(1) مصر.. من خسارة بكين إلى انتصار جاروا لم يلتفت كثيرون منا لتجربة إدارة النادى الأهلى ونجاحاتها.. ولم أشهد أى مقارنة جادة وحقيقية بين الإدارة فى الأهلى.. وبين إدارة بقية الأندية والاتحادات فى مصر.. ولم تستوقفنى أى دعوة للآخرين للاقتداء بالنادى الأهلى.. ولقراءة كل القوانين سواء المكتوبة أو غير المكتوبة التى باتت تحكم النادى الأهلى وتسمح وتصنع كل هذا النظام والانضباط والاستقرار وتأتى بكل هذه الانتصارات والبطولات.. وما هو الفارق بين حسن حمدى، كرئيس للأهلى، وبين رئيس أى ناد آخر فى مصر.. وكيف نجح حسن حمدى فى إدارة ناديه بكل هذا النجاح والانتصار بينما هو رئيس النادى الوحيد فى مصر الذى لا يملك أى سلطة تنفيذية مباشرة داخل الأهلى، ولا يملك حتى مكتبا خاصا به داخل النادى فى حين أن رؤساء الأندية الأخرى مشغولون بمكاتبهم وصورهم ونفوذهم وكأنهم باتوا موظفين يديرون شركات قطاع عام أو يتحكمون فى إقطاعيات تسلموها كميراث شخصى أو اشتروها بمالهم الخاص أو العام.. لم يكن هناك من يتحدث عن كل ذلك بينما بدأ البعض فى المقابل يشيرون بإصرار والحاح إلى الأزمة الخاصة بتعطيل إقلاع طائرة جمهور الأهلى فى رحلته إلى الكاميرون ومحاولات هؤلاء البعض تصوير إقلاع الطائرة الخاصة بالأهلى وبقاء الطائرة الخاصة بجمهور الأهلى رابضة على أرض المطار وكأنها خطأ أو خطيئة لإدارة الأهلى.. وتوالت الكتابات والأحاديث تتهم إدارة الأهلى بسوء التصرف وغلظة القلب والمشاعر التى جعلتها لا تحفل ولا تحرص إلا على لاعبى فريقها فقط بينما لم تهتم بعشاق الأهلى الذين ألقت بهم فى العراء على أرض مطار جاروا يواجهون وحدهم مشكلتهم ويدفعون ثمن أخطاء وإهمال الآخرين.. وكأن هؤلاء الذين أفرطوا فى الحديث عن هذه الأزمة أرادوا تحقيق أى قدر ممكن من التوازن النفسى من خلال تصوير الأمر على أنه لا داعى لكل هذا الحديث عن إدارة الاهلى ونجاحاتها باعتبارها بدت فى النهاية كأى إدارة أخرى فى مصر.. لها أخطاؤها الواضحة والفادحة.. وفى هذا السياق.. غاب تماما أى حديث آخر وضرورى عن الأزمة نفسها.. أسبابها ودواعيها والمسؤولون الحقيقيون عنها.. فلم يعد هناك من يتكلم عن التزامات وواجبات شركة السياحة التى نظمت هذه الرحلة وعن ضرورة محاسبتهم، حتى لا يتكرر ذلك مستقبلا مع أى جمهور مصاحب لأى فريق فى أى رحلة.. ولم يعد هناك من يتكلم عن سفير مصر فى الكاميرون الذى عاد مع الأهلى للقاهرة، وعن بقية طاقم السفارة الذين عادوا إلى العاصمة ياوندى دون أن يحفل أى منهم بهؤلاء المصريين الذين يواجهون المجهول وحدهم فى مطار جاروا بعدما طالبتهم سلطات المطار برسوم زادت عن العشرين ألف دولار قبل السماح لهم بالإقلاع.. ولم أسمع أى الحاح إعلامى أو إدارى بالتحقيق فى هذه الواقعة وتحديد المتهم الحقيقى الذى يمكن أن نحاسبه.. فأنا شديد التعاطف مع كل هؤلاء الذين تم حبسهم داخل طائرة