تصريحات المسئولين علي المستوي الدولي والمحلي في العام الماضي جعلتنا نشعر أن فيروس أنفلونزا الخنازير هو الوباء القادم لإهلاك العالم وكأن العالم ينتظر دائما الخطر الخفي القادم لإبادته.. تارة أنفلونزا الطيور وتارة أنفلونزا الخنازير ومن قبلهما نظرية الانهيار الجليدي الذي سيغرق العالم. لكننا ندخل العام الجديد وكأن شيئا لم يكن لم نسمع عن إغلاق فصل واحد في أي من المدارس وأعداد المصابين والوفيات لا تباغتنا في مانشتات الصحف والبرامج ولا يوجد أي ذعر من أي نوع ولم يعد وزير الصحة يحذر من الفيروس الذي قد يتحول إلي وباء يقتل الملايين وكأن أنفلونزا الخنازير كانت مجرد فيلم سينمائي مرعب شاهدناه وما أن خرجنا من دار العرض واندمجنا في العالم الخارجي نسيناه تماما. الجميع وبقيادة منظمة الصحة العالمية حذر من تحور فيروس H1N1 واندماجه بفيروس الأنفلونزا العادية لكن الفيروس فاجأنا أنه أصبح شبيها بالأنفلونزا العادية فيؤكد الدكتور محمد جنيدي رئيس الإدارة المركزية للشئون الوقائية بوزارة الصحة أن مع دخول عام 2010 كان يتوقع السيناريو الأسوأ واعتبرت أكثر فترة شهدت وفيات ثم حدث تراجع للمرض مع نهاية فصل الشتاء ليعود الفيروس في صورة الأنفلونزا الموسمية في شتاء هذا العام وبالمعدلات الطبيعية للأنفلونزا الموسمية حتي أن مصل أنفلونزا الخنازير تم دمجه مع مصل الأنفلونزا الموسمية. ربما يعيد ذلك إلي أذهاننا الحوار التي أجرته روزاليوسف مع المحقق الصحفي والباحث الأمريكي الألماني (ويليام إنجد أهل) الذي كان متمسكا بأن قصة أنفلونزا الخنازير هي إحدي تجليات فساد منظمة الصحة العالمية، وفساد الرأسمالية العالمية، مدللا علي ذلك بمليارات العبوات التي بيعت من عقار التاميفلو حول العالم روجت له منظمة الصحة العالمية بالرغم من أنه دواء ضعيف. - فقدان ذاكرة في المستشفيات دخلنا مستشفي (بولاق الدكرور العام) حيث شهد شباك التذاكر ازدحاماً شديداً..كثيرون مصابون بنزلات برد ورشح ولا يرد علي ذهنهم مجرد الشك في أنهم من الممكن أن يكونوا قد أصيبوا بانفلونزا H1N1 تضحك من قلبك عندما تتذكر الشتاء الماضي عندما كانت عطسة واحدة كافية لإثارة الارتباك والرعب من أن يكون صاحبها مصابا بالفيروس المميت. سألنا الناس فأجمعوا أن أنفلونزا الخنازير كانت أكذوبة صدقها الجميع وروج لها. دخلنا إلي مبني الطوارئ وهو المبني الذي كان يستقبل كل حالات الإصابة بالفيروس لم نشاهد طبيبا أو ممرضة أو مريضا يرتدي كمامة أو يأخذ إجراء احترازيا خوفاً أن يصاب بالفيروس. الأطباء والممرضات أرجعوا عدم ارتدائهم الكمامات إلي عدم وجود حالات إصابة بالفيروس بالمستشفي هذا الشتاء عكس الشتاء الماضي، وأضافوا «الفيروس كان جديدا علي المصريين والتصريحات اليومية عنه خلقت حالة من القلق لكن هذا العام الأمر أصبح مألوفا». الوضع لم يختلف في العيادات الخارجية لا أحد يرتدي الكمامات في كل العيادات فيما عدا ممرضتين في عيادة الأطفال المجانية وبينما كان من يشتبه في إصابته بالفيروس يلزم بيته قالت لنا الممرضتان أنهما مصابتان بنزلة برد فيرتديان كمامة لعدم نقل العدوي للأطفال. د. طه شعبان أحد أطباء المستشفي أكد أن اسم (فيروس أنفلونزا الخنازير) لم يتردد في المستشفي مرة واحدة داخل العيادة منذ بداية الشتاء عكس الشتاء الماضي تماما حيث كان الآباء والأمهات يتوافدون كل يوم إلي المستشفي وهم في حالة فزع. وأكد أن سياسة عزل المرضي التي كانت متبعة لم تعد موجودة نهائياً إنما نتعامل مع الفيروس كأي أنفلونزا عادية فيصرف للمريض العلاج وننصحه بتناول سوائل دافئة ونطلب منه أن يعود لنا بعد 3 أيام لنتأكد من انخفاض درجة حرارته وفي حالة عدم انخفاضها نعطيه التاميفلو. في مركز مكافحة العدوي الأمصال من حق العاملين فقط أما المواطنون العاديون فيحصلون عليها من مركز المصل واللقاح..