هى دُرة العقد بين محافظات مصر، أول ما يسأل عنه السائحون.. يضعونها فى مقدمة المزارات التى يقصدونها، لأن بها واحدة من أهم- إن لم تكن الأهم على الإطلاق- عجائب الدنيا السبع: الأهرامات. والآن ما إن تزرها حتى تُصدم بمشاهد القبح والتلوث، ويد الإهمال التى لم تترك شيئاً إلا امتدت إليه.. إنها الجيزة، تلك المحافظة العريقة التى تحولت إلى «مقلب قمامة كبير». تلال القمامة راحت تناطح الأهرامات، وتجلب لسكانها الأمراض الصدرية والجلدية والنفسية أيضاً، فهى - أى القمامة - تلاحقك فى كل مكان وفى كل وقت، حتى الأحياء الراقية مثل المهندسين والدقى والعجوزة لم تسلم منها، تراها مبعثرة أو فى جماعات، مخلفات منزلية وصناعية وبقايا ترميم ومنازل مهدمة. تتعثر فيها أمام مكتبك، وفى مدخل منزلك، تحيط بالحدائق العامة ومدارس الأطفال، وتتزاحم على ضفتى النيل وتحت الكبارى. تسأل عن شركة النظافة الإيطالية المسؤولة عنها، فيقولون لك: «نحن لا حول لنا ولا قوة، والأمر كله معطل بفعل رئيس هيئة النظافة»، تذهب إليه فيغلق دونك باب مكتبه المكيّف، ويجلس على مقعده الوثير، ويلقى ببقايا سيجارته فى صندوق قمامة إلى جواره.. نطاق «النظافة» عنده لا يتعدى حدود مكتبه ولا يظن أنه مسؤول عن أكثر من هذا، ليترك واحدة من أهم وأقدم محافظات مصر غارقة فى القمامة، رافضاً أن يصبح أباً شرعياً لهذه «المهزلة».. التفاصيل فى هذا التحقيق.