لساعات طويلة ومخيفة ومربكة وموجعة.. وبهذا أرفض أن يكونوا مجرد ورقة للمناورة أو لتصفية أى حسابات أيا كان شكلها أو موضوعها.. وأرفض هذا الأسلوب المصرى القديم الداعى للاهتمام بأى خطأ ولكن لمحاسبة من نشتهى حتى ولو لم يكن هو المخطئ الحقيقى.. وأرفض إصرارنا فى مصر على عدم الاستفادة الحقيقية من أى حدث كبير سواء كان انتصارا أو إخفاقا.. وبالتالى فنحن لن نتعلم شيئا مما جرى فى جاروا وفوز الأهلى بسادس بطولة أفريقية.. تماما مثلما تظاهرنا بالاهتمام والتحقيق فى فشل الرياضة المصرية فى بكين دون أى استفادة حقيقية من كل هذه الأفلام الساذجة.. فلا نحن عرفنا لماذا خسرنا فى بكين، ولا لماذا وكيف انتصرنا فى جاروا. (2) كرة اليد وفراعنة الزمن القديم لاأزال مقتنعا بأن ملف تعاطى بعض لاعبى كرة اليد فى النادى الأهلى المخدرات لابد أن يبقى مفتوحا.. ولم يعد من الممكن إغلاقه أو تجاهله حتى لو أراد النادى الأهلى ذلك بالاتفاق مع مسئولى اللعبة فى النادى وأولياء أمور اللاعبين.. وحتى لو اجتمع رئيسا النادى الأهلى واتحاد كرة اليد فى جلسة ود وعتاب ومصارحة ومصالحة.. ففى هذا الملف أوراق كثيرة لابد من قراءتها وتأملها.. وقائع وحقائق تدل على أن الرياضة المصرية كلها، وليس الأهلى فقط، تواجه أزمة إدمان وتعاطى المخدرات والمنشطات أيضا.. وأن هناك لاعبين كل من حولهم يعرف تعاطيهم وإدمانهم ولكن لا أحد يتكلم أو يشير إليهم لاحتياج الفريق أو المنتخب لهم.. وفى واقع الأمر هناك حكايات كثيرة بات من الضرورى كشف الستار عنها وعن أبطالها وتفاصيلها الموجعة والمؤلمة.. وإذا كان كثيرون من أسرة الإعلام الحكومى قد فوجئوا بإشارة عابرة جاءت على لسان جمال مبارك للإدمان فأصبحوا جميعهم مهتمين ومنزعجين فجأة من الإدمان وضحاياه فى مصر.. فإننى أطلب من كل هؤلاء المنزعجين التعاطف معى وتأييدى فى طلبى، بضرورة إجراء تحليل للمخدرات والمنشطات لكل لاعبى أنديتنا وألا يتم تجديد أى تعاقد وألا يتم أى تعاقد جديد مع أى لاعب فى أى سن وأى لعبة إلا بعد إجراء هذا التحليل.. وأود بهذه المناسبة التعليق على ما قاله الدكتور حسن مصطفى مؤخرا وأنه لم يعد يريد البقاء رئيسا للاتحاد المصرى لكرة اليد.. بل وإنه لم يكن يريد الاستمرار فيه أصلا إلا حرصا على مستقبل اللعبة ولضمان ازدهارها فى مصر.. وكأن اليد المصرية لا يمكن أن تنجح وتنتصر أو حتى تستمر إلا بالدكتور حسن مصطفى.. يا صديقى الدكتور نسيت أن أخبرك أن مصر.. الرياضية والسياسية والفنية والاقتصادية.. باتت أخيرا دولة مختلفة عن الماضى ولم تعد تؤمن لا بالفراعنة الخالدين، ولا بالآلهة الصغار الذين بدونهم لا يمكن أن تستمر الحياة أو تأتى الانتصارات وتتحقق كل الأحلام. (3) فى سيرك الانتخابات وفساد الاتحادات لا يزال ملف الاتحادات الرياضية وانتخاباتها مفتوحا.. ولابد أن يبقى مفتوحا.. وهو ملف فيه من الغرائب والإثارة ما يغنى