1. إلا مفيد فوزى ووزارة الخارجية المصرية حتى سنوات قليلة مضت . كان أى سياسى أو مثقف أو مسؤول كبير فى أى مجال . يخجل من الحديث عن كرة القدم، ويرى فى ذلك انتقاصا من القدر والمكانة . وأى استثناءات كانت تحدث كان يجرى بسرعة تفسيرها باعتبارها محاولة لركوب موجة الكرة واستغلال شعبيتها ومكانتها عند الناس . فالرئيس ومساعدوه ومستشاروه ووزراؤه وأسرته لا يتذكرون كرة القدم إلا لمغازلة الناس والشارع . والصحفيون والكتاب فى بقية مجالات الحياة لا يكتبون عن الكرة إلا فى أوج الاهتمام الجماعى بها والذى يطغى وقتها على أى أحاديث أخرى . ولكن الآن يتغير كل ذلك . ولم يعد الاهتمام بكرة القدم والحديث عنها ينتقص من مكانة أى أحد ولم تعد كرة القدم فى رأى الكثيرين مجرد لعبة لا تستحق كل هذا الانشغال وكل هذا الإعلام . الاستثناء الوحيد من ذلك كله كان الصحفى الكبير والشهير مفيد فوزى الذى لا يزال غاضبا ورافضا الانشغال بتلك اللعبة عن قضايا وهموم الوطن وبلغ الأمر بمفيد فوزى أن يصل إلى درجة البكاء والحسرة على مجتمع استبدل عقله بكرة قدم . بينما فى المقابل قرر الكاتب القدير فهمى هويدى الالتفات لكرة القدم ومثله الروائى الرائع علاء الأسوانى . وطالب الاثنان معا بأن تتحول كرة القدم إلى مدرسة يدخلها المصريون الصغار والكبار معا ليتعلموا من جديد قواعد الديمقراطية ودروس الحياة السياسية السليمة . ففى كرة القدم لا وساطة ولا احتكار للأدوار والمناصب ولا إعفاء أو تسامح مع أى أحد عند أى خطأ أو إخفاق وقدم بلال فضل بكل قدرته وحكمته وبساطته تفسيرا اجتماعيا واقتصاديا وإنسانيا للاعبى الكرة فى مصر والفوارق بينهم وبين لاعبى الكرة فى أوروبا والعالم كله. وتوقف الإعلامى الرائع والرقيق محمود سعد ليعقد مقارنة بين حسن شحاتة الذى يجتهد ليملأ حياة المصريين بالبهجة وسياسيين ومسؤولين كبار لم يتقاعسوا يوما واحد ليملأوا أيام المصريين ولياليهم بالتعاسة والشقاء والخوف . وطالب الشاعر الرقيق فاروق شوشة باستثمار شعبية الكرة للحفاظ على لغة عربية صحيحة وصالحة للاستخدام فى أى وقت . ورفض صديق العمر وشريك أحلام الزمن القديم إبراهيم عيسى هذا الإفراط والزج باسم الرئيس مبارك ومكالماته وبرقياته فى كل حديث عن انتصار لمنتخب مصر . وعلى الرغم من ذلك فإننى أختلف مع إبراهيم عيسى فى دعوته بألا تكون هناك سياسة فى كرة القدم . ولا كرة قدم فى السياسة . فقد عاشت مصر سنين طويلة وبعضهم يقوم بتلقينها بأنه لا سياسة فى الدين ولا دين فى السياسة . ثم عاشت مصر اللحظة التى تيقنت فيها بأن الدين سياسة . واليوم يجب أن تدرك مصر كلها بأن كرة القدم سياسة . ولكن ليس على طريقة الدكتور نصر فريد واصل مفتى الجمهورية الأسبق الذى قال إنه كان يتمنى فوز المنتخب المصرى على الأمريكى فى كأس القارات ليصبح فوزا معنويا لكل الأمة الإسلامية . فما هكذا ينبغى ان تكون رؤية الشعوب والحكومات لكرة القدم كلعبة سياسية ولكن بالتأكيد لم تعد الكرة مجرد لعبة أو حتى رياضة . وإنما باتت حياة . ومنهجا . ومدرسة . وإذا كان أحمد أبو الغيط، وزير الخارجية، قد عارضنى كثيرا وحفل كلامه معى بكثير من السخرية والاستغراب لأننى كنت أطالبه بتأسيس إدارة