرورة لتقدم الوطن؟
- بالطبع الشباب هو عماد أى حياة ديمقراطية، والسادات كان من أكثر المؤمنين بذلك، لذا كان يسارع بتغيير الوزراء بين الحين والآخر وكانت مبرراته أن المسؤول الذى يظل لسنوات فى مقعده لن يملك ما يضيفه لمكانه، ولن يكون له عطاء. كان يسعى وراء الشباب والدماء والفكر الجديد مثل الوزير منصور حسن.
■ بمناسبة ذكر الوزير منصور حسن هل تعتقدين أنه ظُلم سياسياً؟
- نعم بكل تأكيد، فهو إنسان فاضل وعلى خُلق ومثقف، ولكنه تعرض للظلم نتيجة سوء فهم موقعه ودرجة قربه من الرئيس السادات، الذى لم يكن يعرف منصور حسن قبل تعيينه فى الوزارة، ولكنه أُعجب به وبفكره وحماسته وكان فخورا به كشاب متميز، ولكنه كان يرى وقتها أنه بحاجة للصقل ولذا كان يؤهله ليصبح رئيساً للوزراء.. ونتيجة منحه عددا من الصلاحيات لتسهيل ممارسته لمهامه أُشيع وقتها أنه سيتم تعيينه نائبا للرئيس، وهذا غير حقيقى، لأنه كان قد اختار نائبه الذى صار رئيساً لمصر من بعده.. وأعتقد أن مصر خسرت منصور حسن ولم تستفد منه ولا من خبراته.
■ وما المواصفات التى على أساسها اختار الرئيس السادات نائبه؟
- الرئيس السادات كان يريد أن ينقل شرعية الحكم من ثورة يوليو إلى حرب أكتوبر، وذلك لأسباب عديدة، منها أن جيل يوليو يعبر عن عصره وليس العصر الجديد الذى لابد أن يعبر عنه أبناؤه، ولذا جاء اختيار الرئيس حسنى مبارك لصفاته التى كان يتميز بها وقدرته على إثبات ذاته فيما يوكل له من مهام.
■ ألم تحلمى لابنك جمال السادات بموقع سياسى؟
- أبداً لم يكن لى أنا أو أبيه أى حلم سياسى له، بل على العكس من ذلك كان أنور يرفض فكرة انشغال جمال فى السياسة بأى شكل، ولذا أنهى دراسته فى الهندسة وعمل فى نفس المجال.
■ وماذا عن رأيكِ فى جمال مبارك سياسياً؟
- شاب طموح وأمامه المستقبل، وهو يريد أن يخوض التجربة ويسعى لأن يكون شيئا فى عالم السياسة ولكنه بحاجة للصقل السياسى واكتساب المزيد من الخبرة.
■ فى اعتقادكِ لماذا استمرار الهجوم على الرئيس السادات رغم تسليم خصومه ببُعد وجهة نظره؟ ولماذا هناك محاولة لطمس إنجازاته كرئيس؟
- هذه ليست محاولة بل حقيقة، انظروا إلى مناهج التعليم وابحثوا عن إنجازات وتاريخ السادات، ستجدونها مجرد سطور لرجل استعاد الأرض من إسرائيل وكسب حرب أكتوبر 73 ورفع رأس كل العرب.
■ ومن المسؤول عن هذا التجاهل؟
- ربما وزراء التعليم الذين سمحوا بهذه المناهج للطلاب، وهو ما يعنى أن هناك خصوما للرئيس بين رجال الدولة، فالرئيس لم يأخذ حقه ولولا جهود مكتبة الإسكندرية لتوثيق تاريخ السادات، الذى شجعت حرم الرئيس مبارك على تنفيذه لما كان هناك شىء عنه. لقد توقعت بعد موت السادات أن يُسمَّى مطار أو ميدان شهير باسمه، أو حتى شارع شهير ورئيسى، أو أن يُقام له تمثال، ولكن لا شىء. والسؤال: لماذا هذا التجاهل من بلده؟. وأعود وأقول هذه طبيعة الشخصية المصرية منذ عهد رمسيس، تطمس دوماً إنجازات السابقين، ولكنى أعتقد أن رجل الشارع يعرف أنور السادات ويتحدث عنه ويتذكره بالخير.