أى مشاهد عن الاحتياج لأى شاشة سينما.. ففى تلك الانتخابات بات كل شىء ممكناً.. ومتاحاً.. ومشروعاً أيضاً.. وكل من يتابع عن قرب تلك الانتخابات فى كل الاتحادات بلا استثناء.. سينتابه إحساس بأنه جالس لمشاهدة أحد عروض السيرك وليس أمام مشهد ديمقراطى حقيقى واضح ومكتمل.. فالمسؤولون عن إدارة تلك الانتخابات وإجرائها.. باتوا أقرب للحواة أكثر منهم مسؤولين رياضيين.. وإذا كان الساحر على المسرح يستطيع إخراج الأرنب من قبعته وإخفاء الثعبان فى كم القميص.. فإن المسؤولين عن انتخابات اتحاداتنا باتوا يستطيعون فجأة إخراج أو إخفاء أندية بأكملها فى كم القميص.. إذ أنه وفقاً للتربيطات وللمصالح بات من الممكن أن يزيد عدد الأندية التى لها حق التصويت من خمسة إلى خمسين.. وفى أحيان أخرى ممكن أن يقل العدد من مائة إلى عشرة.. هكذا دون أن يتوقف أحد ليناقش أو يسأل أو حتى يفهم شيئاً مما يجرى على المسرح أمامه.. مرشحون يجرى استبعادهم فجأة استنادا للوائح بينما نفس اللوائح لا تجرؤ على استبعاد آخرين.. ولا أحد يراجع أو يحاسب أو يفتش عن الحقيقة ومصلحة اللعبة وليس مصلحة المستفيدين من هذه اللعبة.. وعلى الرغم من أن الوظيفة الأولى والحقيقة والرسمية لأى اتحاد رياضى هى العمل على نشر اللعبة.. إلا أن المجلس القومى للرياضة يبتسم مسؤولوه وهم يشاهدون مثلنا بالضبط أى اتحاد رياضى يقرر فجأة تقليص عدد أنديته دون أن يعتبروا أن هذا التقليص يعد خطأ لابد من معاقبة المسؤولين عنه.. وإلى جانب عروض السيرك.. هناك العروض الكوميدية أيضا.. ففى انتخابات اتحاد الجودو.. على سبيل المثال.. باتت هناك أكثر من نكتة.. مثل طارق عز الدين الذى تم استبعاده من ترشيح نفسه لأن اتحاد الجودو لا يملك الدفاتر التى تثبت أن طارق كان لاعب جودو.. ولم يقبل الاتحاد الحالى الشهادة الرسمية التى قدمها طارق وتفيد حصوله على بطولة الجمهورية عام 1982.. وتم استبعاد ياسر الشاذلى أيضا لغياب الدفاتر التى يمكن الرجوع إليها.. وتم استبعاد مجدى الحسينى لأن تجربته فى الإدارة الرياضية كانت فى أحد مراكز الشباب.. وهوما لم يعترف به الاتحاد الحالى رغم أن هناك أكثر من مركز للشباب لها حق التصويت فى الانتخابات المقبلة.. وحكايات أخرى كثيرة تثير الضحك.. وربما البكاء أيضا.. وأعترف أننى تابعت كل ذلك وضحكت.. ولكننى لن أضحك أبداً لو ثبت فيما بعد أن كل ذلك كان فى إطار صفقة تم عقدها بين فريق من المرشحين وبين إبراهيم عطايا المسؤول الكبير فى المجلس القومى للرياضة والتى بمقتضاها سيتم تعيين عطايا مديراً للاتحاد فور خروجه على المعاش.. وأنا أكتب هذا الآن فقط لأؤكد الاحتفاظ بحقى فى البكاء وفى الاتهام فى حال تعيين إبراهيم عطايا مديراً للاتحاد فى أى وقت خلال السنوات الأربع المقبلة. (4) جريمة اللجوء للقانون فى مصر لا أعرف بالضبط ما يجرى فى الإسماعيلى.. وما كل هذه الاتهامات