دخلنا وقلنا أننا من العاملين وطلبنا المصل مما أثار استغراب المسئولين هناك حيث أكدوا أن أول مرة هذا الشتاء يدخل شخص ويطلب المصل. ثم اكتشفنا انه لايوجد مصل بالمستشفي وأنه كانت لديهم كمية العام الماضي ونفدت ولم ترسل لهم الوزارة كميات جديدة. مدير المستشفي الدكتور محمد السيد غزالة قال أن تعليمات وزارة الصحة الأخيرة هي إعطاء أي مريض لديه أعراض عطس وكحة وارتفاع في درجة الحرارة عقار التاميفلو. في مستشفي أم المصريين كان الوضع أكثر هدوءا ولم يختلف في شيء فلا مرضي يرتدون كمامات ولا أطباء أو ممرضات. الممرضات قلن أن الكمامات متوافرة في المستشفي ولكن لانري أحداً يستخدمها عكس العام الماضي الذي لم نكن نري طبيبا أو ممرضة بدون كمامة. اختفت اللوحات الارشادية من علي جدران المستشفي وقال لنا الأطباء أنه لا داعي أن نجدد حالة الخوف عند المواطنين بهذه اللوحات التي أفزعتهم العام الماضي، الدكتور عادل بقسم الطوارئ قال: نحن نتبع التعليمات المعلنة وهي أنه يتم التعامل معها علي انها انفلونزا عادية مع مراعاة الذين يعانون من أمراض مزمنة والحوامل أو الذين يعانون من مشاكل صحية في الصدر هؤلاء هم الذين يتم حجزهم». تجولنا وسط المرضي فقال لنا بعضهم أنه تم تهويل الموضوع لأننا نخاف من أي مجهول، وذهب البعض الآخر إلي أن هذه كانت سياسة متبعة من الحكومة حتي لا يفكر أحد في الغلاء وارتفاع الأسعار.. وحملت إحدي المريضات (نانسي علي) الإعلام المسئولية كاملة لأنه أفرد لها مساحات واسعة وتسبب في رعب الناس وما أن توقف الإعلام عن تناول الموضوع الكل نساه. - في المدارس الحضور 99% نسبة حضور الطلبة في مدرسة (عمرو بن العاص) 100% ،هذا ما أكدته مديرة المدرسة كما أكدت لنا أنه لن يتم إغلاق فصل في حالة ظهور أي إصابات بأنفلونزا الخنازير ولكن عند الاشتباه في أي تلميذ يتم توقيع الكشف عليه في عيادة المستشفي ومنحه إجازة. وفي مدرسة صلاح سالم التجريبية أكدت طبيبة العيادة الطبية د. ميرفت حليم أنه إذا ظهرت أي أعراض علي أي تلميذ من رشح وعطس وارتفاع درجة حرارة يتم التعامل معها علي انها أعراض أنفلونزا عادية لكن إذا كان الطالب يعاني من مرض مزمن يتم تحويله إلي المستشفي لأخذ عينة وتحليلها وتناول عقار التاميفلو. المشهد العام في المدرستين يشعرك بأنه لايوجد أي شيء كان يسمي فيروس أنفلونزا خنازير فلا توجد أي إرشادات علي الحائط.. وكأنها أزيلت كلها عن عمد. «العام الدراسي الماضي فشل بسبب أنفلونزا الخنازير» هذا ما تؤكده نادية عبدالعليم وكيلة وزارة التربية والتعليم بالجيزة..