ساد التوتر والذعر العالم كله بعد الإعلان عن اكتشاف مرض أنفلونزا الخنازير، وكلما زاد عدد المصابين وانتقل المرض من دولة إلى أخرى يتزايد الخوف، إلا أن البعض يعتقد بوجود «المؤامرة» خلف التهويل من حجم خطر الفيروس الجديد لمصلحة شركات الأدوية المصنعة للمصل المضاد. ومع الأزمة ارتفعت أسهم بعض شركات الأدوية، ومن بينها شركة كان يرأس مجلس إدارتها وزير الدفاع الأمريكى الأسبق دونالد رامسفيلد، ويمتلك حاليا نسبة كبيرة من الأسهم فى الشركة. ويربط البعض بين الاهتمام الإعلامى الكبير بغزو العراق قبل الحرب بكثير وبين التغطية الإعلامية الواسعة لانتشار مرض أنفلونزا الخنازير، فى حين لا تركز أغلب وسائل الإعلام على الآراء التى تهون من خطر الفيروس مثل رأى ميشيل شوسودوفسكى أستاذ الاقتصاد بجامعة أوتاوا الكندية الذى يعتبر أن أغلب ما يعلنه الإعلام بشأن ضحايا أنفلونزا الخنازير يندرج تحت مسمى «تحريف الحقائق». ويعتبر أنصار هذا الموقف أن إعلان الطوارئ فى الولاياتالمتحدة وتهويل خطر الفيروس يأتيان فى إطار محاولات تنشيط مبيعات الدواء الذى تصنعه الشركات وعلى رأسها الشركة السويسرية صاحبة براءة اختراع المصل المضاد لانفلونزا الطيور والخنازير، والذى يباع فى الأسواق باسم «تاميفلو». كان رامسفيلد عضوا فى مجلس إدارة شركة أمريكية تعمل فى مجال التكنولوجيا الحيوية فى الولاياتالمتحدة لها حقوق الملكية الفكرية لتاميفلو، ثم أصبح لاحقا اكبر حاملى السهم بها وتولى رئاسة مجلس إدارتها حتى 2001، حين تولى وزارة الدفاع الأمريكية. وبالإضافة إلى رامسفيلد يضم مجلس إدارة الشركة الرئيس الأمريكى الأسبق رونالد ريجان وجيل بونافى الرئيس الشرفى لجماعة «بيدلبرج» المعنية بالتنسيق بين كبرى الدول الأوروبية وأمريكا وروسيا. ونتيجة أوامر وزارة الدفاع الأمريكية بتحصين كل الجنود ضد أنفلونزا الطيور عام 2005 زادت أموال رامسفيلد كثيرا حيث تكلفت الخطة أكثر من 2 مليار دولار أمريكى حصل رامسفيلد على 10% منها أى حوالى 200 مليون دولار كمكسب خاص له. ومن هذا المنطلق يرى البعض وجود علاقات وثيقة بين شركة الأدوية والقادة السياسيين. وكانت مجلة «فورتشن» الأمريكية المهتمة برصد ثروات كبرى الشخصيات والمؤسسات فى العالم، أكدت أن رامسفيلد يمتلك حصة كبيرة من شركة «جيلاد» التى تعتبر من أكبر شركات التكنولوجيا الحيوية وذات العلاقة الوثيقة بالحياة السياسية. ويشكك كثيرون فى أن اختفاء فيروس الجمرة الخبيثة من معامل الجيش الأمريكى عام 2001، والخوف الذى ساد حين ذلك يتكرر حاليا، فقبيل تصنيع المصل يتم سرقة جزء من العينات ونشر المرض ليكون الطلب على العقار الجديد كبيرا. وتوجد بعض المؤشرات على أن أنفلونزا الخنازير بمثابة سلاح بيولوجى على الرغم من تكذيب منظمة الصحة العالمية لذلك، فالفيروس خليط من فيروس إنسانى وفيروس خاص بالطيور وثالث خاص بالخنازير. وطبقا لمصدر مسؤول فى وكالة الأمن القومى الأمريكى فإن بعض العناصر فى الفيروس