المتبادلة.. ولكننى سأنتظر قرار النيابة العامة بعد انتهاء تحقيقاتها فى الدعوى رقم 881 لسنة 2008 والمتهم فيها هو نصر أبو الحسن رئيس النادى الإسماعيلى باتهامات تتراوح من التربح والفساد والتعاقد بالأمر المباشر مع إحدى الشركات لرعاية النادى الكبير.. إلى شبهات التعاقد مع اللاعب على جلال.. وكما أشرت فإننى سأنتظر قرار النيابة العامة.. ولكننى دون انتظار سأعارض خالد الطيب عضو مجلس إدارة الإسماعيلى والذى أرفض تماماً وبشدة سخريته من أصحاب هذا البلاغ وهذه الدعوى واتهامه بأن العثمانيين هم الذين وراءها لأنهم لا يزالون يريدون السيطرة على الإسماعيلى والتحكم فى أموره حتى ولو من وراء ستار.. وقد أصبحت شديد الانزعاج من كل هذه الحرب وكل هذا الهجوم والسخرية التى يمارسها البعض ضد أولئك الذين يرون مخالفة أو خطأ أو ما يعتقدون ويظنون أنه فساد فيلجأون للقضاء بحثاً عن الحقوق.. ولا أعرف منذ متى أصبح اللجوء للقضاء فى مصر جريمة تثير الكراهية أو الغضب أو السخرية.. لا أعرف ولا أحترم هذا المبدأ الذى يجعل من بعضهم يسخرون من أى عضو فى أى ناد أحس بالظلم أو الامتهان فقرر أن يلجأ للقضاء.. لا أفهم أيضا منذ متى أصبح اللجوء للقضاء فى مصر إثارة للفوضى أو الشغب أو ضد النجاح أو الاستقرار.. وأرجو ألا يقتدى رئيس النادى الإسماعيلى بأندية أخرى سبقته فيقرر شطب عضوية كل من ذهبوا إلى النيابة العامة فى الإسماعيلية متهما إياهم بسوء الأدب والأخلاق، واصفاً إياهم بالقلة الحاقدة المنحرفة التى لا تسعى ولا تهدف إلا لتشويه السمعة وعرقلة مسيرة الإنجازات.. وفى هذا المجال.. أخشى أيضاً أن يتعرض للسخرية ولمحاولات تشويه السمعة أولئك الذين رفضوا هذا الأسبوع تعيين إبراهيم متولى عضواً بمجلس إدارة الإسماعيلى لمجرد أنه شقيق الرئيس الراحل سيد متولى.. تماماً مثلما رفضت وسأبقى أرفض إصرار بعضهم فى النادى المصرى ومحاولاتهم المستميتة لتعيين نجل سيد متولى رئيسا للنادى المصرى.. فلا أظن.. ولا أحب أيضا.. أن يصبح مقعد رئاسة المصرى جزءاً من التركة التى يرثها أبناء سيد متولى.. لا النادى المصرى ولا أى شىء آخر فى مصر. (5) اللجنة الأوليمبية ومصر الجديدة حين كتبت الأسبوع الماضى عن قرارى ترشيح نفسى رئيسا للجنة الأوليمبية.. تخيل البعض أننى أهذى أو أهزل أو أننى فقدت عقلى أو رشدى أو صوابى.. ولكل هؤلاء أؤكد أننى لا أهزل مازلت مالكا لقواى العقلية.. وسأصر على إكمال هذا الطريق حتى آخره محاولا إثبات أنه من حق أى أحد فى مصر اليوم أن يحلم ويطمح لأى منصب أو دور طالما سيحتكم فى النهاية إلى صناديق الانتخاب واختيار الناس وإرادتهم.. كل المناصب فى مصر اليوم لابد أن تبقى حلماً ممكناً وحقاً مشروعاً لأى أحد.. فمصر تغيرت وإلى الأبد.. وكل الأحلام التى خرجت من قماقمها لم يعد من الممكن أن أن يقتلها أو يعيدها أى أحد أو أى سلطة إلى محبسها القديم. [email protected]