فتعليق الدراسة واغلاق الفصول وتغيير مواعيد الامتحانات دمر العملية التعليمية لذلك كان قرار التعامل هذا العام مع الفيروس علي أنه أنفلونزا عادية قرارا صائبا. وأكدت أنها لم تتلق أي تعليمات هذا العام بإغلاق فصل أو مدرسة ولا توجد أي بلاغات سواء من المواطنين أو الاطباء أو أولياء الأمور بظهور حالات مصابة حتي لو كانت مصابة بالفعل. وأشارت إلي أن الكثافة الطلابية هذا العام تصل إلي 99%. لا أحد يسأل في المحافظات عن H1N1 ماذا عن الصعيد الذي ربما تكون بساطة أهله سببا للإبقاء علي الخوف من المرض؟.. محافظ سوهاج اللواء (محسن النعماني) أكد أن الإجراءات قلت جداً في المحافظات حيث يتم التحرك في خط مواز وهو الحفاظ علي صحة المواطنين وعدم اثارة الهلع والخوف خاصة أن كل الإحصائيات تؤكد علي انخفاض قدرة الفيرس في تحقيق الإصابة عن العام الماضي وانخفاض أعداد المصابين لكن مطلوب الخوف والحذر واستمرار الاجراءات حتي يتم التأكد من انتهاء هذا الوباء نهائياً. وأوضح النعماني أنه يتم التعامل مع مثل هذه الأزمات بناء علي آراء المتخصصين وليس بناء علي الانطباعات العامة وآراء المتخصصين تقول أن يتم التعامل مع أنفلونزا الخنازير علي أنها أنفلونزا موسمية. يلوم الدكتور (سعد العش) عميد كلية طب الزقازيق التناول الرسمي والإعلامي للمرض الشتاء الماضي فيقول ''الهلع من أنفلونزا الخنازير أمر سياسي وليس طبياً فالهلع جاء بسبب التركيز عليه في تصريحات المسئولين ووسائل الإعلام وكنا لانحتاج إلا لمجرد الإعلان عنه لأنه أخذ اكبر من حجمه». وأكد أنه لا يوجد مصابون في الزقازيق ومع ذلك كل المستشفيات لديها اللقاح وعقار التاميفلو. وأرجعت الدكتورة (هناء سرور) وكيلة وزارة الصحة بالجيزة حالة الطمأنينة إلي زيادة وعي المواطنين. - وزارة الصحة تجيب عن كل الأسئلة بعد جولتنا الميدانية في المدارس والمستشفيات جمعنا قائمة عريضة من الأسئلة توجهنا بها إلي الدكتور عبدالرحمن شاهين المتحدث الرسمي لوزارة الصحة فقال لنا: الجيوش تتسلح بكل ما يمكنها الحصول عليه من أسلحة لحماية نفسها وهي تعلم جيدا أنها لن تحتاج إلي كل الأسلحة وهذا ما فعلناه فقد كان هناك وباء من الممكن أن ينتشر ويستوطن في مصر وكان بداية لوباء عالمي وكان لابد من اتخاذ كافة الإجراءات والتسلح بكل أنواع الوقاية من اللقاح وعقار التاميفلو وتثقيف المواطنين بمدي خطورة الفيروس وكان علينا ذبح الخنازيرخاصة أن أول ظهور لأنفلونزا الخنازير لم تكن هناك لقاحات متوافرة تحمي البشر من هذا الفيروس ولم يكن يتوافر إلا لقاح الأنفلونزا الموسمية. تم توفير مليوني جرعة من لقاح انفلونزا الخنازير وستتم إعادة نصف مليون منها إلي الشركة المصنعة لأننا لسنا بحاجة إليها كما تم توفير 5,2 مليون جرعة من عقار التاميفلو تامة الصنع و5,2 مليون من نفس العقار مادة خام تعيش لمدة 10 سنوات وذلك تنفيذا لتعليمات منظمة الصحة العالمية وهو ان يكون لديك 5% من العقار مقارنة بعدد السكان. وأكد شاهين أن كل ماأنفقته مصر علي الاستعدادات لمواجهة أنفلونزا الخنازير حتي الآن لايتعدي 450 مليون جنيه وهو مبلغ ضعيف للتأمين من خطر الفيروس مقارنة بعدد السكان في مصر. وارجع شاهين سبب اختفاء حالة الهلع من أنفلونزا الخنازير إلي انخفاض عدد حالات الوفاة والإصابة بفيرس فخلال شهور أكتوبر ونوفمبر وديسمبر بلغ عدد الوفيات 30 حالة وعدد المصابين 533 حالة ونحن الآن مقبلون علي نهاية الموجة أما العام الماضي في نفس الشهور فكان عدد الإصابة بالفيرس 1599 إصابة و134حالة وفاة. ولكن بعد إعلان منظمة الصحة العالمية في 11 أغسطس الماضي أننا بعد المرحلة السادسة من الفيروس أصبح يتم التعامل معه مثل الأنفلونزا الموسمية. ونتوقع أن تنتهي الإصابات تماما في منتصف شهر يناير من عام .2011 حيث إن فيروس أنفلونزا الخنازير أصبح أقل شراسة وبدأ جسم الإنسان يأخذ مناعة ضده كما أنه تحول إلي نفس السلالة الجينية من الفيروس لكنه أقل تأثيرا وأقل ضراوة وخطورة.