أهم أخبار الكويت اليوم الأربعاء.. تنظيم الملتقى العلمي العالمي 2027    وزير التموين يصدر قرارا بتجديد تعيين المهندس خالد محمد أحمد وكيلا للوزارة بأسيوط    فاديفول يتحفظ على تقارير حول اختيار بودابست لقمة بوتين وزيلينسكي بحضور ترامب    أحمد العجوز: الإسماعيلي لن يصمت على الأخطاء التحكيمية    أسوان.. ضبط أسلحة ومواد بترولية داخل مخزن بمنطقة الألبان بكوم أمبو    ضبط الراقصة نورا لنشرها فيديوهات خادشة للحياء ومنافية للآداب العامة    البيئة تناقش آليات تعزيز صمود المجتمعات الريفية أمام التغيرات المناخية بقنا    جولة لقيادات جامعة حلوان التكنولوجية لمتابعة امتحانات الفصل الصيفي    إيران: لا يمكن قطع التعاون مع الوكالة الدولية وقد نجتمع مع الأوروبيين قريبًا    ألمانيا: خطط الاستيطان الجديدة في الضفة الغربية ستجعل حل الدولتين مستحيلا    نائب رئيس حزب المؤتمر: تعنت إسرائيل ضد المبادرة المصرية القطرية يكشف نواياها    البرديسي: السياسة الإسرائيلية تتعمد المماطلة في الرد على مقترح هدنة غزة    الاحتفال بعروسة وحصان.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 فلكيًا وحكم الاحتفال به    "أريد تحقيق البطولات".. وسام أبو علي يكشف سبب انتقاله ل كولومبوس الأمريكي    رئيس مارسيليا: ما حدث بين رابيو وجوناثان رو "بالغ الخطوة"    طب قصر العيني يطلق برنامجًا صيفيًا لتدريب 1200 طالب بالسنوات الإكلينيكية    رئيس "التنظيم والإدارة": تعديلات مرتقبة في قانون الخدمة المدنية    رئيس هيئة الإسعاف يكرم مسعفين ردوا 1.5 مليون جنيه أمانات    مهرجان الجونة يفتح ستار دورته الثامنة بإعلان 12 فيلمًا دوليًا    بعنوان "الأيام" ويجز يطرح أولى أغنيات ألبومه الجديد    بإطلالات غريبة.. هنا الزاهد تخطف الأنظار في أحدث ظهور لها (صور)    أمين الفتوى: بر الوالدين من أعظم العبادات ولا ينتهى بوفاتهما (فيديو)    جولة تفقدية لوزير الصحة بعدد من المنشآت الطبية في مدينة الشروق    محافظ الإسماعيلية يوجه التضامن بإعداد تقرير عن احتياجات دار الرحمة والحضانة الإيوائية (صور)    بعد وفاة طفل بسبب تناول الإندومي.. "البوابة نيوز" ترصد الأضرار الصحية للأطعمة السريعة.. و"طبيبة" تؤكد عدم صلاحيته كوجبة أساسية    الداخلية: حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن الوادي الجديد    بدون شكاوى.. انتظام امتحانات الدور الثاني للثانوية العامة بشمال سيناء    خلال اتصال هاتفى تلقاه من ماكرون.. الرئيس السيسى يؤكد موقف مصر الثابت والرافض لأية محاولات لتهجير الشعب الفلسطينى أو المساس بحقوقه المشروعة.. ويرحب مجددًا بقرار فرنسا عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية    استراحة السوبر السعودي - القادسية (1)-(4) أهلي جدة.. نهاية الشوط الأول    كرة نسائية – سحب قرعة الدوري.. تعرف على مباريات الجولة الأولى    كنوز| 101 شمعة لفيلسوف الأدب الأشهر فى شارع صاحبة الجلالة    حملة موسعة على منشآت الرعاية الأولية في المنوفية    الأوقاف:681 ندوة علمية للتأكيد على ضرورة صون الجوارح عما يغضب الله    «دوري مو».. محمد صلاح يدفع جماهير ليفربول لطلب عاجل بشأن البريميرليج    إزالة 19 حالة تعد على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة في المنيا    ما حكم إخبار بما في الخاطب من عيوب؟    