(1) جوزيه المغضوب عليه حتى وإن لم أحبها أو ألعبها فى أى يوم مضى.. إلا أننى أفهم تماما وأحترم أيضا لعبة تصفية الحسابات وفقا للقواعد والعادات المصرية.. وتنص هذه القواعد غير المكتوبة على أن كل من يترك موقعا أو منصبا أو مقعدا مهماً ومؤثرا يصبح فجأة مغضوبا عليه.. ولابد أن يلتفت إليه الكثيرون ليكتشفوا فجأة عيوبه ونواقصه.. ويعددوا ذنوبه وخطاياه التى للأسف لم تظهر ولم تتضح بهذا الشكل إلا لحظة الرحيل أو ما بعد الرحيل فقط. وهى القواعد التى اختصرها كلها أحد الأمثال المصرية القديمة المعجونة بالحكمة وتجارب الأيام، وهو المثل الذى يؤكد أن العجل حين يقع تزداد السكاكين.. وبالتأكيد يبقى مانويل جوزيه هو أحد هؤلاء المغضوب عليهم بعد إعلانه الرحيل عن النادى الأهلى آخر هذا الموسم.. وامتلأت الصحف المصرية وشاشات التليفزيون بعيوب جوزيه وأخطائه وجرائمه.. حتى إن الأيام الخمسة الأخيرة بدت وكأنها كانت مخصصة كلها لشطب وإلغاء كل إنجازات الرجل وبطولاته وانتصاراته فى خمس سنوات.. إلا أن أغرب الاتهامات التى ساقها البعض كان أن جوزيه بقبوله عرض تدريب المنتخب الأنجولى كشف عن وجهه الحقيقى وثبت بالدليل القاطع أنه لا يحب الأهلى.. وأنه يرفض التضحية من أجل الأهلى.. ثم كتب واحد من هؤلاء بجرأة أحسده عليها مشيراً إلى أن جوزيه أثبت أنه تماما مثل الحضرى.. كل منهما باع النادى الأهلى وجرى وراء مصالحه الخاصة، ونسى كاتب هذا الكلام أن يشرح لنا كيف يمكن أن يتشابه الاثنان. الذى أعرفه تماما أن جوزيه هو مدرب محترف.. علاقته بالنادى الأهلى لم تكن علاقة العشق والهوى.. ولا الانتماء وروح الفانلة الحمراء، وإنما علاقة صاغتها عقود واتفاقات وبنود وشروط وراتب شهرى يتقاضاه جوزيه مقابل تدريب الأهلى.. وانتهت هذه العلاقة بشكل هادئ جدا ورائع ومحترم أيضا سواء من الأهلى أو جوزيه.. وهو مشهد لم يرض كثيرين منا، فنحن لا تعجبنا ولا ترضينا مثل هذه النهايات الواضحة، لأننا من عشاق الغموض والتفسير التآمرى للحوادث والتفتيش الدائم عما وراء ما نسمعه ونراه من أسرار ودوافع غير معلنة.. وأن تتعامل إدارة النادى الأهلى بمثل هذا الرقى، هو بالتأكيد أمر لا يوافق هوى الكثيرين الذين اعتادوا على الفضائح ومحاضر أقسام الشرطة والاتهامات المتبادلة مع نهاية كل علاقة كانت تربط بين أى مدرب وأى ناد آخر فى مصر.. ومن المؤكد أن جوزيه لم يخن الأهلى فى أى شىء.. ولا كان مطلوبا منه ولا من أى مدرب آخر أن يضحى من أجل النادى الأهلى أو غيره. والأهم من ذلك كله هو ألا يقرر البعض منا فجأة أنهم اكتشفوا، وفى اللحظة الأخيرة لسوء الحظ، حقيقة جوزيه وأنه مدرب فاشل وجاهل ولا يحب إلا نفسه.. وكأن هؤلاء ليسوا أيضاً يحبون أنفسهم.. وليسوا على استعداد لأن يتركوا صحفهم القديمة أو شاشاتهم القديمة أو يتركوا مصر كلها فى إعارة خليجية فى سعى مشروع بحثاً عن مزيد من الرزق. (2) الأهلى وعلاء مبارك وجماهير الزمالك باتت هناك أفكار ومعتقدات كروية كثيرة فى بلادنا