رياضية فى الخارجية المصرية . فأنا أتمنى اليوم أن يرجع أبو الغيط إلى مستشاريه ومديرى مكتبه ويطلب منهم جميع المعلومات والتقارير المتاحة عن الإدارة الرياضية الجديدة التى أسسها الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى البيت الأبيض والأدوار والمهام التى ستلتزم بها هذه الإدارة الرياضية الجديدة . وأنا لا أريد للرياضة إدارة جديدة فى الخارجية المصرية لمجرد تقليد البيت الأبيض . وإنما لأننى أؤمن بأن مصر تحتاج لهذه الإدارة أكثر مما تحتاجها الولاياتالمتحدة . فكرة القدم والمنتخب المصرى هو أحد الأسلحة التى لم تفكر فيها الحكومة المصرية فى مزيد من الوجود والتأثير والتقارب مع شعوب وحكومات دول حوض النيل . وكرة القدم هى أحد الملفات المهمة للدبلوماسية المصرية أفريقيا . وقضايا ونواح أخرى كثيرة لابد أن يصبح فيها لكرة القدم دور ومكان ومكانة ورسالة. 2. المصريون ليسوا سواسية الفنان رامز جلال وكريم حسن شحاتة ومهيب عبد الهادى مراسل قناة الحياة وحمادة زاهر نجل رئيس الاتحاد المصرى لكرة القدم . كلهم أصبحوا فجأة مدانين باصطحاب فتيات الليل إلى معسكر المنتخب المصرى أثناء بطولة كأس القارات ليس من المهم التفاصيل والوقائع والحقائق ولا أدلة الإدانة وشهادات إثبات الإثم . فالمتهمون هذه المرة مجرد مصريين . ليسوا نجوما كبارا سيقف خلفهم وسيدافع عنهم الكثيرون جدا . والمواطن المصرى ليس له ثمن وليس له حقوق ينبغى الحفاظ عليها بنفس التقدير والاهتمام والاحترام التى نحافظ بهم على حقوق الكبار . وبالتالى نسينا كلنا فجأة الحكمة التى تعلمناها من رأس عمرو أديب الطائر على شاشة الأوربت. حين طالبنا وقتها بضرورة التأكد أولا وامتلاك الأدلة والاثباتات قبل توجيه أى اتهامات. ولم نعد نتذكر فقط إلا حكايات بنات الليل . وهى قطعا حكاية مثيرة وساخنة يصعب جدا إلقاؤها فى صندوق المهملات دون استثمارها إلى أقصى حد ممكن. وحين بات من المستحيل إلقاء الاتهامات على لاعبى المنتخب ومسؤوليه لأنهم فوق أى شبهات من هذا النوع ولأن أحدا لن يقبل ذلك وبأى شكل. فقد جرى المتمسكون ببنات الليل وحكاياتهم الملونة يبحثون عمن يوزعون عليهم الاتهامات رغم أن جنوب أفريقيا أعلنت وأكدت رسميا أن المعسكر المصرى لم يشهد لا فتيات ليل ولا ليالى حمراء. إلا أن أحدا لم يهتم بذلك . فقد باتت هناك رغبة جامحة داخل الكثيرين جدا منا للخوض فى أعراض بعضهم البعض . وفى كشف عورات الجميع بالحق والباطل . وبدأ البعض فى ترويج هذه الاتهامات لهؤلاء الأربعة استنادا إلى أنهم قالوا لى سمعت أظن ولكن بدون أى دليل أو صورة واحدة تؤكد هذه الاتهامات . ومن الواضح أن هناك دوافع أخرى وراء ذلك . فهناك خصوم لحسن شحاتة أزعجتهم جدا انتصارات الرجل وبطولاته فقرروا تصفية حساباتهم معه فى شخص كريم حسن شحاتة . وهناك أعداء لسمير زاهر وجدوها فرصة رائعة أن يلصقوا الفضيحة بنجل سمير زاهر لعلها تقضى على الأب والابن معا . وهناك من أربكهم وأغضبهم وكشف ضعفهم وعجزهم نجاح مهيب عبد الهادى فى رسائله وانفرادته اليومية من جنوب أفريقيا فكان الحل والخلاص هو تشويه السيرة والسمعة . وكان من الضرورى الزج باسم رامز جلال فقط باعتباره فنانا وحيث