■ البعض يقول إن الرئيس السادات شرب من نفس الكأس التى صنعتها الثورة فى تزييف التاريخ بعد ثورة يوليو.. ما تعليقكِ؟
- هذا كلام غير حقيقى لأن السادات لم يكن المسؤول عن كتابة التاريخ فى مصر أو تشويه صورة الحياة السياسية فيها قبل الثورة، الرئيس جمال عبدالناصر كان المسؤول الأول عن كل شىء فى مصر، ولو افترضنا أن هذا حدث فلماذا لم يحدث نفس الأمر مع الرئيس عبدالناصر؟ وأقولها للتاريخ: إن السادات كان أول من أعطى أبناء فاروق جوازات سفر مصرية ورحب بالملكة فريدة وقال لها أن تختار أى منزل تريده للإقامة فيه، وحينما أقام مأدبة غداء لشاهيناز، ابنة شاه إيران من زوجته الأولى الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق، دعا والدتها الأميرة فوزية للمأدبة. السادات لم يكن لديه أى ضغائن ضد أحد ولم يحاول الانتقام من أى أحد.
■ يُعد كتاب «خريف الغضب» للكاتب محمد حسنين هيكل من أكثر الكتب هجوماً على الرئيس السادات. فى اعتقادكِ لماذا؟
- حزنت جداً بالأمور التى تحدث عنها هيكل فى الكتاب وتعجبت من أمور كثيرة ذكرها غير حقيقية، مثل أننى تركت زوجى فى الطائرة ينزف يوم حادث الاغتيال وجئت هنا للمنزل لأتحدث فى التليفون وأبلغ الأمريكان بالحادث! بينما أنا من الأساس لم أركب مع أنور الطائرة حينما تم نقله إلى مستشفى القوات المسلحة بالمعادى، وبالمنطق هل هناك زوجة تترك زوجها ينزف وتأتى للحديث فى التليفون أياً كان من ستحادثه.
والحقيقة أن سبب حزنى من هيكل أنه يعرفنى جيداً ويعرف الرئيس السادات منذ اللحظات الأولى للثورة وربطت بينهما علاقة صداقة، وكان السادات يقدره كصحفى مرموق ومعروف، وأعتقد أن ما أثار هيكل على السادات أن الرئيس لم يكن يحب أى نوع من أنواع الوصاية، وهيكل كان معتادا على كونه الصحفى الأوحد وقت الرئيس عبدالناصر، وأى خبر فى عهد عبدالناصر كان يخرج للصحف عن طريق هيكل، أما السادات فكانت له صداقات بالكثير من الصحفيين مثل أنيس منصور وموسى صبرى وغيرهما، وبالتالى كان الرئيس يتحدث معهم ويملى عليهم الأخبار، ورفض أن يمنح هيكل مبدأ احتكار الأخبار والرئيس كما كان فى عهد عبدالناصر.. السادات كان يرفض أن يسيطر على عقله أحد.
■ البعض يقول إن سبب الخلاف يعود إلى توقع هيكل لمكانة مميزة من الرئيس السادات كمكافأة له بصفته مهندس عملية القبض على مراكز القوى فى ثورة التصحيح؟
- هذا غير صحيح.. السادات هو من خطط لقرارات تلك الثورة التى صححت مسار الحرية فى مصر، وأذكر أننى وقتها كنت أشعر بالخوف على زوجى من مؤامرات الحرس القديم فكل الوزراء كانوا ضده، كانوا يراقبون كل شىء فى منزلنا حتى التليفونات.. وتأكدت مخاوفنا بعد أن جاءت لفوزى عبدالحافظ، سكرتير السادات، شرائط تسجل أحاديثهم التى كانوا يتآمرون فيها على السادات، إلى حد منعه من دخول التليفزيون لو حاول أن يلقى بيانا للشعب، وما زلت أذكر اسم الضابط الذى جاء بها وكان يدعى طه زكى.
