فى حفل الإفطار الذى أقامته جماعة الإخوان المسلمين مساء الأربعاء الماضى، وحضره ما يقرب من 30 شخصية عامة، معظمهم من الكتاب والمفكرين والنشطاء السياسيين الذين لا ينتمون لأحزاب سياسية، قال المرشد العام للجماعة إن نقاط الاتفاق بين القوى السياسية والإخوان كثيرة، ويجب التعاون فيها، وجدد الدعوة إلى تشكيل جبهة وطنية، تضم النخب السياسية، تقوم بتشخيص الواقع، وتضع داخل البوتقة الوطنية كل الذين يريدون إخراج المنطقة العربية من المأزق الراهن، وهو ما يبدأ بتغيير الأوضاع فى مصر، لأنها ليست على ما يرام، ومرشحة لمزيد من التدهور. وفى تعليقاتهم على دعوة المرشد العام، اختلف المشاركون فى الإفطار، حول تحديد القوى السياسية التى يمكن أن تضمها هذه الجبهة، فبينما اقترح د. عبدالله الأشعل، أن تضم شرفاء الحزب الوطنى، اعترض على ذلك النائب المستقل سعد عبود، ود. حسن نافعة الذى دعا إلى عدم التعويل على وهم الإصلاحيين داخل الحزب الوطنى، وبينما طالب د. أسامة الغزالى بأن تتوحد المعارضة، وأن تشمل الجبهة كل القوى السياسية من الليبراليين واليساريين والإخوان، اعترض د. سعيد الجمل على مشاركة الأحزاب فى الجبهة، لأنها فشلت فشلاً ذريعاً فى الوصول إلى تحالف فيما بينها، وقال د. عبدالحليم قنديل، إن هناك مشروعاً لإتمام صفقات انتخابية بين الحزب الحاكم وبين بعض أحزاب المعارضة، داعياً لإخراجها من الجبهة، وضيق د. محمد البلتاجى، النائب الإخوانى، نطاق المشاركين فى هذه الجبهة إلى أدنى حد، مطالباً بقصرها على المشاركين فى حفل الإفطار الإخوانى دون غيرهم.. وألمح إلى أن هناك جهوداً تبذل منذ أسابيع فى هذا النطاق تحت شعار «مصريون من أجل انتخابات حرة وسليمة». وفضلاً عن الاختلاف بين الحاضرين على تحديد القوى المدعوة للمشاركة فى الجبهة بين الذين وسعوا نطاقها لتشمل إصلاحيى الحزب الوطنى، والذين قصروها على أحزاب المعارضة وحدها، والذين حصروها فى المدعوين إلى حفل الإفطار الإخوانى دون غيرهم.. فقد اختلفوا كذلك فى الخطوة الإجرائية الأولى لتأسيس هذه الجبهة، فبينما طالب المرشد العام المجتمعين بألا يغادروا حفل الإفطار قبل أن يتفقوا من حيث المبدأ، على تأسيس الجبهة ويختاروا د. حسن نافعة رئيساً للجنة التى تسعى لتشكيلها على أن يفوض فى اختيار معاونيه، وأبدى نافعة استعداده للاتصال فوراً بأحزاب المعارضة للتشاور معها حول ذلك، اعترض د. يحيى الجمل على الاقتراح، ورشح جورج إسحاق لرئاسة لجنة تضم حمدين صباحى وأسامة الغزالى وحسن نافعة وعصام العريان.. حتى يبدو واضحاً كما قال أن الجبهة قد تأسست فى إفطار إخوانى.. اختار قبطياً لرئاستها.. وهو اعتراض.. اعترض عليه الجميع، بمن فى ذلك نائب المرشد العام د. محمد حبيب الذى ألقى بكرسى فى كلوب اقتراح فضيلة المرشد، رافضاً أن يخرج الاجتماع بقرار، أو أن يسمى أشخاصاً، قائلاً إنه مجرد فرصة لجمع أكبر قدر من الأفكار، على أن تعقد جلسات أخرى لبلورة رؤية موحدة للنخب السياسية، داعياً الضيوف إلى تناول حلويات رمضان، وكانت تقتصر على طبق من الكنافة المحشوة بالجوز واللوز وعين الجمل، أطلق عليه الإخوان اسم «كنافة الجبهة الوطنية». وبصرف النظر عن التباين الشديد فى آراء المجتمعين حول طبيعة القوى السياسية المدعوة للاشتراك فى الجبهة، وحول الخطوات الإجرائية لتأسيسها، بما فى ذلك التباين فى آراء الإخوان أنفسهم بين المرشد العام ونائبه وعضو كتلتهم البرلمانية، فإن المشاركين فى الاجتماع باستثناء الإخوان وحزب الجبهة الديمقراطية هم مجموعة من الشخصيات العامة المستقلة، لها بالطبع مكانتها واحترامها وتأثيرها فى الرأى العام، ولكنها ليست منتمية لأحد الأحزاب القائمة - التى لم يشارك منها فى الاجتماع حزبان رئيسيان هما «الوفد» و«التجمع» - والجبهات السياسية لا تتم بين أشخاص، ولكنها تقوم بين قوى سياسية، أى أحزاب، موحدة الرؤية والإرادة، تمثل تيارات فى الرأى العام، واستبعاد كل أحزاب المعارضة من المشاركة فى الجبهة التى اقترحها المرشد العام للإخوان المسلمين، والدعوة إلى قصرها على المدعوين الثلاثين لإفطارهم، تعنى أنها ليست جبهة وطنية سياسية ولا صلة لها بالمأزق الذى تمر به المنطقة العربية، ولا بما سماه أوضاع مصر المرشحة للتدهور، ولكنها مجرد دعوة لتأسيس جبهة للتضامن مع الإخوان المسلمين، فى المأزق الراهن الذى يواجهونه، فى علاقتهم مع الحكومة، منذ أن لعّبوا لها عضلاتهم الجماهيرية، أثناء الحرب مع غزة، تضامناً منهم مع فرعهم الذى يحكمها، فلعّبت لهم عضلاتها القانونية وطاحت فيهم اعتقالاً ومحاكمات! باختصار ووضوح: لا يوجد شىء اسمه جبهة وطنية بين أفراد، أو بين حزب ومجموعة من المستقلين.. وكما أن هناك فارقاً بين «أحمد» و«الحاج أحمد»، فهناك فارق بين «الجبهة الوطنية».. و«كنافة الجبهة الوطنية»! ولنا عودة..