كل الفنانين متهمون مقدما بالانحلال والفسق والفجور إلى أن يثبت العكس ولا أعرف إن كنت سأفسد شهوة هؤلاء واستمتاعهم بحواديت الدعارة وبنات الليل لو طالبت بالأدلة أولا . وبالتعامل مع كل الناس بمعايير واحدة وثابتة . وبعدم الخلط بين الخلافات الفنية والإدارية والإعلامية وبين السمعة الشخصية والتقييم الأخلاقى . فإن ظهر الدليل فأنا أول من سيمسك بحجر القيه فى وجه الجناة والزناة. وإن كنت بهذه المناسبة أعرب عن سعادتى بالنجاح الباهر الذى حققته شركة الشاى الشهيرة التى اصطحبت كل هؤلاء. وغيرهم من أنجال وأقارب المسؤولين والجهاز الفنى واللاعبين، إلى جنوب أفريقيا رغم أنها قدمت إلى لندن تقاريرها بالإعداد لرحلة ترويجية للشركة وأنها ستصطحب نماذج من الجمهور المصرى لمرافقة منتخب مصر 3. مستقبل الكرة فى المحلة والشرطة والشرقية لا أنوى أن أعقد مقارنة بين أندية غزل المحلة والشرطة والشرقية. ولن أختلق حكايات وقصصاَ للبحث عن رابط يجمع هذه الأندية الثلاثة. ولكننى فقط أتوقف عند الأحوال المالية للأندية الثلاثة . فنادى غزل المحلة يتبع شركة غزل المحلة والشركة مثل كل شركات الغزل والنسيج فى مصر الآن تعيش حالة احتضار اقتصادى أدت إلى تراكم الديون والأزمات والهموم والشكوك فى القدرة على البقاء والاستمرار. وأظن أنه لم يعد مقبولا فى مثل هذه الظروف. أن يسمع عمال الشركة ومهندسوها. الذين قد يجرى تسريح بعضهم وتجميد أرباح وعلاوات ومكافآت الآخرين. أن نفس شركتهم من الكرم بما يكفى لأن تدفع مليونا أو أكثر لشراء لاعب أو أكثر وأظن أيضا أنه قد حانت اللحظة التى نواجه فيها أنفسنا وغيرنا بشجاعة لتعلن شركة غزل المحلة أنها باتت تحمل من الهموم ما يمنعها من الانشغال بكرة القدم وأنها تحترم كثيرا وجدا كل التاريخ الرائع وبطولة الدورى العام التى سبق أن فازت بها الشركة. ولهذا فهى تتنازل عن هذا النادى لينفصل عن الشركة ويتم دمجه فى نادى بلدية المحلة ليشكل الاثنان معا ناديا جديدا باسم المحلة وكل أهل المحلة أما نادى الشرطة فقد نجح مسؤولوه فى إتمام صفقاتهم استعدادا للموسم الجديد. وخرج من خزينة الشرطة خمسة عشر مليون جنيه ثمنا لهذه الصفقات والتعاقد مع اثنى عشر لاعبا جديدا وأود أن أسأل فقط مسؤولى النادى . هل دار بخلدهم ولو لحظة واحدة من أين جاءت كل هذه الملايين التى أنفقتها الشرطة من أجل التعاقد مع لاعبى كرة قدم. وهل دار بخلدهم انهم ناد بلا جمهور ولا إيرادات وبالتالى كان من الضرورى أن يتعاملوا وفقا لهذة الحقيقة شديدة البساطة والضرورة معا . وهل هو مطلوب من الشرطة ان تنفق كل هذه الملايين لمجرد أن يكون هناك للشرطة فريق يلعب الكرة فى الدورى الممتاز . ولماذا لا يقرر اللواء حبيب العادلى وزير الداخلية والمشير حسين طنطاوى وزير الدفاع والمهندس سامح فهمى وزير البترول أن تتغير مفاهيم وفلسفة أندية الشرطة والقوات المسلحة والبترول لتصبح أندية مهمومة بالكشف عن المواهب المصرية الكروية الجديدة وأن تصبح فرق هذه الأندية هى طاقات النور والأمل؟ وأن تتوقف هذه الأندية وتمتنع تماما عن التعاقد مع اى لاعبين أفارقة أو نجوما من الأندية الأخرى . وتنفق أموالها وتستغل إمكاناتها الضخمة فى الطواف بمدن مصر وقراها بحثا عمن يستطيعون اللعب لكنهم لا يجدون الفرصة ولا النافذة التى يطلون منها على مصر كلها. أما نادى الشرقية والذى يعيش الآن أزمة التعاقد مع الدكتور وليد دعبس. ليصبح الدكتور وليد هو المستثمر الذى يرعى فريق الشرقية مقابل الانتفاع بالأرباح . وهو التعاقد الذى أدى لانفجار الأوضاع ونشوب الخلافات داخل مجلس الإدارة إلى حد الاشتباك بالأيدى والجروح وتساقط الدماء. فأنا أود التأكيد على أنها خطوة رائعة أن يلتفت رجال الأعمال للأندية الشعبية ويحاولوا مساعدتها والاستثمار فيها وتحقيق الربح أيضا فأنا لا أطالب أى أحد بأن ينفق الكثير من ماله دون منفعة أو مصلحة. وتمنيت ولا أزال أتمنى أن تصبح تجربة نادى الشرقية مع الدكتور وليد دعبس هى النواة أو النموذج الذى يمكن تطبيقه على أندية أخرى كثيرة. ولكننى فقط أرفض كثيرا من بنود العقد. أرفض تغيير اسم نادى الشرقية ليصبح نادى مودرن . وأرفض إلغاء أى دور لمجلس إدارة النادى المنتخب ليصبح ممثل مجموعة مودرن هو الوحيد الذى له حق الكلام باسم النادى فيما يخص كرة القدم سواء مع اتحاد الكرة أو باقى الأندية. فهذا ليس استثمارا فى ناد وإنما هو حذف وإلغاء وعملية واضحة باع فيها النادى من لا يملكه واشتراه من لم يدفع ثمنه بالكامل. ولا أزال أتمنى أن يراجع الدكتور وليد دعبس حساباته وألا ينفرد محسن شاهين رئيس النادى بالقرار فى أمر بمثل هذا الحجم وأدعو الجميع لأن يتفاوضوا من جديد بملفات مفتوحة وحسابات معلنة لأننى أثق أن الكل يسعى جاهدا وراء مصلحة ناد مفروض بحكم الشعبية والتاريخ أن يصبح كبيرا ومهما اسمه نادى الشرقية. 4. ملاحظات قصيرة وليست عابرة ■ الانتخابات على الأبواب فى الشمس والاتحاد والمصرى وهليوبوليس والصيد . ولا أرى فى الحديث عن أخطاء ومخالفات فى أى من هذه الأندية بمثابة قلة أدب أو عدم انتماء للنادى وإهانة له . فأهم مكاسب الديمقراطية هو النور . وألا تكون هناك أى حسابات سرية أو ملفات مغلقة. كما أنه من الرائع أن تكون هناك أكثر من امرأة تخوض هذه الانتخابات دون انتظار للكوتة الرياضية التى تمنح المرأة مقعدا واحدا فى كل اتحاد أو ناد. وأشكر هؤلاء النساء اللاتى سيخضن هذه الانتخابات ورفضن أن تبقى المرأة المصرية مجرد عصفور محبوس فى قفص نقدم له الطعام والتدليل وقتما نريد نحن وليس حسب احتياجه هو. ■ لا نزال مأخوذين ومحكومين بعقدة الخواجة وما كنا نقبله من مانويل جوزيه لن نقبله من حسام البدرى . مانويل خواجة وبالتالى هو بالتأكيد يفهم أحسن منا وهو أقدر منا كلنا على إدارة النادى الأهلى . أما البدرى فهو مصرى مثلنا وملامحه تشبه ملامحنا . وبالتالى فنحن كلنا نفهم أحسن منه وسنراه أقل من هذا المنصب . والمثير فى الأمر أن هذا هو الدرس الذى لم نتعلمه أبدا من الأداء أمام البرازيل والفوز على إيطاليا . وهو أننا ممكن أن نكون كبارا بجد . وأن بيننا من يستطيعون مناطحة الخواجات والتفوق عليهم فى الكرة . والسينما والصحافة والطب والهندسة والتليفزيون والأدب . أرجوكم أعطوا البدرى الفرصة واتركوه يعمل ويحلم وينجح ولا تحكموا عليه مقدما بالفشل لمجرد أنه مصرى وأنه يشبهكم فى الاسم والملامح والحياة والمعاناة. [email protected]