وقتها تذكرت حديثا كان قد دار بينى وبين هيكل حذرنى فيه من أن أى خطوة قد يتخذها الرئيس قد تواجه بممانعة من تلك القوى المعارضة، واستحلفنى ألا أقول شيئا للسادات، وبعد انتهاء التسجيل ذكّرت فوزى عبدالحافظ بتلك الواقعة فتعجب السادات من معرفة هيكل بهذا الأمر، وأرسل له ابنتنا نهى تخبره بأن السادات يريده، لأن التليفونات كانت مراقبة، وعندما جاء سأله السادات عن سبب عدم إخباره بتلك المعلومات، فقال هيكل إنه كان قد سمع كلاما يتردد دون أن يجد له الدليل، ولم يرد أن يتسبب كلامه فى أزمة، خاصة أن مراكز القوى المعارضة للرئيس كانوا وزراء الداخلية والخارجية والحربية والإعلام، ويبدو أن هيكل لم يكن متأكدا 100%.
■ كزوجة متى أحسستِ أن الرئيس السادات يكتب نهايته؟
- عندما أعلن عن نيته الذهاب للقدس والتحدث فى الكنيست، وما تلا ذلك من أحداث شملت توقيع معاهدة السلام، والسبب أننا شعوب عاشت عشرات السنين تتجرع شعارات العداء مع إسرائيل، وليس من السهل أن تقول لهم إن أرضكم لن تعود سوى بالسلام فدعونا نتصالح، السادات كان سابقاً لعصره بعشرات السنين وليس كل الناس كذلك. ثم جاءت أحداث 3 سبتمبر عام 1981 لتشعرنى بالمزيد من الخوف عليه وتوسيع دائرة خصومه، وآخر شهر فى عمره كان يكرر حديث الموت ولقاء الله كثيراً.
■ هل أوصى بدفنه فى وادى الراحة فى سيناء؟
- كانت مجرد فكرة لم يصر عليها للنهاية، بدأت مع تفكيره فى إقامة مجمع للأديان فى سيناء بالقرب من دير سانت كاترين، والجامع الصغير الذى كان يجاورها، كان يفكر فى هدمه وإنشاء آخر كبير على أحدث طراز، وبجوار الكنيسة والجامع ينشئ معبدا لليهود لتكون المنطقة أرض سلام لجميع الأديان. ثم قال لى: وما رأيك لو دُفنتُ هناك؟ فقلت له إن هذه مسألة صعبة تعوق زيارته بالنسبة لى ولأبنائه بعد عمر طويل، ثم ضحكت معه وقلت: وهكذا سأزورك كل عام مرة واحدة.
فضحك وسكت وقال لى: «عندك حق». وأذكر أن يومها تطرق حديثنا لفكرة أن يُدفن فى ميت أبوالكوم، ولكننى قلت له: «أنت رئيس مصر وملك لكل المصريين ولست ملكاً لعائلتك فقط، ويجب أن تكون فى العاصمة لتكون بالقرب ممن يريد زيارتك»، فأمّن على كلامى وتوقف الحديث. ولو كان أنور أوصى بذلك لنفذت ما قال ولكنها كانت مجرد فكرة انتهت بمناقشتها.
■ هل عَشِق سيناء إلى درجة التوحد معها؟
- نعم كان حلم حياته أن يرى العلم المصرى يرفرف على كل شبر فيها، حتى إنه ذهب وقضى بضعة أيام فى وادى الراحة بسيناء بالقرب من جبل موسى فى حالة من الزهد والتعبد، كان السادات لديه شىء من التصوف وهو أمر لا يعلمه الكثيرون، وفى الأيام الأخيرة كان يردد لى عبارة واحدة أنه لا يريد من الحياة سوى عودة سيناء وبعدها لا يهم أى شىء حتى الحكم.
