أخيراً.. وبعد 60 يوماً من النوم على السلالم الخارجية لوزارة العدل.. غادر الخبراء المعتصمون احتجاجاً على سياسة الوزارة ضدهم فى الساعات الأولى من صباح أمس السلالم، التى وقفوا وأكلوا وشربوا وناموا عليها، جمعوا أغراضهم ورفعوا لافتاتهم، بعد قبولهم تعليق الاعتصام مؤقتاً وبعد تدخل الدكتور فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب. كانت اللحظات الأخيرة قبل رحيل الخبراء على السلالم التى شهدت انتصاراتهم وانكساراتهم متوترة، تحمل تساؤلاً واحداً، ظل يتردد بقوة فيما بينهم «هل نرحل ونكتفى بوعود الدكتور سرور، أم نبقى حتى تتحقق استجابة حقيقية لمطالبنا بقرارات وزارية واضحة؟»، وقبل الإجابة على هذا السؤال كانت الأغلبية قد وافقت على تعليق الاعتصام، لأنهم لن ينتظروا تحرك وزير العدل إلى ما لا نهاية له – على حد قولهم - ولأن رئيس مجلس الشعب وهو أعلى سلطة تشريعية وعدهم بتحقيق مطالبهم وطلب منهم تعليق الاعتصام. «لم يعد هناك مجال للاستمرار»، هكذا تعاملوا مع الموقف، رغم أن مبادرة رئيس مجلس الشعب جاءت متأخرة 60 يوماً، كما أنه تعامل مع قبولهم تعليق الاعتصام فى بداية لقائه بهم على أنه واقع سيقبلونه حتما حتى من قبل أن يستمع لهم، فاستدعى المستشار الإعلامى للمجلس لتصوير اللقاء وأذاع بيان تعليق الاعتصام فى التليفزيون المصرى وبثته وكالة الأنباء الرسمية إلى جميع الصحف، قبل أن يقرأه محمد ضاهر، رئيس نادى الخبراء، على المعتصمين فى التاسعة مساء أمس الأول، إلا أنهم قبلوا المبادرة وشكروا «سرور» على سعة صدره. كان لقاؤهم برئيس مجلس الشعب حميمياً كما وصفه ضاهر، عاتبهم سرور لأنهم لم يلجأوا له من البداية، واستنكر طريقة اعتصامهم متسائلاً: «هل سمعتم عن قاض أو وكيل نيابة نام على السلالم؟»، ولم ينس أن يذكرهم أو يحذرهم، قائلاً لهم إن ذراع الحكومة لن تلوى حتى ولو اعتصموا 100 يوم، ثم بدأ حواره معهم، شرحوا له قرارات وزير العدل فى الكتاب الدورى رقم 8 لسنة 2009 وقارنوها بنصوص القانون التى يعملون بها منذ أكثر من 60 عاماً، كما وضعوا أمامه قرارات ندب الخبراء للمحاكم، فانفعل سرور قائلاً: «ده تهريج، هذا تخريب للقانون»، ووجه كلامه للمستشار سامى مهران، الأمين العام لمجلس الشعب، مستنكراً: «هل يجوز أن يؤلف أحد فى القانون؟». انتهى اللقاء على طلب سرور تعليق الاعتصام، وإصداره تكليفاً لعمر الطاهر، وكيل اللجنة التشريعية بمجلس الشعب، بتشكيل لجنة عاجلة مكونة من وفد من الخبراء، وأحد مساعدى وزير العدل، وأحد أعضاء اللجنة التشريعية بالمجلس، لدراسة مطالب الخبراء القانونية وإقرار اللائحة التنفيذية لقرارات الحوافز الجديدة بما يتفق مع مصلحتهم، وقبل أن يغادر الوفد المجلس، قال لهم سرور: «إذا لم تتحقق مطالبكم فسأسمح لكم بالاعتصام داخل المجلس». كانت مهمة الوفد الذى التقى «سرور» أن ينجح فى إبلاغ الرسالة، حتى تكتمل الخطوة الحتمية الأخيرة بأن تتفق غالبية جموع الخبراء على قرار «التعليق» الذى لم تحدد له مهلة معينة، فتوجه «ضاهر» إلى المعتصمين، طالباً منهم عقد اجتماع عقب الإفطار ليشرح لهم تفاصيل اللقاء، على أن يكون فى نادى التجاريين وليس على السلالم كما هو معتاد، وفى الاجتماع قرأ «ضاهر» عليهم بيان «سرور» ليعلنوا موافقتهم على تعليق الاعتصام بشرط عدم تنفيذ قرارات الكتاب الدورى رقم 8 الذى فجر الأزمة وقرارات الندب للمحاكم حتى صدور قرارات وزارية بإلغائها، وشكروا الصحف المستقلة التى تابعت قضيتهم ودعوا الله أن يسامح الصحف القومية، وأوضحوا أنهم لجأوا لرئيس تحرير واحدة منها بصفته الحزبية وليس بصفته الصحفية. ورغم معارضة عدد قليل من المعتصمين لفكرة الرحيل عن «السلالم»، معتبرين ما حدث هو مجرد تكرار لوعود سبق أن تلقاها الخبراء من المستشار بولس فهمى، مساعد وزير العدل لشؤون التنمية الإدارية، دون أن تدخل حيز التنفيذ، غير أن جموع الخبراء توجهوا إلى مقر الاعتصام على سلالم الوزارة ليجمعوا أغراضهم ويحزموا أمتعتهم ويطفئوا أنوار السلالم التى أضاؤوها قبل 56 يوماً، وانطلق بعدها كل إلى غايته، متمنين ألا يلجأوا فى المرة المقبلة إلى الاعتصام داخل مجلس الشعب نفسه كما وعدهم «سرور».