تحتاج للمراجعة والتأمل والتغيير أيضا.. فعلى سبيل المثال طالتنى انتقادات كثيرة جدا من عشاق للنادى الأهلى يغضبون ويرفضون ويعتبون ويتساءلون كيف أؤكد أن الأهلى حين يلعب فى بطولات أندية أفريقيا أو العالم، فهو يلعب باسم النادى الأهلى فقط ولا يلعب أبدا باسم مصر.. لا الأهلى ولا الزمالك ولا الإسماعيلى ولا أى ناد آخر.. لأنه لا يلعب باسم مصر إلا منتخب مصر.. وهى حقيقة واضحة ومؤكدة ومع ذلك لا يزال كثيرون جدا على اختلاف ألوانهم عاجزين عن رؤيتها والاقتناع بها.. وإذا كنت أحد هؤلاء القليلين الذين يرفضون بمنتهى الإصرار هذا الخلط الفاضح والفادح بين مصر ورئيس مصر.. وأرفض هذا الإعلام بكتاباته ورؤاه الذى يعتبر أى انتقاد للرئيس مبارك بمثابة انتقاد لمصر كلها.. لأننى أؤمن بأن مصر تبقى طول الوقت أكبر من أى أشخاص وأى أسماء.. فأنا أيضا أرفض أن تصبح مصر فى لحظة هى النادى الأهلى.. أو أى ناد آخر.. أرفض أن يذهب حسن حمدى إلى استاد ويمبلى فى لندن للاتفاق على مشاركة الأهلى فى دورة ودية هناك.. ويقف حسن حمدى رافعا علم مصر موحياً بأن مصر كلها ستجىء إلى هنا لتلعب وتحلم.. أرفض ذلك تماما لأن الذى سيلعب هو النادى الأهلى وليس منتخب مصر، وأتمنى أن تغدو مثل هذه الفوارق واضحة فى أذهان الجميع.. حتى لا تصبح مصر مستقبلا كما كانت دائما هى المبرر الذى تلجأ إليه الأندية لتكسير القوانين واللوائح بحثا عن مصالح خاصة للأندية لا علاقة لها بمصر أو بمنتخب مصر. من بين تلك الأفكار أيضا التى تحتاج لمراجعة وتعديل.. مثل هذا الهجوم الحاد الذى تعرض له علاء مبارك، لأنه تجرأ وذهب لتشجيع الإسماعيلى فى مباراته المهمة مع الاتصالات فى إطار السباق المحموم على الفوز بالدورى هذا الموسم.. هجوم استند إلى أن علاء مبارك لم يكن يليق به أن يظهر وأن يعلن انتماءه الكروى للنادى الإسماعيلى.. وأن مجرد وجود علاء مبارك فى استاد بنها مع الإسماعيلى هو تغييب متعمد للعدالة وللحياد.. ولا أعرف ما الذى يستند إليه هؤلاء فى هجومهم وانتقادهم، هل أدى وجود علاء مبارك فى الاستاد إلى احتساب ضربات جزاء ظالمة لمصلحة الإسماعيلى؟.. وهل اكتشفنا مثلا أن الإسماعيلى فريق هزيل وضعيف ولا يفوز إلا لأنه فريق يحظى باهتمام وتشجيع ابن الرئيس؟ ولماذا لم نشهد مثل هذا الهجوم والرفض حين يعلن معظم الوزراء هويتهم الكروية.. والذين هاجموا علاء مبارك بمنتهى الثورة والغضب يصبحون سعداء جدا بأى مسؤول كبير حين يعلن انتماءه للنادى الأهلى.. أم أن الأزمة الحقيقية كانت فى اكتشاف أن هناك مواطنين فى مصر لا ينتمون للأهلى أو الزمالك، وهو الأمر الذى لايزال يصعب جدا تصور حدوثه.. فنحن فى مصر لا نتخيل أى إنسان عاقل ورغم ذلك لا يشجع الأهلى أو الزمالك.. لأننا لا نزال نؤمن بأن الطفل المصرى يولد إما مسلماً أو مسيحياً.. أهلاويا أو زملكاويا.. وكأنه ليست هناك أندية أخرى فى مصر، بل إنه من المثير والمستفز أيضا أن يكتشف رئيس الإسماعيلى أو المصرى أو الاتحاد أو أى ناد آخر أنه مطالب بأن يعلن انتماءه الكروى، وهل هو الأهلى أم الزمالك؟ وهو ما يعنى أننا فى السياسة نرفض احتكار الحزب الوطنى للسلطة وأصوات الناخبين، ونطالب بتداول السلطة.. وتعدد الآراء والأصوات والوجوه.. بينما نبقى فى كرة القدم عشاقا للحزب الواحد وللهيمنة والسيطرة المطلقة والدائمة ونرفض كل القادمين الجدد. وأخيرا.. ومن الأفكار والمعتقدات الخاطئة أيضا، تلك الفرحة الكبرى التى عاشتها بعض جماهير الزمالك بخسارة فريقها المشبوهة أمام الإسماعيلى، فقد تخيل هؤلاء أن إتاحة الفرصة للإسماعيلى لمنافسة الأهلى على بطولة الدورى هى منتهى العشق للزمالك، وليس ذلك صحيحا على الإطلاق.. فعلاقة الحب الوحيدة المؤكدة فى كل ملاعب الكرة، هى قصص حب الجماهير لأنديتها.. حباً نبيلاً وحقيقياً لا تحركه أى مصالح خاصة ولا أى حسابات أو منافع.. والعشاق الحقيقيون للزمالك كانوا هم الذين سعدوا بالوجوه الجديدة فى ناديهم وأدائهم الرائع أمام الأهلى، وبعدها كان لقاء الإسماعيلى فرصة أمام هؤلاء الجدد لتأكيد نبوغهم الكروى أمام القوة الكروية العظمى الثانية فى مصر، ليكتسب الصغار الاعتراف الرسمى والكامل بأنهم أمل الزمالك وأن الزمالك عاد بالفعل يحلم بجدارة بالمجد القديم ولم تكن مجرد انتفاضة كاذبة ومؤقتة أمام الأهلى فقط. وكان لابد من التعامل مع هؤلاء الصغار بهذا المنطق وحتى نهاية الموسم استعدادا لموسم جديد يعود فيه الزمالك ويحلم وينافس بجدارة على درع الدورى وكل بطولات الكرة فى مصر. (3) منير ثابت.. وفساد اللجنة الأوليمبية فى مكالمة تليفونية طويلة مع اللواء منير ثابت، رئيس اللجنة الأوليمبية المصرية، فوجئت بعتاب رقيق من الرجل لأننى سبق أن انتقدت غيابه وتساءلت عن اختفائه رغم احتدام الصراع على اللجنة الأوليمبية المصرية واللوائح المعيبة والخطابات المتبادلة مع اللجنة الأوليمبية الدولية، وقال اللواء منير ثابت إنه لم يكن بمصر طيلة الفترة الماضية.. وفوجئ بعد عودته بكل هذا الذى جرى ويجرى بشأن اللجنة الأوليمبية المصرية، وكان منير ثابت واضحا وحازما وغاضبا جدا، وهو يؤكد لى رفضه كل هذا العبث.. وأكد رئيس اللجنة الأوليمبية المصرية رفضه المطلق مثل هذا التدخل الحكومى الفاضح فى إدارة شؤون لجنة مصر الأوليمبية.. ومثل هذه الفوضى التى بلغت منتهاها حين أصبح مكتب محمد شاهين الخاص فى الإسكندرية هو الذى يتولى الرد رسميا على اللجنة الأوليمبية الدولية، وكأن مصر باتت تملك لجنتين أوليمبيتين.. واحدة منهما قطاع خاص فى الإسكندرية.. أما الأخطر من ذلك كله فكانت تلك اللائحة المعدلة، التى تم ارسالها للجنة الأوليمبية الدولية وطلب اعتمادها رسميا.. فهى لائحة جرى إعدادها فى مقاهى ومطاعم وبيوت ومكاتب خاصة لا تعرف عنها اللجنة الأوليمبية المصرية شيئا ولم يناقش بنودها مجلس إدارة اللجنة ولا أقرتها الجمعية العمومية، وقد توقفت كثيرا أمام جملة واحدة قالها منير ثابت بمنتهى الحزن والأسى.. حين قال لى إن الفساد الذى جرى كان