الجديد تشير إلى أن جيناته صنعت بحيث يصبح سلاحا بيولوجيا عسكريا. ومن جانبه أعلن وانى مادسون أحد العلماء البارزين فى الأممالمتحدة أن مصدر الفيروس الجديد يشبه مصدر فيروس آخر فى إندونيسيا وكلاهما نتج عن أنفلونزا الخنازير فى بعض مناطق المكسيكوالولاياتالمتحدةالأمريكية. وأضاف أن الفيروس الجديد تم تصنيعه من خلال إدخال عناصر جرثومة بشرية تم تصنيعها إلى الفيروس الأساسى، وأصبح بإمكان النوع الجديد أن يؤدى إلى وباء عالمى ويهدد حركة النقل والتجارة العالميتين بشكل كارثى. وبصرف النظر عما إذا كان الفيروس الجديد مصنعاً أم سلاحاً بيولوجياً فإن الهدف الأساسى منه قد تحقق، فبعدما ألقت الأزمة الاقتصادية بظلها على البورصات العالمية تكبدت شركة «جيلاد» خسائر فادحة، وبعد الإعلان عن الفيروس الجديد ارتفعت أسهمها بقوة وبعد الإعلان عن اكتشاف 40 حالة فى الولاياتالمتحدة نفد ربع مخزون الشركة من الأدوية. كان لاختيار شهر أبريل تحديدا لنشر الفيروس هدف حيث تكثر الإصابات بالأنفلونزا العادية وبالتالى فكل من يشك فقط فى الإصابة سيقدم على المصل، ومما يشكك فى صحة رفع حالة الطوارئ بسبب الفيروس إلى المستوى الخامس هو تأكيد عدد من المتخصصين فى علم الجرثوميات على أن هذا الوباء فى شكله وحالته الراهنة ليس من نوعية الفيروسات القاتلة، وأنه لا يتسبب فى شىء أكثر من أعراض الأنفلونزا العادية، وهو ما كانت نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» فى نهاية الشهر الماضى. أما صحيفة الهيئة الطبية الكندية فقد أكدت أن الأنفلونزا المكسيكية مرض موجود بالفعل من قبل ويصاب الملايين به سنويا فى أمريكا، والأهم أن أغلب الحالات التى يتم الإعلان عن إصابتها هى حالات اشتباه وليست إصابة مؤكدة، حيث لا يتسنى إجراء اختبارات معملية لجميع الحالات المشتبه فى إصابتها. وفى الولاياتالمتحدة لا يوجد سوى معمل واحد يمكن من خلاله التأكد من وجود الفيروس أو عدمه وبالتالى فلابد من طرح السؤال البديهى: إذا كانت واشنطن تملك معملا واحدا فهل تمتلك المكسيك أى معامل؟ ومع الانتباه إلى أن عينات المشتبه فيهم يتم إرسالها إلى المعهد القومى لتشخيص الأمراض فى المكسيك ثم إلى المعامل الأمريكى أو الكندية، فيمكن الجزم بعدم وجود معامل فى المكسيك، أكثر الدول التى أعلنت عن حالات إصابة. ومن الجدير بالذكر أن التصريحات الكثيرة عن «حتمية» انتشار المرض، كفيلة بخلق مناخ من الخوف وعدم الأمان وإبعاد أنظار الشعوب عن الأزمة الاقتصادية العالمية، الذين سيدفعون وحدهم ثمنها وينحدرون معها تحت خط الفقر وتزداد نسب البطالة. هذا بخلاف تنامى معدلات الجريمة وبالتالى فالأفضل شغل الناس عن كل هذا. وبذلك استغلت إدارة الرئيس السابق جورج بوش أنفلونزا الطيور وحققت مكاسب طائلة حيث إن الشركات العملاقة العاملة فى مجال الطيور بتايلاند وآسيا كانت مصدر الفيروس ورغم ذلك لم يعاقبوا ولم يتم توجيه أى لوم لهم بل تم استهداف صغار التجار بالانتقادات.