أكد الدكتور غانم السعيد، عميد كليتي اللغة العربية والإعلام بجامعة الأزهر سابقًا، أن ذكرى رحيل عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين تظل مناسبة نستعيد فيها سيرة قامة فكرية وأدبية شامخة، مشيرًا إلى أن الدكتور طه حسين لم يكن مجرد أديب أو ناقد، بل كان مشروع نهضة فكرية متكامل، حمل لواء التنوير في زمن كانت الظلمة الفكرية تخيم على العقول، فرحل الجسد، لكن بقي الفكر والصوت يوقظ في الدارسين روح النقد والبحث والتجديد. وأوضح خلال مداخلة هاتفية ببرنامج مع الناس المذاع على قناة الناس، اليوم الثلاثاء، أن طه حسين لم يكتفِ بدور مؤرخ الأدب، بل وضع منهجًا علميًا دقيقًا في دراسة النصوص الأدبية، نقل به النقد من الذوق والانطباع إلى ميدان التحليل والمنهج، فاستحق عن جدارة لقب "عميد الأدب العربي" بل و"عميد الفكر العربي"، لأنه علّم الأجيال كيف تقرأ الأدب بعقل الناقد لا بعاطفة المتلقي، وكيف توازن بين التراث والعقل بروح الباحث الحر. وأشار الدكتور غانم إلى أن إحياء فكر طه حسين لدى الشباب لا يتحقق بمجرد قراءة كتبه، بل من خلال فهم منهجه في التفكير، فهو دعا إلى الإيمان بالعقل والعلم والحريّة المسؤولة، مبينًا أن المؤسسات التعليمية والإعلامية يمكنها أن تؤدي دورًا مهمًا في ذلك من خلال البرامج الثقافية والمقررات الجامعية التي تعيد تقديم فكره بلغة قريبة من الشباب. وأضاف أن تحويل روايات طه حسين إلى أعمال درامية مثل دعاء الكروان والأيام والحب الضائع كان جسرًا بين النخبة والجمهور، جعل فكره وقيمه جزءًا من الوجدان الجمعي للمجتمع المصري والعربي، حيث تحولت كلماته إلى صور حية تلامس القلوب وتنشر الوعي. وأكد أن الجامعات المصرية يجب أن تستفيد من تراث طه حسين بجعله نموذجًا في المنهجية العلمية والجرأة الفكرية، وأن يُقدَّم لطلاب الجامعة باعتباره رمزًا للجسارة العقلية واحترام البحث العلمي، مشيرًا إلى أن فكر طه حسين لا يزال يحمل كنوزًا تحتاج إلى باحثين جدد يغوصون في عمقها، لما تمثله من قيمة فكرية وتنويرية لا تُقدّر بثمن.