لن أدافع عن حسن شحاتة ولن أشنقه أيضا.. ولن أطالب الناس فى بلدى بكل هذا القدر من التسامح كما الفرنسيين الذين تجاوزوا بسرعة وجع وجرح خسارتهم المفاجئة والمربكة أمام بيلاروسيا فى بداية تصفيات كأس أمم أوروبا، وحرصهم على تأكيد تضامنهم وبقاء مساندتهم لمدرب منتخبهم لوران بلان.. ولن أطالب الناس فى المقابل بممارسة الغضب والانفعال والجنون كما الجزائريين عقب التعادل مع تنزانيا فى بداية تصفيات كأس أمم أفريقيا وقرارهم بطرد مدربهم رابح سعدان من منصبه ومن ذاكرتهم واحترامهم وامتنانهم.. ولكننى أظن أن الوسط يبقى دائما هو خير الأمور.. لا منتهى التسامح إلى درجة النسيان واللامبالاة ولا منتهى الغضب إلى درجة الإهانة والاغتيال المعنوى.. ومن المؤكد أننا كلنا غضبنا وانزعجنا وانتابتنا مخاوف وهواجس مقلقة عقب التعادل مع سيراليون.. وهو أمر منطقى وطبيعى جدا.. ولكنه لابد وسط كل هذا الحزن والغضب من الاتفاق على عدة أمور ونقاط أساسية.. فأى خسارة مقبلة لحسن شحاتة أو حتى الخروج من التصفيات دون تأهل.. لا ينبغى لها أن تسقط أى اعتبار عن الرجل وتجرده من مكانته وبطولاته مغضوباً عليه.. ولكن حسن شحاتة فى المقابل لا يملك حق رفض الكلام مع الإعلام وتقديم كل التفاسير المطلوبة وهو غاضب.. لأنه الذى تسعده جداً حفاوة الإعلام به منتصرا لابد أن يحترم نفس هذا الإعلام وحقوقه مهزوما.. كما أن مصر - وفقا لقانون كرة القدم وقواعدها وطبيعتها - لا تصبح أكثر المرشحين حظوظا للفوز بكأس الأمم الأفريقية المقبلة لأن ذلك لو حدث فسيعنى فرحة كبيرة للمصريين ولكن خسارة أكبر للكرة نفسها التى ستفقد عدالتها.. جنونها وإثارتها ومفاجآتها.. ولا يعنى ذلك ألا نحلم ونحاول ونبقى كلنا نريد هذه الكأس الرابعة.. لابد أيضا من الاتفاق على أنه باستثناء قليلين جدا من إعلاميين أو عشاق ومتابعين للكرة فى مصر لا تتغير مواقفهم أو أحكامهم حسب النتائج مباراة بعد أخرى.. فإن معظم الإعلاميين والجماهير غالبا تأتيهم الحكمة متأخرة جدا فيبدأون الكلام عن الذى كان مفروضا أن يحدث بعد أن يحدث بالفعل.. وقد خرج هؤلاء بعد التعادل مع سيراليون يرفضون منتخبهم الذى أدركته الشيخوخة ويطلبون تسريح كل العواجيز والشيوخ والاستعانة بالوجوه الجديدة ليس فقط من أجل كأس الأمم 2012 وإنما من أجل تصفيات كأس العالم 2014 التى باتت هى الأهم والأغلى.. ولكن معظم هؤلاء كانوا قبل الساعة التاسعة مساء الأحد الماضى لا يرون هذه الشيخوخة ولا يفكرون فى استبعاد أى لاعب.. ولا يمكن للشيخوخة أن تدرك منتخبا أو وطنا فى تسعين دقيقة.. وقد كان من الأجدى المطالبة بتغيير منتخبنا فور انتهاء البطولة الماضية وأن ننحى عواطفنا جانبا لأن كرة القدم لا تدار بالعواطف ولا بالذكريات القديمة.. فليس هناك لاعب يبقى لاعبا لمجرد أنه طالما أسعد الناس فى الماضى.. وهناك فوارق ضخمة وحقيقية بين مباريات رسمية للكرة وبين حفلات التكريم والامتنان.. سواء للاعب أو المدرب أيضا.. وكان الأولى بنا كلنا تنبيه حسن شحاتة إلى ضرورة التدخل الجراحى الحاسم والمؤثر قبل وقت طويل ولسنا ننتظر التعادل فى الأحد الماضى لنصبح كلنا فجأة أطباء وحكماء.. كما أننى لم أفهم لماذا سيعقد اتحاد الكرة جلسة استماع لحسن شحاتة ومناقشته لمعرفة أسباب تراجع المستوى.. وفى البداية أنا أرفض أن يجتمع اتحاد الكرة ويناقش المدير الفنى رسميا عقب التعادل فى مباراة.. لكننى أسخر من اتحاد انتبه الآن فقط إلى ضرورة مناقشة المدرب فى أحوال الفريق وما يحتاجه من تغيير وتعديل.. فهذا هو منتهى السخف والعبث والإصرار على خداع الناس والذى يجعلنا أسوأ من الفرنسيين المتسامحين وأيضا الجزائريين الثائرين. [email protected]