وسيبقى أكبر وأخطر مما يمكن أن أتصوره أو يتصوره أى أحد آخر.. وبالتأكيد سأحاول خلال الأيام المقبلة وبمعاونة اللواء منير ثابت كشف كل هذا الفساد وكل الخطابات والمراسلات المزورة، ولكننى فقط أتمنى أن يحافظ مسؤولو المجلس القومى للرياضة وأنصارهم وأتباعهم وخدمهم فى اللجنة الأوليمبية المصرية على القدر الأدنى من احترامهم لأنفسهم واحترامنا لهم ويقرروا إلغاء الانتخابات المقبلة، خاصة أن آخر خطاب جاء من اللجنة الأوليمبية الدولية كان صريحاً وصادماً وقاطعاً فى التأكيد على أن اللجنة الدولية لن تعترف بأى انتخابات تقام فى وسط هذه الفوضى وكل هذا التلاعب بالقواعد والنظم واللوائح. (4) فؤادة والكرة المصرية والزواج الباطل مع كامل احترامى لصداقة الود العميق والاحترام الأعمق التى تربطنى بهما.. إلا أننى أرفض أن ينفرد محسن شاهين، رئيس نادى الشرقية، بقرارات مصيرية تخص النادى مثل قرار التفاوض مع وليد دعبس، مالك قنوات مودرن سبورت، لرعاية فريق الشرقية وإدارة شؤونه دون الرجوع لمجلس إدارة النادى أولا، وأرفض هذا التضامن المفاجئ الذى أعلنه حسين العشى، رئيس نادى منتخب السويس، مع حسن فريد، رئيس نادى الترسانة، فى الحرب على اتحاد الكرة بسبب المادة «18» من قانون الفيفا.. وإذا كان محسن شاهين سيؤكد أنه يتحرك مدفوعا برغبته فى البحث عن موارد مالية حقيقية للشرقية تساعده على التأهل للدوى الممتاز فى الموسم بعد المقبل.. والعشى سيؤكد أنه ضاق ذرعاً بأندية الشركات التى أهدرت المال العام فى ملاعب الكرة وقضت على الأندية الشعبية والتاريخية فى مصر، فإننى أقول للاثنين ولغيرهما أيضا، إن النوايا الطيبة ليست أبدا مبرراً لأى خروج على الشرعية والنظام، وأنه إذا كانت أندية الشركات بالفعل ظاهرة مؤسفة وغير مبررة على الإطلاق وستنتهى حتما بغياب الوزراء والمسؤولين الكبار الذين بدأوها.. إلا أن ذلك ليس مبررا لأن نتغاضى عن فشل كل رؤساء الأندية الشعبية والتاريخية فى إنقاذ أنديتهم وفى عجزهم عن الخروج نهائيا من أثوابهم القديمة والسعى فى محاولة اللحاق بعصر جديد وقواعد وحسابات جديدة ومختلفة، وأنا مستعد تماما للانضمام للعشى ولحسن فريد ولآخرين غيرهما ونقوم بمظاهرة غاضبة على غرار فيلم «شىء من الخوف» ونصرخ بأن زواج الوزارات والشركات من الكرة باطل، ولكن هل إذا نجحنا وتم فسخ عقد هذا الزواج.. سنترك الأندية الشعبية تدار بنفس هذه القواعد القديمة، بانتخابات تأتى بمن هو أكثر قدرة على تربيط الأصوات وعقد الاتفاقات السرية ودون اشتراط أن يكون لديه أى رؤية أو تصور لمستقبل هذه الأندية وتنمية مواردها بعيداً عن دعم الحكومة أو السيد الوزير المحافظ.. وإذا كانت أندية الشركات والمؤسسات، كلها، باطلة وغير لازمة وغير ضرورية، فإن كل إدارات هذه الأندية الشعبية والتاريخية أيضاً فاشلة وغير لازمة وغير ضرورية.. ولابد من تغيير كل شىء ولابد من تصحيح حتى أبسط المفاهيم حول الأندية ومعناها ومضمونها وإدارتها أيضا. [email protected]