علي جمعة يكشف عن 3 محاور لمسؤولية الفرد الشرعية في المجتمع    "كلنا بندعيلك من قلوبنا".. ريهام عبدالحكيم توجه رسالة دعم لأنغام    «كنت بتفرح بالهدايا زي الأطفال».. أرملة محمد رحيم تحتفل بذكرى ميلاده    «سي إن إن» تبرز جهود مصر الإغاثية التى تبذلها لدعم الأشقاء في غزة    حالة الطقس في الإمارات.. تقلبات جوية وسحب ركامية وأمطار رعدية    القبض على طرفي مشاجرة بسبب خلافات الجيرة بالسلام    وزير الإسكان يستعرض جهود التنمية السياحية في ترشيد الإنفاق    تغيير اسم مطار برج العرب إلى مطار الإسكندرية الدولي    رئيس الوزراء يؤكد دعم مصر لمجالات التنمية بالكونغو الديمقراطية    "خطر على الصحة".. العثور على كم كبير من الحشرات داخل مطعم بدمنهور    انطلاق مهرجان يعقوب الشاروني لمسرح الطفل    عمر طاهر على شاشة التليفزيون المصري قريبا    ضبط 111 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    20 أغسطس 2025.. أسعار الذهب تتراجع بقيمة 20 جنيها وعيار 21 يسجل 4520 جنيها    توقيع مذكرة تفاهم للتعاون بين اقتصادية قناة السويس وحكومة طوكيو في مجال الهيدروجين الأخضر    وزير الدفاع يلتقي مقاتلي المنطقة الشمالية.. ويطالب بالاستعداد القتالي الدائم والتدريب الجاد    الزمالك: منفحتون على التفاوض وحل أزمة أرض النادي في 6 أكتوبر    محافظ القاهرة يقرر النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بالثانوي العام    الاحتلال الإسرائيلي يقتل نجم كرة السلة الفلسطينى محمد شعلان أثناء محاولته الحصول على المساعدات    الموعد والقناة الناقلة لمباراة الأهلي والقادسية في كأس السوبر السعودي    رعاية القلوب    حبس سائق أتوبيس بتهمة تعاطي المخدرات والقيادة تحت تأثيرها بالمطرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسافر فى مركب ورق
نشر في المصري اليوم يوم 02 - 09 - 2009

كنت أحلم منذ الطفولة بأن أسافر كثيراً، وأطوف ببلاد العالم المختلفة، وأضع قدمى فى كل مكان. وكانت صورة السندباد البحرى، الذى قرأت قصصه وتفاصيل رحلاته فى ألف ليلة وليلة، فى خلفية تفكيرى وأنا أتمنى أن أشاهد ما شاهد وأمر بما مر به.. فى صورته الحديثة طبعاً.
ولا أدرى اليوم وقد تحقق هذا الحلم بأكثر مما كنت أتمنى هل لو عادت بى الأيام إلى الطفولة من جديد، هل كنت سأكون على نفس الإصرار ونفس الرغبة؟.. لا أدرى. لكنى بعد تجربة طويلة عريضة فى السفر والسياحة فى بلاد الله أرجو من كل من يتمنى أن يسافر ويطوف ويشوف ويبحر فى المركب الورق إلى العالم الخارجى أن يتأنى فى الدعاء، خشية أن يتحقق ما يتمناه!
فالسفر مثل القعود، يحمل ما يفرحك كما يحمل ما يشقيك، لكنى رغم كل شىء ما زلت على شغفى به.. أحبه وأحرص عليه كلما كان ممكناً.
وقد بدأت رحلاتى التى قمت بها وحدى من أيام المدرسة الإعدادية عندما انضممت لفريق الرحالة بمركز شباب الجزيرة.
وقد حكى لنا قادتنا فى المركز وقتها عن الرحالة الكبار فى التاريخ الذين تركوا سيراً وروايات عن الأقطار التى زاروها والممالك التى مروا بها فى ترحالهم، ومن أشهرهم ابن بطوطة، الرحال العربى المعروف وكذلك الإيطالى ماركو بولو.. كما حكوا لنا عن السفر فى العصر الحديث وأفاضوا فى الكلام عن وسائله وطرائقه ونظرياته.. وكأن كل شىء لا بد أن تكون له نظريات!