■ كانت للرئيس علاقة مميزة مع إيران.. كيف كان يرى تلك الدولة؟
- كان صديقاً للشاه، وكان يحفظ له جميل مساعدة مصر فى حرب أكتوبر، وعندما ذهبنا معا فى زيارة لإيران تملّكنى شعور قوى وأنا أزور عددا من الأماكن بصحبة الشاهبانو فرح، بقرب وقوع ثورة لأننى لمست الفجوة الكبيرة بين الشاه كحاكم وبين الشعب فى إيران، وأخبرت السادات بهذا، وقلت له إن على الشاه أن يعيد توزيع الثروة بين الناس ويرضى شعبه، فطلب منى السادات ألا أتحدث فى الأمر مع أحد، وقال لى إننا ضيوف لمدة ثلاثة أيام وإننا لم نأت للبلد لتغيير نظامه، وبعد مجيئنا بفترة قامت الثورة الإسلامية.
■ ألا ترين أن هذا الفارق بين عامة الناس وطبقة محدودة من أصحاب النفوذ والمال موجود الآن فى مصر؟
- أكيد وهو فارق كبير، ولم يكن موجوداً من قبل بين عامة الشعب وطبقة من يملكون المال والنفوذ، ويتحدث عنه المتخصصون ويثير المخاوف والقلق لأنه مسبب الثورات فى أى بلد، نسمع الآن عن أفراد يملكون ثروات لا حصر لها «أرقام فلكية».
■ يرى البعض أن هذا الوضع ليس وليد اليوم ولكنه بدأ فى مصر منذ قرر الرئيس السادات تطبيق الانفتاح الاقتصادى؟
- لم يكن من الممكن الانفصال عن العالم وقتها، كان الجميع يسير فى اتجاه الاقتصاد الحر، الاتحاد السوفيتى انهار فى أوائل التسعينيات وانفتح على السوق العالمية.. وعندما قابلت الرئيس السوفيتى الأسبق جورباتشوف سألته كيف فعل ذلك، فأجابنى بأن حال الاتحاد السوفيتى كان كحال إناء يغلى بشكل ينبئ بانفجار الغطاء، وكل ما فعله هو أنه أزاح هذا الغطاء ليمنع انهيار دولته.
■ لكننا طبّقنا الانفتاح الاقتصادى فى غياب خطة اقتصادية صحيحة ولذا وصلنا لما نحن فيه الآن؟
- كل نظام جديد فى بداية تطبيقه تكون به ثغرات وأخطاء فى التطبيق يتم تصحيحها بمرور الوقت ولكن النظرية كانت صحيحة والرئيس نفذ الانفتاح ولكنه لم يمكث كثيراً بعدها.
■ وماذا عن طموحاته لمصر؟
- كان يتمنى أن يرى مصر فى مصاف الدول المتقدمة، وأن يعيش كل مصرى فى مستوى لائق ومريح.
■ الجميع يتحدث عن حال مصر الآن وأنها باتت فى خطر يهدد المستقبل.. كيف ترينها أنت؟
- قلقة مثل آخرين، أتمنى أن أراها فى أحسن حال، ولكن لن يتحقق ذلك إلا إذا أدى كل منا واجبه على أكمل وجه، دون أن ينتظر تدخل الرئيس الذى بات يتحمل مسؤولية كل شىء.. هل يُعقل أن تكون القمامة من مسؤوليات رئيس الدولة، ويمنح المسؤولين مهلة لحلها؟! هل يُعقل أن يتدخل الرئيس فى كل كبيرة وصغيرة، وأين إذاً الوزراء والمسؤولون فى الدولة؟ نفسى كل مواطن مصرى يكون لديه صحوة وانتماء للبلد، وأن نعمل بجد وبلا رقيب علينا، وإلا فلن نصل لشىء بل سنواصل الانحدار، والله وحده يعلم إلى أين سنذهب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.