ميزة وحيد حامد الباقية

الميزة التى يتمتع بها الكاتب الأستاذ وحيد حامد، حين يكتب عن حسن البنا، مثلاً، فى مسلسل «الجماعة» أو يكتب عن غيره، فى أى عمل درامى آخر، هى أنه «يذاكر» ما يكتب عنه جيداً، ويتوقف أمام زوايا الموضوع الذى يريد أن يتناوله طويلاً، فإذا جاء، فيما بعد، ليتحدث عما كتب، كان كلامه عن ثقة عالية، كما فعل مع عمرو الليثى، فى برنامج «واحد من الناس» على قناة دريم، مساء الخميس!
وإذا كان جائزاً لكثيرين، أن يختلفوا مع الرجل، حول «الجماعة»، فإن الذى يصعب الاختلاف حوله، أن الأستاذ وحيد، يعرف جيداً، ماذا يكتب، ويعرف جيداً أيضاً، ماذا عليه أن يقول، إذا كان لابد أن يشرح للناس لماذا كتب، وماذا كتب، وكيف؟.
وعندما رحل الأستاذ أسامة أنور عكاشة، فى صيف هذا العام، بقى وحيد حامد، أعطاه الله الصحة، واحداً فى طليعة قلائل يمكن إحصاؤهم على أصابع اليد الواحدة، باعتبارهم أركان دراما التليفزيون فى البلد.
وإذا كان «الجماعة» الذى أذيع فى رمضان، قد أثار هذا الصخب العالى، ولايزال، فإن هذا فى حد ذاته، يظل مؤشراً بمعنى من المعانى، على أنه، كعمل فنى كان ناجحاً، وكان مثيراً للانتباه، وكان لافتاً بقوة لأنظار المشاهدين، وبالتالى، فإن كاتب هذا العمل الدرامى المهم، يجب أن يزداد اطمئناناً على صواب ما ذهب إليه، حين كتب، وحين اختار أن يكون حسن البنا، هو موضوع كتابته فى هذا الموسم الرائج للدراما، من كل عام.
ولكن.. إذا كان كل هذا مهماً، وهو مهم طبعاً، فإن هناك ما هو أهم منه، وأقصد الزاوية، التى قرر الكاتب، أن يكتب منها، عن البنا.
إن آفة التفكير عندنا، كانت ولاتزال تتمثل فى أننا نأخذ الحياة، والأفكار، والأشخاص، بمنطق الأبيض والأسود، على اعتبار أنهما هما اللونان الوحيدان فى الدنيا، ولا لون ثالث بينهما فى الوجود!
يحدث هذا كثيراً، حيث نتطلع إلى عبدالناصر، على سبيل المثال، فنصادف فى كثير من الأحيان، مَنْ يتكلم عن الزعيم الراحل، بوصفه إلهاً لم يكن يخطئ، ولم يكن يتعثر فى خطواته، شأن سائر خلق الله، وكأنه ليس من أبناء البشر، ومن عواقب التفكير بهذه الطريقة، أنه يحرمنا تماماً، من القيام بأى تقييم موضوعى، لحياتنا، فى إجمالها، بشخوصها، وتفاصيلها، مروراً بالخديو إسماعيل، وانتهاء بالسادات.
ميزة وحيد حامد الباقية، أنه تناول حسن البنا، باعتباره بشراً، أخطأ فى أشياء قطعاً، وأصاب فى شىء، ولأننا لم نتعود على النظر إلى الناس، بهذه الطريقة، كنا ولانزال، فى أغلبنا، نتصرف مع وحيد حامد، وكأنه ارتكب جريمة!!