وانصب جانب كبير من المحاضرات النظرية عن «الأوتوستوب» كطريقة فعالة وحديثة فى السفر يمكن من خلالها لعشاق الترحال أن يقطعوا مسافات كبيرة دون أن تتكلف ميزانيتهم أعباء تذكر، ورووا لنا أن الآلاف من الشباب فى الغرب يستخدمون هذه الطريقة فى التنقل والسفر كل يوم، وأن علينا أن نبدأ أولاً بالسفر الداخلى ومعرفة جميع ربوع الوطن أولاً قبل أن ننتقل للمرحلة التالية، وهى السفر خارج مصر.
والأوتوستوب لمن يجهله هو أن تشير على الطريق لأى سيارة يتكرم صاحبها باصطحابك لجزء من رحلتك ثم تكمل الرحلة مع متكرم آخر.. وهكذا.
وقد أعطوا كل منا دفتراً مطبوعاً عليه شعار الجمعية، وطلبوا منا عند القيام بالرحلات أن نطلب من رجال المرور على الطريق أن يسجلوا لنا فى الدفتر ما يثبت أننا قطعنا هذه المسافة ومررنا بهذه النقطة ليكون ذلك بمثابة سجل لنا، مثل الذى لدى الطيارين، والذى يسجل لهم عدد ساعات الطيران التى قطعوها.
وأذكر أننا بدأنا أول رحلة من مركز الشباب وظللنا نسير على الكورنيش فى طريقنا إلى الإسكندرية حتى وصلنا إلى قليوب، ومن بعدها بدأنا نشير إلى السيارات على الطريق حتى وصل كل منا بمعرفته إلى الإسكندرية، ثم تلاقينا عند الحديقة الصغيرة المواجهة لمسجد سيدى بشر، حيث نصبنا الخيام التى صنعناها من ملاءات السرير وقضينا أسبوعاً بالقرب من شاطئ البحر بتكلفة محدودة للغاية.
كانت الرحلة الأولى مفيدة على قدر ما صادفنا فيها من معوقات، لكنها لم تكن مشجعة بالقدر الكافى بالنسبة لى حتى أعيد تكرارها.
ويبدو أن قادتنا بالمعسكر فى مركز شباب الجزيرة وقتها قد تصوروا أنفسهم أوروبيين وتصورونا رحالة من شمال أوروبا، ولم يدركوا أن بعض السادة أمناء الشرطة والضباط الذين مضينا إليهم طالبين توقيعهم فى الدفتر قد أشبعونا سخرية واستظرافاً، ولم يفهم أى نطع منهم أنهم إنما يجرحون مشاعر بريئة لفتية أبرياء متقدين حماسة ومحبين لوطنهم، يظنون العالم مكانا محترما ويعتقدون أن مصر جزء من هذا العالم.
والحقيقة أننى لم أفهم وقتها، وما زلت لا أفهم حتى الآن، ما الذى يثير الضحك والسخرية لدرجة القهقهة وتبادل طرقعة الكفوف بشأن فتية يقومون بالترحال ويطلبون من موظف عمومى أن يساعدهم ويضع توقيعه الكريم فى الدفتر، غير أنها القسوة والجلافة والروح الميتة.
وطبعاً لم يعلموا أنهم باستهزائهم بأحلامنا قد تسببوا لنا فى شروخ نفسية، وجعلونا نكفر بالدفتر الذى سلمه لنا أساتذتنا الواهمون، ففضلنا أن نقوم بتمزيقه على ألا نطلب أن تضاف إلى سيرتنا الذاتية أميال قطعناها إذا كانت تحتاج إلى توقيع هؤلاء.
كذلك لم يعلم قادتنا الحالمون أن السادة قائدى السيارات الذين سيتوقفون لنا على الطريق لن يخرجوا عن سائقى النقل والتريلات السكارى المحششين المبرشمين، وأن سيارة ملاكى يقودها شخص طبيعى وفى كامل وعيه لم تتوقف لأحدنا قط!
الخلاصة أننى وجدت أن الترحال الداخلى بدفتر من خلال منظمة أو ناد اجتماعى أمر مثير للرثاء يحتاج إلى مجتمع ناضج به مؤسسات متحضرة تحترم النشاط الإنسانى وتحنو عليه، وهو الأمر الذى لا يزال غائباً بعد أكثر من ثلاثين سنة على تلك الأيام
(من مقدمة كتاب «مسافر فى مركب ورق»)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.